اخر الاخبار

يشهد العراق تصاعداً في درجات الحرارة، يقابله تدهور بيئي ملحوظ، تزامنا مع تصاعد درجات الحرارة لأكثر من 40 مئوية، في تراجع المساحات الخضراء، تجريف الأراضي الزراعية، ونقص الموارد المائية، فكل هذه العوامل تسهم في تفاقم الاحتباس الحراري. ويرافق هذه المشكلات ارتفاع في معدلات التلوث وزيادة في الاعتماد على المولدات الأهلية، ما يزيد من التحديات الاقتصادية والبيئية التي تهدد حياة الناس.

وتشير التقارير إلى أن درجات الحرارة في العراق ارتفعت بمقدار 4 إلى 5 درجات مئوية فوق المعدل خلال العقود الخمسة الماضية، ما يزيد من الحاجة الملحة إلى الكهرباء لتشغيل أجهزة التبريد والتكييف.

مناطق السهل الرسوبي

وأرجع المتنبئ الجوي صادق عطية، الموظف في الهيئة العامة للأنواء الجوية والرصد الزلزالي، سبب تسجيل مناطق جنوب العراق أعلى درجات حرارة خلال الصيف، إلى مجموعة من العوامل الطبيعية والبشرية المتشابكة. وقال عطية لـ "طريق الشعب"، أن طبيعة التضاريس تلعب دوراً مهماً، إذ أن معظم مناطق الجنوب لا يتجاوز ارتفاعها عن سطح البحر مترين أو أقل، في حين ترتفع المناطق الشمالية، لاسيما الجبلية منها، إلى عدة كيلومترات فوق مستوى سطح البحر، مما يجعل الجنوب أكثر عرضة لظواهر ارتفاع الحرارة مقارنة بالشمال.

وواصل عطية حديثه، أن "هذه المناطق قد تشهد أحياناً موجات من الرطوبة المرهقة، وذلك عند تحول الرياح إلى جنوبية شرقية قادمة من مياه الخليج العربي.

وأكد عطية أن استمرار التدهور البيئي يسهم في تفاقم هذه الظواهر، إذ تعاني البلاد من تراجع المسطحات الخضراء وتجريف الأراضي الزراعية، فضلاً عن انخفاض منسوب المياه، مما يحرم المناطق من عناصر طبيعية كانت تخفف من حدة الحرارة في السابق. وخلص الى ان "هذه العوامل مجتمعة تمثل سبباً رئيسياً في ارتفاع درجات الحرارة المتطرف الذي تعيشه مناطق الجنوب العراقي، خاصة خلال الفترة الممتدة من مطلع حزيران وحتى نهاية أيلول".

حملات تشجير غير مجدية

من جانبه، حذّر عضو مرصد العراق الأخضر المتخصص بشؤون البيئة عمر عبد اللطيف، من أن فصل الصيف بات يشكل تهديداً متزايداً للعراق في ظل تفاقم مشكلات الجفاف، والنقص الحاد في الموارد المائية، وتراجع الحزام الأخضر، إضافة إلى تجريف البساتين والأراضي الزراعية.

وقال عبد اللطيف في حديث لـ"طريق الشعب"، إن موسم الصيف بات يمثل وبالاً على العراقيين بسبب ارتفاع معدلات الجفاف، مشيراً إلى أن العراق يعاني من نقص كبير في المياه، ما يجعل من هذه الأزمة واحدة من أكبر التحديات البيئية والاقتصادية التي تواجه البلاد.

وأوضح عبد اللطيف أن حملات زراعة الأشجار لا تحقق نتائج مستدامة بسبب غياب مصادر مياه قريبة تضمن بقاء الأشجار على قيد الحياة، ما يؤدي إلى هلاكها.

وأضاف أن "أي حملة للتشجير يجب أن تسبقها دراسة شاملة لتوفير المياه، مشدداً على أن "الاعتماد على حملات تشجير غير مدروسة يفاقم المشكلة بدل أن يحلها".

كما دعا عبد اللطيف إلى فرض عقوبات صارمة على قاطعي الأشجار، سواء في المشاريع الاستثمارية أو في المزارع، محذراً من خطورة اتساع رقعة التصحر الذي، بحسب إحصاءات وزارة التخطيط، أصبح يشمل نحو 60 في المائة من مساحة الأراضي العراقية، وسط مخاوف من امتداده إلى مناطق أخرى مع استمرار فقدان الغطاء النباتي وشح المياه.

وأكد عبد اللطيف، أن معالجة أزمة التصحر والتغير المناخي تتطلب تعاوناً مشتركاً بين عدة وزارات، وليس وزارة البيئة وحدها، مشيراً إلى ضرورة تكاتف جهود وزارات الزراعة والموارد المائية والجهات الأخرى ذات الصلة، لوضع خطة طارئة وعملية للحد من هذه الظواهر البيئية الخطرة.

مشاريع سكنية تأكل الساحات الخضراء

فيما حذّرت الناشطة البيئية نجوان علي من تفاقم التغيرات المناخية في العراق، مشيرة إلى أن عدد السيارات في العراق، والذي يتجاوز سبعة ملايين، إلى جانب المصانع والمولدات، يفرز ملوثات يومية تفاقم الأزمة.

وأضافت أن "تراجع المساحات الخضراء لصالح المشاريع السكنية يزيد من ظاهرة ارتفاع الحرارة، مع غياب الأشجار المعمرة القادرة على مقاومة التلوث".

وأشرت عدم وجود "موقف حكومي واضح في ملفات المياه والبيئة والكهرباء"، معتبرة انها "غير جادة في وضع حلول لهذه المشاكل التي بدأت تتفاقم في السنوات الأخيرة".

عرض مقالات: