اخر الاخبار

أثار قرار وزارة التربية الأخير برفع أجور الاعتراض على نتائج الامتحانات إلى 5000 دينار للمادة الواحدة استياءً واسعاً في الأوساط الطلابية والتعليمية، وسط اتهامات للوزارة باتباع نهجٍ متكرر في تحميل الطلبة أعباءً مالية إضافية بدلاً من زيادة الإنفاق الحكومي على التعليم.

ويرى مختصون ان هذه الخطوة تأتي في سياق واحد مع اجراءات اخرى تفرضها وزارتا التربية والتعليم العالي، تمثل اوضح صورة للتوجه المتصاعد لدى الوزارتين في التنصّل من واجباتهما الأساسية في تمويل العملية التعليمية، عبر تحميل الطلبة وأسرهم مزيداً من الأعباء المالية تحت مسميات مختلفة.

مجانية التعليم مهددة

وبدلاً من أن تضطلع الدولة بمسؤولياتها في توفير تعليم مجاني يضمن تكافؤ الفرص ويُعد استثماراً حقيقياً في رأس المال البشري، يجري التعامل مع التعليم كمصدر للإيرادات السهلة من خلال الرسوم والجبايات.

ان هذا النهج يعكس بشكل لا يقبل الشك غياب رؤية واضحة للنهوض بالقطاع التعليمي، ويحوّل حق الطالب في الاعتراض أو الحصول على خدمات أساسية إلى امتياز مشروط بالدفع، ما يهدد جوهر مجانية التعليم التي اكد عليها دستور الدولة، ويعمّق الفجوة بين إمكانيات الطلبة وظروفهم الاقتصادية.

سياسات تزيد أعباء الطلبة

في هذا السياق، انتقد سكرتير اتحاد الطلبة/ فرع كربلاء علاء مشتاق، السياسات التي تنتهجها الوزارات المعنية بالتعليم، مشيرا الى أنها تلقي بالعبء المالي على الطلبة بدلاً من تحمّل الحكومة مسؤولياتها في تمويل العملية التربوية والتعليمية.

وقال مشتاق في حديث لـ"طريق الشعب"، إنّ هذه السياسات تتجلى في عدة أشكال، من بينها فرض رسوم على الاعتراضات الخاصة بنتائج الامتحانات، رغم أنّ هذا الحق يُفترض أن يكون مكفولاً ضمن إطار مجانية التعليم، فضلاً عن استيفاء مبالغ تتعلق بإصدار البطاقات الإلكترونية للطلبة، وهو ما بدأ يشمل الجامعات الأهلية ويمتد تدريجياً إلى التعليم الحكومي.

وأضاف أنّ هذا النهج يعكس “عجزاً واضحاً في توفير التخصيصات المالية الكافية للقطاع التعليمي”، مبيناً أنّ الجهات المعنية “تتعامل مع التعليم كعبء مالي على الدولة بدلاً من اعتباره استثماراً في رأس المال البشري”، ما يؤدي في النهاية إلى تحميل الطلبة تكاليف دراستهم بشكل متزايد.

وحذّر في ختام حديثه من أنّ هذه الممارسات “تهدد مبدأ مجانية التعليم في العراق”، معتبراً أنّ “رفع الرسوم التعليمية يأتي كحلّ لسد العجز المالي بدلاً من مطالبة البرلمان ومجلس الوزراء بزيادة موازنات التعليم وتخصيص إنفاق أكبر لهذا القطاع الحيوي بدلاً من استنزاف جيوب اهالي الطلبة”.

سلوك غير مبرر

من جانبه، قال المهتم بالشأن التربوي والتعليمي علي حاكم، إن وزارة التربية “تنتهج سياسة متكررة في استيفاء مبالغ مالية من الطلبة، من خلال فرض رسوم على خدمات وإجراءات متعددة، أبرزها الاعتراضات على النتائج أو أداء الدور الثالث”، مشيراً إلى أنّ هذه الإجراءات “لا تراعي الأوضاع الاقتصادية غير المستقرة التي تمر بها آلاف العائلات العراقية”.

وأضاف حاكم في حديث لـ"طريق الشعب"، أنّ الوزارة “تبدو في أحيان كثيرة وكأنها تبحث عن تعويضات مالية، فتسعى إلى فرض رسوم بسيطة في ظاهرها لكنها تُطبق على أعداد ضخمة من الطلبة، ما يجعل منها مورداً مالياً كبيراً، من دون وجود شفافية واضحة في كيفية صرف تلك الأموال أو تحديد وجهتها بدقة”.

وتابع أنّ “التحول المستمر نحو فرض رسوم إضافية على مختلف المعاملات التربوية، سواء في المدارس أو الجامعات، هو منهج غير مبرر، خاصة وأنّ غالبية العائلات قد لا تملك حتى هذه المبالغ (رغم بساطتها الظاهرة)، ما يشكل عبئاً حقيقياً على الطلبة”.

وفي ما يتعلق برفع رسوم الاعتراضات، أكد حاكم أنّ “المشكلة لا تكمن فقط في رفع الرسوم، بل في فرضها أساساً على حقٍ أصيل للطالب”، معتبراً أنّ الوزارة “تسعى بهذا الإجراء إلى تقليل عدد المعترضين، بينما يجب أن يُصان حق الطالب في الاعتراض وألا يُقيد برسوم مرتفعة أو غير مبررة”.

وختم قائلاً إنّ “وزارة التربية مطالَبة بالتعامل مع الطالب كطرف له حقوق كاملة، بعيداً عن استغلال حاجته أو لحظة ضعفه، مع ضرورة أن تكون هذه الإجراءات مدروسة وشفافة وبعيدة عن أي دوافع مادية غير مبررة”.

عرض مقالات: