يحتفي العالم كل عامٍ في الخامس والعشرين من شهر تشرين الثاني بـ (يوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة)، الذي تم الاعترف به رسمياً عام ٢٠١٤، والهدف من ذلك اليوم هو رفع الوعي حول مدى حجم المشكلات التي تتعرض لها المرأة حول العالم مثل الاغتصاب والعنف المنزلي وغيره من أشكال العنف المتعددة. وعلاوة على ذلك فإن أحد الأهداف المسلط الضوء عليها هو إظهار أن الطبيعة الحقيقية للمشكلة لا تزال مختفية. كما سلّطت الحملة الضوء على نساء ورجال شجعان يعملون على تمهيد الطريق لعالم أفضل، وأكثر أمانا ومساواة. 

الاف الحالات

وكشف مجلس القضاء الأعلى عن إحصائية بمعدلات العنف الأسري خلال ٢٠٢١ ومطلع العام الحالي.

وبحسب الإحصائية فأنه تم تسجيل ٣٢٥٠٨ حالات عنف اسري، كان لمحكمة استئناف بغداد الكرخ النصيب الأكبر مقارنة بالنصف الأول من العام الحالي حيث تم تسجيل ١٠١٤٣ دعوى. بمعنى انه تم تسجيل أكثر من ٦٠ حالة عنف أسري في اليوم الواحد، وجاءت محكمة استئناف نينوى في الترتيب الأول، فيما حلت استئناف كربلاء بالمرتبة الأخيرة.

وكشفت الأمانة العامة لمجلس الوزراء في وقت سابق تسجيل 5 آلاف حالة تعنيف ضد النساء خلال عام 2021. فيما أكدت أن «العدد الحقيقي أعلى من ذلك، إذ أن الكثير من الحالات يتم التكتم عليها لأسباب قبلية واجتماعية». 

اسباب حالات العنف

من جانبها، تحدثت سكرتيرة رابطة المرأة العراقية شميران مروكل، قائلة: ان «الكثير من القوانين والوثائق وأهمها الدستور والتشريعات الوطنية التي تشير إلى احترام حقوق المرأة، وتضمن لها المساواة، لكننا نلاحظ في مقابل تلك القوانين، هناك سوء تطبيق لها، او أنها غير مفعلة بشكل مناسب».

وتدعو مروكل السلطة التشريعية الممثلة بالبرلمان الى ان تهتم بهذا الموضوع المهم من التشريعات، وخاصة ان الوثيقة الخاصة بمناهضة العنف موجودة في أرشيف البرلمان السابق.

وعن اسباب ازدياد حالات العنف، بكل أشكاله في مجتمعنا، فتلخصها مروكل بالقول: ان «العوامل النفسية التي تساهم في نشوء واستفحال سلوك العنف لدى البعض، تولد لديهم عقدا نفسية، ويميلون إلى ممارسة أشكال العنف ضد الآخرين، وتعاطي المخدرات وانتشارها بين الشباب، وتولد حالات اكتئاب وقلق، وهذه تدفع الى ممارسة سلوك عدواني، وتفرز فقرا وعوزا وبطالة وبالتالي جهلا وتخلفا».

وتأمل مروكل أن يتجاوز المجتمع «الموروثات الثقافية الخاطئة، ومنها قتل النساء غسلا للعار، وتزويج الفتيات الصغيرات (الطفلات)».

وتشير الى انه «نحن كمنظمات نقوم بتسليط الضوء من خلال الفعاليات والإعلام على الواقع الفعلي الذي تعيشه النساء في بلدنا، ونعتبر العنف ضد المرأة احد اكبر التحديات المجتمعية التي تواجه صعوبات في إيجاد الحلول لها او التقليل من حدوثها، لذا نسعى من أجل إصلاح المنظومة القانونية التي نجدها ضعيفة أمام الاعراف والتقاليد وتفعيل استراتيجية مناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي بالتنسيق مع المؤسسات الحكومية والتنسيق مع وزارة الداخلية ومجلس القضاء الأعلى، وأية جهة أخرى لها صلاحيات معينة».

ونوّهت بأن رابطة المرأة العراقية «مرارا ما تعقد برامج وتطرح استراتيجيات خاصة بالتوعية والتثقيف بقرارات واتفاقيات مهمة صادق عليها العراق، مثل قرار مجلس الأمن رقم ١٣٢٥ الخاص بحقوق المرأة، ونحاول رفع الوعي القانوني لدى النساء والوعي الصحي ايضا».

وأكدت أن الرابطة «تعمل مع النساء المعنفات اللواتي تبقى قصصهن المؤلمة طي الكتمان، بسبب الخوف من وصمة العار الاجتماعية، والخوف من ردة فعل المعنِف سواء كان الاب ام الزوج او الأخ او احد افراد الأسرة».

وتعوّل مروكل على البرلمان ولجنتي المرأة وحقوق الإنسان البرلمانيتين لأجل أن تعيد الحياة لمسودة القانون، وتتم مناقشته واقراره «ونحن كمنظمات نسوية ومدافعة عن حقوق المرأة أملنا كبير بهم، لانه يعتبر من أهم واجباتهم».

الأعراف العشائرية والدينية

من جهته، استبعد الناشط في حقوق الانسان محمد حسن السلامي، في الوقت الحالي، ان يجري تشريع قانون لحماية المرأة والقضاء على العنف».

ومن اسباب انتشار العنف بشكل كبير، علل السلامي ذلك بـ»تصاعد الاهتمام بالاعراف العشائرية الريفية التي غزت المدينة، الى جانب القوى التي تتحكم بصناعة القرار الحكومي، لديها أفكار تستحكم بها توجهات مختلفة، تحط في مجملها من قيمة وقدر المرأة».

وزاد المتحدث بأن منظمات المجتمع المدني لا تملك غير أداة «التوعية العامة» بحقوق النساء والحث على تطبيق التشريعات التي تحمي حقوقهن، وبالتالي تقويض حالات العنف ضدهن.

عرض مقالات: