اخر الاخبار

ضرورة توظيف الجزء الاعظم من الوفرة المالية، وتوجيه انفاقها نحو الأولويات التنموية الاقتصادية والاجتماعية. وهذا يعني بالملموس تنفيذ الخطط والبرامج والمشاريع التي تضيف إلى القدرات الانتاجية للبلد، وتخلق فرص عمل حقيقية في القطاعين العام والخاص، من شأنها امتصاص البطالة بشكل عام، وبطالة الشباب بصورة خاصة. والمقصود بفرص عمل حقيقية: أعمال تنتج وتخلق قيمة مضافة تزيد من الثروة الوطنية وليس وظائف وأعمالا ذات طابع توزيعي واجتماعي فقط.

ولا شك في أن استكمال مشاريع البنى التحتية وصيانة وتحديث القائمة منها، يندرج ضمن الأولويات. وهذا يشمل أيضا مشاريع البنى التحتية الاجتماعية الخاصة بقطاعي التعليم والصحة إلى جانب معالجة مشكلة السكن بالنسبة للفئات والشرائح الاجتماعية عديمة الدخل، أو ذات الدخل الواطئ أو الضعيف.

وتشمل هذه الفئات، اضافة إلى سكنة العشوائيات، الفئات ذات الدخل المحدود، غير القادرة على تملك او حتى تأجير الوحدات السكنية في المجمعات التي يقوم بإنشائها المستثمرون والمطورون من القطاع الخاص، خصوصا انها باتت تخضع للمضاربة التي تضاعف من أسعارها.

ولا يمكن توقع نهوض جدي للقطاعات الانتاجية، الصناعية والزراعية وغيرها من دون توفير الكهرباء ومصادر الطاقة الاخرى وفي هذا الشأن، لم يعد موضع شك أو جدل، أن مشكلة الكهرباء أكبر وأعقد من أن تعزى إلى شح التخصيصات واعتبارات فنية وإدارية وحسب.

فالكهرباء تعتبر عقدة رئيسية لها آثار مباشرة كبيرة على الحياة الاقتصادية والاجتماعية وعلى الاوضاع المعيشية للمواطنين وعلى تمكين العراق من امتلاك مقومات استقلالية قراره السياسي والاقتصادي ومن عدم خضوعه إلى ضغوطات أو تقلبات القوى الخارجية. لذا فإن معالجة أزمة الكهرباء ليست شأنا خاصا بوزارة معينة، وانما هي مسؤولية الدولة بمفاصلها وأجهزتها المختلفة التي يجب أن تعمل بصورة متناسقة ومتكاملة ووفق خطط موحدة مركزية. وهي عناصر لا تزال غير متوفرة، والا كيف نفهم عدم التناغم بين زيادة القدرات التوليدية من دون تأمين انتظام تجهيزها بالوقود، بسبب تلكؤ مشاريع انتاج الغاز وتعثر تمويل استيراده، فضلا عن الفشل في تنفيذ مشاريع إنشاء المصافي، ما كرس اعتماد العراق على الخارج بصورة تستنزف اموالا كبيرة وتضعف من قدرة العراق على تأمين استقرار أسواقه والتجهيز بأسعار مناسبة.

إن اوضاع السوق النفطية الحالية لا تمثل حالة مستدامة، لذا لا يجوز التفريط أو سوء استخدام الفرص التي تتيحها هذه الوفرة المؤقتة، وثمة قلق مشروع يساور عموم العراقيين بهذا الشأن بسبب استمرار الصراعات السياسية البعيدة عن هموم الوطن والمواطن واستشراء الفساد على نطاق واسع، مع ترحيبنا بالخطوات والاجراءات التي تتخذها هيئة النزاهة والأجهزة الرقابية الاخرى في الكشف عن حالات فساد كبيرة ومحاسبة المسؤولين والمتورطين فيها على اختلاف مواقعهم ومناصبهم، لكننا ندرك أيضا أن ثمة عوامل منتجة للفساد يجب التصدي لها بحزم وجدية، سواء على صعيد تفكيك منظومات الفساد في أجهزة الدولة والقضاء عليها، ومراجعة النظم والآليات الإدارية وإدخال الحوكمة الإلكترونية وتوفير التخصيصات والمتابعة الدقيقة لمشاريعها، لا سيما في دوائر الضريبة والتسجيل العقاري والتقاعد والمنافذ الحدودية والكمارك.

عرض مقالات: