اخر الاخبار

أجرت شبكة رووداو الاعلامية حوارا ضافيا مع الرفيق رائد فهمي سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، ردّ فيه على أسئلة محرر الشبكة معد فياض، وتناول قضايا الوضع الراهن، وموقف الحزب من تداعيات الانسداد السياسي الناجم عن صراعات قوى المحاصصة والفساد.

وأكد الرفيق فهمي في الحوار، ان الحكومات التي توالت على العراق بعد 2003 “لم ولا يمكن لها بناء الدولة في ظل نظام المحاصصة القائم .. “. ويتساءل: “كيف يمكن الحفاظ على بناء الدولة وهيبتها، في حين ان احد عناصر التحكم فيها هو العنف والسلاح المنفلت الذي تتقاسمه جهات عديدة؟ ولا يوجد سعي جدي لمعالجة هذا الموضوع، ولا توجد امكانية حقيقية للتصدي لهذه المشكلة، باعتبار ان هناك احزابا سياسية تتحكم بالدولة ولها اذرع مسلحة، وهناك غير هذا جهات متنفذة في مركز القرار لها علاقات وامتدادات خارجية”.

حكومات المحاصصة تعني الفساد

 وفي حديثه حول المصاعب التي تواجه تشكيل الحكومة، رأى فهمي ان “هناك مشكلة اساسية في موضوع تشكيل الحكومة، فهي ستقوم وفق مبدأ التوافقية، ونحن عندنا قناعة من خلال التجارب الحالية والسابقة بفشل اي حكومة توافقية مبنية على اساس المصالح المتبادلة للاطراف المشاركة فيها، وكونها تحدد سقف الحركة لرئيس الوزراء. وهذه التجربة تأكدت مثلا مع مصطفى الكاظمي، فرئيس الوزراء اذا اراد الذهاب بعيدا في محاربة الفساد او السلاح المنفلت، تبرز مجموعة من القوى لتقف ضده، ويتعرض لضغوطات تجعله يتخلى عن مشاريعه في هذا المجال”.

 وقال سكرتير الحزب الشيوعي العراقي إن “الحكومة القادمة سوف تتشكل على نفس الاساس، وهو المحاصصة، لهذا فهي ليست قادرة على تحقيق الالتزامات التي يذكرها محمد شياع السوداني مثلا، المرشح لرئاسة الحكومة القادمة من قبل الاطار التنسيقي، حتى لو كان جادا في هذا الموضوع.. ثم ان الحكومة يراد لها ان تكون خدمية لتختصر المسافة بينها وبين المواطن، لكننا نرى ان الوضع الراهن لا يسمح بذلك، فالمنطقة الخضراء، وهي مقر السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية، محاطة باسوار عالية لم يسبق لها مثيل. واليوم ارتفعت الجدران الكونكريتية اكثر من اي وقت مضى. فكيف يمكن لحكومة تخشى المواطن والحراك الشعبي، وتضع هذه الجدران المحصنة والتدابير العسكرية التي حولت بغداد الى ثكنة عسكرية، ان تردم الهوة بينها وبين الشعب؟”.

الرفض الشعبي

وطرح الرفيق فهمي سؤالا مهماً: “هل يمكن ان تتشكل حكومة بدون موافقة التيار الصدري؟ هذا ممكن من الناحية العملية، والبرلمانية. لكن الاشكالية سياسية، فهل سيشكلون حكومة بالرغم من اعتراض التيار الصدري والرفض الشعبي الذي يتمثل بقوى التغيير والتيار المدني، الرافضين لنهج المحاصصة والتوافقية؟ بمعنى ان هذه الحكومة سوف تستهل عملها وهي بحالة مواجهة مع الشعب العراقي وقوى التغيير، خاصة وانهم يتحدثون الآن عن تفاهم او تحالف (ادارة الدولة) الذي لا يشارك فيه الحزب الشيوعي والتيار الصدري واطراف اخرى. وصارت مقولات مثل (المجرب لا يُجرب) عقيمة ومجرد عناوين يتم ترديدها وليس تنفيذها، فالمهم عندهم هو مصالح المتحاصصين”.

 وأوضح فهمي قائلا: “للعلم انا لا اعتبر هذا التحالف الاوسع (إدارة الدولة) مفاجئا، لأن كل القوى المشاركة في هذا التحالف لم ترفض في اي يوم مضى منهج المحاصصة.. وبعض هذه القوى التي احتفلت سواء بالعلن او بالسر بما تعتبره فشل تظاهرات الأول من تشرين الأول الحالي، وتعتقد أنه لم تعد هناك معوقات امامها وان التيار الصدري لم يعد مؤثراً، خاصة بعد دخول جماهيره الى مجلس النواب والقصر الجمهوري من دون تحقيق اي شيء، وان ما قد يحدث مستقبلا لن يكون اكثر من هذا حسب اعتقاد القوى السياسية المصرة على المحاصصة. وبالتالي سيمضون بمخططاتهم لاختيار رئيس الجمهورية وتشكيل الحكومة، فهذا ممكن لكنهم لن يتمكنوا من السير بخطوات كبيرة”.

وفي رده عن سؤال حول احتمالية قيام انتخابات مبكرة للخروج من الأزمة السياسية الراهنة، اجاب فهمي: “اذا ارادوا اجراء انتخابات مبكرة بصيغة مشابهة لما حصل في انتخابات 2019، اي بتكييفها لتضمن مصالح القوى المتحاصصصة، فهذا لن يؤدي الى اي نتيجة. فالانتخابات المبكرة يجب ان تجري لتغيير المشهد السياسي الحالي وليس للابقاء عليه، يجب ان تعكس الإرادة الحقيقية  للناخبين، وان تتم وفق منظومة صحيحة من حيث قانون الانتخابات ومفوضية انتخابات جديدة. اما ان تجري وفق توافقات بين الاحزاب في ما يخص قانون الانتخابات واختيار المفوضية، فهذا يعني عمليا انهم سيأتون بصيغة مشابهة لما هو قائم الآن، وبالتالي فان التغيير سيؤجل وتبقى الاوضاع على ما هي عليه “.

ويؤكد فهمي أنه “لا بد من تغيير حقيقي وجذري، لأن الفساد يستشري وقد أدى الى نتائج وخيمة وصلت حد انهيار ابنية ببغداد راح ضحيتها الابرياء، منها انهيار بناية المختبر الوطني في ساحة الواثق وسط رصافة بغداد”. ويضيف: “انا استمعت لتصريحات رئيسة هيئة الاستثمار التي كشفت عن أن هذه الحالة وتعني انهيار الابنية سوف تتكرر، لان الفساد كان كبيرا في مجال منح اجازات الاستثمار، وفي شراء الموافقات، او البناء بدون موافقات وضوابط من الجهات المختصة، بما فيها امانة بغداد. واعترفت رئيسة الهيئة ان المئات من هذه الاجازات، اذا لم تكن أكثر، قد صدرت بهذه الطريقة.. ولاحظوا انني هنا اشير الى حجم وتأثير الفساد في مفصل واحد فقط، وهو الاستثمار”. ونبّه قائلا: “لنا ان نحسب حجم وتاثير الفساد على مفاصل الصحة والأدوية والتربية والتعليم والمفاصل الاخرى، وهذا مثل مرض السرطان الذي استشرى، وما زال يستشري في كل جسد الدولة العراقية، وما عاد ينفع معه العلاج بل ان البتر هو افضل الحلول”.

وخلص فهمي الى “ان اية حكومة توافقية لن تكون قادرة على انهاء الفساد وتحقيق الاستقرار، لان الجميع متورطون بملفات الفساد. ولنتذكراعتراف قيادي في حزب الدعوة - تنظيم العراق، الذي قال بن كل الحكومات التي جاءت بعد 2003 باطلة، بمعنى ان كل التأسيس قام على باطل. والسؤال هنا هو: كيف قبلتم وتقبلون العمل في حكومات باطلة؟ 

ان كل ما يحدث اليوم هو من تراكمات نهج المحاصصة والسكوت على الباطل وعلى الفساد والخراب والتستر على الفاسدين، حتى صارت هناك جبال من ملفات الفساد. فكيف تستطيع أية حكومة مواجهة وضع كهذا، مادامت هي نفسها قائمة على المحاصصة، والذين فيها هم المسؤولون عن هذا الخراب؟”.

لن نشارك في هذه الحكومة

 ونفى سكرتير الحزب الشيوعي العراقي رائد فهمي نية الحزب المشاركة في “اية حكومة تقوم على نهج المحاصصة”. وقال: “لم يفاتحنا احد او جهة في موضوع الاشتراك بالحكومة، فهم يعرفون موقفنا من حكومات المحاصصة والتوافق. نحن ضد الفساد وضد المحاصصة، وليس من المعقول ان نشترك في حكومات كهذه. 

نحن موقفنا مبدأي لمصلحة البلد والشعب العراقي، ونرى ان هناك كارثة حقيقية يعيشها العراق اليوم. ونؤمن أن التغيير ليس شعاراً شعبوياً او رغائبياً، بل هو ضرورة موضوعية مهمة وملحة يحتاجها البلد. وبعكس ذلك فان العراق يمضي الى ازمات اكثر عمقا وتعقيدا، وأمامنا جيوش العاطلين وغالبيتهم من الشباب الخريجين، والمشاريع التي تتقاسمها حيتان الفساد، ونرى القطاع العام مسروقا والدولة معطلة”.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*من حديث مع الرفيق سكرتير اللجنة المركزية بثته شبكة  رووداو يوم امس الاول الاحد.

عرض مقالات: