اخر الاخبار

ارتفاع سعر صرف الدولار وعجز السلطات النقدية والحكومة عن خفضه وتحقيق استقرار الدينار، هو مظهر لأزمة أعمق من مجرد الإجراءات الرقابية التي فرضتها الخزانة الأمريكية ونظام التتبع للدولار المحول من العراق. فضعف الثقة بالبنك المركزي وبالمصارف العراقية والتحويلات الصادرة عبرها، يعكس النسبة العالية من التحويلات التي لا تذهب إلى الجهات المعلن عنها رسميا، وهي مؤشرات تهريب للعملة وتمويل لمستفيدين خارجيين، وعدم اتخاذ أية إجراءات جدية لضبطها وإيقافها لأسباب مركبة منها الفساد أو الولاءات السياسية أو سوء الإدارة، أو كل هذه العوامل مجتمعة.

إن البنك الفدرالي الأمريكي ووزارة الخزانة كانت على علم بذلك وسبق أن أرسلت إنذارات وتنبيهات بهذا الشأن، ولكن اتخاذها الإجراءات الحازمة الأخيرة قد يكون لتوقيته أبعاد سياسية للضغط على الحكومة العراقية.

 من جهة أخرى هناك أطراف عراقية، نافذة مرتبطة بالمصارف وشبكات تهريب العملة والالتفاف على الضوابط المحلية والدولية في المجال النقدي، تحاول استغلال الأزمة وآثارها الجسيمة على القدرة الشرائية للمواطنين وإرباك الحياة الاقتصادية وشلها، لمقاومة أية اجراءات جدية ضد الفساد وقنواته وشبكاته.

 ويبدو واضحا أن الأزمة الحالية تفوق قدرات البنك المركزي والأدوات المتاحة له لمعالجتها وتطويقها، والحديث عن إعادة ثقة يعني أن الإجراءات المطلوبة يجب أن تكون حازمة وجذرية لفرض رقابة فعالة على المصارف وآليات تحويل العملة إلى الخارج وتفكيك منظومات الفساد ومحاسبة من يقف وراءها، وهي قوى نافذة يتعذر على حكومة نابعة من رحم المحاصصة مواجهتها.

عرض مقالات: