اخر الاخبار

يؤشر الرد الهستيري الوحشي لدولة الاحتلال الصهيوني وقواتها على عملية طوفان الأقصى، والدعم اللامحدود الذي تحظى به من جانب الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، إلى أن القضية الفلسطينية دخلت منعطفا جديدا؛ حيث استعادت مكانتها الطبيعية كقضية جوهرية ليس فقط بالنسبة للبلدان العربية والإسلامية ولمنطقة الشرق الأوسط، وإنما للعالم أجمع. وتؤكد تطورات الأسابيع الأخيرة والمجازر المرتكبة في غزة والتوترات المتصاعدة في المنطقة والعالم، أن لا أمن ولا استقرار ولا سلام في المنطقة، من دون التوصل إلى حل دائم لهذه لقضية، يقوم على أساس الإقرار بحقوق الشعب الفلسطيني في ان يقيم على ترابه الوطني، دولته الوطنية كاملة السيادة والقابلة للحياة، وعاصمتها القدس.

 وتكشف التطورات الجارية ومواقف ومخططات دولة العدوان وحلفائها الدوليين، أن ثمة مسارين رئيسيين مختلفين جوهريا للتعامل مع القضية الفلسطينية ؛ الأول هو الداعي الى الوقف الفوري للحرب والشروع بخطوات عملية نحو تطبيق القرارات الدولية، المتعلقة  بإقامة الدولة الوطنية الفلسطينية وعودة اللاجئين. وذلك ما تدعو اليه حركة التحرر الفلسطينية والبلدان العربية وقوى وحركات السلام والديمقراطية والتقدم في العالم، والدول المناصرة لنضال الشعب الفلسطيني من أجل نيل حقوقه المشروعة.

أما المسار الثاني، فغايته كسر إرادة الشعب الفلسطيني في المقاومة، وتصفية القضية الفلسطينية من خلال حرب الإبادة التي تشنها حكومة الاحتلال ضد غزة، في مسعى لتنفيذ مشروعها التاريخي في تهجير الفلسطينيين، ووضع مخطط الشرق الأوسط الكبير سيء الصيت موضع التنفيذ، بذريعة القضاء على حماس. وهو ما يعمل عليه القادة الصهاينة بإسناد غير مشروط من الولايات المتحدة وحلفائها الدوليين، الذين يدعمونها رغم ان ما تنفذ من عمليات قتل عمد لآلاف المدنيين من أهالي مدينة غزة الصامدة، وجلّهم من النساء والأطفال، ينطبق عليها توصيف حرب الإبادة، ما يضعهم عمليا في موضع الشريك في المشروع، رغم ما يعلنون من مواقف مخالفة.

إن المآلات السياسية للحرب الضارية الجارية الآن، على المديين الآني والطويل، تعتمد بشكل حاسم على موازين القوى القائمة، وعلى قدرة الطرف الفلسطيني والعربي على حشد أوسع التأييد لنصرة الحل العادل والدائم للقضية الفلسطينية. وهذا يشترط أولا تعزيز القدرة الذاتية واستجماع عناصر القوة، وتحقيق وحدة القوى وتجاوز حالة الانقسام والتشظي الراهنة فلسطينيا وعربيا، وعلى الصعيد الوطني في كل بلد عربي. وهذه بدورها ستكون أساسا لتضامن فعال ولوحدة الموقف على الصعيد الإسلامي وعلى المستوى العالمي، شعبيا ورسميا، بالنسبة للدول المناصرة لقضية الشعب الفلسطيني. 

وتؤكد تجارب الشعوب ونضالاتها أن القضايا العادلة، كقضية الشعب الفلسطيني، لا تنتصر بقوة عدالة قضيتها فقط، وإنما كذلك بالتمكن والتمكين لتغيير موازين القوى لصالحها. وفي المنعطف الراهن الذي دخلته الأوضاع المحيطة بالقضية الفلسطينية، بات ضروريا وملحا أن تُتخذ خطوات سريعة لوضع الأرضية السياسية والبرنامجية، المشفوعة بخطوات عملية، لإنهاء حالة الانقسام على الصعيد الفلسطيني، ولبناء وحدة موقف مساند للقضية الفلسطينية على الصعيد الوطني داخل كل بلد، شعبيا أولا ثم رسميا في التأثير على موقف الحكومات بفعل الضغط الشعبي، وهذا يتحقق في حال النجاح في تحويل الغضب الشعبي العارم إلى فعل سياسي مؤثر.

لقد قدم حزبنا الشيوعي رؤيته وتصوراته لما يتوجب على الدولة العراقية والحكومة القيام به، لترجمة اسنادها وتضامنها مع الشعب الفلسطيني في هذه الظروف العصيبة، وذلك في المذكرة التي وجهها أخيرا الى الرئاسات الثلاث ونشرت في منابر الحزب الإعلامية.

وتبرز اليوم الحاجة الى الارتقاء بمستوى الدعم الشعبي للشعب الفلسطيني، ليتخذ بعدا وطنيا أكثر فاعلية. كما بات مطلوبا من القوى والشخصيات الوطنية والمدنية الديمقراطية، ان تبادر وتتحرك في اتجاه إقامة حركة تضامن وطنية في العراق مساندة للشعب الفلسطيني.