رداً على الإبادة الجماعية في غزة، أقر البرلمان الإسباني قانون حظر دائم وكامل على تصدير الأسلحة لدولة الاحتلال. وبموجب القانون يحظر بشكل دائم بيع الأسلحة وتكنولوجيا الاستخدام المزدوج والمعدات العسكرية. بالإضافة إلى ذلك ألغت إسبانيا عقود بيع أسلحة مع إسرائيل بقيمة 1,2 مليار يورو.
حصل مشروع القانون على 178 صوتًا مقابل 169، ونجحت الحكومة الإسبانية في الحصول على الموافقة النهائية على تحويل مرسوم حظر الأسلحة على إسرائيل، الذي أقره مجلس الوزراء قبل أسبوعين، إلى قانون.
وتم تأجيل التصويت، الذي جرى مساء 8 تشرين الأول، يوما واحدا لتجنب التزامن مع ذكرى هجوم حماس في 7 أتشرين الأول، بعد أن وصفت السفارة الإسرائيلية التزامن بأنه "شاذ وغير إنساني وعبثي".
بالنسبة لرئيس الوزراء الاسباني ي بيدرو سانشيز، فإن الأمر يتعلق بسمعته: فهو يريد الوفاء بوعده المتكرر بعدم بيع أو شراء أسلحة من دولة ترتكب إبادة جماعية. في أيلول الفائت أعلن سانشيز مرسومًا "لتثبيت" الحظر قانونيًا، ضمن سلسلة من الإجراءات لزيادة الضغط على إسرائيل.
وكان رئيس الوزراء الاسباني قد غرد حينها على موقع "آكس": "هناك فرق بين الدفاع عن الوطن وقصف المستشفيات أو تجويع الأطفال الأبرياء. إن هذا هجوم غير مبرر على السكان المدنيين. ستون ألف قتيل، ومليونا نازح، نصفهم من الأطفال. هذا ليس دفاعًا عن النفس، هذه إبادة لشعب أعزل، ولا يمكننا أن نقف مكتوفي الأيدي".
طبيعة القانون
وجاء في ديباجة القانون: "إن رد إسرائيل على الهجمات المروعة التي نفذتها منظمة حماس الإرهابية في 7 تشرين الأول 2023، أدى إلى هجوم عشوائي ضد السكان الفلسطينيين، والذي وصفه غالبية الخبراء بأنه إبادة جماعية".
في نهاية أيلول الفائت، ألغت وزارة الدفاع الإسبانية عشرات العقود مع شركات إسرائيلية. ويأتي ذلك في إطار خطتها للتخلص من التكنولوجيا العسكرية الإسرائيلية. وبلغت قيمة العقود الملغاة قرابة 1,207 مليار يورو. وفي نيسان 2025، ألغت مدريد عقد ذخيرة بقيمة 6.6 مليون يورو.
وبموجب القانون تمنع إسبانيا أيضا السفن التي تحمل الوقود للجيش الإسرائيلي من الرسو في موانئها، وتحرم الطائرات التي تحمل معدات دفاعية من الوصول إلى مجالها الجوي، وتمنع دخول الأفراد "المتورطين بشكل مباشر في الإبادة الجماعية وانتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب" في غزة، وهذا ينطبق على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وأعضاء حكومته.
وتشمل التدابير الأخرى حظر صادرات المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة وتعهد سانشيز بتوفير 10 ملايين يورو كتمويل جديد لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) و150 مليون يورو كمساعدات إنسانية لقطاع غزة حتى 2026.
موقف الشيوعي وتحالف سومار
خاطب إنريكي سانتياغو، السكرتير العام للحزب الشيوعي الإسباني وعضو البرلمان عن حزب "اليسار الاسباني المتحد" بالقول: "الموافقة على المرسوم تعني احترام القانون الدولي. والتصويت ضده تجاهل لقوانين الإنسانية. وحذرت يولاندا دياز، زعيمة تحالف سومار اليساري ونائبة رئيس الوزراء حزب بودوموس: "من يرفض القانون ينضم إلى الجانب المظلم".
الاتفاق والتباين
في النهاية، صوّت حزبا "معا لأجل كتالونيا" وبوديموس اليساري لصالح القانون، وهما الشريكان البرلمانيان الأكثر تمردًا. وكانت أسباب الخلافات متعارضة تمامًا. لم يُبدِ حزب "معا من أجل كتالونيا، بقيادة الرئيس الكتالوني السابق كارليس بويغديمونت، المنفي في بروكسل، التزامًا واضحًا بقضية حظر الأسلحة، وخلال المناقشة، تساءلت المتحدثة باسم الحزب مارتا مادريناس عما إذا كان وقت اعتماد القانون مناسب لاعتماده، مع اقتراب وقف إطلاق النار.
كانت موافقة بودموس غير مضمونة، لوصفه القانون بـ "صفقة زائفة"، وانه يحتوي على العديد من الثغرات: منح الحكومة صلاحية التقدير على أساس المصلحة الوطنية، وعدم شمول القواعد الأمريكية في الأراضي الإسبانية بالقانون.
وقالت إيون بيلارا، سكرتيرة حزب بوديموس: "منذ موافقة مجلس الوزراء على المرسوم، دخلت أربع سفن محملة بمعدات عسكرية موانئ إسبانية في طريقها إلى إسرائيل". واتهمت الحكومة بـ "الدعاية الانتخابية الرخيصة". إلا أنهم في النهاية، وتحت ضغط الرأي العام، وبعد تجمع منظمات التضامن مع الشعب الفلسطيني أمام البرلمان، لحث جميع الأحزاب على الموافقة على القرار، قرروا التصويت بنعم. وأعلنت: "سيواصل بوديموس المطالبة بفرض حظر شامل على الأسلحة وقطع جميع العلاقات مع إسرائيل"، لكنها لم ترغب في منح الحزب الاشتراكي الإسباني "ذريعة للتوقف عن فعل أي شيء"، داعيةً الجميع إلى المشاركة في الإضراب العام في 15 تشرين الأول "لإجبار إسبانيا على قطع جميع الروابط العسكرية والاقتصادية والتكنولوجية والثقافية والرياضية مع مرتكبي الإبادة الجماعية".
بالمقابل صوت حزب الشعب اليميني المحافظ، وحزب "فوكس" اليمني المتطرف ضد القانون.
أثار قرار إسبانيا رد فعل غاضب من إسرائيل، التي كانت قد سحبت سفيرها العام الماضي عندما اعترفت إسبانيا بدولة فلسطينية. وأدان وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر الإجراءات الإسبانية ووصفها بأنها "معادية للسامية" واتهم حكومة سانشيز الاشتراكية باتباع "خطاب معاد لإسرائيل من خلال خطاب غير منضبط ومليء بالكراهية".