اخر الاخبار

الصفحة الأولى

نواب يؤشرون «بطئا حكوميا» في استثماره من حقول النفط.. مراقبون: لا حل لأزمة الكهرباء في العراق قبل توفير الغاز

بغداد ـ طريق الشعب

شهدت اجواء البلاد، خلال الأيام الأخيرة ارتفاعاً ملحوظاً في درجات الحرارة، تراجعت معها ساعات التجهيز الوطني من الطاقة الكهربائية، الامر الذي يضع وعود الحكومة ووزارة الكهرباء بزيادة الإنتاج خلال موسم الصيف الذي يداهم العراقيين مبكرا في دائرة التشكيك.

وبعد تجديد الإدارة الأمريكية الإعفاءات للعراق لشراء الغاز الإيراني، أعلنت وزارة الكهرباء، الأسبوع الماضي، توقيعها عقدا لتوريد الغاز من إيران لمدة 5 سنوات.

وعام 2017، بدأت إيران تصدير الغاز إلى العراق، وفقا لعقد يلزمها بتوريد ما متوسطه 25 مليون متر مكعب يوميا. ومع ذلك، خفضت إيران صادرات الغاز إلى العراق بشكل متقطع خلال السنوات الأخيرة، وذلك استجابة للنقص الحاد لديها في الغاز في فصل الشتاء. وفي بعض الأحيان، توقف تدفق الغاز الإيراني بشكل كامل، مما أدى إلى أزمات كهرباء في العراق.

وقال وزير الكهرباء زياد علي فاضل، «نحتاج من 3 إلى 5 سنوات للتخلي عن استيراد الغاز الإيراني».

وأضاف أن إيران تطالبنا بتسديد 9 مليارات دولار كمستحقات استيراد الغاز.

ربط كهربائي مع دول الجوار

ويجري العراق مباحثات مع دول خليجية وعلى رأسها السعودية لاستيراد الكهرباء منها عبر ربط منظمتها مع منظومة الخليج، بعد أن كان يعتمد على إيران لوحدها خلال السنوات الماضية عبر استيراد 1200 ميغاواط وكذلك وقود الغاز لتغذية محطات الطاقة الكهربائية المحلية.

كما وقّع العراق والأردن في 11 شباط الماضي في العاصمة عمان، وثيقة لتزويد الجانب العراقي بالطاقة الكهربائية بقدرة 40 ميغاواط في المرحلة الأولى.

ويعتبر العراق من بين تسع دول مسؤولة عن غالبية عمليات حرق الغاز، والتي تستحوذ على نحو نصف الإنتاج العالمي من النفط، وتفيد بيانات البنك الدولي أن العراق هو ثاني أكثر دولة في العالم تستخدم هذه الممارسة بعد روسيا وقبل إيران والولايات المتحدة. وفي عام 2020، بلغ حجم الغاز المحترق في العراق 17.374 مليون متر مكعب.

وتلبي طهران 40% من احتياجات العراق للكهرباء، بتكلفة 4 مليارات دولار سنويًا، ما يعني أن أي خلل يحدث في تلك الإمدادات يتسبب بنقص كبير في تجهيز الشبكة الوطنية.

ما هي المعوقات؟

عضو لجنة النفط والغاز والثروات الطبيعية النيابية، باسم الغريباوي، أشّر وجود خلل في عقود استثمار الغاز، محملا الحكومات المتعاقبة مسؤولية ذلك، مشيرا إلى أن الحكومة الحالية تعمل على تصحيح الأخطاء لكن بخطوات «بطيئة».

وقال الغرباوي، في حديث صحافي، ان هناك توجها حكوميا نحو استثمار الغاز المصاحب في الحقول العراقية مثل عكاز والمنصورية، بالإضافة إلى إبرام عقود جديدة مع دول أخرى، لا سيما قطر وتركمانستان.

وحذر النائب من الاعتماد على مصدر واحد للاستيراد، لأن ذلك يسبب مشاكل وأزمات كثيرة لا سيما خلال فصل الصيف، لافتا إلى ان «المشكلة تكمن في أن عقود جولات التراخيص لم تتضمن نصا يقضي باستثمار الغاز المصاحب.

الكهرباء.. أزمة صيفية دائمة

وقال زميل الغرباوي في اللجنة البرلمانية النائب صباح صبحي، إن البلد ما زال بحاجة إلى خطوات اقوى، لأن البنية التحتية للكهرباء لا تكفي لسد حاجة نصف البلد لمدة 24 ساعة في اليوم، لذلك فإن الانقطاع خلال فصل الصيف سوف يبقى «لكنه سيكون بنسبة اقل».

وأضاف صبحي، ان «من أبرز مشاكل القطاع الكهربائي هي التجاوزات على الخطوط الرئيسة من بعض الجهات والمواطنين وكذلك المشاريع المتلكئة التي تحتاج إلى دفعات، وبدون شك هذه المشكلة تحتاج إلى تعديل ومصادقة على الجداول المخصصة لقطاع الكهرباء. فنحن نواجه مشكلة فنية متمثلة بالتلكؤ ومشكلة قانونية تشريعية، وتنفيذية في وزارة المالية متمثلة بإطلاق الأموال»، مردفا أن هناك ديوناً للغاز الإيراني تبلغ عشرة مليارات دولار لا تزال متراكمة إلى الآن.

دعوة لتنويع مصادر الاستيراد

من جانبها، دعت لجنة الطاقة والكهرباء النيابية، وزارة الكهرباء إلى تنويع مصادر استيراد الغاز لضمان تشغيل المحطات الكهربائية، مع اقتراب حلول فصل الصيف. 

وقال عضو اللجنة كامل عنيد لمراسل «طريق الشعب»، إنّ لجنته طالبت في وقت سابق وزارة الكهرباء بتقليل اعتمادها على الغاز الإيراني، والعمل على تنويع مصادر استيراد الغاز، لتجنب أزمة انقطاع الكهرباء.

وأضاف بالقول، أن «العراق يعتمد على الغاز المستورد من إيران في تشغيل بعض محطات توليد الكهرباء، وفي حال توقفت تلك الإمدادات فإن ارتباكا كبيرا سيحصل في عملية التجهيز.

..وتنويع المنافذ

المتحدث باسم وزارة النفط عاصم جهاد، قال ان «تهيئة البنية التحتية تتصدر أولويات عمل الوزارة في هذا الصدد»، موضحا ان «عملية نقل الغاز تحتاج لناقلات خاصة، والى مرافئ، وهو ما نعمل عليه حاليا، لاستقبال هكذا نوع من الناقلات التي تنقل الغاز المسيل، قبل ضخه عبر الأنابيب».

وأضاف في تصريح لـ»طريق الشعب»، ان «الحكومة والوزارات المعنية ماضية في هذا العمل لتعزيز المنافذ والمصادر التي تزود العراق بالغاز»، وفيما يخص الاعتماد على الغاز الإيراني قال ان «ايران تعتبر اقرب مصدر للغاز، وبالتالي تقوم بتغطية جزء من حاجة العراق، لكن في بعض الاحيان يتعذر على الجانب الإيراني الإيفاء بالتزاماته تجاه وزارة الكهرباء».

ونوه الى ان «الغاز الذي سنستورده عن طريق الدول يكلفنا من ناحية النقل وغيرها، على عكس الغاز الذي ينقل بواسطة الانابيب حيث يعتبر افضل وارخص وسيلة»، لافتا الى ان هناك مباحثات مستمرة مع دول اذربيجان وقطر وتركمانستان، والعمل جارٍ على تهيئة الموانئ.

يشار الى ان العراق أنشأ أول منصة لاستيراد الغاز المسيل في ميناء الفاو، لتنويع إمدادات الوقود ولتأمين احتياجات محطات الكهرباء، في ظل تراجع ضخ الغاز الإيراني من وقت لآخر؛ حيث ستكون المنصة هي الأولى من نوعها في القطاع الوطني للنفط والغاز والبنى التحتية المتعلقة به.

وكان وزير النفط، حيان عبدالغني، أعلن في 18 حزيران 2023، إطلاق جولة التراخيص السادسة في 11 رقعة استكشافية غازية واعدة.

وقال عبدالغني، إن وزارته حريصة على الاستثمار الأمثل للثروة الهيدروكربونية في العراق، انسجاماً مع البرنامج الحكومي، وتوجيهات رئيس الوزراء بزيادة الاحتياطيات من خلال التنقيب عن النفط والغاز، وإدامة وزيادة إنتاج النفط الخام والغاز الحر.

كما تأتي الخطوة ضمن حرص الوزارة على معالجة الغاز المصاحب للعمليات النفطية، وتحويله إلى ثروة وطاقة منتجة ومفيدة، لتغطية الاحتياجات المحلية، خاصة لمحطات توليد الكهرباء، وصناعة البتروكيمياويات والأسمدة وغيرها.

ويستعد العراق لزيادة إنتاجه من الهيدروكربونات، من خلال طرح جولة التراخيص السادسة للتنقيب عن النفط والغاز، إذ يستهدف تصدير إنتاجه إلى الأسواق العالمية، للنهوض باقتصاد الدولة، وتوفير فرص عمل لأبنائها.

وأضاف عبدالغني، أن وزارته أكملت استعداداتها للتهيؤ والإعداد لإطلاق جولة التراخيص السادسة، الخاصة بالرقع الاستكشافية الواعدة بالغاز، والتي يبلغ عددها 11 رقعة.

ودعا وزير النفط الشركات العالمية المتخصصة الراغبة في المشاركة بأنشطة التنقيب عن النفط والغاز والتطوير والإنتاج إلى التقديم في هذه الجولة، للتنافس والحصول على فرصة أو أكثر من فرص استكشاف وتطوير المشروعات المذكورة، من خلال التقدم بصورة رسمية للوزارة.

وكانت شركة سيمنز للطاقة في العراق، أعلنت مؤخرا، أنها تخوض مفاوضات مع وزارتي النفط والكهرباء لاستثمار الغاز المصاحب، فيما أعلنت عن توجهها لاستثمار الغاز المصاحب في جنوب العراق.

وقال المدير التنفيذي للشركة، مهند الصفار، إن «الشركة تعمل مع الحكومة العراقية على استثمار الغاز المصاحب، ليس فقط لأغراض البيئة وإنما لتقليل المصاريف الحكومية التي تقدر بمبالغ كبيرة، فضلاً عن أمان الطاقة، الذي هو جزء مهم من قطاع الطاقة داخل العراق».

********************************************************************

راصد الطريق.. ولـِمَ الدهشة؟

طلبت هيئة النزاهة من وزير المالية السابق علي عبد الأمير علاوي، الحضور إلى مقرها في بغداد للإدلاء بإفادته حول تصريحاته الأخيرة بشأن وجود أكثر من ثلاثين شخصيَّة سياسيَّة اقتصادية أو اقتصادية سياسية، تجاوزت ثروات كل منها مليار دولارٍ، وأن مصدر الثروة في العراق هو الدولة، التي تذهب اليها الموارد الأساسية وهي التي تقوم بتوزيعها كرواتب واجور ونفقات مشاريع، فيما يسرق جزء مهم منها، مشيرا إلى أن القطاع الخاص بحاجة إلى غطاء سياسي لكي يستطيع العمل.

وفي الوقت الذي يعرب فيه الناس عن غضبهم واستنكارهم لتفشي الفساد بهذه الصورة، فانهم يردون على اندهاش واستغراب المتنفذين من هذه التصريحات بالسخرية الشديدة. وقد بات الأمر بديهيا ومعروفا للجميع جهاراً نهاراً، لذلك يتساءلون عما إذا كانت هيئة النزاهة مستعدة لان تقدم الطلب ذاته الى إحدى النائبات، التي أعلنت قبل أيام عن توقف التحقيق في قضية سرقة القرن، بعد أن وصل إلى مسؤولين مصانين لا يمسهم القانون، وخوفا من انهيار العملية السياسية إذا ما تم الكشف عن كل خفايا القضية..

***********************************************************************

أطباء يهجرون القطاع الحكومي

بغداد – تبارك عبد المجيد

يلجأ الكثير من الأطباء العراقيين إلى ترك الوظيفة الحكومية والانسحاب إلى القطاع الخاص، الذي يتراجع فيه هامش خطر التعرّض للعنف المجتمعي بنسبة كبيرة، إلى جانب امتيازاته المادية في ما يخص أجور العمل التي تصل إلى ضعف الراتب الحكومي.

***********************************************************************

الصفحة الثانية

النزاهة تطيح بمدير مصرف اختلس قرابة 7 مليارات دينار

بغداد ـ طريق الشعب

أطاحت هيئة النزاهة بمدير مصرف التنمية الدولي فرع ميسان لاختلاسه نحو 7 مليارات دينار.

وقال بيان للنزاهة، ان العملية التي تمت بالتعاون بين الهيئة ووكالة الاستخبارات وسط العاصمة بغداد، وتمخَّضت عن الإيقاع بمدير مصرف التنمية الدولي - فرع ميسان في العاصمة بغداد، وتنفيذ مُذكَّرة القبض الصادرة بحقه، استناداً إلى أحكام المادة 315 من قانون العقوبات. 

وأشار إلى أن مدير مصرف التنمية الدولي فرع ميسان أقدم على اختلاس مبلغٍ مقداره (6.771.010.000) دينارٍ عراقيٍّ من المصرف بالاشتراك مع مُوظَّفة القاصة الحصينة فيه.

 وتابع، أن المقبوض عليه تواطأ مع مُوظَّفين اثنين يعملان بصفة “أمين صندوق” في الفرع، حيث أقدموا على سحب (3.385.000.000) دينار عراقي من القاصة الحصينة فيه وتسليمها إلى أشخاص مجهولين، وفق البيان.

**********************************************************************

الشيوعيات يعملن على ترسيخ دور المرأة سياسياً وديمقراطياً.. أبو العيس: الحركة النسوية العراقية خاضت أشكالا نضالية عديدة في مواجهة التعسف والجهل والتخلف

أدخنة سوداء خانقة مسرطنة تنفثها معامل الاسفلت والطابوق، ومطامر صحية تحتل أراضي واسعة، ونهر تحوّل إلى مصب لمياه المجاري.. وسط هذه البيئة الملوثة بمختلف أنواع الملوثات الهوائية والمائية والترابية، يعيش سكان مناطق جنوب شرقي بغداد. الأمر الذي ينذر بمخاطر كبيرة على الصحة العامة والبيئة.

ويعاني العراق في مجمله، ارتفاع معدلات التلوث البيئي، إضافة إلى مخاطر الجفاف والتصحر. إذ تعتبر البلاد - وفقا لدراسة أعدتها شركة IQ Air السويسرية المعنية بقضايا تنقية الهواء عام 2022 – ثاني أكثر بلدان العالم تلوثا. فيما تحتل بغداد المرتبة 13 في قائمة أكثر مدن العالم تلوثا.

مياه ممرضة وأجواء كبريتية!

يقول المواطن سامر محمد، وهو من سكان مجمع بسماية، أنه تخلى عن استخدام مياه الإسالة لـ”عدم صلاحيتها للاستهلاك البشري، وتسببها في أمراض جلدية”، مبينا في حديث صحفي أن السكان يضطرون إلى شراء الماء المفلتر (آر أو)، لاستخدامه في الشرب والطبخ، الأمر الذي يثقلهم بأعباء مالية إضافية.

فيما يقول المواطن عامر إبراهيم، وهو أيضا من سكان المجمع، أنه “في أحيان كثيرة يتحوّل لون السماء إلى الرمادي وتنتشر في الجو روائح كبريتية خانقة. وبعد التحري عن الأمر تبين لنا أن هناك معامل اسفلت وطابوق غير نظامية، تحاصرنا وتنفث أدخنتها في أجوائنا”.

كلام إبراهيم أكده “مرصد العراق الأخضر” المعني بالبيئة على مدار العام الماضي. إذ أوضح في بيان صحفي أن “شكاوى عديدة وردتنا من أهالي مجمع بسماية، الذي يقطنه نحو 100 ألف نسمة، حول وجود تلوث بيئي في المجمع بسبب معامل الطابوق والإسفلت القريبة منه، والتي تقع في قرية 10، وكذلك في جرف النداف ضمن قضاء المدائن”.

وأضاف المرصد أن “هذه المعامل تخالف تعليمات وزارة البيئة والمنهاج الوزاري للحكومة”.

وبحسب عضو المرصد عمر عبد اللطيف، فإن هذه “المعامل لا تزال تواصل عملها على قدم وساق دون مراعاة الشروط البيئية. فهي تطرح ثاني أكسيد الكبريت واكاسيد النيتروجين، ما يزيد من تلوث هواء العاصمة بصورة كبيرة ويخلق أضرارا مضاعفة”.

 وتستخدم هذه المعامل الوقود الأحفوري، وتشغّل عمالها ساعات طويلة فوق المعتاد – حسب ما تنقله وكالات أنباء.

نهر أسود قاتل!

أما في منطقة جسر ديالى، فيشكو السكان من التلوث الكبير في نهر ديالى الذي يخترق منطقتهم، والذي أصبح مجرى للمياه الثقيلة، ومصدراً للأمراض والأوبئة والروائح الكريهة، مؤكدين أن مياه النهر التي تحوّلت إلى اللون الأسود، لم تعد صالحة أبدا حتى للاستخدامات الحيوانية والزراعية.

ويقوم مشروع مجاري الرستمية بتصريف مياه الصرف الصحي القادمة من مناطق شرقي بغداد، في نهر ديالى، من دون معالجة كافية، ما حوّل النهر، الذي كان مصدرا مائيا مهما للزراعة وتربية الحيوانات فضلا عن الاستخدامات البشرية، إلى بؤرة تلوّث قاتلة تهدد حياة ما يقارب 200 ألف إنسان.

ليس هذا وحسب، فأكتاف النهر وضفافه تحوّلت أيضا إلى مكبات للنفايات. والمفارقة هي أن مسؤولين محليين – حسب ما تنقله وكالات أنباء – يؤكدون أن لا ذنب للسكان في رمي مخلفات الصرف الصحي والنفايات في النهر. فالمؤسسات الحكومية هي من تقوم بذلك، نظرا لتقادم وتهالك محطات معالجة المياه الثقيلة، وخروج بعضها عن الخدمة.

وتنقل وكالات أنباء عن عدد من سكان المنطقة، قولهم أن مياه النهر أصبحت ملوثة بنسبة 100 في المائة، وان هذا التلوث بات مسببا رئيسا لمرض الكوليرا، الذي ينتشر في مناطقهم بشكل كبير.

فيما تنقل عن مزارعين القول ان “الزراعة في المنطقة لم تعد تعتمد على مياه نهر ديالى، إنما على طرق بديلة، ومنها حفر الآبار”.

وفي كانون الأول 2023 اعلنت منظمة اليونيسف عن افتتاح 8 محطات لمعالجة مياه الصرف الصحي في مدينة الطب، مبينة أنه “كان يتم تصريف وإلقاء أكثر من 2300 متر مكعب من مياه الصرف غير المعالجة، يوميا في نهر دجلة، ما يزيد من تدهور الموارد الطبيعية وتعرض السكان والأطفال الى مخاطر صحية جمة”.

مطامر صحية

وتقع في محيط مناطق جنوب شرقي بغداد، مطامر صحية تحتل أراضي واسعة ليست بعيدة عن السكان. ومنها مطمر النفايات والأنقاض الواقع في الرستمية، والذي أصبح مصدرا لتلوث الهواء والتربة والماء، وبؤرة للجراثيم والأوبئة. 

وتشدد المعايير الدولية لطمر النفايات والانقاض على ضرورة تخصيص أماكن بعيدة عن المناطق السكنية، ووضع أساسات من الاسمنت لمنع تسرب الجراثيم والملوثات إلى التربة ومياه الشرب. فيما يلفت خبراء في المجال البيئي، إلى أن ترك النفايات مكشوفة لأيام، يولد بيئة ملوثة تنتقل جراثيمها إلى البشر عبر البعوض والحشرات الأخرى.

ويؤكد الخبراء – حسب وكالات أنباء – ان “90 في المائة من التلوث الموجود في مناطق حزام بغداد، سببه انتشار مواقع طمر نفايات غير صحية”.

ويُطمر معظم نفايات العاصمة في موقعين، الأول يقع في منطقة النباعي شمالا، ويستوعب نحو 7 آلاف طن يوميا. والآخر يقع في منطقة النهروان جنوبا، ويستوعب قرابة 3 آلاف طن يوميا.

وحسب مدير إعلام أمانة بغداد محمد الربيعي فإن آليات الأمانة ترفع يومياً أكثر من 9 آلاف طن من النفايات من جميع مناطق العاصمة.

جدير بالذكر، أن العراق يسجل منذ سنوات ارتفاعا كبيرا في نسب الأمراض السرطانية والتنفسية والباطنية. ويعزو اختصاصيون في المجالات الصحية والبيئية أسباب هذا الارتفاع، إلى التلوث الكبير الذي يخيم على البلاد، والذي يشمل الهواء والماء والتربة.

أولى الحزب الشيوعي العراقي منذ تأسيسه، اول مرة تحت مسمى “لجنة مكافحة الاستثمار والاستعمار”، اهمية كبيرة وخاصة للمرأة، تجسدت بوضوح في برامجه واهدافه وشعاراته وحتى ادبياته، نظرا للواقع المرير الذي كانت وما زالت تقاسيه المرأة.

ولمناسبة الذكرى التسعين للتأسيس، أجرت “طريق الشعب” حوارا مع عضو اللجنة المركزية للحزب، الرفيقة بشرى جعفر ابو العيس، التي سلطت الضوء على وضع المرأة العراقية، ونظرة الحزب لواقعها اليوم. كما استعرضت مساعي الحزب لمعالجة هذا الواقع المتردي على عديد من الصعد، والعديد من المحاور المهمة.

معاناة وتحديات

واستهلت أبو العيس الحوار بالحديث عن وضع المرأة ونظرة الحزب الشيوعي العراقي لواقعها، قائلة: إن “الحزب ينظر إلى واقع المرأة العراقية بذات النظرة لواقع كافة أفراد المجتمع العراقي. اي دون معزل عما يعانيه من أزمات ومشاكل تتعلق بشكل مباشر باحتياجاته، لتحقيق الحياة الكريمة والعدالة الاجتماعية بمفاصلها.

كذلك الحق بتوفير فرص العمل والصحة ومستلزماتها والتعليم بقطاعيه التربوي والتعليم العالي، والحق بتوفير السكن والخدمات”.

وقالت عضو اللجنة المركزية للحزب، إنه “برغم زيادة نسبة النساء العاملات في بعض القطاعات، لكن هذا لم يكن بسبب اركان توزيع الموارد البشرية - الخبرة والكفاءة العلمية - بل نتيجة الفعل التراكمي لآثار الحروب في زمن الدكتاتورية والارهاب وحروبه والأزمات التي مر بها بلدنا ومواجهة الأزمات الاقتصادية”.

واشارت ابو العيس الى ان “واقع المرأة يواجه المعاناة والاشكاليات التي تؤثر بالمجتمع عامة، مثل تراجع الواقع الديمقراطي والحريات وتعثره، بسبب التشريعات التي تسبب الأزمات والفساد وتمأسسه ككل، مع وجود تحديات إضافية امام واقع النساء منها الأعراف والتقاليد التي تتصاعد وتيرتها بترسيخ الفعل العشائري والتطرف الديني وخاصة الطائفية والتعصب القومي”.

المرأة في برنامج الحزب

وبالنسبة للمعالجات، أوضحت أبو العيس بالقول: ان “الحزب طرح معالجاته من خلال شعار التغيير الشامل ومكافحة الفساد لتحقيق العدالة الاجتماعية لكل أبناء شعبه”، مبينة أن “اوراقه الإصلاحية للواقع الاقتصادي في العراق شددت على ضرورة العمل على خلق اقتصاد تنموي مستدام، يحقق على اقل تقدير فرص عمل لأبناء شعبنا بضمنهم النساء”.

وشددت على ضرورة “تفعيل قانون الضمان الاجتماعي بما يحقق ضمانا لحياة المرأة دون تعرضها لظروف تهين كرامتها او تفرض عليها واقعا يجعل لها حياة غير كريمة، وتكون عرضة لأزمات اجتماعية”، مضيفة أن الحزب يعمل بكل امكانياته من خلال الضغط جماهيرياً وسياسياً على إقرار قانون الضمان الصحي لتحقيق الأمان الصحي لكل مريض من المواطنين وخاصة النساء والأطفال وكبار السن.

ونوهت الرفيقة بأن “الحزب بخطابه السياسي وبفعل حراك جماهيره وجماهير التيار المدني الديمقراطي وقف ولا يزال بوجه كافة التشريعات التي تخنق الحريات وتقضم الديمقراطية. كذلك القرارات الحكومية التي ترسخ الفوارق الطبقية وتمس حياة المواطن الفقير او محدودي الدخل بشكل عام. والموقف هذا ينسحب الى ما يخص القوانين والتشريعات التي تمس واقع المرأة والأسرة، وتسبب تراجعا في ضماناتها”.

يسترشدن بسياسة الحزب

ونوّهت الرفيقة أبو العيس في سياق حديثها بدور الشيوعيات والشيوعيين في تطوير وعي المرأة، وزج النساء العراقيات في النضال من اجل حقوقهن، حيث قالت ان الحزب “يتبنى قضية المرأة وتطوير واقعها على كافة الصعد، ومنها مشاركتها في العمل السياسي، حيث عمل الحزب ويعمل على ان تأخذ المرأة الشيوعية دورها الحقيقي في البناء الحزبي الداخلي والمشاركة الفاعلة في عمله النضالي، وما سفره النضالي المضاء بأسماء شهيدات وشهداء الحزب عبر تاريخ الحركة الوطنية العراقية إلا دليل ساطع على ان الشيوعيات لم يتخلفن او يختلفن في دورهن النضالي عن الشيوعيين”.

واضافت قائلة، ان “الشيوعيات اليوم يمارسن دورهن المجتمعي مسترشدات بسياسة الحزب العامة، بالانفتاح على كافة الآفاق التي تتواجد فيها النساء والعمل على ترسيخ وتعزيز دور المرأة سياسياً وديمقراطياً، والضغط باتجاه تطوير الأنظمة الداخلية على مستوى العمل الحزبي الخاص بالحزب، ومن خلال علاقاته الوطنية بالأحزاب الأخرى، لتأخذ النساء دورهن في العمل القيادي السياسي”.

وقالت ايضا ان الشيوعي العراقي يدعو الى “توفير كل الفرص الحزبية والمدنية الديمقراطية، وايجاد شخصيات نسوية قيادية مؤثرة يمكنها المشاركة في السلطات من خلال خوض الانتخابات او من خلال الحراك الجماهيري او السياسي، وذلك لإيمان الشيوعيات والشيوعيين العراقيين بان المرأة يجب ان تتعادل فرصها بالتواجد في مراكز صنع القرار السياسي والمؤسساتي”.

الحزب والنساء المثقفات

في ما يخص علاقة الحزب الشيوعي العراقي بالنساء المثقفات في العراق، قالت أبو العيس: ان الحزب “تبنى قضية الثقافة والفن والأدب، كونها محاور مهمة ومحركاً أساسياً في عملية تغيير الواقع السياسي والاجتماعي”.

ولفتت الرفيقة الى أنّ “دور المثقفين والأدباء والفنانين نساءً ورجالاً عبر تاريخ الحركة الثقافية العراقية، شهد تأثيرا واضحا لحركة اليسار والحزب الشيوعي العراقي فيها، وارتبطت أسماء كبيرة بها، وقدمت أعمالا وأدبيات كان لها دورها في النضال والتصدي للدكتاتوريات واي شكل من أشكال الظلم والاضطهاد”.

كيف تعمل الشيوعيات والديمقراطيات؟

وتحدثت الرفيقة بشرى عن كيفية عمل الشيوعيات والديمقراطيات اليوم من اجل خلق ظروف افضل للنساء، إذ قالت ان واقع النظام السياسي الحالي في العراق، أفرز ايمانا لدى النساء بان هذا النظام لا يمكن له ان يحقق اي شكل من أشكال العدالة لا اجتماعياً ولا سياسياً و اقتصادياً وحتى تشريعياً، لأنه محكوم بآليات المحاصصة والفئوية والحزبية وتحيطه مؤسسة الفساد بكل مفاصله”.

ونبّهت قائلة إلى، ان “الحركة النسوية العراقية اتجهت الى خوض مختلف أشكال النضال لمواجهة التعسف والتراجع في اساس البناء الديمقراطي ومواجهة الجهل والتخلف والتقاليد البالية والنظرة الذكورية”، مضيفة ان أحد اشكال هذا النضال هو “المساهمة في الحراك الجماهيري وتوحيد خطاب الحركة النسوية العراقية وأهدافها ومطالبها.

كذلك الضغط على السلطات التشريعية والتنفيذية بعمل مجتمعي نسوي موحد، وذلك عبر تواجدهن في احزاب ديمقراطية ومنظمات مجتمع مدني وتيارات مدنية ديمقراطية ونقابات وجمعيات واتحادات، لتحقيق التغيير وتطوير الواقع النسوي بشكل افضل”.

************************************************************************

فعاليات

ابتهاجا بعيد الشيوعيين .. أمسية فنية في مقر المحلية العمالية

بغداد - عامر عبود

ابتهاجا بالذكرى الـ90 لميلاد الحزب الشيوعي العراقي، أقامت اللجنة المحلية العمالية في الحزب بالتعاون مع اتحاد الشبيبة الديمقراطي العراقي، الخميس الماضي، أمسية فنية حضرها عضوا المكتب السياسي الرفيقان عمار البياتي وحسين النجار وعضو اللجنة المركزية الرفيق وسام الخزعلي، إلى جانب عديد من أعضاء اتحادي الشبيبة والطلبة وجمع من أصدقاء الحزب.

في بداية الأمسية، تحدث عدد من الرفاق عن أهم القضايا المتعلقة بهموم الشباب اليوم، وعن إمكانية إيجاد سبل للتواصل مع تلك الشريحة عبر أنشطة متنوعة. وقد طُرحت في هذا الشأن أفكار ومبادرات وبرامج من قبل الحاضرين. 

وفي سياق الأمسية، قرأ الشاب حسين قصيدة بعنوان «رفيقتي». فيما قدم عازف العود ضرغام أغنيات وطنية وتراثية من ألحان الفنان الكبير الراحل أخيرا كوكب حمزة.

***********************************************************************

الشيوعيون يشاركون في إحياء يوم الشهيد الفيلي

بغداد – طريق الشعب

شارك وفد من الحزب الشيوعي العراقي في فعالية أقامها الفرع الخامس للحزب الديمقراطي الكردستاني في بغداد، في مناسبة يوم الشهيد الكردي الفيلي 4 نيسان. ونقل الوفد تحيات قيادة الحزب إلى مسؤول الفرع الخامس السيد ازاد حميد شفي، الذي رحب من جانبه بالوفد، وتمنى المزيد من تعزيز العلاقات بين الحزبين. وضم الوفد كلا من الرفاق د. فاضل عباس المندلاوي ود. سميرة عباس المندلاوي وسعد ناموس وعلي شيبان. ومن جانب ذي صلة، زار الوفد مقر الجبهة الفيلية في بغداد. وشارك في إحياء الذكرى.

******************************************************************

شيوعيو بعشيقة يتلقون التهاني بعيد الحزب

متابعة – طريق الشعب

استقبلت منظمة الحزب الشيوعي العراقي في ناحية بعشيقة، ممثلة بسكرتيرها وكوادرها، وفودا من المهنئين بالذكرى الـ90 لميلاد الحزب.

وكان بين المهنئين الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني والبيت الثقافي ومجلس المتقاعدين. وقد تمنى المهنئون الازدهار الدائم للحزب.

************************************************************

تنويه وتصحيح

في المقابلة التي اجرتها “طريق  الشعب” مع الرفيق عدنان الصفار، الأمين العام لإتحاد نقابات عمال العراق، ونشرتها على الصفحة 9 من العدد  100 الخميس الماضي ، تمت الإشارة سهواً الى أن اول اجتماع لإعادة الحياة الى التنظيم النقابي العمالي بعد سقوط الدكتاتورية، عقد في 1 نيسان 2003، والصحيح هو في 16 أيار 2003. كما تجدر الإشارة الى ان الحزب الشيوعي العراقي نظم مسيرة عمالية وشعبية كبيرة، يوم 1 أيار من نفس العام، إحتفاءً بعيد العمال العالمي.

***************************************************************

الصفحة الثالثة

عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي الرفيق وسام الخزعلي:  الشباب ثروة وطنية معطلة بسبب المحاصصة والفساد

بغداد ـ طريق الشعب

في مناسبة الذكرى التسعين لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي، حاورت “طريق الشعب” عضو اللجنة المركزية للحزب والسكرتير الأسبق لاتحاد الشبيبة الديمقراطي العراقي الرفيق وسام الخزعلي، حول واقع الشباب ورؤية الحزب الى هذه الشريحة المثقلة بالهموم والمشاكل المتراكمة منذ عقود طويلة، وصولا إلى التهميش الذي تتعرض له حاليا، نتيجة الفساد والمحاصصة وما رافق ذلك من مظاهر مدمرة.

الحزب الشيوعي والشباب

يقول الرفيق وسام الخزعلي، إن الحزب الشيوعي العراقي من اوائل الاحزاب التي استقطبت الشباب واهتمت بقضاياهم منذ بدايات سنوات التأسيس، وما زال يهتم ويناقش في وثائقه وبرامجه كل ما يخص هذه الشريحة على صعيد تشخيص المشاكل وتقديم الحلول الواقعية والممكنة، فهو ينظر إليهم كثروات وطنية، بينما المحاصصة الطائفية الحالية عدو يتربص بمستقبلهم وأحلامهم.

ويضيف الخزعلي، أن العديد من الشباب تركوا في تاريخ الحزب بصمات نضالية مشرّفة، وشغلوا مواقع قيادية وميدانية وسياسية واجتماعية وثقافية، مشيرا الى ان “الحزب ولد من رحم معاناة العراقيين وحاجتهم الى العدالة والحرية والانعتاق من الاستعمار، الأمر الذي جعل الشباب يتوافدون بأعداد هائلة عليه، وينتمون الى صفوفه، ومنهم الشهيد الاسطورة الشاب سلام عادل، الذي قاد الحزب في أحلك الظروف، وقدّم نفسه الى الوطن.

وأشار المتحدث الى ان الحزب حاليا يمتلك في صفوفه الكثير من الشباب ومن كلا الجنسين، وما زال في كسب مستمر، لأن عددا كبيرا من الشباب العراقي، رافضا لنهج المحاصصة والتكتلات الطائفية والقومية والعرقية، لذلك وجد في حزبنا محطة وطنية شاملة لا تفرق بينهم على اساس هذه النظرة الضيّقة.

مشاكل الشباب كثيرة

وعن مشاكل الشباب، يشير الخزعلي إلى أنها سلسلة مترابطة بدأت منذ زمن النظام الدكتاتوري وحروبه المدمرة ومسخه للحياة المدنية، وما تلاه بعد 2003 من نهج كارثي مدمر، تعامل مع الشباب ايضا كأدوات لحسم الحروب والاقتتال، وفي احسن الأحوال اعتبارهم مجرد أصوات انتخابية لا تستطيع المشاركة في صناعة القرار أو الترشح في الانتخابات.

وشدد على أن الشباب يواجهون اليوم ظروفاً مريرة تتمثل بالبطالة والفقر والتهميش المتزايد مع وجود أرقام رسمية تبين حجم الفجوات الاجتماعية وكيفية انعزال فئة صغيرة متمسكة بالحكم والمال عن الشعب، وتمترسها خلف جهات مسلحة وأبراج فخمة نحن نرفضها ودائما نثقف المواطنين بشأنها لأنّها لا تمثل العراق الجديد الذي يتحدثون عنه، ولا الذي نطمح اليه. ومع هذه اللوحة، نرى أن مشاكل المخدرات تتزايد واصبحت تهديد حقيقي لسلامة واستقرار المجتمع، فضلا عن المحاولات الرسمية الجارية للتضييق على الحريات.

إضافة إلى ذلك، يوضح الخزعلي أنّ مشاكل أخرى تواجه الشباب خصوصا لدى الأقليات العراقية الأصيلة والمناطق التي تعرضت للحرب والنزوح والعيش في خيام بعيدة عن المدن، مع تأثيرات الهجرة وتدمير القطاع التعليمي والتربوي الذي اصبحت حتى مخرجاته الطبية لا تجد مكانا لها في سوق العمل، كما اعلنت الحكومة مؤخرا، ناهيك عن مشاكل المرأة الشابة ايضا، وما لهذا المحور من تفاصيل كثيرة، مع التأكيد على أن دول العالم تطور كفاءات الشباب وتجعلهم في مواقع قيادية او تشركهم في صناعة القرار وتتيح أمامهم الفرص الحياتية التي ترتقي بواقعهم ومستقبلهم.

ما المطلوب؟

ويعتقد عضو اللجنة المركزية، أن الحل الوحيد لمعالجة مشاكل الشباب يكمن في مغادرة نهج المحاصصة الذي رفضه العراقيون من مختلف المحافظات في انتفاضة تشرين الباسلة التي قادها الشباب وجسّد خلالها اروع التضحيات ونكران الذات.

وبيّن، أن طريقة ادارة الدولة لا بد ان تعيد النظر بمسألة اشراك الشباب وتمكينهم وايجاد البرامج الوطنية الاستراتيجية لتطوير هذه الموارد البشرية الهائلة وتحويلها الى مصادر انتاجية، مشيرا الى ان “تزايد الفقر وتعمق الفرز الطبقي يؤديان لاحقا الى انفجار كبير لن تستطيع اي قوة ايقافه”.

وعبّر الخزعلي عن وجود إمكانيات كاملة للنهوض بواقع هذه الشريحة. كما ان الحزب الشيوعي العراقي قدّم برنامجا شاملا للارتقاء بدور الشبيبة والطلبة، ومساعدتهم على تعزيز مكانتهم في المجتمع، وتوظيف طاقاتهم في مختلف المجالات، وايلاء الشبيبة العمالية والفلاحية اهتماما خاصا.

ولفت إلى أن برنامج الحزب يدعم حقوق التنظيم الطلابي والشبابي الحر والمستقل، وضمان إبعاد المنظمات الطلابية والشبابية عن هيمنة ووصاية المؤسسات الحكومية وأجهزتها قانونيا وتشكيل النوادي ومراكز الشباب والفرق الثقافية والفنية والرياضية، فضلا عن تحسين مستوى حياة الطلبة، وضمان التعليم المجاني لكافة المراحل الدراسية وتوفير المستلزمات الدراسية كافة، والاهتمام بتحسين أقسامهم الداخلية، وتمكينهم من إنجاز مهامه الدراسية والأكاديمية في أجواء آمنة وصحية، وضمان فرص العمل للخريجين وتشجيع المتميزين منهم ورعايتهم، وتهيئة الظروف الملائمة للحد من هجرتهم الى الخارج.

والأهم من ذلك بنظر الخزعلي، هو ما يطرحه الحزب في برنامجه بشأن وضع خطط تفصيلية خاصة بالشباب تستهدف مكافحة البطالة في أوساطهم، وخلق الفرص والمشاريع الاستثمارية لاستيعابهم، فضلا عن إصدار تشريعات تؤمن للشباب المشاركة في جميع اللجان والهيئات التي تتناول شؤونهم الثقافية والتعليمية والاقتصادية والاجتماعية والرياضية، وهذا ما لا تريده القوى المتنفذة التي تتمسك بالسلطة.

************************************************************************

العراق في الصحافة الدولية

ترجمة وإعداد: طريق الشعب

العراق بعد 21 عاماً من الاحتلال

بمناسبة الذكرى 21 للحرب التي شنتها الولايات المتحدة وحلفاؤها على العراق، والتي اسقطت فيها نظام الدكتاتور صدام حسين، نشر العديد من الصحف والمواقع مقالات وتقارير تضمنت تحليلات تاريخية وسياسية للحدث وتجلياته الراهنة، حيث اعتبرتها أغلبية الآراء، حرباً غير مشروعة، قامت على تبريرات كاذبة، وأسفرت عن مجموعة من النتائج الجانبية الكارثية، كتدمير الدولة وإذكاء الاستقطاب الطائفي والعرقي، وحل الجيش ونهب الثروات والآثار وتحويل البلاد إلى ساحة للصراعات والتدخلات الإقليمية والدولية، فيما اعتبرتها بعض الآراء مسعى لنشر الديمقراطية وشبهتها آراء مقابلة بالغزو المغولي للعراق في 1258 م.

الهدف الحقيقي للحرب

ففي موقع (ريدديت) تساءل بيرناند تراميل عن الأهداف الحقيقية للولايات المتحدة من غزو العراق، والذي اعتبره ثاني أكبر عامل، بعد الحادي عشر من أيلول في تشكيل الجغرافيا السياسية للشرق الأوسط والصراع على النفوذ بين روسيا والغرب فيه. وأضاف الكاتب بأنه قد يستطيع أن يتفهم أسباب قيام واشنطن، المجروحة من أحداث نيويورك، بغزو افغانستان كرد اعتبار لكرامتها التي مُرغت بالوحل، لكنه لا يستطيع أن يفهم كيف تجاهل صانع قرار غزو العراق، التداعيات التي يمكن أن تترتب على فعلته.

وخلص الكاتب إلى تعداد بعض تلك التداعيات كتدمير الدولة العراقية وصعود داعش واتساع التدخلات الإقليمية في الشؤون الداخلية لدول المنطقة كما هو الحال مع إيران والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، وتدخلاتها ليس في العراق فحسب، بل وايضاً في اليمن والسودان وسوريا وليبيا ومصر. ولم يعتبر الكاتب اهتمام واشنطن باحتياطيات النفط العراقي، سبباً وحيداً مقنعاً، بل لعل السبب الأهم برأيه، أعادة صياغة وجود الشرق الاوسط والعالم بأسره، في مرحلة ما بعد انتهاء الحرب الباردة.

فشل مريع

ولصحيفة (وور أون روك) كتبت أيما ساليسبرغ مقالاً اشارت فيه إلى أن بعض ضباط وكالة المخابرات الأمريكية قد حذروا قادتهم من مغبة خطة لاجتثاث البعث، لأنها ستدفع بثلاثين إلى خمسين الفاً من البعثيين للعمل السري، رافضين مقارنة الخطة بما تم تنفيذه في المانيا عقب انتهاء الحرب الثانية، وما تحقق من نجاح هناك في تحطيم الحزب النازي، الذي تجمعه بحزب صدام حسين بعض السمات العامة.

وذكرت الكاتبة بأن سبب الفشل لم يكمن في وضع الخطة بدون دراسة مسبقة بل في تجاهل البيت الأبيض والبنتاغون لتوصيات تلك الدراسة وأهمها إن إقالة كل عضو في الحزب سيضر بعمل مؤسسات الدولة الجديدة، حيث لم تكن ثقة واشنطن بخبرائها الإقليميين كافية لجعل نصائحهم مسموعة. ويبدو حسب الكاتبة، إن عملية الاجتثاث كانت أحد أسباب الانقسامات العرقية والدينية والسياسية التي حصلت وهزت العراق.

هل كان القرار عفوياً؟

وذكرت الكاتبة بأن قرار التطهير الشامل على أساس الرتبة الحزبية وليس الأفعال الفردية، قد جرد المؤسسات العامة في العراق من بعض الموظفين ذوي الخبرة، حيث ساد الاعتقاد بأن النخبة الحزبية لا يمكن أن تصل إلى مرتبتها العالية دون أن تكون فاسدة أو ترتكب أعمالاً منافية لحقوق الإنسان. وأعربت الكاتبة عن اعتقادها بأن الاجتثاث قد ابعد بعض ذوي الخبرة من الموظفين، ممن كانوا مجبرين على الانضمام للبعث للحفاظ على وظائفهم أو الحصول على ترقيات، الأمر الذي سبب فعليًا في اضعاف المؤسسات العامة. وينطبق الأمر ـ حسب ساليسبرغ ـ على حل الجيش والتخلص منه بالكامل، مما أهدر فرصة كبيرة للمساعدة في استعادة النظام وتسهيل عملية الانتقال إلى حكومة ما بعد صدام.

واختتمت الكاتبة مقالها بالإشارة إلى أن الولايات المتحدة مضت قدماً في إعادة تشكيل العراق دون الاستفادة من الدروس المستقاة من قضية إزالة النازية، رغم انها كانت سعيدة باستخدام التاريخ لتبرير تبسيطي وتجميلي لسياساتها.

**************************************************************

عين على الأحداث

لماذا يهربون؟!

بعد أن وعد أحد النواب بفتح تحقيق عاجل في تفاصيل الجريمة والتنسيق مع الجهات المعنية في هيئة النزاهة للوصول إلى الجهات المتورطة فيها، كشف مصدر مطلع، عن اختفاء قرابة 9 مليارات دينار، من ديوان محافظة ديالى، يعود لمبالغ التعويضات، وأن المتورطين بالسرقة، التي تمت عن طريق صكوك صرفت خلال 8 أشهر، هم ثلاثة موظفين، فروا إلى جهة مجهولة. هذا وفيما لم تعد هذه الاخبار مثيرة لدهشة واستغراب الناس، بعد أن أصبح الفساد متلازمة تنهك كل مفاصل دولتنا وبتواطؤ او تغافل من “أولي الامر” يتساءل الناس عن سبب هروب اللصوص، مادام أقرانهم مصانين من الحساب. 

بطالة بلا حدود!

بلغت نسبة البطالة وفق وزارة التخطيط 16.5 في المائة في وقت ينتظر وصول مئات الخريجين لسوق العمل خلال هذا العام، الذي تخلو موازنته من درجات وظيفية جديدة. وأشارت الوزارة إلى أن نسبة البطالة بين النساء بلغت ضعف نسبتها بين الرجال، وتتركز في الأعمار التي لم تتجاوز الثلاثين بعد. هذا وفيما يعّد توفير فرص العمل المؤشر الرئيسي لنجاح أية حكومة، لا يعرف “أولياء الأمر” عندنا حلاً للمشكلة سوى زيادة الإنفاق التشغيلي في قطاع الدولة، متجاهلين مهمة تطوير القطاعات الإنتاجية، الصناعية والزراعية، بما يقلص الإعتماد على الريع النفطي ويوفر فرص عمل أكثر ويُصلح الاقتصاد المخرب.

ناس بالدجاج وناس بالعجاج

سجلت الأسواق ارتفاعاً ملحوظاً في أسعار الذهب، بعد زيادة مستمرة خلال العامين الماضيين تزامناً مع تدهور قيمة صرف الدينار. وقد كشفت الإحصاءات الحكومية عن بلوغ معدل الاستيراد الشهري نحو 7.5 طن، فيما ذكرت بيانات موقع “بلومبيرغ” بأن البلاد اشترت كمية قدرها 33.9 طن خلال العام 2022، وأعلن القنصل التركي العام في أربيل عن استيراد العراق ذهباً تركياً بقيمة 1.5 مليار دولار خلال عام 2021. هذا وتجدر الإشارة إلى أن هذا البذخ الذهبي، الذي يأتي في وقت يعيش فيه نصف العراقيين عند أو تحت مستوى الفقر، يؤكد حجم التفاوت الطبقي وغياب العدالة في توزيع الثروة.

والخافي أعظم

أعلن مركز الوقاية من الاشعاع في وزارة البيئة، عن إزالة التلوث بالاشعاعات النووية من 59 موقعاً في البلاد حيث لم يبق سوى عشرة مواقع تحتاج للتطهير. وطمأن المركز الناس بخلو الهواء من أية ملوثات اشعاعية ومن وجود ثقة كبيرة بالمنظومات التي يستخدمها للفحص. هذا وكان اكتشاف بقعة ملوثة نووياً في أحد المنازل بمحافظة بابل، قد اثار المخاوف من وجود بقايا الأسلحة من فترة ما قبل 2003، والتي لم تتعامل معها دوائر البيئة، مما يجعلها خطرأ مستمراً على البيئة والسلامة المجتمعية، وتستدعي وضع وتنفيذ برامج عاجلة للتخلص منها وخاصة نفايات المواد المشعة والكيماوية والبيولوجية واليورانيوم المنضب.

كافي تنبيهات، اشتغلوا

حذرت لجنة الصحة النيابية الصيدليات من التلاعب بأسعار الأدوية وطالبت المواطنين بإبلاغ وزارة الصحة ونقابتي الصيادلة والأطباء عن أية وصفة مشفرة، تُكتب لإرغام المريض على شراء الدواء المحدد، من مكان خاص، مهما كان سعره ومنشأه. ودعت إلى توعية المواطن بشأن تسعيرة الأدوية، ومراقبة مدى التزام البائعين بالسعر الرسمي. هذا وتعّد الرعاية الصحية المجانية للمواطن، والمُلزمة دستورياً للحكومة، من أبرز ضحايا سياسة التطور الرأسمالي المنفلت، الذي تعتمده منظومة المحاصصة، وبالشكل الذي يخدم الطفيليين ويضاعف أرباحهم ملحقاً الضرر بملايين المرضى من العراقيين، وهو ما يؤشره الإستيراد والتسويق العشوائي للأدوية والقصدية في رفع أسعارها أو إخفائها.

**********************************************************************

الصفحة الرابعة

وقفة اقتصادية.. قرارات رفع الأسعار ليست حلا

إبراهيم المشهداني

تجتاح العراق حاليا موجة عاتية من ارتفاع الأسعار وخاصة المواد الغذائية والاستهلاكية التي تشكل عناصر الأمن الغذائي يضاف لها ارتفاع أسعار الأدوية التي تحتكرها مكاتب استيراد خاصة وأضيفت لها قرارات حكومية لرفع أسعار البنزين المحسن وفرض ضرائب جديدة على 85 جهة مع غرامات متعسفة على المخالفات المرورية والرسوم الحكومية مما تضيف أعباءً جديد تثقل كاهل المواطنين.

فقد اتخذت الحكومة العراقية في الفترة الأخيرة طائفة من القرارات بدون خطوات تمهيدية ودراسة متبصرة لأثارها الاقتصادية والاجتماعية ومن بينها الزيادة الكبيرة في أسعار البنزين المحسن بنوعيه المحسن والممتاز مع ان العراق قد اكتشف النفط قبل مائة عام، وقد اقترنت بهذه القرارات قرارات أخر ففي خطوة لا تقل مفاجأة أعلنت الهيئة العامة للضرائب في العراق عن توجُّه الحكومة إلى تحصيل الضرائب من 85 جهة جديدة لم تُشمل سابقاً ضمن جباية الضرائب، من بينها شركات سيارات التاكسي والإعلانات وعلى المشاهير والفنادق والمطاعم، مع ان النظام الضريبي ما زال بدون تعديل ليكون تصاعديا يطال الفئات عالية الثراء حديثة التكوين، زد على ذلك قرارات فرض غرامات عالية على المخالفات المرورية وهذه الإجراءات بدورها ستزيد من أجور النقل وستنتقل الزيادات إلى مختلف القطاعات الأخرى، وكل هذه الإجراءات أتت في وقت انخفضت فيه مداخيل المواطنين إلى أكثر من 25 في المائة وهي بالأصل كانت منخفضة بسبب انخفاض قيمة الدينار نتيجة ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الدينار مضافا إليه ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق الموازي الذي عجزت الحكومة عن معالجة هذه الإشكالية حتى الآن.

 ويبدو للمتابعين أن هذه القرارات لم تتخذ باستقلالية تامة بعزل عن توصيات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والتي كان آخرها وليس أخيرها التوصية التي صدرت في 3 اذار 2024 المتضمنة التقليل من الاعتماد على الإيرادات النفطية والعمل على زيادة الإيرادات غير النفطية محذرا من زيادة كبيرة في مواطن التعرض لتقلبات أسعار النفط وتأثيرها المحتمل حال انقطاع مساحات النقل او الحاق الضرر بالبنية التحتية النفطية، ودعا الصندوق إلى زيادات الصادرات غير النفطية والإيرادات الحكومية وهو يدرك تماما ان الدولة لا تملك القدرة على زيادة في الصادرات بسبب تراجع وتردي قطاع الإنتاج الحقيقي. لهذه الأسباب لجات الحكومة الى تنفيذ التوصيات الأخرى المتعلقة برفع الأسعار وفرض ضرائب جديدة وتوسيع دائرة الغرامات والرسوم كما فعلت بعد أزمة عام    2014، والحكومة تدرك آثار هذه القرارات والاجراءات على الشرائح الاجتماعية الأوسع في المجتمع وان تواتر هذه القرارات سيزيد من عدد العراقيين تحت خط الفقر البالغ عددها حاليا 13 مليون نسمة، وتأتي في ذات الوقت الذي تعجز فيه الدولة عن تحسين الخدمات او رفع الأجور والرواتب بما يقابل هذه الأعباء التي فرضتها الحكومة ولا يستطيع المواطنون تحمل أعبائها الثقيلة.

وحسب تصريحات وزارة التخطيط فإن نسبة التضخم أقل من 7 في المائة للفترة من آب 2021 لغاية اب 2022 وهو رقم يقل عن تصريح سابق يشير إلى نسبة 8 في المائة، أما معدلات التضخم القطاعية فهي تشكل 11 في المائة في المواد الغذائية ومعدلاته في أسعار السكن والماء والكهرباء 10 في المائة وفي مستوى النقل 17 في المائة اما في الخدمات الطبية والصحية فتبلغ 28 في المائة بالمقارنة مع تموز في عام 2019.

الحكومة مطالبة بمراجعة هذه القرارات ودراستها مرة أخرى كما أن البرلمان مطالب هو الآخر بالتنسيق مع الحكومة في البحث عن بدائل أخرى، وعلى سبيل المثال أن تقوم الحكومة بالتخطيط لإنتاج البنزين المحسن والتوقف عن استيراده من الأردن او ايران او أية دولة أخرى من خلال المصافي التي تم إنجازها سواء الحكومية او الاستثمارية وإعادة النظر في النظام الضريبي للتخفيف عن المشاريع الناشئة لتشجيعها على التوسع في إنتاجها مع الضغط بكل ثقلها لمراجعة السياسة النقدية وإعادة العافية للدينار العراقي وكل ما من شانه التخفيف عن كاهل الشرائح الفقيرة والمتوسطة.

**********************************************************************

النقابة تحذر من مخالفة القرارات والقوانين الضابطة للعمل والأجو.. أطباء يهجرون القطاع الحكومي طمعا بامتيازات المجمعات الطبية الأهلية

بغداد – تبارك عبد المجيد

يلجأ الكثير من الأطباء العراقيين إلى ترك الوظيفة الحكومية والانسحاب إلى القطاع الخاص، الذي يتراجع هامش خطر التعرّض للعنف المجتمعي بنسبة كبيرة، إلى جانب امتيازاته المادية في ما يخص أجور العمل التي تصل إلى ضعف الراتب الحكومي.

تكاليف تزيد المرضى ألماً

تقول سجى عامر (مصابة بالسرطان)، أنها مجبرة على المراكز الطبية الأهلية، بالرغم من كلفها الباهظة، وذلك بسبب «قلة الأدوية والعلاجات في المستشفيات الحكومية». وتضيف عامر في حديث مع مراسل «طريق الشعب»، أنّ «الأسعار مبالغ فيها، حيث يصل سعر أحد التحاليل إلى 600 ألف دينار، مبينة أنها تنتظر لأسابيع من أجل إجراء بعض التحليلات الخاصة.

وتؤكد المريضة، أن أجور «كشفية» الطبيب تزيد على 50 ألف دينار في مناطق الحارثية والمنصور وشارع فلسطين، لافتة إلى أن بعض المرضى يضطرون لتحمل الآلام والانتظار لأجل إجراء التحاليل المرضية في المختبرات الحكومية، برغم ان بعضها غير متوفر في القطاع العام أصلا.

 

نقابة الأطباء: تسعيرتنا محددة

وفي حديث مع نقيب أطباء العراق الدكتور عقيل شاكر محمود، بيّن أن «النقابة حددت سابقاً بموجب امر نقابي أجور الكشفية لدى الأطباء بمبلغ 10 ـ 15 ألف دينار للطبيب الممارس، و15 - 25 ألفا للطبيب الاختصاصي، و25 - 40 ألف دينار للطبيب الاستشاري»، مهددا بأن من يتجاوز هذه التسعيرة ويخالف التوجيه النقابي يتم اتخاذ الإجراءات القانونية بحقه وفقا للقانون.

وقال محمود في تصريح خصّ به «طريق الشعب»، ان النقابة تنتظر تبليغات المواطنين وشكاواهم على مخالفات الاطباء في مناطق بغداد، مؤكدا أن اللجان النقابية والاشراف المهني تجري جولات تفتيشية بشكل مستمر في مختلف المناطق، للتحقق من التزام العيادات الخاصة بالقرارات النقابية.

أطباء يفضلون القطاع الخاص

ويتحدث الدكتور أحمد الفضل (طبيب اختصاص) عن أسباب تفضيل الأطباء العمل في المجمعات الطبية الخاصة، قائلا إنها تمنحهم أجورا جيدة، كما أن كثيرا من المرضى يفضلون تلك المجمعات، التي تصنع دعاية إعلامية مناسبة للأطباء.

ويبرر الفضل انسحابه من القطاع العام إلى الخاص بأن الراتب الحكومي للطبيب بعد خدمة 10 سنوات والحصول على شهادة البورد مع اللقب العلمي لا يتجاوز 1.5 مليون دينار عراقي شهريًا، في حين ان أجوره في القطاع الأهلي تزيد على ضعف هذا الراتب.

ويذكر الفضل في حديث مع مراسل «طريق الشعب»، سبب ارتفاع أسعار العلاجات، قائلا: إن «الدواء يمر بعدة مراحل قبل أن يصل الى القطاع الخاص ومن ثم المريض، حيث يبدأ من خطوة شرائه من قبل المكتب الدوائي ثم فحصه عن طريق وزارة الصحة ثم تسويقه عن طريق المندوبين والمذاخر الطبية، ما يزيد من سعر الدواء بشكل ملحوظ»، مؤكدا انه «برغم عمليات التفتيش وفرض السيطرة على أسعار العلاج بين فترة وأخرى، إلا أنّ السعر يبقى مرتفعا نسبيا».

ويعلّل الطبيب ارتفاع أجور المعاينة في المجمعات الطبية بارتفاع إيجار العيادة داخل المجمع في المناطق الطبية الحيوية، والذي يصل إلى 1600 دولار أو أكثر شهرياً، وبالتالي فان أصحاب تلك المشاريع يحملون المراجع تلك التكاليف الباهظة.

ويصل ارتفاع مباني المجمعات الطبية إلى خمسة طوابق أو أكثر، وهي تتألف من عشرات العيادات المتجاورة، وتعد الحارثية وساحة الواثق وساحة بيروت، مناطق رئيسية للأطباء في العاصمة بغداد.

يشار الى ان المادة 5 من قانون مزاولة مهنة الصيدلة رقم 221 لعام 1970 الساري حتى اليوم، تنص على ألا تقل مساحة الصيدلية عن 20 متراً مربعاً، ولا تقل المسافة بين صيدلية وأخرى عن 50 متراً.

**********************************************************************

العراق - بلد نفطي بنزينه غالٍ وغازه مُبدد!!!

إحسان جواد كاظم

مفارقة غريبة تغلق على الفهم، بلد منتج ومصدر للنفط، ترفع حكومته أسعار منتوجاته من وقود السيارات على شعبه.

المعلومة البديهية التي يعرفها كل إنسان، ولا تحتاج لخبير اقتصادي، أن ارتفاع أسعار المحروقات، ببساطة، معناه ارتفاع أسعار كل السلع والخدمات وكذلك التضخم.. لذا فإن أسباب الاستياء الشعبي من هذا القرار تستند على أولاً: أن العراق بلد منتج للنفط ومشتقاته ومن أبرز المصدرين لها، لذا فلا وجود مبرر لرفع الأسعار. ثانياً: أن الشعار الرئيسي التي طرحته الحكومة عند تشكيلها انها « حكومة خدمات «.. وأنها جاءت للتخفيف عن كاهل المواطن، فما بالها تمعن في إفقاره وهو يرزح تحت مستويات فقر غير معهودة في بلد نفطي؟  لذا كان إعلان القرار غير مدروس العواقب ويناقض ويجافي كل البروباغاندا الحكومية.

لابد هنا عدم إغفال أمر بالغ التأثير على ميزانية المواطن بعد ارتفاع الأسعار والتضخم المصاحب لها والمنعكسة على أسعار المواد الغذائية واللوازم والخدمات، إنها سوف لن تتراجع إلى حدودها السابقة حتى لو تراجعت الحكومة عن قرارها لأي سبب من الأسباب، وهذا يعني بالضرورة بأن المواطن اليوم كما الحكومة أصبحا تحت رحمة قانون السوق الذي لا يرحم.

وللعلم، يُشير خبراء أن التضخم السنوي من يناير عام 2023 إلى يناير عام 2024، شهد ارتفاعا بنفس النسبة التي بلغت 0.4%، وكان معدل التضخم السنوي قد سجل 4.5%.

أشار البيان الحكومي لأسباب رفع اسعار البنزين هي لتمويل الخدمات والمشاريع، وتشجيع المواطن على استعمال الغاز بدلاً من البنزين كوقود لمركبته وكأن هذه النوعية من الوقود متوفرة في محطات التعبئة هذا غير ضرورات تحوير فني في السيارات لتصبح قادرة على استخدام الغاز. وبعيداً عن التكاليف الإضافية على المواطن، فهل وفرت الدولة ورش كافية لتحوير المركبات؟

وأشار القرار الحكومي أنه جاء أيضاً لدفع المواطن للتنقل بواسطة وسائل النقل العام، فهل من حافلات كافية لتغطية الحاجة لها؟ لا سيما ان الحديث يجري عن وجود ثمانية ملايين سيارة تجوب طرق العاصمة مما يسبب الاختناقات المرورية، فهل يعني قبول نصفهم النصيحة الحكومية والتخلي عن مركباتهم سيحل المشكلة؟ هناك شك في ذلك.

عملياً، كل مواطن كان سيتفق مع النوايا الحكومية المعلنة بتشجيع التنقل بالسيارات العمومية وتقليل الاختناقات المرورية وتحسين البيئة بتقليل الانبعاثات الكربونية وتسميم الأجواء، على أن لا تكون على حسابه فقط…

إن الإجراء الأنجع الذي كان ينبغي على الحكومة القيام به هو تقنين حركة سيارات المسؤولين ونواب البرلمان وتضرب بذلك عصفورين بحجر، بتوفير عبء تكاليف تعبئة مركباتهم وخدمتها الباهظة برفع الدعم الحكومي المجاني، لحصر استعمالها العشوائي وحسب الأهواء، لاسيما وان السيارات المصفحة ثقيلة وكذلك غيرها من جكسارات.. تستعمل البنزين المحسن عالي الجودة ومخازن وقودها أشبه ببالوعة تصرف الكثير من الوقود، وتلويثها للبيئة تكون بالغة. وكذلك تحجيم حركتها حل للكثير من العقد المرورية.

قيل إن القرار الحكومي جاء استجابة لشروط البنك الدولي على الحكومة العراقية برفع دعمها للمحروقات مقابل الموافقة على قرض تعزم الحكومة اقتراضه منه، ولكن الإعلان، بوقت متزامن، عن توقيع عقد مع الجمهورية الاسلامية لتزويدنا بالغاز، بأسعار عالية وبشروط أقل ما يمكن أن يقال عنها مجحفة، ولا تطمن مصالح العراق، تبدو متناقضة وشيء لا يشبه شيئا. فمن جانب فرض ضريبة والتقتير على المواطن وتحميله تكاليف إصلاح لم تظهر ملامحه بعد، ومن جانب آخر كرم حاتمي مبالغ به وتسهيلات في الاتفاقيات مع دول مستفيدة من ثرواتنا النفطية أو أموالنا لشراء مشتقات، لفائدتها.  وهي تتعارض، بالنتيجة، مع ما تسعى إليه الحملات الإعلامية الواسعة المروجة لحكومة السوداني وتلميع انجازاتها، وهي كذلك تتناقض مع الأهداف العامة للإصلاح.

إن غياب الشفافية المزمن لدى السلطات الحاكمة على مر أكثر من عشرين سنة فتح باب التكهنات مشرعاً امام كل من يريد أن يدلو بدلوه سواء من الخبراء او المواطن البسيط وهو حق له لأنه أول من يدفع فاتورة هذه القرارات.

لذا تجدنا امام ظنون مشروعة: إما أن السيد محمد شياع السوداني كرئيس للوزراء يتعرض لضغوط من حلفائه بعدم التمادي والاندفاع على طريق البناء والإصلاح واستنفاد مصادر ثرائهم، او أن القرار الحكومي أعلن لجس نبض الشعب أو ربما للتغطية على حدث أو إجراء مبيت قادم أكثر إيلاماً…أو الرغبة في تسجيل نجاح سياسي لحكومة السوداني بعد تراجعها، بعد حين، وإلغاء رفع الأسعار بدعوى الانصياع للسخط الشعبي، لزيادة أسهم حكومته والائتلاف الذي يقف وراءه، وتسويقها كقاطرة حقيقية للإصلاح.

وبينما بدد الدكتاتور البائد أموال وثروات العراقيين في حروبه العبثية ونزعاته التوسعية، فإن أحزاب المحاصصة البغيضة التي قامت بعد سقوطه، قد جعلت ثروات ومقدرات البلاد مغنماً لها وحكراً عليها وعلى أبنائها دون غيرهم من المواطنين…وما علينا كعراقيين سوى القبول بالمقسوم واكمال حياتنا من دون دراما ومن دون قرع طبول.

تساءل إرنست همنغواي في روايته الشهيرة « لمن تقرع الأجراس؟». نجيب:

في الحقيقة تقرع أولاً للمواطن المتضرر للتحسب من القادمات ووعي حقوقه.

تقرع ثانياً للحكومة التي قد تتجاهل الغضب الشعبي عندما تصل الأمور إلى سلب قوتها!!!

************************************************************************

الاقتراض ومخاطره على الاقتصاد الوطني

خليل ابراهيم العبيدي

أعلن السيد مظهر محمد صالح، مستشار السيد رئيس الوزراء مؤخرا أن الدين الخارجي للعراق، هو 20 مليار دولار، وان التوجه ماض  للتسديد في السنوات القادمة، كما وأن الدين الداخلي بلغ 50 مليار دولار، وهو ليس بالخطورة التي يشكلها الدين الخارجي، مفيدا أن الدين الخارجي لا يشكل إلا 30 بالمئة من الناتج القومي، أي أن مجموع الدين العام يبلغ 70 مليار دولار..

بالنظر لعدم وجود إحصائيات دقيقة عن الناتج القومي أو الدخل القومي لدى وزارة التخطيط، فإن مقارنة الدين العام يجب أن تكون مع إجمالي الدخل القومي من جهة ومع ما يشكله إيراد النفط على إجمالي هذا الدخل، كما وان فقدان الشفافية الحكومية يدفع بالمراقب للتشكيك في هذه الأرقام سيما وان الدين الخارجي أكثر بكثير من المعلن، وان الدين الداخلي مؤلم، لأنه ناتج عن فشل الجهد الحكومي في إنتاج الخيرات خارج عائدات النفط، خاصة وأن النفط حسب المعلن حكوميا يشكل 93 بالمئة من الموازنة السنوية.

السيد المستشار، قبل كل شئ أود أن أذكر المتابع أن القرض البريطاني المستحصل عام 2016، بلغ لوحده 12 مليار دولار، ولم نعلم بأية مشاريع استخدم، وكذا القرض الياباني والاسباني والفرنسي والحبل على الجرار، هذا باستثناء قروض البنك الدولي المكلفة للأمن الوطني والسيادة، إضافة إلى أواخر القروض المستحصلة من اليابان لإنشاء منظومة المياه العذبة في المثنى.

إن التفاؤل بتسديد القروض لا يمكن أن يرقى إلى ما ذهب إليه نادي باريس باتجاه تسديد الديون السابقة، المشكلة سيدي المستشار تتعلق بأمرين لا ثالث لهما، الأول.. إن الاعتماد على النفط هو سياسة متعمدة لجعل العراق تحت رحمة التقلبات اليومية للأسعار، وأن هذا الاعتماد جعل اقتصادنا اقتصاد الفقاعة، سوف ينفجر في المستقبل إذا ما هبط سعر النفط إلى الحضيض. والثاني ...إن الحكومات المتعاقبة لم تكن إلا حكومات فقاعة هي الأخرى تنفجر باتجاه الاقتراض وتلجأ إلى زيادة الفقير فقرا بالرسوم والضرائب. ولو كفت الحكومة شهرا دون توزيع الرواتب والأجور لانفجر الوضع بالويل والثبور، وستغلق الأسواق ويحصل المحظور.

والكل يعلم أن سوق بلادنا تتعمد على هذه الرواتب وتلك الأجور، لا عائدات الإنتاج المحلي أو تصدير الثلاجات والتمور.

المولات لا تبني الاقتصاد والمعامل تنتج الخيرات، الاستثمار يعني إعادة توظيف الأموال باتجاه الإنتاج، لا باتجاه العمارات وتكديس السكان في بغداد، انت قبل غيرك تعرف أن العمل أساس القيمة، واليوم العمل غائب، والاستيراد حاضر، والعراق هو الخاسر، والديون هي ديون أكانت خارجية ام داخلية، لأنها مقياس أفكار الحكومات، وأنها أخيرا لم تعد عند حكوماتنا في خانة المحرمات.

************************************************************************

الصفحة الخامسة

دخان مسرطن ومطامر نفايات ونهر أسود تلوّث كارثي يحاصر مناطق جنوب شرقي بغداد

متابعة – طريق الشعب

أدخنة سوداء خانقة مسرطنة تنفثها معامل الاسفلت والطابوق، ومطامر صحية تحتل أراضي واسعة، ونهر تحوّل إلى مصب لمياه المجاري.. وسط هذه البيئة الملوثة بمختلف أنواع الملوثات الهوائية والمائية والترابية، يعيش سكان مناطق جنوب شرقي بغداد. الأمر الذي ينذر بمخاطر كبيرة على الصحة العامة والبيئة.

ويعاني العراق في مجمله، ارتفاع معدلات التلوث البيئي، إضافة إلى مخاطر الجفاف والتصحر. إذ تعتبر البلاد - وفقا لدراسة أعدتها شركة IQ Air السويسرية المعنية بقضايا تنقية الهواء عام 2022 – ثاني أكثر بلدان العالم تلوثا. فيما تحتل بغداد المرتبة 13 في قائمة أكثر مدن العالم تلوثا.

مياه ممرضة وأجواء كبريتية!

يقول المواطن سامر محمد، وهو من سكان مجمع بسماية، أنه تخلى عن استخدام مياه الإسالة لـ”عدم صلاحيتها للاستهلاك البشري، وتسببها في أمراض جلدية”، مبينا في حديث صحفي أن السكان يضطرون إلى شراء الماء المفلتر (آر أو)، لاستخدامه في الشرب والطبخ، الأمر الذي يثقلهم بأعباء مالية إضافية.

فيما يقول المواطن عامر إبراهيم، وهو أيضا من سكان المجمع، أنه “في أحيان كثيرة يتحوّل لون السماء إلى الرمادي وتنتشر في الجو روائح كبريتية خانقة. وبعد التحري عن الأمر تبين لنا أن هناك معامل اسفلت وطابوق غير نظامية، تحاصرنا وتنفث أدخنتها في أجوائنا”.

كلام إبراهيم أكده “مرصد العراق الأخضر” المعني بالبيئة على مدار العام الماضي. إذ أوضح في بيان صحفي أن “شكاوى عديدة وردتنا من أهالي مجمع بسماية، الذي يقطنه نحو 100 ألف نسمة، حول وجود تلوث بيئي في المجمع بسبب معامل الطابوق والإسفلت القريبة منه، والتي تقع في قرية 10، وكذلك في جرف النداف ضمن قضاء المدائن”.

وأضاف المرصد أن “هذه المعامل تخالف تعليمات وزارة البيئة والمنهاج الوزاري للحكومة”.

وبحسب عضو المرصد عمر عبد اللطيف، فإن هذه “المعامل لا تزال تواصل عملها على قدم وساق دون مراعاة الشروط البيئية. فهي تطرح ثاني أكسيد الكبريت واكاسيد النيتروجين، ما يزيد من تلوث هواء العاصمة بصورة كبيرة ويخلق أضرارا مضاعفة”.

 وتستخدم هذه المعامل الوقود الأحفوري، وتشغّل عمالها ساعات طويلة فوق المعتاد – حسب ما تنقله وكالات أنباء.

نهر أسود قاتل!

أما في منطقة جسر ديالى، فيشكو السكان من التلوث الكبير في نهر ديالى الذي يخترق منطقتهم، والذي أصبح مجرى للمياه الثقيلة، ومصدراً للأمراض والأوبئة والروائح الكريهة، مؤكدين أن مياه النهر التي تحوّلت إلى اللون الأسود، لم تعد صالحة أبدا حتى للاستخدامات الحيوانية والزراعية.

ويقوم مشروع مجاري الرستمية بتصريف مياه الصرف الصحي القادمة من مناطق شرقي بغداد، في نهر ديالى، من دون معالجة كافية، ما حوّل النهر، الذي كان مصدرا مائيا مهما للزراعة وتربية الحيوانات فضلا عن الاستخدامات البشرية، إلى بؤرة تلوّث قاتلة تهدد حياة ما يقارب 200 ألف إنسان.

ليس هذا وحسب، فأكتاف النهر وضفافه تحوّلت أيضا إلى مكبات للنفايات. والمفارقة هي أن مسؤولين محليين – حسب ما تنقله وكالات أنباء – يؤكدون أن لا ذنب للسكان في رمي مخلفات الصرف الصحي والنفايات في النهر. فالمؤسسات الحكومية هي من تقوم بذلك، نظرا لتقادم وتهالك محطات معالجة المياه الثقيلة، وخروج بعضها عن الخدمة.

وتنقل وكالات أنباء عن عدد من سكان المنطقة، قولهم أن مياه النهر أصبحت ملوثة بنسبة 100 في المائة، وان هذا التلوث بات مسببا رئيسا لمرض الكوليرا، الذي ينتشر في مناطقهم بشكل كبير.

فيما تنقل عن مزارعين القول ان “الزراعة في المنطقة لم تعد تعتمد على مياه نهر ديالى، إنما على طرق بديلة، ومنها حفر الآبار”.

وفي كانون الأول 2023 اعلنت منظمة اليونيسف عن افتتاح 8 محطات لمعالجة مياه الصرف الصحي في مدينة الطب، مبينة أنه “كان يتم تصريف وإلقاء أكثر من 2300 متر مكعب من مياه الصرف غير المعالجة، يوميا في نهر دجلة، ما يزيد من تدهور الموارد الطبيعية وتعرض السكان والأطفال الى مخاطر صحية جمة”.

مطامر صحية

وتقع في محيط مناطق جنوب شرقي بغداد، مطامر صحية تحتل أراضي واسعة ليست بعيدة عن السكان. ومنها مطمر النفايات والأنقاض الواقع في الرستمية، والذي أصبح مصدرا لتلوث الهواء والتربة والماء، وبؤرة للجراثيم والأوبئة. 

وتشدد المعايير الدولية لطمر النفايات والانقاض على ضرورة تخصيص أماكن بعيدة عن المناطق السكنية، ووضع أساسات من الاسمنت لمنع تسرب الجراثيم والملوثات إلى التربة ومياه الشرب. فيما يلفت خبراء في المجال البيئي، إلى أن ترك النفايات مكشوفة لأيام، يولد بيئة ملوثة تنتقل جراثيمها إلى البشر عبر البعوض والحشرات الأخرى.

ويؤكد الخبراء – حسب وكالات أنباء – ان “90 في المائة من التلوث الموجود في مناطق حزام بغداد، سببه انتشار مواقع طمر نفايات غير صحية”.

ويُطمر معظم نفايات العاصمة في موقعين، الأول يقع في منطقة النباعي شمالا، ويستوعب نحو 7 آلاف طن يوميا. والآخر يقع في منطقة النهروان جنوبا، ويستوعب قرابة 3 آلاف طن يوميا.

وحسب مدير إعلام أمانة بغداد محمد الربيعي فإن آليات الأمانة ترفع يومياً أكثر من 9 آلاف طن من النفايات من جميع مناطق العاصمة.

جدير بالذكر، أن العراق يسجل منذ سنوات ارتفاعا كبيرا في نسب الأمراض السرطانية والتنفسية والباطنية. ويعزو اختصاصيون في المجالات الصحية والبيئية أسباب هذا الارتفاع، إلى التلوث الكبير الذي يخيم على البلاد، والذي يشمل الهواء والماء والتربة.

****************************************************************************

ذي قار.. منطقة «آل ونيس».. مياه ملوثة وطريق موحل

متابعة – طريق الشعب

 

تعاني منطقة “آل ونيس” الواقعة في أطراف ناحية الطار بقضاء سوق الشيوخ جنوبي ذي قار، واقعا خدميا سيئا للغاية. فمياه الشرب تصل إلى الأهالي صفراء اللون ملوثة، والكهرباء متردية. فيما الشارع الوحيد الموجود في المنطقة، يصبح موحلا خلال المطر.

يقول المواطن عايد جعاز، أن “من بين أبرز المشكلات الخدمية التي نعانيها، تردي شارعنا الرئيس. فخلال موسم الأمطار يمتلئ الشارع بالوحل، ما يشل حركتنا تماما”.

ويضيف في حديث صحفي قائلا، أن “المشكلة الأخرى هي الماء. فمياه الأهوار الملوثة تعود إلى نهر الفرات، وتتركز في مناطقنا. لذلك يصلنا الماء ملوثا غير صالح للاستخدام حتى في الأمور المنزلية”، مبينا أن “ماء الإسالة يصلنا بشكل متقطع، ولا نعلم ما هي الأسباب. ربما بسبب توقف مضخات محطة الإسالة، أو لكثرة سحب المياه من قبل المنازل”. فيما يقول المواطن مصطفى عبد الإمام، أن “منطقتنا تضم 50 منزلا، وهي من أفقر مناطق ذي قار من الناحية الخدمية. فشارعنا الوحيد غير مبلط، وأطفالنا لا يستطيعون الذهاب إلى مدارسهم خلال المطر”.  ويشير إلى ان “شبكة ماء الإسالة بحاجة إلى أنبوب رئيس إضافي. أما بالنسبة للكهرباء، فنحتاج إلى محولة إضافية وأسلاك وأعمدة جديدة. فالتيار يصلنا ضعيفا في الصيف، بسبب كثرة الأحمال”. من جانبه، يقول المواطن عدنان عايد، أن “ماء النهر يصلنا أصفر اللون، بسبب مياه الأهوار الملوثة التي تصب في الفرات”.

************************************************************************

جنوبي بغداد قلق من انهيار «جسر الرواجح»

متابعة – طريق الشعب

يعاني “جسر الرواجح” الذي يخدم عددا من المناطق الزراعية في جنوبي بغداد، تهالكا في بناه التحتية، ما يجعل السكان قلقين من انهياره في أية لحظة، لا سيما بعد أن ظهرت على سطحه فتحة كبيرة نتيجة انقلاب سيارة حمل عليه.

ويربط هذا الجسر مناطق صدر اليوسفية والدويليبة والرضوانية الشرقية بالطريق المؤدي إلى جسر بزيبز في قضاء العامرية بمحافظة الأنبار.

ويؤكد الأهالي أن هذا الجسر له أهمية كبيرة، وتسير عليه يوميا مركبات كثيرة محملة بالمحاصيل الزراعية، مبينين أن هناك جسرا بديلا اسمه “جسر الرفوش”، لكنه بعيد عن مناطقهم. 

يقول المواطن عماد الزوبعي، وهو من سكان الدويليبة، أن الجسر متهالك منذ ما قبل أحداث داعش، وقبل نحو 10 أيام انقلبت عليه سيارة حمل صغيرة، ما أدى إلى حدوث فجوة كبيرة على سطحه. وهذا يعني أن المرور من الجسر بات خطيرا للغاية”.

ويطالب المواطن الجهات المعنية، بتأهيل الجسر، الذي يعد ممرا مهما لنقل المحاصيل الزراعية من مناطق البساتين والمزارع.

*******************************************************************

سفوان.. مواطن يشكو من تهور بعض سائقي الشاحنات

متابعة – طريق الشعب

شكا مواطن في ناحية سفوان غربي البصرة، من تهور بعض سائقي مركبات الحمل الذين يمرون من الطريق السريع في الناحية، مبينا أن هناك سائقين يسيرون عكس اتجاه السير، وبسرعة تتجاوز المعدل الطبيعي.

وأضاف في حديث لوكالة أنباء “المربد”، قائلا أن السائقين قاموا بإزالة أجزاء من السياج الحديدي في الجزرة الوسطية، لغرض فتح استدارات غير نظامية، مشيرا إلى ان الطريق يفتقر للإنارة، ما يشكل خطورة على المارة خلال الليل.

ويلفت المواطن إلى أن بعض السائقين لا يغطون أحمالهم، ما يتسبب في سقوطها، أو تطايرها بالنسبة للمواد الإنشائية كالرمل والحصى، الأمر الذي يربك السيارات الصغيرة التي تمر من جانبهم.

وناشد المواطن مديرية مرور البصرة متابعة هذه المخالفات.

**********************************************************************

قبل تكرار فاجعة الهارثة منطقة في الكوت  تطالب بجسور مشاة

متابعة – طريق الشعب

طالب عدد من أهالي حي الحكيم شرقي مدينة الكوت، الجهات المعنية بنصب جسور للمشاة على طريق الكوت – ميسان، الذي جرى افتتاحه أخيرا، مبدين قلقهم على أطفالهم التلاميذ، الذين يضطرون إلى عبور هذا الطريق السريع سيرا للوصول إلى مدارسهم.

يقول المواطن حسين علاوي، أن “هذا الشارع الذي يبلغ عرضه حوالي 20 مترا، يفصل بين منازلنا ومدارس حي الحكيم الأربع”، موضحا في حديث صحفي أن “عبور الشارع سيرا خطير جدا. ونحن دائما ما نكون قلقين على أطفالنا. فما حدث في الهارثة يدق ناقوس الخطر ويدفعنا للمطالبة بنصب جسور للمشاة على هذا الطريق”.

ويؤكد علاوي ان الطريق شهد حوادث دهس، ضحاياها من الأطفال وكبار السن.

من جانبه، يقول مسؤول القسم البلدي لـ “حي الحكيم” لطيف الگشاوي، أنه “تردنا مناشدات كثيرة من أهالي حي الحكيم بخصوص إنشاء جسور للمشاة على طريق الكوت – ميسان. فهذا الشارع سبق ان شهد حوادث مرورية نتيجة السرعة العالية للسيارات وعدم وجود مطبات صناعية”.

ويضيف في حديث صحفي قائلا أنه “ناشدنا الجهات المعنية توفير 3 جسور على الأقل، خصوصاً بالقرب من المدارس، حيث يوجد في الجانب الأيسر من الشارع حوالي 6 مدارس”.

****************************************************************************

صلّحوا سياج جسر الخضراء قبل وقوع كارثة!

متابعة – طريق الشعب

يشكو سكان حي الخضراء غربي بغداد، من تهالك سياج الجسر الرابط بين حيهم وحي الجامعة عبر خط سريع صلاح الدين (حي العامل – الشعلة)، مبينين أن هناك أجزاء من السياج مفقودة ما يهدد بكارثة في حال وقع حادث مروري على الجسر أو فقد أحد السائقين السيطرة على مركبته.

يقول المواطن سيف أبو أنور، أنه “قبل نحو 7 سنوات سقطت من الجسر مركبة حوضية خاصة بنقل المياه، وتوفي السائق فورا”،  محذرا من تكرار مثل هذا الحادث فيما إذا بقي الجسر من دون صيانة.

أما المواطن عباس يوسف، فيقول أنه “من الضروري بناء سياج متين للجسر، كأن يكون من الكونكريت، وبارتفاع لا يقل عن متر ونصف المتر. فالسيارات تمر مسرعة، والسقوط من الجسر يعني الموت فورا”.

************************************************************************

شكر وتقدير

تتقدم اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في الديوانية بالشكر والتقدير للرفيقين جابرهادي (ابو لهيب) ونعمة سلمان (ابو ماجد)، ولعائلتي الرفيقين نضال الدعمي وعزيز الجحيشي (ابو رافد)، على تبرعهم بمكتباتهم الخاصة إلى مكتبة الحزب في الديوانية، وإغنائها بمصادر قيمة.

***********************************************************************

مواساة

  • تعزي اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في واسط الرفيق ستار ياسين كاظم بوفاة شقيقته. كما تعزي بهذا المصاب الرفيق علي جبار ياسين، كون الفقيدة عمته.

الذكر الطيب للفقيدة والصبر والسلوان لذويها.

  • تعزي اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في النجف، الشخصية الوطنية وصديق الحزب الاستاذ عبد الوهاب صالح الجنابي بوفاة زوجته.

للفقيدة الذكر الطيب ولأهلها الصبر والسلوان.

كذلك تنعى اللجنة المحلية الرفيق والشخصية الوطنية حسن كركور عنوز.

له الذكر الطيب ولأهله ورفاقه الصبر والسلوان.

******************************************************************************

الصفحة السادسة

في جلسة حوارية لمناسبة الذكرى الـ 90 لتأسيس الحزب.. رائد فهمي: القوى المُتنفذة لا تملك منهجا يعالج مشكلات بنية النظام السياسي

بغداد ـ طريق الشعب

على شرف الذكرى الـ 90 لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي، احتضنت حدائق مقر اللجنة المركزية للحزب في ساحة الأندلس، وسط بغداد، في 31 آذار ٢٠٢٤، أمسية حوارية مفتوحة أدارها الإعلامي علي المهنا، وتحدث فيها الرفيق رائد فهمي، سكرتير اللجنة المركزية للحزب.

وقبل بدء الحوار، رحّب الرفيق مفيد الجزائري بالحاضرين، وقال إن مناسبة 31 آذار 1934 هي حدث كبير في تاريخ الشيوعيين العراقيين وبلادهم، حيث تأسست قبل 90 عاما «لجنة مكافحة الاستعمار والاستثمار». وبعد اقل من عام على ولادتها اختارت لنفسها الاسم الأدق تعبيرا عن طبيعتها وجوهر رسالتها وهو «الحزب الشيوعي العراقي» الذي خاض نضالات كبرى من اجل حقوق الشعب العراقي والاستقلال، ومن اجل بناء الوطن وتقدمه وازدهاره.

بعد ذلك بدأت الجلسة الحوارية التي حضرها جمع من ممثلي القوى السياسية العراقية والرفاق والأصدقاء. وادناه ما دار فيها:

علي المهنا: في الذكرى التسعين لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي، نتحدث في هذه المناسبة عن المكتسبات التي تحققت على مدى تاريخ الحزب.

ما هي الإنجازات التي حُققت بفضل التجارب التي مرّ بها الحزب على الصعيد السياسي والاجتماعي والاقتصادي؟ وما هي الأشياء التي اكتسبها الحزب، وما هي الأشياء التي خسرها؟

رائد فهمي: أتقدم أولاً بأطيب التهاني لجميع الرفيقات والرفاق، وبشكل خاص إلى عائلات شهداء الحزب، وإلى عائلات ورفاق أنصارنا الذين خاضوا ورسموا وكتبوا صفحات مجيدة في تاريخ حزبنا، والذين بفضل دمائهم سُقيت شجرة الحزب والحركة الوطنية على مدى التسعين عامًا الماضية.

وخلال هذه الفترة، عندما نتحدث عن المكاسب، فإن الجميع يقرّ بذلك، العدو والصديق، وكل المؤرخين الموضوعيين للحركة الوطنية في التاريخ السياسي العراقي المعاصر، بأن الحزب الشيوعي العراقي كان له دور أساسي ومتقدم، سواء في الصراع الوطني في مواجهة أي شكل من أشكال التواجد والنفوذ الاستعماري داخل الوطن. كما كان مناضلًا صلبًا من أجل الديمقراطية والعدالة الاجتماعية. لذا كان نضاله وطنيًا تقدميا طبقيا وديمقراطيا، وما حققه في كل هذه السنوات لم يكن لنفسه فحسب، بل لإثراء وتأمين صلابة واستمرارية الحركة الوطنية وإغناء مضامينها.

لقد لعب مشروع الحزب دورًا أساسيًا في ما حققته الحركة الوطنية من وحدة وقدرة على الجمع بين النضال الوطني والاجتماعي.

ومعلوم أن ثورة 14 تموز، التي أعلنت بداية الاستقلال السياسي الناجز للعراق وفتحت الطريق أمام الاستقلال الاقتصادي، كان للشيوعيين دور كبير فيها من خلال تشكيل الجبهات الوطنية، جبهة الاتحاد الوطني، ورسم البرامج التي استُرشد بها إلى حد كبير حتى الثورة.

وإن الحزب لعب دورًا اجتماعيًا كبيرًا، ويُسجل للشيوعيين دورهم في إغناء الحياة الثقافية والتنوير، حيث كانوا في الصدارة وعنصرًا رئيسيًا في بناء عملية الحداثة في العراق وتصدروا الفكر التنويري في مواجهة التقاليد البالية التي تعيق التنمية والتطور والرقي بالوعي. كذلك في الموقف من المرأة والشباب.

ويعود الفضل الكبير في هذا الدور الثقافي التوعوي إلى الشيوعيين، الذين لعبوا أيضًا دورًا كبيرًا في تأسيس النقابات والاتحادات. وعند دراسة الحركة الاجتماعية، نجد أن الشيوعيين كانوا في طليعة التأسيس ولم يتحقق ذلك ببساطة بل بتضحيات جسيمة. وأن هذا الدور المرموق، الذي سُجل تاريخيًا، يُعتبر رأسَ مالٍ كبيرا للحزب الشيوعي.

 

علي المهنا: ونحن نتحدث عن الذكرى التسعين، قد نلاحظ أن هناك أحزابًا تقترب من الحزب الشيوعي في العمر. وبعد تجربة عام 2003 شهدت عملية تصدع وانقساما في العناوين، وواجهت هذه الأحزاب ظروفًا ضاغطة جعلتها غير قادرة على الحفاظ على العنوان الرئيس.

ما الذي امتلكه الحزب الشيوعي الذي مكّنه على مدى هذه السنوات من البقاء تحت عنوان واحد دون أن يتجزأ أو يكون مجرد غطاء لمجموعة من الأحزاب؟

رائد فهمي: ربما يكون أحد العناصر الرئيسة هو الأساس النظري للحزب وطبيعة مشروعه الطبقي والوطني، الذي عبّر منذ البداية عن مصالح الطبقة العاملة وفئات الشغيلة وشرائح مجتمعية واسعة تشترك في رفض أشكال الاستغلال ورغبتها في بلد يتمتع باستقلال وطني حقيقي، وعراق مزدهر خالٍ من أي شكل من أشكال الاستبداد.

وقد كانت مصالح هذه الطبقات بمثابة بوصلة استرشد بها الحزب، مستندًا إلى نظرية علمية تؤمن له دراسة الواقع واستخلاص البرامج والمهمات التي تنسجم معه، وكذلك رسم الاستراتيجيات والتكتيكات التي تعمّدت بالنضالات والدماء. كل هذا شكّل قاعدة فكرية نضالية إنسانية عززت من تماسك الشيوعيين وثبات وجهتهم. لذلك، نلاحظ أنه رغم الانعطافات الحادة التي شهدها العراق، والانعطافات السياسية الكبيرة جدًا، وحيث قدّم الشيوعيون  الآلاف من الشهداء والضحايا، ولكن في كل مرة يعاود الشيوعيون بناء تنظيماتهم ويواصلون النضال، ما يعني أنهم أرسوا جذورًا عميقة في تربة المجتمع العراقي. وخاضوا نضالا متعدد الجوانب. بمعنى أنهم لم ينطلقوا أبدًا من مصالح سياسية ضيّقة، بل نظروا إلى مصالح الحزب من خلال مصالح المجتمع العامة وخاصة مصالح الشغيلة والكادحين. والبوصلة التي يحتكم الحزب إليها هي المصالح الوطنية ومصالح الشعب العليا، وهذا عامل تحصين للحزب مكّنه من أن يصمد أمام كل الحملات، ولا نتحدث عن حملات القمع فحسب، بل عن الحملات الفكرية وحملات التشويه. واليوم، يشهد العالم تطورات سريعة ومتسارعة، والمحيط الاجتماعي والدولي يفرز أوضاعًا غير مسبوقة، مع ذلك بقي الحزب قادرًا على التعامل والتكيف والتفاعل مع هذه التطورات واستنباط الأشكال المناسبة استرشادًا بنظريته دون أن يتعامل مع هذه النظرية بجمود. بمعنى أنه يجد في التجديد عملية متواصلة. والحزب الذي لا يجدد نفسه تتجاوزه الحياة. ومن العوامل الاساسية في الحفاظ على وحدة الحزب خلال العقود الاخيرة هو ما استخلصه من دروس من تجارب الانشقاقات في المراحل الاولى بعد التأسيس وحتى ستينات القرن الماضي، فكان تطوير الديمقراطية الداخلية وآلياتها وادارة الصراع الفكري داخل الحزب مكنت الحزب من استيعاب الاختلافات والتباينات في الاجتهادات الفكرية والسياسية ضمن اطره التنظيمية، وقد حزبنا في ذلك عن الكثير من الاحزاب، على صعيد العراق، وحتى مقارنة ببعض الاحزاب الشيوعية في العالم.

علي المهنا: أي المراحل شكّلت تحديًا كبيرًا للحزب الشيوعي، ونحن الآن نتحدث عن الذكرى التسعين؟ وما هي المرحلة التي تُعتبر نقطة تحول مهمة، حيث كانت فيها المعاناة أشد؟ وهل تعتقد أن المستقبل قد يكون أفضل بكثير، أم أن التحديات ستكون أكبر؟

رائد فهمي: نقول إن التحديات تبرز لأسباب مختلفة، فالواقع يُظهر لنا تحديات كبيرة، والآن نتحدث عن قدرة الحزب على مواجهة هذه التحديات.

لقد شهد الحزب تحديات عديدة سلبًا وإيجابًا. وواجه تحدي فقدان قيادته المجربة بعد اعدام الرفاق فهد وحازم وصارم. وبعد ثورة 14 تموز، أصبح الحزب أكبر حزب في الساحة وواجه تحديات جديدة في بناء واقع جديد وتحقيق تحولات اجتماعية وتنظيم هذه الجماهير الكبيرة.

تحققت مكاسب كبيرة في تلك الفترة وحتى الآن آثارها واضحة، سواء في الإصلاح الزراعي أم السياسات الاقتصادية أم بناء قاعدة اقتصادية صناعية وقانون الأحوال الشخصية. وكان للشيوعيين دور كبير فيها. لكن كانت هناك تحديات في كيفية ضمان هذه النجاحات وكيفية تأمين استمرارها وتغلبها على المؤامرات التي حُيكت في ظل نظام عبد الكريم قاسم، الذي كان وطنيًا ولكن في الوقت نفسه كان لديه نقاط ضعف، منها الفردية وسياسة التوازنات التي سمحت، بالنتيجة، للقوى المعادية للثورة بأن تنجح في انقلابها الأسود في 8 شباط عام ١٩٦٣.

وكانت هناك حملة على الحزب طالت الآلاف من الشيوعيين والديمقراطيين وزجّ بهم في السجون والمعتقلات واقبية التعذيب واستشهد الرفاق سلام عادل والحيدري والعبلي وغيرهم الكثير من قادة الحزب وكوادره، وحاولوا تفكيك وإبادة الحزب. وبعدها طُرح تحدي كيف يعيد الحزب نفسه ونجح في ذلك. وفي عام 1968 كان هناك تحدي آخر، وجاء حزب البعث بلون ووجه آخر وخاض الحزب التجربة بنجاحاتها وإخفاقاتها،  حتى عام 1979 حيث حصل  انعطاف كبير آخر. وكانت هناك أيضا كيفية مواجهة عمليات التصفية التي يواجهها الحزب وظهرت قدرة الحزب على خوض مختلف أشكال النضال ولجأ إلى الكفاح المسلح في تجربة الأنصار في إقليم كردستان، ومن ثم ضُربت حركة الأنصار عام 1988 واستُخدم السلاح الكيماوي. وواجه الحزب تحديًا آخر لمواجهة هذه النكسة وآثارها واضطر العديد من رفاق الحزب الى اللجوء للمنافس ودول اللجوء، ومن ثم جاء انهيار الاتحاد السوفيتي والتجربة الاشتراكية، ومن ثم جاءت الولايات المتحدة وحصل الاحتلال، وهذا أيضًا وضع جديد بالنسبة للشيوعيين الذين لديهم هذا السجل الطويل في مكافحة ومواجهة القوى الاستعمارية.

خضنا صراعًا فكريًا وسياسيًا من أجل أن يكون التغيير والخلاص من النظام الدكتاتوري أساسًا بقوى عراقية، وكانت وجهتنا هكذا دون ان تكون هناك استعانة بالعامل الخارجي ولكن الأمور سارت باتجاه آخر. هذه المعادلة معقدة، فكيف خاض حزبنا الصراع في هذين البعدين، البعد الوطني الذي يتطلب إنهاء الاحتلال والبعد الآخر بعد الخلاص من النظام الدكتاتوري. كيف يمكننا أن نبني عراقًا آخر، ومستقلًا ديمقراطيًا اتحاديًا. واستطاع الحزب خلال فترة أن يعيد بناء تنظيماته وهذا أيضًا كان تحديًا كبيرًا في ظل احتلال وقوى ليس جميعها تحمل الود للحزب. ومع ذلك استطاع الحزب أن يعيد بناء تنظيماته بسبب مواقف الشيوعيين والشيوعيات وحماسهم واندفاعهم وإرادتهم، وفي ظل ظروف بالغة التعقيد. ومن شروط النجاح في مواجهة التحديات وتجاوز الإخفاقات كان تقييم تجارب الحزب وسياسته عند الانعطافات بصورة انتقادية واستخلاص الدروس والعبر من التجارب النجاح والفشل.

علي المهنا: كيف يمكن لحزب يحمل هذا الفكر أن يتعامل مع مجتمع تغيرت فيه المفاهيم وطريقة التعاطي مع العديد من القضايا، وأصبح يتعامل بشكل براغماتي، على الأقل في المجال السياسي؟ إذا ما أردنا أن نتحدث عن عملية التنافس الانتخابي على سبيل المثال، كيف يمكن لحزب يحمل هذه المبادئ أن يجد أرضية للتنافس في مجتمع يتعامل بشكل براغماتي، وفي ظل منظومة تؤسس لهذا النوع من التعامل؟

رائد فهمي: بما أننا تحدثنا عن التحديات، فهذا واحد منها: الحزب الشيوعي لا يمكن أن يعمل إلا في مجتمعه، فنحن لن نستورد مجتمعًا اخر؛ المجتمع العراقي نتعامل معه كما هو، وبالتالي، نعم، نواجه تحديات الخطاب وأشكال العمل وكيفية التعامل مع القوى الأخرى، وكيفية العمل أيضًا في ظل ظروف يُغلف فيها الصراع الاجتماعي والتناقضات الاجتماعية بغطاء عشائري أو ديني أو طائفي، او مناطقي، بحيث تخضع للهوياتية، في مسعى الى جعلها صراعات عَلى الهوية. لكن الصراعات والتناقضات الاجتماعية قائمة، وربما تطغى في لحظة معينة الصراعات الطائفية والدينية أو غيرها عليها، ولكن تبقى تلك الصراعات موجودة وقائمة. وعندما نقول إن مجتمع ما بعد 2003 هو غير مجتمع السبعينات والثمانينات، نقول أيضًا إن مجتمع اليوم هو غير مجتمع 2003؛ إذًن العملية مستمرة. في الوقت ذاته، نحن نعمل على التجديد ودراسة الواقع المتغير ومعادلاته، وهذا تحد قائم حتى هذه اللحظة.

علي المهنا: إذا أردنا أن نتحدث عن رؤية الحزب الشيوعي في الذكرى التسعين لتأسيسه وعن قراءته لما يعانيه المجتمع الآن، هل يحتاج إلى معالجات مجتمعية من خلال الفكر والعمل الذي ينتهجه الحزب، أم أنه يحتاج إلى حلول سياسية سريعة؟ وما هي المجالات التي يجب أن يركز عليها القائد الفاعل والمعني بقيادة المجتمع في هذه الفترة؟ هل هي حلول مجتمعية أم حلول أخرى؟

رائد فهمي: نعتقد أن الحل الأمثل لمشاكل العراق ولوضعه على طريق التطور والتنمية هو تأسيس دولة مدنية ذات عمق ديمقراطي، سياسيًا واجتماعيًا، تحقق العدالة الاجتماعية ضمن إطار دولة اتحادية.

وتُعد الدولة الاتحادية حلاً معقولاً ومناسباً في الظرف التاريخي الحالي لتعدد القوميات، وبشكل خاص للقضية الكردية، وحقوق الشعب الكردي. والآن، نتحدث عن العمل من أجل بناء دولة وطنية قادرة على الحفاظ على السيادة الوطنية واستقلال العراق وتحقيق درجة من العدالة الاجتماعية ووضع البلد على طريق التنمية الاجتماعية - الاقتصادية.

كل هذه الأهداف تواجه معوقات، وأعتقد أن علينا التوقف عند نهج المحاصصة اذ يجري الحديث عن ضرورة مشاركة جميع المكونات والاطياف القومية والدينية في الحكم باعتبارها وسيلة لتحقيق الاستقرار والأمان، ومن ثم بناء العراق ووضعه على طريق الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي. ولكن واقع الأمر لم يُثبت صحة هذه الوجهة. نحن جميعًا متفقون على أن كل أطياف الشعب يجب أن تكون لها مشاركة حقيقية في إدارة شؤون البلاد من مبدأ المواطنة، وهذه المواطنة لا تعني إلغاء الخصوصيات. ولكن هذا المبدأ، في التطبيق عمليا ودون الاستفاضة، تحول من مشاركة المكونات إلى مشاركة ممثلي المكونات، وبالتدريج، وهؤلاء الممثلون تحولوا الى ممثلين لأحزابهم، ونلاحظ أن الصفة التمثيلية لهذه الأحزاب تقلصت على مدى السنوات.

وفي ظل التعامل مع السلطة كغنيمة، نشأت تمايزات مجتمعية جديدة، والفئات التي سيطرت على السلطة منحت لنفسها امتيازات غير اعتيادية، ومن خلال الفساد استحوذت على المال العام، فنشأت شرائح جديدة ذات مصالح بعيدة كل البعد عن مصالح الجماهير، مصالح الأغلبية الساحقة.

علي المهنا: كيف يمكن للحزب الشيوعي أن يعمل داخل هذه المنظومة؟

رائد فهمي: نحن نعمل بأشكال نضالية متعددة ولكنها مترابطة، فكريا وسياسيا وتنظيميا. وفي المراحل الأولى دخلنا في العملية السياسية ونظرنا اليها على أنها عملية انتقال بالعراق من حالة الاستبداد والحكم الشمولي إلى نظام ديمقراطي اتحادي. وهذه العملية ينبغي أن تتم سياسيًا وسلميًا.

لكن هذا المسار، رغم أن الجميع يتفق على العناوين والأهداف، ليس مسارًا واحدًا؛ ففي داخله هناك عملية صراع حول بناء دولة، وصراع حول التوجهات. نحن مدركون أن العملية السياسية هي أيضًا ساحة صراع، سواء في ما يتعلق بالنهج العام مثل نهج المحاصصة أو نهج المواطنة، وهذا صراع. وكذلك السياسات الاقتصادية وكيف يتم توجيهها وبناء الدولة. حتى هذه اللحظة، هناك صراع حول الدولة وبناء الدولة.

نحن خضنا هذا الصراع بشكلين في السنوات الأولى من خلال مشاركتنا في السلطة، لكننا لم نترك يومًا ما ساحة النضال الشعبي. هناك قوى لا تريد دولة، وهذه الدولة ليست مكتملة الشروط؛ فدولة القانون والدستور يجري التلاعب بها وتُدار من خلال توافقات، كل هذا يضعف من صفاتها كدولة. ولكن في المقابل، لا نقول إنه لا توجد دولة بالكامل، إذ ينبغي  للدولة أن تحقق عدة شروط لتكون قادرة على تحقيق وظائفها، ومن أهمها حصر السلاح بيد الدولة. وبعد تفاقم الأزمة البنيوية وهيمنة قوى المحاصصة والفساد طرحنا شعار التغيير الشامل والتوجه نحو بناء أوسع تحالف ممكن يضم القوى السياسية والمجتمعية الرافضة لنهج المحاصصة والمطالبة بدولة مدنية ديمقراطية تقوم على العدالة الاجتماعية.

علي المهنا: ما ردك على من يقول إن مرحلة ما بعد عام 2003 ربما هي من أصعب وأخطر المراحل التي مرّ بها الحزب الشيوعي العراقي في طريقة تعاطيه مع العمل السياسي، لاعتبارات كثيرة، منها أن هناك أطرافًا سياسية سعت وما زالت تسعى نحو صناعة حواجز بين المجتمع والحزب الشيوعي العراقي، لاعتبارات كثيرة، منها أنه يقدم خطابا مجتمعيا يقترب كثيرا من الفئات الفقيرة.

رائد فهمي: هذا أمر متوقع. وهناك قوى تعمل بأساليب مختلفة لعزل وتحجيم الحزب، ولخلق فجوة تارة بالدين وتارة بالهوية، وبأشكال مختلفة، ومنها ما يستل من خانة العداء للشيوعية. لذلك، نعتبر ذلك جزءًا من التحديات.

اليوم، نتحدث عن الأرضية التي تسمح للحزب أن يرسخ حضوره. ونسمع البعض وهو يقول إننا الآن في وضع جديد وأن الحزب لم يعد قادرًا على مواكبته، لكن نحن نقول: هل الصراع الاجتماعي انتهى؟ هل مصالح الشغيلة والكادحين وعموم الشعب لبّيت؟ وهل التناقضات انتهت؟ ومن يعبر عنها حقًا؟ ومن يخوض النضال من أجلها؟ وما هو السبيل لمواجهة هذه التحديات؟ إذن، نعتقد أن الأرضية الموضوعية لحزب مثل الحزب الشيوعي العراقي ما تزال قائمة.

علي المهنا: ما أخطر ما يواجه الحزب في هذه المرحلة؟ هل يمكن أن نقول إن المال السياسي للخصم هو الذي يشكل خطرا، على الأقل في هذه المرحلة والمرحلة القريبة، أم أن الفكر والمواجهة الفكرية يُعتبران أكثر خطورة في عملية المواجهة؟

رائد فهمي: اختُزلت أركان الديمقراطية على مدى السنوات عمليًا بالعملية الانتخابية. فأركانها الأخرى المؤسساتية والثقافية والقيمية يُجرى إهمالها وتهميشها، والعملية الانتخابية تدخل بها عناصر معينة تمنعها من أن تكون وسيلة للتداول السلمي الحقيقي، ومن ضمنها المال السياسي واستخدام النفوذ والسلاح والسيطرة على مؤسسات الدولة.

هذه تحديات حقيقية، وبالتالي نحن نقول إن المنظومة الحاكمة هي منظومة وليدة نهج المحاصصة، استخدمت الانتخابات لشرعنة تواجدها وإعادة إنتاج نفسها. وهنا يُطرح سؤال: ما هو السبيل للتغيير؟

نحن رفعنا شعار التغيير الشامل، وهل يعني ذلك أننا ننبذ المسار الديمقراطي السلمي ونلجأ إلى أساليب أخرى؟

أولًا، الديمقراطية ومؤسساتها تاريخيًا وفي كل المجتمعات لم تخرج للحياة بصيغة متكاملة منذ البداية، بل دائمًا تكاملت بفعل نضالات الشعوب وتعززت ديمقراطيتها.

وفي العراق، قانون الأحزاب لم يكن ليُسن لولا الاحتجاجات عام 2015، وكذلك التغييرات التي تحصل اليوم في تضبيط العملية الانتخابية لم تكن لتتحقق لولا النضالات المتواصلة. بالتالي، فان مسار العملية الديمقراطية بكل أركانها السليمة لا بد أن تكون هدفًا نضاليًا نسعى للاستمرار به والعمل من اجل تحقيقه، ولكن في الوقت نفسه، هذا لا يتحقق إلا بإيجاد موازين قوى والقوى التي لها مصلحة في التغيير، ومن هذه القوى الحزب الشيوعي العراقي.

لذلك دائمًا نحن نتوجه إلى المجتمع والعمل الاحتجاجي، وهذا سيستمر والسعي الى تشكيل التحالفات الضرورية التي تجمع القوى المعنية بالتغيير. نحن لا نعتبر أن هاتين الوسيلتين أي المشاركة في الانتخابات والعمل الجماهيري والاحتجاجي والمجتمعي، إحداهما تنفي الأخرى، لكن في لحظة معينة قد يطغى أسلوب على آخر. لذلك قد تأتي ظروف يمكن ان نقاطع فيها الانتخابات، مثلما عملنا في 2021.

علي المهنا: هناك من يسأل ما هي الاستراتيجية التي كان يفكر فيها الحزب عندما قرر عدم المشاركة في انتخابات 2021، ثم عاد بتجربة انتخابية هي بذات الظروف؟

رائد فهمي: خوض الانتخابات وعدم خوضها هو قرار تكتيكي وليس استراتيجيا. خوض انتخابات معينة يأتي وفقا لظروفه. في عام 2021، ونحن كنا على مسافة قريبة من انتفاضة 2019، ومطلب الانتخابات المبكرة كان مطلبًا تشرينيًا، والغرض من طرح شعار الانتخابات المبكرة آنذاك لأن المزاج الشعبي العام لو انعكس انتخابيًا لكان بالضرورة أدى إلى تغيير، لكن حدث تسويف في إجرائها وأنواع من الممارسات القمعية وضرب للناشطين واستهداف للبعض واستشهاد البعض الآخر. بمعنى حال ذلك دون مساهمة جماهير الانتفاضة وداعميها وسانديها.

فعندما حدد موعد الانتخابات بعد التعطيل والتأجيل والتسويف، كان تقديرنا السياسي بأن هذا كان للإجهاز على روحية تشرين وما حققته الانتفاضة، وبالتالي نحن اعتبرنا المشاركة لا تخدم تعزيز العملية الاحتجاجية والإرادة الشعبية التي جرى الالتفاف عليها وتفتيت قواها. بالتأكيد، المال السياسي وغيره موجود حتى الآن، لكننا لا نعتقد أن كل هذه الشروط يجب أن تتحقق لكي نشارك، فهذه عملية نضالية تراكمية.

نحن نعتبر أن النضال مستمر وممكن أن يحقق تقدمًا، لكن في لحظات معينة عندما تكون حركة جماهيرية وضغط جماهيري عالٍ وقادر على أن يتجاوز كل ما يمكن أن تتمخض عنه الانتخابات، فبالتأكيد سيكون الخيار للحراك الشعبي. لذلك نحن عندما شاركنا في انتخابات عام ٢٠٢٣، رأينا أن المزاج في تراجع وإحباط، وبالتالي نحن نظرنا الى أن خوض الانتخابات ربما يكون عنصر تفعيل للناس وللجماهير التي أُحبطت.

علي المهنا: في هذه الفترة، كثُر الحديث عن موضوع انتخابات مبكرة، ورسائل باتت تُطلق من أطراف سياسية من خلال من يمثلها بالحديث إعلاميًا عن فكرة أن تكون هناك انتخابات مبكرة. هل يعني ذلك، إذا ما تحقق أو دار الحديث عنه بشكل أكبر، أن النظام السياسي لم يعد قادرًا على الثبات؟

رائد فهمي: السيد السوداني دائمًا يقول: نحن نحقق الاستقرار، استقرارًا سياسيًا وأمنيًا. نحن وجهة نظرنا، في ضوء قراءتنا للواقع وطبيعة نهج المحاصصة والصراعات على المكاسب والمواقع، يصعب أن يتحقق استقرار في ضوء التناقضات والتمايزات التي تحدث، وحتى استقرار الحكم أيضًا يبدو فيه إشكال، ولذلك إذا كانت الانتخابات ستحسم الأمور فليس لطبيعة الحكم وإنما لحساب طرف على حساب طرف آخر. فهذه حسابات منظومة الحكم في ما بينها، فنحن نعتقد أن الصراعات موجودة على المصالح والنفوذ.

هناك صراعات سياسية وتُسلط عليها أضواء كثيرة، صراعات ما بين رموز أو قيادات تمثل التيارات السياسية المشاركة في إدارة الحكم على مدار سنوات، وهذا الأمر عمليًا لا يعني كثيرًا للناس، فالمتنفذون لا يملكون أي منهج أو برنامج يمس بنية النظام وهيكلية النظام المأزومة، وبالتالي هو مجرد صراع على كيفية تقاسم وكيفية تغيير موازين القوى لصالح هذا الطرف او ذاك. من جانب آخر كل الاعتبارات كانت تقضي بأن يذهب البرلمان الحالي إلى انتخابات مبكرة، فهناك الكثير من الأمور تطعن في شرعيته التمثيلية، خصوصًا بعد انسحاب أكبر كتلة (الكتلة الصدرية)، ونسبة المشاركة في الانتخابات كانت ضعيفة جدًا. ولاحظنا اليوم أن البرلمان لم يحقق شيئًا وإنجازه هزيل، لكن الآن إذا حصلت هذه الانتخابات المبكرة، من سيكون المستفيد الأكبر منها؟ فالانتخابات المبكرة مدرجة ضمن البرنامج الحكومي، ولكن تقررها في النهاية حسابات القوى السياسية المتنفذة ي السلطة. 

علي المهنا: أثناء حديثك، ذكرت مفردة “الاستقرار”، وهذا الحديث يُقدَّم بشكل مستمر من قِبَل تحالف إدارة الدولة بشكل عام، والإطار التنسيقي بشكل خاص، مُعلنين أننا الآن في مرحلة ذهبية من حيث الاستقرار السياسي والأمني وحتى الاقتصادي في تجربة ما بعد عام 2003. رؤيتكم في الحزب الشيوعي العراقي، هل نحن الآن في مرحلة استقرار حقيقي على المستوى السياسي والأمني والاقتصادي، أم أنه خطاب سلطة يُقدَّم للترويج لفكرة معينة؟

رائد فهمي: نحن نعتقد، في ضوء قراءتنا بعمق لطبيعة هذا النظام وطبيعة تناقضاته، أن هناك أزمة بنيوية مرتبطة بنهج المحاصصة، وعلى مدى السياسات المتبعة حتى الآن، بما فيها سياسة الحكومة الحالية، لا تتناول جذور وأسس هذه الأزمة، وتتناول سياسات إصلاحية معينة، نعم هناك هدوء، لكن هل زالت عوامل عدم الاستقرار؟ بالتأكيد لا. ما هو تحت السطح هناك إشكاليات لم تُحل، إذن الاستقرار له شروطه، واليوم هناك استئثار بالسلطة لشريحة معينة بعناوين مختلفة، لكن طبيعتهم واحدة.  هو ليس استئثارا بالسلطة، إنما بالثروات، وهناك عدم توازن، وهذا ينعكس في التراكم الذي يحصل في الثروة والاستقطاب الاجتماعي.

علي المهنا: يثار تساؤل عن مدى قدرة حكومة السيد السوداني على تجاوز كل هذه التحديات، ونحن هنا نتحدث عن التحديات التي تتعلق بالمواطن وحياته وتحقيق الاستقرار المجتمعي، هل تراها قادرة أم أنها ستصطدم بعقبات كبيرة، على الأقل في ما يخص القرار الأخير في قضية رفع سعر البنزين؟

رائد فهمي: العنوان الذي يسيّر حكومة السوداني هو “حكومة خدمات”. نحن نعتقد أن هذا الشعار، في بعض الأحيان، يخفي عن قصد أو غير قصد ما هو أعمق.

إذا لم تكن لليوم خدمات للبلد، سواء بلدية أو صحة أو كهرباء، فما هو السبب؟ هل هو فني أم هو في بناء الدولة ومؤسساتها؟ ولماذا بناء المؤسسات غير كفء على مدى سنوات؟ ما هو الأساس في طريقة توزيع المسؤوليات، وفي طريقة تعيين الموظفين أو المسؤولين؟ بمعنى أن حكومة السوداني تحاول أن تعالج النتائج، وهي تردي الخدمات دون الغور في جذورها.

فليس هناك أحد ضد أن توفر له الحكومة الكهرباء أو توفير الجسور، وما ينجز لا اعتراض عليه، لكن خلف ذلك هناك أشياء أخرى تحدث مثل توظيفها وطريقة الإنجاز والاعتماد على أي شركات، وماذا يغيب بسبب التركيز على الجسور مثلا؟ ماذا يحدث في المساحات الأخرى مثل الاقتصاد وماذا يحصل في الدولة؟ الآن كل الأمور مركزة على الخدمات، لكن في الواقع اليوم، العراق يسير بخطوات متسارعة على طريق تطور رأسمالي مشوّه، وهذا البعض قد تراكمت ثروته عبر وسائل مشروعة وغير مشروعة، وفي الغالب غير مشروعة، الاستيلاء على المال العام والابتزاز وتراكمت ثروات بيد اقلية، والفساد أصبح جزءًا مؤسسًا في الدولة.

الفساد يؤدي إلى نخر الدولة ومنع إقامة دولة سليمة، والفساد يؤدي إلى تعميق التفاوتات الاجتماعية وإضعاف التنمية. فإذا كانت هذه العناصر الأساسية لازمة المنظومة، ولا يتم التصدي جذريا لها، وإنما التصدي لنهاياتها، فإننا نعتقد أن هذا النهج غير قادر على حل الأمور.

سؤال من الحضور: الحزب الشيوعي العراقي، والشيوعية بشكل عام، تدافع عن مصالح الطبقة العاملة والكادحين والفقراء، وهم الذين يشكلون السياج الذي يتخندق خلفه الشيوعيون. فإلى أي مستوى بلغ الحزب الشيوعي العراقي في علاقته بالطبقة العاملة العراقية والكادحين والفقراء؟ وإلى أي مستوى طرق أبواب الكادحين والفقراء في المدن والقرى والأرياف التي ستشكل سياجًا واقيًا له في هذا الصراع الطبقي القائم؟

رائد فهمي: هذا سؤال مشروع وهو هدف مستمر للحزب في أن يوثق صلاته بهذه الفئات والشرائح والطبقات، على اعتبار أن مشروعه يستهدفهم بمعنى أنه معبر عن مصالحهم. الآن نأتي على الوقائع الموجودة بالنسبة للواقع العمالي بشكل خاص، فهو مرتبط بالواقع الاقتصادي عمومًا. صناعتنا ومعاملنا معطلة إلى حد كبير، وبالتالي هذا الواقع العمالي انعكس حتى على مستوى نشاط النقابات. ورفاقنا يعملون في النقابات وربما لعبوا دورًا رياديًا في إعادة تأسيس النقابات بعد 2003، وهم الآن يلعبون دورًا رياديًا في الدفاع عن التشريعات التي تخدم الطبقة العاملة. وعلى مستوى التواجد، النشاطات محدودة لأن قسمًا من المعامل معطل، والمعامل الصغيرة هي عائلية وصغيرة جدًا، والعمل النقابي صعب بداخلها، وتاريخيًا العمل النقابي يكون قويًا في الصناعات الحكومية.

على المستوى الشعبي، الفئات التي تضررت بشكل كبير من التطور الاقتصادي السريع هي تلك التي بدأنا نطلق عليها مؤخرًا اسم «الفئات المهمشة»، العمال الذين يعملون في قطاعات بسيطة مثل التكتك، البسطات، التاكسي، وخدمات التوصيل. هؤلاء يشكلون شريحة كبيرة جدًا من القوى العاملة. هذه الشرائح قد تجد صعوبة في قبول العمل النقابي والتنظيم، غالبًا ما تتأثر بشخصيات كارزمية وخطاب شعبوي.

نحن نسعى الآن لتقديم حلول وطرح أهداف وقضايا يمكن تحقيقها، والتي قد تكون أحيانًا معقدة للجمهور الذي يفضل الشعارات البسيطة والمطالب الواضحة. لذا، نواجه تحديًا في التواصل مع هذه الشرائح. لا أعني أنه لا يمكن تنظيمهم بأي شكل، ففي أحداث تشرين، كانت هذه الشرائح من بين الأكثر صمودًا ومواجهة، وكثير من الضحايا كانوا من بينهم. لكن، هل يمكن تنظيمهم بشكل فعّال؟ هذا أمر لا يبدو سهلا، ويتطلب منّا ابتكار أساليب تنظيمية جديدة.

ونولي اهتمامًا خاصًا بالريف، وقد شهدنا نشاطًا ملحوظًا في الآونة الأخيرة، ونحن نتابع التطورات الجارية هناك عن كثب، وقد لوحظ مؤخرًا عودة ظهور ملكيات كبيرة في الريف بطرق غير مباشرة، ما أدى إلى تبلور اجتماعي نحن بصدد رصده ومتابعته، بالإضافة إلى التناقضات الحاصلة في داخله.

سؤال من الحضور: بديهي أن السلطة ولادة لسلطة أخرى، والمنظومة تحتكر السلطة وتسهم في ترسيخ وجودها وتعزيز بقائها، وكل هذا يجري وفيه دعم ورعاية خارجية. والكل يعلم أن الدول الإقليمية هي عامل قوة للمنظومة الحاكمة، لذلك على القوى المدنية والوطنية والديمقراطية، لاسيما الحزب الشيوعي، أن يعمل بمشروع فطري يحاكي هموم الناس بحيث يكونون قوة مؤثرة وضاغطة على السلطة.

رائد فهمي: إن من سمات النظام التحاصصي هو فتح المجال للتدخلات الخارجية، والدول الإقليمية بدرجات مختلفة لديها تأثير في الداخل، بل قسم منها أصبح يعتبر عاملًا داخليًا وليس عاملًا خارجيًا، ولذلك نحن عندما نتحدث عن بناء دولة مدنية قادرة على تأمين الاستقلال الحقيقي فهو أيضا تحد كبير في ظل هذا التقسيم الطائفي، وهذا يمنع بناء الإرادة الوطنية الموحدة ويمنع بناء الهوية الوطنية. ولذلك أقول إن أغلب الأحزاب المتصدرة للسلطة والقابضة على السلطة عمليًا هي غير قادرة على بناء الهوية الوطنية الجامعة، حتى وإن ادعت ذلك، فهي غير قادرة بحكم أنها تنظر للهوية الوطنية من خلال هويتها الطائفية وهويتها القومية الضيّقة. نعتقد أن الحزب الشيوعي والقوى الوطنية الديمقراطية هي أكثر القوى التي يمكن أن تكون حاملًا للمشروع الوطني. وهناك تحد كبير لأن المصالح القائمة على الهويات بدأت تترسخ، والهوية وُظفت لمصالح فئوية ضيّقة بادعاء تمثيل الهوية الطائفية والهوية المذهبية، لكنها عمليًا تعبر عن مصالح فئات واشخاص. لكن نقول إن ما عبرت عنه تشرين شيء بالغ الأهمية. إذًا هناك مسار للتطورات والمشاكل التي بدأت تبرز على السطح هي مشاكل لم تعد مرتبطة بالهويات إنما مرتبطة أيضا بالواقع الاجتماعي.

علي المهنا: دعنا نتحدث عن النظام السياسي وما يعانيه وقدرته على الثبات. هل ترى النظام السياسي الحالي قادرًا على الصمود وقادرًا على الاستمرار في ظل ما يعانيه من الداخل، أم أنك ترى أن هذا النظام إذا لم يعمل من الداخل على إصلاح نفسه سيكون أمام خطر الانهيار؟

رائد فهمي: دعنا نأخذ المثل اللبناني. ماذا نفرق عن لبنان؟ لا نفرق شيئًا سوى الريع النفطي، والنفط يسمح بعدم تفجر بعض المشاكل وتقديم بعض المعالجات لتسكين وتهدئة بعض المشاكل والحؤول دون أن تتصاعد. قلنا إن الفساد جزء مستحكم في بنية الدولة والدولة ضعيفة بنيويًا، ليس لأن هناك شخصًا فاسدًا وشخصًا غير كفوء، هؤلاء جاءوا بحكم معادلات نظام المحاصصة، ومن ثم الفوضى وإطلاق العنان للاستحواذ والتجاوز على المال العام وما يترتب عليه من تراكم هذه الثروات، وبالتالي هذا يؤثر على الفئات الوسطى ويؤثر على بنية المجتمع ويبني اقتصادًا هشًا. واليوم لدينا دولة ودولة موازية، واحدة من المنظومات هي حامية للنظام في حالة حدوث تناقضات، لكن الدولة متشظية ولا يزال يجري التعامل مع الدولة كوسيلة للوصول إلى المال العام ولتقاسم المغانم ولتأمين الحصانة. وإذا حصل توجه لمعالجة القضايا الجذرية، سيصطدم بمعادلة المحاصصة. في ما يخص الإصلاحات، هناك مدى معين مسموح للحكومة، كما في الفساد، أن تصل إلى مستوى معين ومن ثم عليك أن تقف، وهذه الحدود موجودة في كل مكان. وكيف يمكن بناء دولة والمكاتب الاقتصادية موجودة، وهذا يعني أن هناك حصصًا للأحزاب، ومعنى ذلك وجود فساد؟

علي المهنا: من الأقوى، الدولة أم العناصر الأخرى؟

رائد فهمي: بالتأكيد، الدولة أضعف، وعملية تقوية مؤسساتها بحاجة إلى إرادة سياسية، فعندما يكون هناك ضغط ورغبة شعبية، قد تدفع من يريد الإصلاح الجزئي وتصنع ديناميكية غير الديناميكية التي يراد لها ان تسود.

وإذا كان من يتصدى للإصلاح جادًا، يجب أن تكون إصلاحاته في العمق. لذلك نحن نقول إن من يريد الإصلاح عليه أن ينظر للشعب ويستند على الناس من أجل المضي بالإصلاحات العميقة. أما إذا بقي ضمن الحدود والمساحات التي رسمها له من منحوه التأييد، فستكون التغييرات بسيطة لتجميل الوضع العام لكن دون إحداث تغيير حقيقي.

علي المهنا: في حديثك عن الشعب، ترى الشارع مندفعًا الآن باتجاه من يتحدث عن رغبة حقيقية بإحداث إصلاح في طريقة عمل النظام وفي طريقة عمل مؤسسات الدولة، أم تراه مبتعدًا معتزلًا مكتفيًا بعملية المشاهدة؟

رائد فهمي: المزاج الشعبي ليس على وتيرة واحدة، وفي الفترات الأخيرة قُدمت للشعب معطيات معينة خففت من نشاطه، تعيينات ورعاية اجتماعية وبعض الإنجازات التي تحدث. كل هذا يلعب دورًا، ولكن جوهريًا هناك مشكلة البطالة والشباب، والآن جامعات العراق تخرج كل عام حوالي 200 ألف طالب، ويدخل بالمقابل حوالي 300 ألف شاب في سن العمل. بمعنى أن حوالي 500 ألف يدخلون سوق العمل. هل النظام ككل قادر على أن يجد لهم فرص عمل؟ لا أحد يقدر، إذًن الأزمة مستمرة، وكيف تعبر عن نفسها سياسيًا فهذا موضوع آخر. وما هي مسارات البلد اليوم؟ نرى الاقتصاد استهلاكيًا يعتمد على الخارج والمقومات للصناعة الوطنية لا تزال محدودة وغير مشجعة. وأيضًا أريد أن أشير إلى التمييز بين النمو والتنمية، ممكن لهذا الحال أن يولد معدلات نمو عالية ولكن لا تولد تنمية. ومن الخطورة بمكان تحويل الاقتصاد إلى شركات أجنبية. ونحن نلاحظ حتى الجانب الخدمي العام الذي يمس الناس أيضًا يُقدم للقطاع الخاص، بما في ذلك النقل. مشروع المترو أُعطي لشركة استثمار خاصة، وهذا ينطبق الى حدود كبيرة على الصحة والتعليم والسكن، وكل هذه يحكمها قانون الربح.

علي المهنا: إذا تحدثنا عن التغيير الذي يحصل على شكل مراحل، هل الوضع ذاهب باتجاه هذا السيناريو، أم أن الوضع ربما سيكون مختلفًا عطفًا على تجارب قريبة كتجربة تشرين، هل من الممكن أن يكون هناك تحرك مجتمعي جديد قد يغير المعادلة بالكامل؟

رائد فهمي: بصراحة، من الصعب إعطاء إجابة حاسمة في هذا الموضوع. أولًا، إن التغييرات العراقية ليست فقط داخلية، فهي متأثرة أيضًا بعامل خارجي إقليمي ودولي. ثانيًا، داخليًا، العراق بين يوم وآخر تنقلب فيه الأمور، وهذا البناء قاعدته ليست عميقة، فالاحتمالات قائمة. ونحن نرى أن مسؤوليتنا أن نطور ونعزز دور العامل الذاتي، ولدينا قدرة على أن نتفاعل ونرسم أساليب العمل المناسبة والاستفادة من كل الأوضاع التي تبرز لأجل تعبئة الناس من أجل التغيير، لكن من الصعوبة الان اسقاط أي احتمال، لأن الأزمات قائمة ووضع المنطقة لا يزال غير مستقر ومضطرب، والمنطقة ساحة صراع.

علي المهنا: المنظومة الحاكمة في هذه الفترة، وخصوصًا بعد تشكيل حكومة السيد السوداني، تقول الآتي: إننا في أفضل المراحل التي تمكن فيها النظام السياسي الحالي من تحصين نفسه من التأثير الخارجي. بدليل أن هذه الحكومة تشكلت دون أن يكون هناك تأثير أو رغبة خارجية، بل إن تشكيل حكومة السيد السوداني كان عراقيًا.

رائد فهمي: عندما يكون هناك استقرار، حتى وإن كان استقرارًا نسبيًا، من الطبيعي ان يكون الانجاز أفضل. ففي الاستقرار النسبي لا بد أن يحدث نوع من النمو، بعض الخدمات تتحقق وطرق تتبلط. ونعم، هناك درجة من نمو قدرات العامل الداخلي، لكن هل اكتمل العامل الذاتي؟ هل اكتملت قدرتنا على أن نتحكم بسياستنا كليًا؟ وهل هذه العملية يمكن أن تستمر بدون معالجة مشكلة وحدة السلاح وقرار استخدامه والعوامل الأخرى التي تضعف الدولة؟ هل يمكن أن تتكامل وتتعزز بدون التصدي للعوامل الأخرى من قوى اللادولة؟ هذا هو السؤال.

علي المهنا: أريد أن أتحدث عن المستقبل الذي ينتظر طريقة تعامل النظام في المرحلة المقبلة من حيث تشكيل الحكومات. مررنا بتجربة وربما كانت صعبة على المستوى السياسي وكذلك على المستوى المجتمعي والأمني، وهي تجربة مشروع التيار الصدري في تشكيل التحالف الثلاثي من أجل تشكيل حكومة أغلبية سياسية، وتحول الأمر إلى صدام مسلح وانتهت القصة بالطريقة التي حصلت في تلك الليلة. هل تعتقد أن هذا الانسحاب وذلك الذي حصل بعد الانتخابات الأخيرة، لن يكون هناك ربما عمل من كل الأطراف السياسية في المرحلة القادمة على تشكيل حكومة توافقية من جديد، وإنما التيار الصدري بانسحابه قد فرض على الجميع أن يؤمن ويقتنع في المرحلة القادمة بمشروع يتعلق بحكومة يشكلها طرف فائز وعلى الخاسر الذهاب باتجاه المعارضة؟

رائد فهمي: ماذا حدث خلال السنوات الأخيرة؟ لاحظنا أن فكرة تشكيل تحالفات على أسس هوياتية الآن تراجعت، واليوم الانقسامات أصبحت في داخل أوساطها. ولاحظنا أن الانحيازات أحيانًا تتم وتكون عابرة لهذه المصالح. بمعنى طرف كردي يتعاون مع طرف من هذه الأطراف ضد طرف آخر كردي، وربما بدرجة أقل بين القوى الأخرى، وهذا انعكاس للواقع والتناقضات الداخلية تعود للمحاصصة. فهل هذا يخلق تحالفين كلاهما عابر للطوائف أو للقوميات؟ وهذه إمكانية قائمة والبعض يخشاها.

ودعنا نتحدث عن الصراعات الموجودة الآن داخل الأوساط “الشيعية”، إلى أين ممكن أن تذهب هذه الصراعات بحيث تحدث تحالفات تجعل طرفًا ينتقل إلى معسكر آخر، أم في اللحظة النهائية تبرز الهوية والكل ينصاع إلى الهوية؟ هنا هذه المسألة لا تزال وستكشفها الأيام القادمة، ولكن من الواضح جدًا أن هناك صراعات بينية، وتطرح هكذا إمكانية بأن تحدث اصطفافات مختلفة عن الاصطفافات السابقة.

علي المهنا: هل أنت متفائل بانتهاء مشروع المحاصصة؟

رائد فهمي: من الصعب أن أقول إني متفائل، لكن هناك إمكانيات بأن يتفكك هذا المشروع.

*********************************************************************************

الصفحة الثامنة

عيدكم مبارك

تواصل منظمات حزبنا داخل الوطن وخارجه، احتفالاتها بالعيد التسعين لميلاد ربيع الحركة الوطنية والممثل الحقيقي لشغيلة اليد والفكر، حزبنا الشيوعي العراقي. وقد زهت العديد من نشاطات العيد، بمساهمة فاعلة من رفاقنا واصدقائنا الشباب، ممن بدأوا بحمل الراية الحمراء، راية الحرية والعدالة الاجتماعية، ليكملوا المسيرة المجيدة التي بدأتها وواصلتها اجيال من نساء ورجال الحزب البواسل. وقد كانت لجريدتنا لقاءات معهم، قالوا فيها ما ننشر خلاصته ادناه:

*****************************************************************************

نهنئكم بعيدكم التسعين

تسعون عاماً من التضحيات، تسعون عاماً في مواجهة القمع والموت، في الدفاع عن حقوق الإنسان،  تسعون عاماً من النضال من أجل الخبز والحرية والعدالة اجتماعية، ومازال النضال مستمراً. أهنئ أصدقائي في الحزب الشيوعي العراقي بعيد تأسيس حزبهم الذي كان وبقي صوتاً للشعب، وأتمنى لهم اكمال المسيرة بحب وتعاون كما نراهم دائماً. قلوبنا معكم في هذه المناسبة الكريمة وأتمنى لكم النجاح.

براء محمود

**************************************************************************

من أجل التقدم 

أصدق التهاني والتبريكات إلى جميع أعضائنا ومناصرينا في هذه اللحظة التاريخية والمميزة. إن تأسيس حزبنا يمثل خطوة هامة نحو تحقيق آمال وتطلعات الشعب العراقي في بناء مستقبل أفضل وتحقيق العدالة الاجتماعية والسياسية التي يستحقها كل فرد في مجتمعنا.

حسين محمد

******************************************************************************

فخورون و تملؤنا الثقة 

فخورون بتاريخ حزبنا وإرثه النضالي الطويل في سبيل الدفاع عن حقوق العمال والفلاحين وجميع الشغيلة، ونعد بأننا سنواصل النضال بكل قوة وإصرار من أجل تحقيق المزيد من الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تخدم مصلحة الشعب العراقي، وكلنا ثقة بقدرة حزبنا على أن يكون عاملاً فاعلاً في بناء الديمقراطية وتعزيز حقوق الإنسان وتحقيق السلام والاستقرار في العراق.

سجاد حسن

**************************************************************************

على مر العقود التسعة

في هذه المناسبة الخاصة والعزيزة، لا بد من استذكار شهداء الحزب والتضحيات التي قدموها هؤلاء المناضلين على مر العقود التسعة بكل تفاصيلها، وكما عودنا هذا الحزب ينبغي ان تكون هذه الذكرى نقطة انطلاق بشكل وآليات مختلفة نحو تحقيق تطلعات شعبنا والضغط لتحسين مستوى معيشته. نتمنى لحزب الشعب النجاح والتقدم المستمر في مختلف الميادين.

تبارك عبد مجيد

**************************************************************************

قولاً وفعلاً

إلى رفاقي "ذوي الأيادي البيضاء"، إلى مؤيدي ومؤازري حزبنا الشيوعي العراقي، أقدم أجمل التهاني، وأطيب التمنيات، وأحر التحيات وأصدق مشاعر الود، بمناسبة حلول الذكرى التسعين لتأسيس مدرستنا الفكرية والسياسية.

لتكن الذكرى المميزة حافزاً للنضال في سبيل تحقيق شعار الشعب العراقي من كل القوميات، شعار وطن حر وشعب سعيد، ولنمض إلى الأمام لتحقيق الديمقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية، وكل عام وأنتم بخير، لأنكم دوماً وفي كل وقت تثبتون قولاً وفعلاً بأنكم طريق الحق والنضال الوطني.

أحمد اليساري

***************************************************************************

تسعون عاماً من النضال والتضحية والفداء

كل عام يتجدد العطاء وتتعاظم المسؤولية في نفوس الرفاق ونحن نخطو نحو المئوية، وما زال تاريخنا موشحا بخصال قل نظيرها، كالوفاء للوطن والدفاع عن الطبقات الكادحة والعمال والفلاحين والانحياز لقضايا الشعب. ها نحن نصل التسعين وما زلنا نعمل بكل وطنية وفخر ونعاهد رفاقنا وقيادتنا أن نواصل العمل لنسعى إلى ما نريد، في وطن حر وشعب سعيد.

سلام عادل كريم

****************************************************************************

المنجل يداعي

نُهنئ الحزب الشيوعي العراقي بمناسبة مرور تسعين عاماً على ميلاده، 90 عاماً من النضال والعطاء المعرفي والثقافي، ونستذكر مواقف رفاقه وأصدقائه الثورية في انتفاضة تشرين العظيمة، حيث كان لهم الدور المهم في تقديم الدعم اللوجستي والبشري وإدامة زخم ساحات التظاهر و"صويحب من يموت المنجل يداعي".

 أحمد الركيباوي

****************************************************************************

بذلوا  الغالي والنفيس

تغمرني السعادة ونحن نعيش اليوم الذكرى الـ 90 لتأسيس الحزب الشيوعي المكافح، حيث نستذكر تضحيات الرفاق الذين بذلوا الغالي والنفيس في سبيل الدفاع عن المظلوم و رفع كلمة الحق وذاقوا الويلات ضريبة لذلك، كل عام وحزبنا بقوة وإرادة وأمل وإصرار .  

باقر عماد

**********************************************************************

أقوى وأشد

نقدم أصدق التهاني والتبريكات بمناسبة الذكرى التسعين لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي، ولا يسعنا إلا أن نقول الرحمة والخلود للشهداء الذين بذلوا أرواحهم من اجل الدفاع عن شعبهم وقضية حزبهم العادلة، كل عام والحزب الشيوعي العراقي أقوى وأشد عزيمة واصرار.

حميد الراوي

*********************************************************************************

ياللي بتضحياتك، كسبت الحب والاحترام

بمناسبة الذكرى 90 لميلاد الحزب الشيوعي العراقي، نقول كل عام وأعرق وأنبل الأحزاب الوطنية المناضلة بألف خير، وبهذا اليوم نستذكر تضحياته وبطولاته التي خاضها و خلدها التاريخ، وبقي فيها محافظاَ على تاريخه المشرف والوطني النبيل.

************************************************************************

رمزا للنضال والتضحية

يعتبر هذا العيد مناسبة للاحتفال والتأمل في مسيرة الحزب على مدى السنوات التسعين الماضية، حيث تجلى تفاني رفاقه ورموزه وقياداته، في خدمة قضايا الطبقة العاملة والفقراء، وفي النضال ضد كل أشكال الظلم والاستبداد. نحتفل بذكرى مرور 90 عامًا على تأسيس هذا الحزب الذي يمثل رمزًا للنضال والتضحية، من أجل تحقيق العدالة والمساواة في المجتمع. إن تاريخه مصدر إلهام للكثيرين، فلنستمر سويةً في دعم ومساندة الحزب لتحقيق أهدافه وتطلعات شعبنا، متمنين له مزيدًا من النجاحات والإنجازات في المستقبل.

علي موري

*****************************************************************************

عميد الاحزاب الوطنية

نهنئ عميد الأحزاب الوطنية، الحزب الشيوعي العراقي، حزب شغيلة الفكر واليد، حزب الأيادي البيضاء، الذي أطفأ شمعته التسعين، في مسار النضال والعمل الوطني في سبيل الوطن والشعب، المعمد بدم الشهداء. من والدي الشيوعي، تعلمت حب العراق والسلام، فكل عام وشيوعيو العراق بألف خير.

 ريما محمد

**********************************************************************

نفتخر ونعتز بتاريخ حزبنا

بمناسبة الذكرى التسعين  لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي،  كل عام وعميد الحركة الوطنية بألف خير، فمنذ التأسيس عام ١٩٣٤ انطلق رفاقنا من أجل تحقيق طموحات وتطلعات شعبنا، خصوصاً العمال و الفلاحين وجميع الكادحين، وبقي متمسكا بمبادئه الوطنية ونضاله من أجل الحرية والعدالة  الاجتماعية. نفتخر ونعتز بتاريخ حزبنا الطويل والحافل بالنضال والبسالة والبطولات، كيف لا وهو عنوان صريح للنزاهة والسلام.

 فاطمة صبار

********************************************************************************

إذا سمعوا باسم الحزب يتردد

نهنئ حزبنا الشيوعي العراقي بمناسبة ذكرى ميلاده التسعين، هو ليس حزباً فقط بالنسبة لي، بل بمثابة وطن، أفتديه بروحي، وأحبه وقد جمعني بالمضحين والشجعان.

إقلب صفحة صفحة وتعرف المقصود                    

وغيرك يا حزب بالسجل ماكو أحد

اشتراكات الحزب من عدهة تنطي إيجار                                       

بوقت مولاتهم  كل سنه اتصير أزَيد

لهذا السبب وقت الصدك يتخبلون    

إذا سمعوا باسم الحزب يتردد

*************************************************************************

دام الحزب صديقي وكل عضو فيه رفيقي

لمناسبة الذكرى الـ 90 لتأسيس حزب الشهداء والمفكرين والادباء والفنانين، حزب المناضلين والطبقة العاملة العراقية، الحزب الأقرب للفقراء والكادحين، هذا الحزب الذي هو مدرسة نضالية تعلمت منها الكثير، معنى الشعور بالانتماء والذي استلهم منه الصبر في محني، مسترشداً برفاقه الذين تحدوا المعتقلات وتصّدوا للظلم ولم تتغير مبادئهم رغم المحن، الحزب الذي علمني كيف أصبر وأصمد واثابر وأتمرد على الجلاد في كل حين. أصدق التهاني للأصدقاء في الحزب بهذه المناسبة العزيزة.

علي العلوي

********************************************************************************

كل عام ونحن نرتقي بتاريخنا النضالي

 نحتفل بروح الوحدة والتضامن في ذكرى تأسيس الحزب الشيوعي العراقي الـتسعين، حيث يتجسد حب الرفاق وتلاحمهم في مسيرتنا الثورية، إن الرفاق هم عماد الحزب وقوته، فهم يشكلون أسرة واحدة تجمعهم الأفكار النضالية والطموح لتحقيق العدالة والمساواة. لنواصل سويةً تحدي الصعاب ونكمل مساعينا لبناء مستقبل أفضل يستند إلى قيم الحزب وتضحيات رفاقنا.

إبراهيم علي

*******************************************************************************

بخير وعز

بمناسبة ذكرى تأسيس الحزب الشيوعي العراقي، أتقدم بأسمى آيات التهنئة والتقدير لكم جميعًا، إنه يوم يستحق الاحتفال بتاريخ وإرث نضالي وتضحيات من أجل عدالة اجتماعية وسياسية. لنواصل معاً النضال من أجل تحقيق آمالنا في مستقبل أفضل، ولنبقى موحدين تحت راية الحزب لبناء وطننا بالعدل والحرية .. كل عام وأنتم بخير وعز.

داود سليمان

*****************************************************************

الذكرى الأغلى 

حلت من جديد علينا الذكرى الأعز والأقرب إلى قلوبنا، ذكرى تأسيس حزبنا الشيوعي العراقي، هذه المناسبة التي تعّد محطة انطلاق أخرى لاستكمال النضال الذي انطلق به فهد وسلام عادل بظروف مختلفة قبل تسعة عقود. أجمل التهاني للشعب العراقي العزيز بهذه المناسبة وأصدق الامنيات بالأمان والازدهار والتقدم.

راني فلاح

***************************************************************************

الصفحة التاسعة

الحزب الشيوعي العراقي ودوره في تنشيط الفعالية السياسية والاجتماعية للمواطنين

د.  فاخر جاسم

السبب الذي دفعني لكتابة هذه الملاحظات ليس فقط، مواكبتي لنضال الشيوعيين خلال أكثر من نصف قرن والتضحيات الكبيرة التي قدموها في سبيل غدِ أفضل للوطن والمواطنين، بل النقد غير الموضوعي لمسيرة الحزب النضالية من شيوعيين وغيرهم، الذي يركز على السلبيات والأخطاء فقط، بما يعطي انطباعاً بأن تضحيات الشيوعيين واصدقائهم ذهبت هباءً.

فبعد الاستقلال الوطني، الشكلي، تأسست عدة أحزاب للنخب العراقية التي تولت السلطة، بهدف استخدامها، أي الأحزاب، لتحقيق المصالح الخاصة للفئات الحاكمة من كبار ضباط الجيش العثماني السابقين، أغنياء التجار والمرابين، كبار ملاك الأراضي، والبيروقراطية الإدارية العثمانية. وقد خاضت قيادات هذه الأحزاب صراعات لأسباب ذاتية، نتج عنها حالة من عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي، أدت إلى كثرة تبدل الوزارات.

لقد فرضت الظروف السابقة، ظهور أحزاب جديدة تمثل وتدافع عن المصالح السياسية والاقتصادية للأغلبية من المجتمع العراقي، ممثلة بالفئات الكادحة والفقيرة، إضافة إلى المصالح الوطنية للشعب كتحقيق الاستقلال الوطني الحقيقي. وكان من بينها الحزب الشيوعي العراقي التي تأسس في 1934، الذي شكّل تأسيسه حراكاً سياسياً واجتماعياً جديدا، لم يكن معهوداً في المجتمع، الذي كان الحراك السياسي فيه مقتصراً على النخب الحاكمة التي كانت تتصارع من أجل زيادة نفوذها في السلطة، وليس نتيجة لإختلاف الرؤى حول إدارة الدولة والمجتمع وتقديم ما هو أفضل. وقد تمثل هذا الحراك في بث الوعي لدى المواطنين للدفاع عن مصالحهم الاجتماعية والسياسية، وتحفيزنشاطهم لتنظيم أنفسهم من خلال تشكيل المنظمات المهنية والاجتماعية التي تدافع عن حقوقهم، إضافة لسعيه من أجل بث الوعي بين المواطنين، تحدياً للمفاهيم والأعراف السائدة في المجتمع.

لقد قوبلت مساعي الحزب الشيوعي السابقة بالرفض ومعارضة النخب الحاكمة والفئات الاجتماعية المحافظة، إضافة إلى قوى الهيمنة الخارجية، المتمثلة ببريطانيا التي رأت في الحراك الاجتماعي الذي يقف الحزب الشيوعي وراءه، تهديدا لمصالحها في العراق، فدفعت السلطات الحاكمة إلى اضطهاد منتسبي الحزب، والزج بهم بالمعتقلات والسجون من خلال محاكمات صورية، وقد تصاعد الاضطهاد بعد تطور النشاط السياسي والاجتماعي، فقامت باعدام قادة الحزب، يوسف سلمان يوسف وحسين محمد الشبيبي وزكي بسيم عام 1949.  

إن ما يميز الحزب الشيوعي عن الأحزاب التي تأسست قبله في المجتمع العراقي العديد من السمات منها،

أولا، الانغماس في مختلف النشاطات الاجتماعية والثقافية والسياسية، بمعنى آخر لم يقتصر نشاطه على دراسة المجتمع نظرياً، بل الاهتمام بالنشاط الاجتماعي الذي يربط بين نشر الوعي الاجتماعي/ الطبقي وبين تنظيم الفئات الاجتماعية لتحقيق مصالحها الخاصة والوطنية.

ثانيا، الاستمرارية في النشاط الاجتماعي والسياسي وربط هذا النشاط بالمصالح الخاصة للفئات الاجتماعية وليس بمصالح النخب السياسية، بمعنى استقلالية النشاط وأهدادفه عن النخب وأحزابها السياسية، التي تلجأ إلى تجميد نشاطها خلال احتدام الصراع بين أطرافها أو بينها وبين السلطة.

ثالثاً، ربط النضال من أجل الديمقراطية بتلبية الحقوق الاجتماعية للمواطنين، لذلك عارض الحزب، بشدة مظاهر الديمقراطية الليبرالية التي كانت تركز على بعض الحقوق السياسية ولا تعطي أي اعتبار لتلبية الحقوق الاجتماعية، التي تجعل من الديمقراطية سبيلاً لتلبية مصالح المواطنين وليس خدمة مصالح النخب المتنفذة في المجتمع.

لقد تواصل الحزب الشيوعي في تطوير النشاط السياسي والاجتماعي للمواطن العراقي خلال المراحل المختلفة من تطور الدولة الوطنية، وحقق نتائج ملموسة في بعض الفترات. واعتقد بأن نشاطه في انتفاضة تشرين 2019، تستحق وقفة خاصة، بمناسبة الذكرى التسعين لتأسيس الحزب.

 بعد اسقاط الدكتاتورية في عام 2003، نشط الحزب بفعالية لاعادة بناء الدولة التي اسقطها الاحتلال، على أسس وطنية ديمقراطية وأقرن ذلك بالدفاع عن مصالح المواطنين، من خلال نشاطات متعددة منها:

  • نقد سياسة النخب التي تولت السلطة، وتقديم حلول واقعية لحل المشاكل التي نتجت عن سياسة النظام السابق، والتي تفاقمت بعد الاحتلال ونهج المحاصصة الطائفية القومية التي سار عليه المتنفذون. وقد ساهمت مؤتمرات الحزب الدورية واجتماعات اللجنة المركزية بهذه المهمة، حيث قدمت كثيرا من المقترحات والحلول للمشاكل التي واجهت مسيرة بناء الدولة العراقية بعد الاحتلال.
  • قيام وسائل إعلام الحزب المتعددة بتبني مصالح المواطنين والدفاع عنها وتقديم الحلول المناسبة لمعالجتها، وقد نجحت في ذلك لحد مناسب، رغم قلة الإمكانيات المادية والبشرية، والمحاصرة والتضييق الذي تعرضت له.
  • العمل على تجميع نشاط القوى الوطنية والديمقراطية، لخلق البديل لتجمع المتحاصصين، فكان المبادر والمشارك في كل التحالفات الوطنية التي تكونت. ورغم أنها لم تحقق النتائج المطلوبة، لأسباب عديدة منها ذاتية تتعلق بكيفية تعامل الحزب مع القوى المتحالفة، وطبيعة القوى والشخصيات التي كونت هذه التحالفات، ومنها ما يتعلق بالظروف الموضوعية المرتبطة بالتطور الاجتماعي والسياسي، وسياسة الإقصاء والانفراد والحصار والتضييق الذي انتهجه المتنفذون لتشويه هذه التحالفات والحد من تأثيرها الإيجابي على المواطنين. ورغم السلبيات والأضرار التي لحقت بالحزب  نتيجة اشتراكه بها، إلا انها كانت محاولة جادة لتشكيل بديل وطني للحاكمين ونجحت في زعزعة وحدة التحالف الحاكم وتشديد الضغوط علية للقيام بالاجراءات التي تلبي بعض حقوق المواطنين.

لقد كان لسياسة الحزب ونشاطة المتنوع ضد نظام الفساد والمحاصصة، تأثير بالغ الأهمية على تحفيز نشاط المواطنين، ولم تكن انتفاضة تشرين عام 2019 بعيدة عن الدور الذي قامت به القوى الوطنية والديمقراطية وعلى رأسها الحزب الشيوعي، بفضح منظومة الفساد وكسر حاجز الخوف لدى المواطنين، حيث لم يكن الاشتراك الواسع في انتفاضة تشرين عفوياً، فقد تراكم تأثير نشاط الشيوعيين والوطنيين، الذي بدأ في تظاهرات شباط 2011 ، فأدى إلى تنشيط الفعالية الاجتماعية والسياسية للمواطنين ووصل إلى تهديد حقيقي لسلطة النخب الحاكمة التي أصيبت بالفزع والخوف من سقوط سلطتها نتيجة اوسع انتفاضة شعبية في تاريخ العراق المعاصر. ورغم أن الانتفاضة لم تحقق كامل أهدافها في إزالة نظام الفساد والمحاصصة وذلك لأسباب عديدة تتعلق بطبيعة السلوك السياسي للمواطنين وقدرته على تحقيق أهدافهم والتي أشير إليها بتكثيف شديد، إلا أنها حققت بعض النتائج الإيجابية تمثلت، باسقاط وزارة عادل عبد المهدي، وتشريع قانون عادل نسبياً للانتخابات وتغيير مفوضية الانتخابات.

مستلزمات نجاح السلوك السياسي لتحقيق أهدافه

في البداية أود الإشارة إلى أن السلوك السياسي للمواطنين يختلف عن أنواع السلوك الاخرى، باعتباره يعبر عن التأثير على توجه السلطة السياسية، بشكل عام، وليس التأثير على مجال محدد، ثقافي، مهني، اجتماعي، ترفيهي. ولكي يصل إلى أهدافه، لا بد من بعض المستلزمات الضرورية، منها:

  • ثقافة سياسية في المجتمع، تكونت عبر التنشئة الاجتماعية التاريخية والممارسة الحرة للنشاط السياسي والفكري للمواطنين، وهي جزء من سلوك الأفراد الحياتي، و تتضمن “ القيم والمعتقدات والمواقف المتعلقة بما ينبغي ان تقوم به السلطة، وكيف تقوم به وطبيعة العلاقة بين السلطة والمواطن”.
  • أحزاب سياسية تعبر عن أهداف محددة ومختلفة البرامج السياسية، تحافظ على الاستقلالية التنظيمية لمنظمات المجتمع المدني، من نقابات عمالية ومنظمات مهنية وجماهيرية، كالطلبة والشبيبة والمرأة.
  • وعي وطني، يبتعد عن كافة أشكال التعصب والولاءات الفئوية والطائفية والمذهبية والعرقية والعشائرية، والمحلية/ الإقليمية، لأن ضعف الوعي الوطني، يجعل النشاط السياسي ـ الاجتماعي للمواطنين، موسمي/ مؤقت، ليس له قدرة على الاستمرار. 
  • شعور المواطن بأن نشاطه السياسي سيكون له مردود إيجابي عليه وعلى المجتمع “ المصلحة العامة”.
  • قيادة واعية ذات خبرة سياسية وتنظيمية قادرة على توجيه الفعالية السياسية للمواطنين خلال فترة الاحتجاجات، نحو الغايات التي تخدم المصلحة العامة.
  • توفر الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي تقوم على اقتصاد وطني يعتمد على الانتاج بكافة انواعه الصناعي والزراعي والتجاري والخدمي، يوفر الحاجات والخدمات الأساسية للمواطنين. وعلى ضوء هذه المعطيات، يتم تقييم السلوك السياسي ـ الاجتماعي للمواطنين خلال انتفاضة تشرين الشعبية وقدرة فعاليته السياسية على تحقيق الأهداف المنشودة. وبناء على عدم توفر أغلب هذه المستلزمات السابقة في الظروف الملموسة التي جرت بها أحداث الانتفاضة، وأسباب أخرى، تتعلق بطبيعة القوى المحركة للاحتجاجات وأسلوب السلطة في التعامل معها وطبيعة الظروف الإقليمية والدولية، لم تستطع قوى الاحتجاج إحداث تغيير في طبيعة السلطة.

 تكثيفاً، أشير إلى بعض الملاحظات الختامية

 اولاً، إن مسار عملية التغيير يجري بناء على مستوى تطور البنية الاجتماعية والسياسية والثقافية، وهذا يتطلب ليس فقط اسقاط الأنظمة الإستبداية وإقامة بدائل ديمقراطية بالضرورة، بل وجود قوى وطنية ديمقراطية حقيقية، قادرة على تنشيط الفعالية السياسية والاجتماعية للسير بعملية التغيير نحو آفاق تلبي حقوق المواطنين السياسية والاجتماعية، ومن دون توفر ذلك يمكن أن تؤدي التطورات التي تعقب التغيير إلى عودة الاستبداد بشكل آخر، كأن يكون دينيا سلفيا، أو طائفيا أو ليبراليا يخضع للهيمنة الليبرالية الجديدة في الغرب.

ثانياً،عمل الحزب على تنشيط دور القوى اليسارية والديمقراطية للمساهمة في بناء الدولة العراقية بعد 2003، ونشط في كل تحالفات التي تشكلت، ورغم ان هذه التحالفات لم تستطع تحقيق النجاح، إلا انها كانت محاولة لتقديم بديل لتكتل النخب الحاكمة، يمكن ان تتراكم تأثيراته الإيجابية على تحفيز الفعالية السياسية للمواطنين لاحقاً.

ثالثاً، من أهم دروس انتفاضة تشرين، أن  التغيير لكي يتحقق يحتاج ليس إلى فعالية المواطنين فقط، بل إلى  قيادة واعية لها تجربة بالعمل السياسي والاجتماعي، قادرة على توجيه السلوك السياسي نحو الغايات التي تصب في المصلحة العامة للمجتمع، وذلك من أجل أن:

  • لا تخضع التحركات الجماهيرية للنزعات الفردية ولفكر وشعارات التيار الشعبوي، او تبتعد عن الوسائل السلمية، او ينجح البعض بابعاد القوى الديمقراطية وعلى رأسها الحزب الشيوعي عن لعب دور فاعل في توجيه نشاطات الانتفاضة.
  • لا تنجح سياسة الترويض التي تنتهجتها النخب الحاكمة، التي تطلق الوعود باصلاح الأخطاء السابقة، وتقدم الإغراءات كحصول بعض فئات المحتجين على وظائف وإعانات مادية، وتقديم وجوه جديدة للحكومة من خارج النخب الحاكمة، ولكنها بصلاحيات محدودة (إدارة مؤقتة لمؤسسات الدولة واجراء انتخابات جديدة).

******************************************************************

كُميت

حذام يوسف

وأنا قاب جرفين .. بل أقرب

أقف على حافة الكلمات

وأدندن بلحنٍ لكميت

جذري وبوصلتي ..

حضن جدي

مهد المحبة

سر أسرار المسافة لو مضيت ..

فإن غَضِبَتْ مال النخل دهرا

ونسى التمر على جرف المسافة .. فنسيت

أن في ميسان وردٌ ودرٌ وحقولٌ من قصائد وظفائر

تحضن الضيف .. وهو رب البيت

كميت ياكميت ...

ياجنح ميسان وهي توازن الرفعة مع الثورة

والحكمة مع الصبر

لتروي قصةً وتاريخَ مشاعر

صنعت وطنا حرا وشعبا سعيد

شئت ذلك أو أبيت

****************************************************************************************

الحزب الشيوعي العراقي والتحديات المعاصرة

علي شغاتي

في مدن العراق القديمة، حيث تتناغم أصوات الباعة مع همسات التاريخ، وتتعانق الأرواح الثائرة مع جدرانها الصامدة، ثمة قصة تنتظر ان تُروى. قصة حزبٍ نبت في تربة العراق الخصبة، متجذرًا في عمق تسعين عامًا من النضال والأمل. هذه ليست مجرد ذكرى، بل هي رحلة عبر الزمن، تحكي مسيرة الحزب الشيوعي العراقي، الذي كان وما زال ينير درب الباحثين عن العدالة الاجتماعية والحرية والمساواة.

في الذكرى التسعين نقف لنستذكر أولئك الذين غرسوا بذور الفكر الشيوعي في أرض الرافدين، ونحن نتأمل كيف يمكن للحزب أن يواصل مسيرته في ظل تحديات المحاصصة الطائفية والقومية وشيوع الزبائنية التي تعصف بالمنظومة السياسية العراقية. هيا بنا نسافر عبر الصفحات لنرى كيف يمكن صنع التغيير، واعادة تشكيل مستقبل العراق بأيدي أبنائه وبناته الطامحين الى التغيير.

في زمن تتسارع فيه الأحداث وتتشابك التحديات، يقف الحزب الشيوعي العراقي على أعتاب مرحلة جديدة من النضال الجماهيري، مسلحاً بتاريخه العريق ومبادئه الثابتة. لكن كيف يمكن للحزب أن يعزز نضاله ويوسع تأثيره بين الجماهير في ظل التحديات الراهنة؟

 ان ديمومة الأحزاب تعتمد بشكل أساسي على تفهمها لراهن المجتمع وقدرتها على التفاعل مع قضاياه والمشاركة الفعالة في الحياة السياسية، وعلى تبني مطالب الناس والتعبير عن مصالحهم من خلال تقديم البدائل السياسية والاقتصادية، والمساهمة في إيجاد حلول للمشكلات التي تواجه البلاد.

فالتغيير المنشود ليس مجرد شعار يتوجب رفعه، بل هو مسيرة مستمرة من العمل الدؤوب والتضحيات الجسام التي يجب على الحزب ترسيخ مفاهيمها، والاستمرار في الدفاع عن الديمقراطية والمساواة، والنضال من أجل بناء دولة تحترم حقوق مواطنيها وتوفر لهم العيش الكريم.

يدرك الشيوعيون أن الطريق ليس مفروشًا بالورود، وأن التغيير يتطلب جهدًا مضنيًا وصبرًا طويلاً. لكن بالإيمان، وبالقيم والمثابرة على النهج، يمكن للحزب أن يسهم في تحقيق الأماني والتطلعات.

ومن أجل أن يبقى حزبنا الشيوعي العراقي جزءًا حيويًا من نضال العراقيين، متجددًا ومتطورًا مع الزمن، محتفظًا براهنيته وأهميته في مسيرة البحث عن الحرية والعدالة، فان علينا العمل على تطوير قنوات تواصل مباشرة وفعالة له مع الجماهير، ليس فقط لفهم احتياجاتهم وتطلعاتهم، بل أيضًا لتعزيز وعيهم السياسي والاجتماعي. ومن خلال الحوارات المفتوحة والمنتديات النقاشية، يمكن للحزب أن يبني جسورًا من الثقة والتفاهم مع القواعد الشعبية.

كما يجب على الحزب أن يكون فاعلًا في المجتمع، ليس فقط ككيان سياسي بل كجزء من نسيج المجتمع ذاته. ومن خلال الانخراط في قضايا المجتمع والعمل على حل المشكلات اليومية، يمكنه أن يجسد التزامه بالتغيير الإيجابي ويكسب دعم الجماهير.

وعلى الحزب ألا يتهاون في عملية تطوير كادره، من خلال توفير برامج لتثقيف أعضائه بمبادئ الماركسية وتاريخ الحركات العمالية والوطنية، وتنظيم ورش عمل ودورات تدريبية لتطوير المهارات القيادية والتنظيمية للكادر الحزبي. ومن الضروري إجراء تقييمات دورية فعّالة لأداء الكوادر والقيادات الحزبية، وتحديد نقاط الضعف والقوة، مع ضمان تمثيل جميع شرائح المجتمع في الكوادر الحزبية لتعزيز التنوع والشمول.

كما أن تشجيع الابتكار والتفكير النقدي لتطوير استراتيجيات جديدة تتناسب مع التحديات المعاصرة، ضروريان لتطوير كوادر الحزب وتعزيز قدراتهم.

ويجب أن يظل الحزب ملتزمًا بالقضايا الطبقية والعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية. من خلال الدفاع عن حقوق المهمشين، وان يبقى كما عُرف على الدوام صوتا للضعفاء والمستضعفين.

وكما هو معلوم واجه الحزب منذ احتلال العراق في 2003 تحديات جمّة في رسم وتطوير خطابه ليتناسب مع المتغيرات الجديدة، وبات ضروريا أن يقوم باستمرار بمراجعة سياساته لتعكس الواقع المتغير، وخاصة في الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية، في ظل إمعان قوى السلطة في اعتماد سياسات تسهم في إفقار الناس.

والحزب مطالب اليوم بالخروج برؤية موضوعية للتعامل مع المستقبل، وتجاوز محطات الإخفاق عبر تطوير خطابه السياسي ليصبح أكثر شمولية وجاذبية للجماهير، وعبر تقديم الحلول للخروج من أزمة النظام السياسي القائم.

وفي عالم متغير يتوجب على الحزب البحث عن شركاء حقيقيين في النضال وبناء تحالفات معهم، بما يمكّنه من توحيد الجهود لتحقيق الأهداف المشتركة، وتعزيز مواقعه السياسية بعيدًا عن التجمعات الخاوية الباحثة عن منافع آنية.

وعلى الحزب أن يولي اهتمامًا خاصًا بالشباب، والتفكير في آليات جذب جديدة مع الابتعاد عن كل ما يتسبب في إعاقة تحقيق هذه المهمة الملحة. كما لا يمكن للحزب أن يكسب ثقة الجماهير دون أن يكون مثالًا في الشفافية والمساءلة، لهذا فان عليه تطوير آليات للمحاسبة وتعزيز الشفافية داخل هياكله التنظيمية.

أخيرا.. لابد من القول ان الحزب الشيوعي العراقي يتحرك اليوم ويعمل وسط تحديات جمة، وان عليه مسؤولية كبيرة في رسم خارطة طريق نحو مستقبل للبلاد يسوده العدل والمساواة، مجددا وملامسا الواقع وساعيا الى تغييره.

ولتبقى البيارق الحمراء رمزًا للأمل والتغيير، ترفرف عاليًا في سماء العراق، مضيئة الدروب نحو وطن حر وشعب سعيد.

********************************************************************************

عيد الحزب .. عيد الشعب

ماجد مصطفى عثمان

في الحادي والثلاثين من آذار من كل عام، يحتفل الشيوعيون العراقيون وأصدقاؤهم بذكرى عزيزة على قلوبهم إلا وهي ذكرى تأسيس الحزب الشيوعي العراقي.

ونستقبل هذا العام الذكرى التسعين لتأسيس حزبنا الذي لعب ولا يزال يلعب دورا مهما في تاريخ العراق الحديث وذلك من خلال استقطابه طاقات نضالية وفكرية كثيرة وخوضه معارك عديدة من أجل الاستقلال الوطني والتغيير وبناء الدولة المدنية الديمقراطيةن دولة القانون والمؤسسات والعدالة الاجتماعية.

الحزب الذي ولد ليبقى رغم كل المنعطفات عبر هذه السنين ولم ينحنِ امام كل أعاصير العهود البوليسية والدكتاتورية الفاشية ورغم كل القتل والتعذيب والتسقيط، لكنه في كل مرة ينهض كالأسد ليولد من جديد وبدم جديد وبالشباب مخيبا آمال كل السلطات الفاشية القمعية التي تكالبت عليه خوفا من نفوذه.

وقد كان حزبنا طيلة العقود الثمانية الماضية مساهما مع بقية أحزاب شعبنا الوطنية والديمقراطية في نضالات الشعب وهباته وانتفاضاته وثوراته وسائر معاركه المجيدة ومنها دوره المشرف في انتصار ثورة 14 تموز المجيدة عام 1958 واسقاط النظام الملكي الرجعي انذاك. وكان الحزب في مقدمة المضحين من أجل انتصار قضية شعبنا وتحقيق أهدافه. وقدم على هذا الطريق الآلاف من مناضليه وبضمنهم الكثير من قادته وكوادره يتقدمهم الرفاق فهد وحازم وصارم وسلام عادل وجمال الحيدري ومحمد صالح العبلي والذين قدموا حياتهم فداءً لقضية الشعب والوطن وعانى الآلاف غيرهم من صنوف الحرمان والآلام في سراديب التعذيب وفي السجون والمعتقلات وفي ظل ظروف الاختفاء والتشرد وغيرها من مظاهر التعسف والاضطهاد.

لقد اتسمت مسيرة الشيوعيين العراقيين الكفاحية في العقود الاخيرة وبالذات خلال فترة حكم نظام البعث الفاشي الذي أغرق شعبنا بالكوارث والمأسي والتي لم يشهد التاريخ لها مثيلاً، بعزم واقدام وطيدين في مواجهة أبشع دكتاتورية تسلطت على رقاب ابناء شعبنا في تاريخه الحديث، دكتاتورية هي الأكثر دموية وايذاءً للشعب وإضرارا للوطن.

لقد تعرض حزبنا خلال هذه الحقبة السوداء إلى حملات قمع وحشية استهدفت تصفيته عام 1978 وأدت هذه الحملات إلى سحق منظماته في طول البلد وعرضها. وبعد سقوط النظام الدكتاتوري عام 2003 ظهر مجددا إلى العلن الحزب الشيوعي العراقين واستطاع ان يحقق انتشارا واسعا بين أبناء الشعب العراقي وخصوصا بين اوساط العمال والفلاحين وشغيلة اليد والمثقفين وسائر أبناء شعبنا العراقي بسبب تعبيره الصادق عن أحلام الشعب في التحرر والتقدم والعدالة الاجتماعية.

ومنذ سقوط النظام الصدامي في عام 2003 ارتفعت في سماء المجد أعداد كبيرة من قادة وكوادر وأعضاء حزبنا على أيدي الارهابيين والتكفيريين، ومازال الحزب الشيوعي العراقي حتى يومنا هذا يقدم الشهداء فداءً للوطن ومازالت اغنية الحزب على شفاه مناضليه:

اليمشي بدربته شيشوف يا أبو علي .. لو موت لو سعادة

واحنه دربنه معروف يا أبو علي .. وألوفة عدنه عادة .

سوف نحتفل كلنا بهذه الذكرى العطرة على أرض الوطن، وسوف تسعد الجماهير الكادحة وفي كل بقاع ارض العراق في ذلك اليوم، متحدية كل أعداء حزبنا مهما كانت وتيرة حقدهم وخوفهم.  فالحزب الذي أسسه الشهيد الخالد يوسف سلمان يوسف (فهد) لن يختفي كما يتمنى الأعداء وإنما يزداد عزيمة وإصرار.

وهكذا فأن قوافل شهداء الحزب الشيوعي العراقي مثلت مصابيح مضيئة للمناضلين العراقيين من كل أطياف الشعب ويمثلون هؤلاء الشباب قاسما مشتركا لكل مكونات الشعب العراقي وستبقى دماء الشهداء الشيوعيين شعلة منيرة يحملها أحفاد أولئك الإبطال في ساحات النضال الطبقية والوطنية ملتصقين بحزبهم وشعبهم.

ألف تحية لحزبنا الشيوعي العراقي بمناسبة الذكرى (90) لتأسيسه

تحية إجلال واحترام لشهداء حزبنا الذين وهبوا حياتهم في سبيل وطن حر وشعب سعيد.

***************************************************************************************

الصفحة العاشرة

مجلس حقوق الانسان يطالب بوقف مبيعات الأسلحة لإسرائيل

جنيف ـ وكالات

تبنى مجلس حقوق الإنسان يوم الجمعة، قرارًا يدعو إلى محاسبة إسرائيل على جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية «محتملة في غزة».

وطالب المجلس التابع للأمم المتحدة بوقف أي مبيعات أسلحة لإسرائيل على خلفية عدوانها المتواصل على قطاع غزة، في قرار أبدى فيه مخاوف من وقوع إبادة جماعية ضد المواطنين الفلسطينيين.

وصوتت 28 دولة لصالح القرار، وامتنعت 13 دولة عن التصويت، فيما صوتت ضده 6 دول.

وقال مكتب حقوق الإنسان، تعليقا على الغارة الإسرائيلية على موظفي «المطبخ المركزي العالمي» في غزة، إن «مهاجمة الأشخاص أو المواد المستخدمة في المساعدات الإنسانية قد يصل إلى حد جريمة حرب»، وفقا لوكالة رويترز. وهذه أول مرة يتخذ مجلس حقوق الإنسان موقفا حيال العدوان الدموي المستمر في القطاع منذ السابع من أكتوبر أسفر حتى الآن عن مقتل ما لا يقل عن 33 ألفا وإصابة ما يزيد على 75 ألفا آخرين.

ويشار إلى أنّ، المجلس لا يملك أي وسيلة ملزمة لفرض تنفيذ قراراته.

**********************************************************************************

برنامج الأغذية العالمي ينجح في إيصال المساعدات إلى دارفور

الخرطوم ـ وكالات

أعلن برنامج الأغذية العالمي، تمكنه من إيصال مساعدات غذائية إلى إقليم دارفور غربي السودان لأول مرة منذ عدة أشهر.

ولم يقدم البرنامج، في منشور عبر حسابه على منصة إكس، أي تفاصيل بشأن كميات هذه الإمدادات الغذائية ولا نوعيتها ولا كيف أوصلها، لكنه حذر من أن الوصول إلى دارفور لا يزال محدودا ما قد يؤدي إلى تفاقم كارثة الجوع بهذا الإقليم السوداني.

كما حذر من أن الحرب في السودان تدفع الجوع إلى مستويات قياسية.

ومنذ منتصف نيسان 2023 يخوض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع معارك خلّفت حوالي 13 ألفا و900 قتيل وأكثر من 8 ملايين نازح ولاجئ، وفقا لإحصاءات الأمم المتحدة، فيما لم تتمكن جهود وساطة عربية وأفريقية من إنهاء الصراع.

وفضلا عن تأثيراتها الكارثية على السودان بأكمله، فاقمت الحرب من حدة الأزمة الإنسانية في إقليم دارفور الذي يضم العديد من مخيمات النازحين، بسبب الاشتباكات التي عطّلت وصول المساعدات الإنسانية الدولية إلى الإقليم.

وبدأت مخيمات اللجوء في دارفور عندما نزح السكان من القرى إلى المدن الكبيرة بحثا عن الأمان بعد اندلاع الحرب في الإقليم عام 2003 بين القوات الحكومية وفصائل مسلحة متمردة، وبحسب آخر تقديرات حكومية في 2019، بلغ عدد هؤلاء النازحين أكثر من مليون و900 ألف.

وفي 20 آذار الماضي، حذّر حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي، من وجود مؤشرات على أن مجاعة ستقع في بعض مناطق الإقليم، بداية الصيف المقبل.

وتتصاعد تحذيرات المنظمات الدولية من اتساع الأزمة الإنسانية في السودان عامة في ظل استمرار الحرب الحالية، التي توشك على دخول عامها الثاني.

يذكر أن منظمة أطباء بلا حدود الدولية كشفت في 5 شباط الماضي عن وفاة طفل كل ساعتين في مخيم “زمزم” للنازحين بولاية شمال دارفور، بسبب سوء التغذية.

***************************************************************************

الكيان الصهيوني يوغل في عدوانه رغم الرفض الدولي

متابعة ـ طريق الشعب

دخل عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة يومه الـ 183، وسط متغيرات دولية جديدة باتجاه الضغط لوقف إطلاق النار وإدخال المساعدات ووقف استهداف المدنيين.

وبالرغم من الضغوط الدولية، واصل الاحتلال الإسرائيلي قصف المدنيين في مناطق متفرقة من القطاع، ما أدى لسقوط المزيد من الشهداء والجرحى.

حصيلة الشهداء والجرحى

وأعلنت وزارة الصحة في غزة، عن ارتفاع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي، إلى 33 ألفا و137 شهيدا، بالإضافة إلى 75 ألفا و815 مصابا.

وأكدت الصحة في غزة، في التقرير الإحصائي اليومي، أن الاحتلال الإسرائيلي ارتكب 4 مجازر جديدة ضد العائلات في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية، وصل منها للمستشفيات 46 شهيدا و65 إصابة.

وأضاف التقرير أنه مع استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة لليوم الـ 183 التوالي، لازال عدد من الضحايا تحت الركام وفي الطرقات لا تستطيع طواقم الاسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم.

استئناف المفاوضات

ومن المؤمل ان تٌستأنف خلال عطلة نهاية الأسبوع في القاهرة المباحثات سعياً للتوصل إلى هدنة بين إسرائيل وحماس في غزة، مع تأكيد الحركة الفلسطينية تمسّكها بمطالبها لوقف الحرب في القطاع المدمّر والمهدّد بالمجاعة، والتي تدخل الأحد شهرها السابع.

ويتوقّع أن يصل مسؤولون من الولايات المتحدة وإسرائيل وقطر وحركة حماس إلى العاصمة المصرية، لاستكمال البحث في اتفاق يُتيح وقف القتال لإدخال مزيد من المساعدات، والإفراج عن رهائن إسرائيليين في القطاع، مقابل معتقلين فلسطينيين في السجون الإسرائيلية.

وأفادت وسائل إعلام أميركية بأنّ مدير وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) وليام بيرنز سيتوجّه إلى القاهرة حيث سيلتقي رئيس الموساد ديفيد برنيع، ورئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني ورئيس المخابرات العامة المصرية عباس كامل.

كما أعلنت «حماس»، في بيان، أنّ وفداً برئاسة القيادي خليل الحية «سيتوجه الأحد إلى القاهرة استجابة لدعوة الأشقاء في مصر».

وذكّرت الحركة بأنّ مطالبها لتحقيق الهدنة «تتمثل بوقف دائم لإطلاق النار، وانسحاب قوات الاحتلال من غزة، وعودة النازحين إلى أماكن سكناهم وحرية حركة الناس وإغاثتهم وإيوائهم، وصفقة تبادل أسرى جادّة»، مؤكدة أن هذه «مطالب طبيعية لإنهاء العدوان، ولا تنازل عنها».

خيانة للإنسانية

 وعلى الصعيد الإنساني، اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس أنّ التدابير التي أعلنتها إسرائيل «مشتتة» وغير كافية، فيما قال منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة إن الحرب في غزة «خيانة للإنسانية».

وحذّرت رئيسة منظمة «سايف ذا تشيلدرن» غير الحكومية في الولايات المتحدة جانتي سوريبتو خلال اجتماع لمجلس الأمن الدولي بأن «الموجة المقبلة من الوفيات الجماعية بين الأطفال في غزة لن تأتي بسبب الرصاص والقنابل، بل بسبب الجوع وسوء التغذية».

وقال المتحدث باسم الدفاع المدني في غزة محمود بصل، لـ»فرانس برس»، إنّ «قضية المجاعة» في مناطق شمال القطاع «مأساة جديدة يعيشها المواطن».

وأضاف: «الأطفال يموتون من الجوع، النساء الحوامل لا يستطعن الحفاظ على جنينهن، كما لا تستطيع من أنجبت توفير الحليب لرضيعها، فالمواد الأساسية غير متوفرة في قطاع غزة، وإن كانت متوافرة فهي شحيحة بشكل كبير، وما يدخل القطاع والمناطق الشمالية من إمكانيات ومعدات ومواد أساسية لا يكفي بالمطلق حاجة القطاع».

وتدخل المساعدات الخاضعة لمراقبة إسرائيلية صارمة بكميات ضئيلة جدّاً إلى قطاع غزة من خلال معبر رفح مع مصر، كما تقوم بعض البلدان بإلقاء مساعدات جوّاً، غير أن ذلك لا يكفي لتلبية حاجات السكان الهائلة.

وحذّرت منظمات غير حكومية دولية بأنه من المستحيل العمل بأمان في القطاع وعلقت بعضها عملياتها بعد مقتل سبعة عاملين إنسانيين في منظمة «وورلد سنترل كيتشن»، ومقرها في الولايات المتحدة، بينهم ستة أجانب، الاثنين بضربات نفذتها مسيّرة إسرائيلية.

وطالبت «وورلد سنترال كيتشن» بتشكيل لجنة تحقيق «مستقلة»، فيما دعت بولندا التي قضى أحد مواطنيها في الضربة بإجراء «تحقيق جنائي» بتهمة «القتل».

ويتواصل العدوان الإسرائيلي غير المسبوق على قطاع غزة، برا وجوا وبحرا، مسببا دمارا للبنية التحتية ومأساة إنسانية غير مسبوقة، حيث يعيش مئات الآلاف من سكان القطاع في ظروف صعبة للغاية في ظل انعدام الماء والكهرباء، ومنع سلطات الاحتلال وصول المساعدات الإنسانية إليهم.

*****************************************************************************

كولومبيا تطالب بضمان سلامة الشعب الفلسطيني

لاهاي ـ وكالات

قالت محكمة العدل الدولية إن كولومبيا طلبت منها السماح لها بالتدخل في قضية جنوب أفريقيا التي تتهم فيها إسرائيل بارتكاب جرائم إبادة جماعية في قطاع غزة.

ودعت كولومبيا في طلبها المحكمة إلى ضمان “سلامة الشعب الفلسطيني ووجوده”.

وتسمح محكمة العدل الدولية، وهي أعلى محكمة تابعة للأمم المتحدة، للدول بالتدخل والإدلاء بآرائها. وقالت عدة دول إنها ستسعى أيضا للتدخل في القضية لكن حتى الآن لم تقدم سوى كولومبيا ونيكاراجوا الطلب علنا.

وفي الأسبوع الماضي، أمر قضاة محكمة العدل الدولية إسرائيل باتخاذ جميع الإجراءات الضرورية والفعالة لضمان وصول الإمدادات الغذائية الأساسية إلى الفلسطينيين في غزة دون تأخير.

وفي كانون الثاني، أمرت محكمة العدل الدولية إسرائيل بالامتناع عن أي أفعال قد تندرج في اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها وضمان عدم ارتكاب قواتها أفعال إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في غزة.

ورفض محامو إسرائيل قضية جنوب أفريقيا ووصفوها بأنها سوء استغلال لاتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها.

***********************************************************************************

إيرلندا تسحب استثمارات بملايين الدولارات من شركات إسرائيلية

دﺑلن ـ وكالات

أعلنت الحكومة الإيرلندية عن قرارها سحب استثمارات لها بملايين الدولارات من عدد من الشركات والبنوك الإسرائيلية، بالتزامن مع تواصل حرب الإبادة الجماعية التي يشنها الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.

وذكرت الوكالة الوطنية الإيرلندية، أن إدارة الخزانة قررت سحب نحو 3 ملايين يورو (3.2 مليون دولار) من محفظة الأسهم العالمية الخاصة بها في صندوق الاستثمار الاستراتيجي الإيرلندي.

وأوضحت أن قرار التصفية بمساهمات بقيمة إجمالية قدرها 2.95 مليون يورو من ست شركات وبنوك إسرائيلية، وهي بنك هبوعليم، وبنك لئومي، وبنك الخصم الإسرائيلي، وبنك مزواجي، والبنك الدولي الأول، ومتاجر رامي ليفي.

وعلق وزير المالية الإيرلندي مايكل ماكغراث على القرار واصفا إياه بـ”القرار الصحيح”.

وأشار ماكغراث إلى أن “صندوق الاستثمار الاستراتيجي الإيرلندي، قرر أن ملف مخاطر تلك الاستثمارات لم يعد في نطاق استثماراتها، وأن الأهداف التجارية لتلك الاستثمارات يمكن تحقيقها عبر استثمارات أخرى”.

وفي الأسبوع الماضي، أعلنت إيرلندا أنها ستتدخل في قضية محكمة العدل الدولية التاريخية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد دولة الاحتلال الإسرائيلي من خلال محاولة توسيع تعريف الإبادة الجماعية ليشمل منع المساعدات.

********************************************************************************

ارتبط تاريخه بالحروب وبتفكيك دول وطنية.. الناتو يحتفل بمرور 75 عاما على تأسيسه

رشيد غويلب

في الرابع من نيسان، احتفل الناتو بذكرى تأسيسه الخامس والسبعين. وفي عام 2019 وصف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الناتو بـ “الميت سريرياً” ، ولكن الغزو الروسي لأوكرانيا، شكل فرصة لاستعادة أهميته، وتوسيع صفوفه.

ولم يمنع الدول الأعضاء في الناتو من الاحتفال التاريخ الدموي للحلف الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة، ويمكن الإشارة إلى الأحداث القريبة تاريخيا مثل غزو يوغسلافيا السابقة وتدمير مدنها وتفكيك دولتها الوطنية، والحرب في أفغانستان، واسقاط نظام العقيد القذافي في ليبا وغيرها الكثير. وكانت هذه الغزوات تحت ذريعة الدفاع عن “الديمقراطية”، و”حقوق الإنسان”، و”القيم الغربية”. تسبب الناتو في الموت والدمار عبر قارات بأكملها باستخدام القوة المسلحة لفرض المصالح الجيوسياسية والاقتصادية للولايات المتحدة ودول الناتو الأخرى.

التأسيس

ساهمت 12 دولة في تأسيس الحلف، كان من بينها البرتغال الفاشية، وفرنسا ومستعمرتها الجزائر، وبريطانيا العظمى ومستعمرتها مالطا -تحالفوا مع المفهوم الأمريكي، القائم على قلب موازين القوى التي انتجتها الحرب العالمية الثانية في أوروبا، حتى إذا اقتضى الأمر باستخدام الأسلحة النووية، تحويل أوربا إلى ساحة معركة نووية ـ وهي الآن في صراع محتمل مع روسيا. وكان هذا أيضًا هو السبب وراء الإسراع في تأسيس جمهورية اتحادية في غرب المانيا، بعد بضعة أسابيع من تأسيس الناتو، في أيار 1949، لقطع الطريق على إعادة توحيد المانيا، او القبول بها كدولة موحدة محايدة، كما اقترح الاتحاد السوفيتي حينها. وما الإصرار على الحفاظ على الناتو بعد تفكك منظمة معاهدة وارسو والاتحاد السوفييتي في عام 1991، الا إصرار على استمرار رؤية الهيمنة الرأسمالية في جميع الأوقات وتحت ظروف مختلفة.

ومنذ ذلك العام، أصبح حلف شمال الأطلسي بمثابة ميثاق حربي، وقد تم إعادة تسليحه وفقًا لذلك. وفق معهد السلام في ستوكهولم أنفقت الدول الأعضاء الحالية البالغ عددها 32 دولة حوالي 1.3 تريليون دولار أمريكي على الجيش في عام 2023، منها أنفقت الولايات المتحدة حوالي 880 مليار دولار. بينما أنفقت روسيا حوالي 85 مليارًا، والصين حوالي 230 مليارًا، والإجمالي العالمي 2.24 تريليون دولار. وتحتفظ الولايات المتحدة أيضاً بما يصل إلى ألف قاعدة عسكرية في مختلف أنحاء العالم، ويزعم حلف شمال الأطلسي التدخل العسكري في المحيطين الهندي والهادئ.

وبروح هذا العدوان والتوسع، اجتمع وزراء خارجية الناتو في بروكسل في 3-نيسان الحالي. وانضم لهم بعد يوم زملاؤهم من نيوزيلندا وأستراليا واليابان وكوريا الجنوبية وأوكرانيا. وينصب التركيز على تمديد الحرب في أوكرانيا إلى أجل غير مسمى. وقبل بدء الاجتماع، وصف السكرتير العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ الوضع العسكري لأوكرانيا بأنه “خطير” واقترح إنشاء صندوق يستمر لخمس سنوات، يبلغ قيمته، وفقا لتقارير وسائل الإعلام، 100 مليار يورو: “يجب أن نقدم لأوكرانيا الدعم اللازم”. مساعدة أمنية موثوقة ويمكن التنبؤ بها على المدى الطويل بحيث نعتمد بشكل أقل على المساهمات الطوعية وأكثر على التزامات الناتو. وقد أعربت بولندا وكندا بالفعل عن دعمهما، وشددت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك على أهمية مضاعفة العمليات بين الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي. ووفقاً لستولتنبرغ، ستصبح أوكرانيا بالتأكيد عضواً في حلف شمال الأطلسي؛ ولم تعد المسألة “إذا” بل “متى” فقط.

محطات فشل

تعدّ حرب أفغانستان إخفاقا بارزا للناتو الذي غزاها عقب أحداث 11 أيلول 2001، واستمر الغزو قرابة 20 عاما، متسببا في مئات الآلاف من القتلى وحجم واسع من الدمار، دون أن يتمكن من تثبيت نظام مغاير للنظام السابق للحرب، إذ اضطر الحلف للانسحاب، تاركا السلطة لحركة طالبان الإرهابية، التي خاض الحرب من أجل تقويض نظامها الإرهابي.

 كما تعدّ نتيجة تدخل الناتو في ليبيا فشلا، حالة الفوضى التي دخلتها ليبيا، وتدمير البنية التحتية، والتداعيات السلبية للاعتماد على المقاولين من القطاع الخاص، وهيمنة المليشيات المسلحة، ومقتل الكثير من المدنيين بمن فيهم السفير الأميركي هناك وعدد من موظفي سفارتها.

وفي حرب الإبادة الجارية في قطاع غزة، ظهر تواطؤ دول الحلف مع إسرائيل جليا، وفي مقدمتها الولايات المتحدة، في ما تدعيه بحماية الشرعية الدولية، وحماية حقوق الإنسان، وبالتالي كشف زيف شعار “التدخل الإنساني” أو “المسؤولية عن الحماية”، التي رفعها الحالف كذريعة لتدخله العسكري في البلقان وأفغانستان.

نظام أمن بديل

تطرح قوى اليسار منذ نهاية التجربة السوفيتية، ضرورة حل الناتو، باعتبار ان الأسباب الموجبة لتأسيسه قد زالت. وفي اوربا تطالب غالبية قوى اليسار الأوربي بنظام أمنى بديل في اوربا مع روسيا وليس ضدها، في محاولة منها لتخفيف حدة صراعات الهيمنة بين الأخيرة والمراكز الرأسمالية في الغرب.

*****************************************************************************

الصفحة الحادية عشر

صفحات من تاريخ الحركة الشيوعية الإيطالية

إعداد: رشيد غويلب

بدعوة من الحزب الشيوعي النمساوي زارت لوسيانا كاستيلينا فيينا، وخلال زيارتها قدمت العديد من الفعاليات، حاورها موقع الشيوعي النمساوي حول صفحات من تاريخ الحركة الشيوعية في إيطاليا وأسئلة أخرى. وقبل عرض أهم ما جاء في الحوار المنشور في الموقع بتاريخ 28 شباط 2024، لابد من تعريف مختصر بشخصها.

لوسيانا كاستيلينا

ولدت لوسيانا كاستيلينا عام 1929 في عهد فاشية موسولوني، وانضمت إلى الحزب الشيوعي الإيطالي بعد وقت قصير من تحرير إيطاليا، وسرعان ما أصبحت مسؤولة في رابطة الشبيبة الشيوعية. وهي محامية مدربة، عملت أيضًا صحفية، وشاركت في القسم النسوي في الحزب وأصبحت فيما بعد عضوًا في المجلس التنفيذي للاتحاد النسوي، الذي كان منظمة ديمقراطية غير حزبية.

وخلال مسيرتها المهنية كانت أيضًا عضوا في البرلمان الإيطالي لثلاث دورات وعضوا في البرلمان الأوروبي لمدة عشرين عاما. وانتقدت هي ورفاق آخرون علنا مسار الحزب الشيوعي الإيطالي في أواخر الستينيات وأسسوا منصة ومجلة «منفستو» الشيوعية، تم طردها من الحزب مع روسانا روساندا ولوسيو ماغري وآخرين. ولم تعد إلى صفوف الحزب الشيوعي الإيطالي إلا في عام 1984 بدعوة من زعيم الحزب حينها إنريكو بيرلينغوير. وخلال سنواتها الـ 94، شهدت لوسيانا كاستيلينا صعود الحزب الشيوعي الإيطالي، ليصبح أقوى حزب شيوعي في أوروبا الغربية، لكنها شهدت أيضًا نهايته المأساوية وتفككه.

بدأت علاقة لوسيانا بالحزب بعد أيام قليلة من تحرير إيطاليا (25 أبريل 1945)، في تظاهرة من أجل الحرية. كان المكان مليئًا بالعمال، وتأثرت بكلمة ألقيت في التظاهرة شكلت قناعاتها الأولى. ودار الحديث عن الجرائم التي ارتكبها الفاشيون ضد أنصار تيتو في يوغوسلافيا. بعدها اقتنت جريدة الحزب، والتقت في المدرسة بأحد أعضائه الذي دعاها لحضور النشاط الثقافي في الحزب.

حزب جماهيري

منذ عام 1954 وحتى الانتخابات البرلمانية عام 1987، كان الحزب الشيوعي دائمًا ثاني أقوى حزب، وعادةً ما كان متقدما بفارق كبير عن الحزب الاشتراكي. وبالتالي كان الشيوعي الإيطالي حزبا جماهيريا، بلغ متوسط قوته التصويتية 27 في المائة من أصوات الناخبين. ولتفسير ذلك يمكن الاستشهاد بجان بول سارتر، الذي قال ذات مرة: «لقد فهمت أخيراً ما هو الحزب الشيوعي الإيطالي: إنه إيطاليا!». وهذا يصف الأمر على نحو ملائم: لقد ولدت الشيوعية الإيطالية حقا من داخل المجتمع وحافظت دائما على قربها من السكان. وشعر الناس أن هذه الحركة متجذرة بقوة في عاداتهم، وفي ثقافتهم، وبالمقابل طور الحزب حسه تجاه الحركات. بعد عام 1945، أدرك الحزب أنه لا يوجد وضع ثوري وأنه يجب بناء الديمقراطية. لقد وضع سياساته على هذا الأساس، ووصلت عضوية الحزب في فترة الصعود إلى قرابة مليوني مناضل.

سنوات استثنائية

منذ عام 1968 فصاعدا، شهدت إيطاليا موجة من الحركات العمالية المتشددة: من الثورات الطلابية إلى النزاعات العمالية إلى العنف اليساري. وما يسمى بالسنوات الرصاصية من الكفاح المسلح. وعند تقييم ما حدث من الضروري الإشارة إلى الخطأ في ربط عام 1968 بالجنس والمخدرات وموسيقى الروك أند رول. لقد نشأت في إيطاليا حينها ثورة مناهضة للاستبداد، وكانت مناهضة للرأسمالية بشكل واضح ومرتبطة بقوة بالنضالات العمالية في المصانع. لقد اتخذت التطورات بعد ذلك مسارين: تراجع البعض إلى الفردية، وحمل آخرون السلاح. لقد ظنوا أن الثورة ستكون ممكنة غدًا. وعلى النقيض من الحزب الشيوعي، الذي كان يرى في المتطرفين اليساريين مجرد عملاء لمراكز في الخارج، مثل وكالة المخابرات المركزية، أخذ مؤسسو جريدة «منفستو» هذه الجماعات على محمل الجد. وأدركوا أن عمليات الكفاح المسلح كانت بمثابة رد فعل من جانب الحركة، وإن كان رد الفعل هذا، خاطئًا للغاية، وكان من الضروري خوض نضال سياسي ضده، لأنه تسبب في ضرر دائم للحركة العمالية.

إنريكو بيرلينغوير

يعتبر سكرتير الحزب الشيوعي الإيطالي الأسبق كان إنريكو بيرلينغوير، من الشخصيات البارزة في تاريخ الحزب الشيوعي الإيطالي. وكان قد قاد الحزب الشيوعي من عام 1972 إلى عام 1984. ويعتبر أيضًا أبرز ممثلي بالشيوعية الأوروبية. لقد كان بيرلينغير هو من أعاد مجموعة «منفستو» إلى صفوف الحزب. بعد أن لاحظ أن الجناح اليميني يكتسب نفوذاً وبالتالي أراد إعادة بناء اليسار. وكان وراء  سياسة السلام المبنية على موقف أوربي مستقل بعيدا عن الكتلتين، الذي طرحته حركة السلام التي كانت قوية جدا في ذلك الوقت. وهنا جسد مطالب الحركة المناهضة للحرب وأطلق عليها اسم «الطريق الثالث». وفي عهده تم تبني «التسوية التاريخية»، أي التقارب مع الديمقراطيين المسيحيين. وأدرك لاحقًا خطأ هذا المسار. وكانت لديه شجاعة الاعتراف بالخطأ. وكان بيرلينغير أيضاً أول من فهم أزمة الديمقراطية الإيطالية وأطلق عليها هذه التسمية، وهي الأزمة التي لا تزال مستمرة حتى اليوم. وإنريكو بيرلينغير هو من فتح الحزب للحركات الاجتماعية، وخاصة الحركة النسوية.

الهوية الشيوعية

يعد الحزب الشيوعي الإيطالي مثالا جيدا للحزب العظيم بسبب الدور الذي لعبه في التاريخ الإيطالي. لقد كان قوة دافعة للتنمية في المجتمع، كما في السياسة. وهنا تعلم الناس أن يصبحوا أبطال تنمية، وموضوعات للسياسة والتغيير. عندما يطلق المرء على نفسه توصيف شيوعي في إيطاليا يرتبط بالحركة الشيوعية الإيطالية، التي تشمل الشيوعية الأرثوذكسية وغير الأرثوذكسية. وبالتخلي عن الاسم، يكون الحزب الشيوعي الإيطالي قد انتحر: فهو لم يغير اسمه فقط، بل تغير الكثير، لقد تخلوا عن جوهر سياساتهم بالكامل لقد ترك هذا القرار صدمة حقيقية: فقد صمت 400 ألف من أعضاء الحزب واختفوا من المسرح السياسي. وأول عمل للحزب الوريث «حزب اليسار الديمقراطي» الذي خرج منه الحزب الديمقراطي فيما بعد؛ تمت الموافقة على العملية العسكرية الإيطالية في العراق على الفور (حرب الخليج الثانية 1991). وكان حل الحزب الشيوعي، الذي صوتت مجموعة «منفستو» ضده، كان بمثابة كارثة تاريخية.

ارتبط حل الحزب الشيوعي الايطالي بتفكك الاتحاد السوفيتي وبلدان المنظومة الاشتراكية، وكان القرار تحت ضغط الإحباط الذي ساد الحركة الشيوعية حينها، والذي لا زال أغلب أحزابها يعاني منه. لقد خلف الحل حالة الضياع التي مر ذكرها، وتحول الحزب الديمقراطي، التنظيم الأكبر من التنظيمات التي خلفت الحزب الشيوعي الأم إلى حزب ديمقراطي اجتماعي يتبنى في الغالب سياسات يمينية. أما التنظيمات الشيوعية التي خلفت الحزب الأم والتي يعتبر «حزب اعادة التأسيس الشيوعي»، إلى جانب «الحزب الشيوعي الايطالي»، و «حزب الشيوعيين الايطاليين» وتنظيمات أخرى أصغر، فقد عانت من سلسلة من الانشقاقات، ولم تنجح في تقديم بديل يساري، وأصبحت جميعها خارج البرلمان. ويمكن القول إن عملية حل الحزب الشيوعي الايطالي الأم هي الأفشل في تجارب الأحزاب الشيوعية التي كانت ذات تأثير كبير قبل اختفاء المنظومة الاشتراكية في أوربا.   

التحالفات

كان بإمكان الشيوعيين في إيطاليا أن يحققوا نجاحات كبيرة من موقعهم كحزب معارض. ولكن عندما دعموا حكومات شبه ائتلافية في البرلمان تكبدوا خسارات، سواء كان الحزب الشيوعي الايطالي، او لاحقا حزب إعادة التأسيس الشيوعي، أحد التنظيمات التي خلفت الحزب الأم بعد حله. وهذا لا يعني رفض التحالفات الحكومية عموما. ولكن ليس بأي ثمن؛ بل أن الأمر يعتمد إلى حد كبير على الطبيعة المحددة للائتلاف. وخصوصا في الحكومات المحلية، حيث يمكن اكتساب تجارب سياسية جديدة. وهذا يسمح ببناء ما أسماه غرامشي «القلاع»، وهي قواعد محصنة في المجتمع يمكن من خلالها بناء السلطة وتحقيق الهيمنة. لذلك، فأن نجاحات وتجارب الحزب الشيوعي النمساوي في مدينة «غراتس» مهمة للغاية.

تجري الاشارة إلى نجاحات الحزب الشيوعي النمساوي، في السنوات القليلة الماضية، في الانتخابات المحلية وانتخابات الولايات الاتحادية. لقد توج الحزب سلسلة نجاحاته في مدينة غراتس، ثاني أكبر مدن النمسا، عاصمة ولاية ستيريا، بحصوله في انتخابات ايلول 2021 على 29 في المائة من اصوات الناخبين، بزيادة قدرها 8 في المائة مقارنة بالانتخابات التي سبقتها. وانتخبت القيادية الشيوعية الكا كار عمدة للمدينة، خلفا للعمدة السابق من اليمين المحافظ. وكان ذلك نجاحا تاريخيا، شكل مفاجأة للجميع.

وفي ولاية سالزبورغ، حقّق التحالف “الحزب الشيوعي النمساوي+” في انتخابات الولاية في نيسان 2023، أكثر من 11 في المائة وهي أفضل نتيجة حققها الحزب على الإطلاق في انتخابات مجالس الولايات والمجالس البلدية. وفي عاصمة الولاية أصبح الحزب القوة الثانية بعد حزب الشعب المحافظ، بالإضافة إلى تعزيز نسبي للقوة التصويتية في مدن وولايات أخرى. وبعد هذا النجاح الاستثنائي، منحت استطلاعات الرأي الحزب، في حال إجراء انتخابات برلمانية عامة، 7 في المائة، ما يعني أن الشيوعيين النمساويين سيعودون في انتخابات خريف 2024، إلى البرلمان الاتحادي، بعد آن غادروه في أجواء صعود الحرب الباردة في عام 1949.

تجربة طويلة

بعد 77 عاما من العمل في الحركة الشيوعية الإيطالية، ترى لوسيانا كاستيلينا، إن وضع اليسار في جميع أنحاء العالم لا يبدو جيدًا. وأن الشيء الأكثر أهمية بالنسبة للأحزاب اليسارية والشيوعية اليوم هو الاعتراف بالأزمة الخطيرة التي تمر بها الرأسمالية. واليسار في نقطة تحول تاريخية. لا يمكنك العودة إلى زمن التسوية الديمقراطية الاجتماعية والشراكة الاجتماعية. وكذلك فأن الرأسمالية التوسعية لا يمكن أن تستمر كما هي، لأنها تدمر أسس البيئة. خلاصة القول: «علينا أن نصنع الثورة. علينا أن نناقش الشكل الذي ستتخذه. ولكن هناك أمر واحد مؤكد، هو الحاجة للقطيعة مع الاستمرارية. وعلينا أن ندرك: أننا وصلنا إلى نقطة دراماتيكية في التاريخ».

*******************************************************************************

البرازيل.. عام من الأمل والتحديات

إعداد: إبراهيم إسماعيل

منذ استعاد لويس إيناسيو لولا دا سيلفا السلطة قبل عام واحد، علق اليسار آماله على رئيس حزب العمال وعصره الجديد في البرازيل رغم التحديات الهائلة التي تواجهه. وقد راحت مخاوف اليسار جراء هيمنة اليمين على الكونجرس والركود في الاقتصاد العالمي، تتبدد تدريجياً، حيث تبدو المعطيات الاقتصادية أكثر إيجابية مما كان ينتظره أكثر المتفائلين حماساً.

تحديات سياسية

مرت البلاد في سنوات صعبة، جراء وباء كوفيد وحكم الرئيس اليميني المتطرف السابق جايير بولسونارو، فقد كان التدريس رقميًا على الرغم من أن الغالبية لا تتوفر لديها إمكانية الوصول إلى الإنترنت، مما أبقى جيلاً كاملاً من الشباب بدون تعليم. وألقت بهم هذه الظروف في جحيم المخدرات، حيث نرى جميع الشباب الذين تزيد أعمارهم عن اثني عشر عامًا تقريبًا يستخدمون الماريجوانا اليوم، ويترددون في العودة إلى المدرسة، وهو أمر كارثي تماماً.

يقول أنصار الرئيس لولا بأنه ورغم كل شيء، هناك أمل للعودة إلى مجتمع يسوده القانون والعمل، حيث صار توجيه الاتهام إلى رجال الشرطة العسكرية طبيعياً إذا ما أطلقوا النار على الشباب والفقراء بلا سبب، وهو ما كانوا قد اعتادوا عليه في عهد بولسونارو. كما انعكست نتائج الانقلاب الفاشل الذي قام به الرئيس المهزوم جايير بولسونارو، واقتحم فيه انصاره الكونجرس والمحكمة العليا والمبنى الحكومي، بشكل شديد السلبية على اليمين، وفقد بولسونارو حق الترشح في الانتخابات المقبلة، وبات يظهر كسياسي فاقد الأهلية.

غير إن ذلك ليس كل ما في المشهد، فهناك مخاطر جدية من بقاء التيارات التي أوصلته إلى السلطة فاعلة وتمارس حقدها الأعمى على اليسار والحركات الاجتماعية. ومن أكبر هذه التيارات حزب بارتيدو الليبرالي اليميني المتطرف، ومجموعة غير متماسكة من الأحزاب تسمى كتلة الوسط، والتي يقودها حالياً بشكل غير رسمي رئيس مجلس النواب، أرتور ليرا، الذي نقل ولاءه للرئيس لولا عند فوزه، وكان هذا الإنتقال مهماً لتتمكن الحكومة من تنفيذ سياستها، رغم إنه انتقال غير مضمون.

فساد مخيف

يوجد في البرازيل نظام يسمى «إيمينداس»، وهي مشاريع محلية مثل بناء الطرق أو المرافق الرياضية وغيرها، من التي ترصد لها الموارد ويقوم البرلمانيون بتنفيذها في دوائرهم الانتخابية للحصول على الدعم من ناخبيهم. ويشرعن هذا النظام الفساد، لأنه يوفر فرصة للاستيلاء على الموارد. وقد حاول الرئيس لولا التخلص من هذا النظام، إلا أنه اضطر لتخصيص نحو 10 مليار دولارلإدامته بغية ضمان ولاء ليرا وتمرير سياساته اليسارية، وهي أموال كان يمكن أن تتم الاستفادة منها في مشاريع وأماكن أخرى.

إصلاحات مهمة

ولكن على الرغم من ذلك، أقر وزير المالية فرناندو حداد أول إصلاح ضريبي، فشل كل من سبقوه منذ الدكتاتورية العسكرية في القيام به. ويهدف هذا الإصلاح إلى تبسيط الإجراءات وقلب المعادلة من ضرائب تنازلية، يدفع فيها الأغنياء أقل، إلى ضرائب تصاعدية يدفع فيها الفقراء أقل. كما واجه لولا البرلمان اليميني مراراً من خلال تبني عدد كبير من البرامج الاجتماعية التي تتضمن الإسكان المدعوم والأدوية المجانية وزيادة الحد الأدنى للأجور. ونجحت الحكومة بتحقيق نمو اقتصادي بنسبة 3 بالمائة وخفض التضخم إلى 4.5 في المائة، وهو ما بدا أفضل بكثير مما كان متوقعاً. وتمكنت الحكومة من خلق مليوني فرصة عمل وخفض البطالة، الأمر الذي تحسن معه التصنيف الائتماني للبرازيل في السوق المالية الدولية.

إصلاح صناعي

ومع تخفيض سعر الفائدة، وهو شرط أساسي للاستثمارات التي تحتاج إليها البرازيل بشدة، بدأت عملية انقاذ الإنتاج الصناعي من التخلف والركود الذي عاناه في فترة حكم اليمين. كما أعطت حكومة لولا الدولة دوراً أعظم في الاستثمار الصناعي، سواء من خلال الشركات المملوكة للدولة مثل شركة النفط العملاقة بتروبراس أو بالتعاون مع القطاع الخاص، الذي ما يزال متردداً في المشاركة.

حركة MST

ويستند الرئيس لولا وحزبه على قاعدة جماهيرية واسعة، تتكون من حركة العمال عديمي الأرض MST، التي تضم صغار المزارعين وعمال المزارع الفقراء، المنظمين جيداً والقادرين على التصرف بسرعة وتعبئة الحلفاء، حتى باتوا قوة حاسمة في البلاد. وبديهي أن يعتبرهم بولسونارو، أهم أعدائه الرئيسيين، حيث بذل، هو وحلفاؤه اليمينيون أقصى جهودهم لتجريم الحركة، لكنه فشل عندما وجدت المحكمة أن احتلال العمال للأراضي كان أمراً مشروعاً.

وتعتبر الحركة خسارة بولسونارو أمراً مهماً، لأنه شكّل دوماً تهديداً لما أنشأته من مستوطنات وتعاونيات ومدارس، مفتخرة بتنظيمها القوي واستثمارها للعلاقة الوطيدة مع بقية المجتمع، وخاصة الفقراء في المناطق الحضرية. لكنها ترى في حكومة لولا الإئتلافية ظرفاً أكثر تعقيدا مما كانت عليه في ظل حكومات لولا السابقة، معتقدة بأن عليها أن تواصل الكفاح لاستئناف إصلاح الأراضي من خلال المزيد من المستوطنات، خاصة بعد أن أعادت الحكومة إنشاء وزارة الإصلاح الزراعي، التي تحتاج إلى تمويل كاف لتنفيذ برنامجها.

تضم الحركة مليون ونصف عضو ولها منظمات في 23 ولاية من ولايات البرازيل الست والعشرين، ولديها اليوم مشروع نقل 65000 عائلة تعيش في الخيام والأكواخ، إلى السكن في بيوت مناسبة والعمل في الإنتاج الزراعي.

يقول جواو بيدرو ستيديل، المنظر الأبرز لحركة MST، بأن فوز لولا في الانتخابات كان انتصارا للديمقراطية ولاستعادة الدولة. وكان ذلك يعني أيضًا إعادة إنشاء جبهة واسعة من القوى التقدمية. ويضيف «لقد رأينا بالفعل خلال الحملة الانتخابية أن لولا يريد حقاً مكافحة عدم المساواة الاجتماعية والفقر والجوع. لكن ليس كل الوزراء ملتزمين بنفس الدرجة. إن الحركات الاجتماعية ترغب في رؤية مشروع شعبي جديد للبرازيل. إنهم يتحدثون عن الحاجة إلى إعادة تصنيع البلاد. في صندوق البيئة، نرى تقدما كبيرا. على سبيل المثال، انخفضت إزالة الغابات في منطقة الأمازون بنسبة 22 بالمائة، وهناك تخطيط لإعادة تشجير 50 مليون هكتار».

حفل التنصيب

في الحفل الذي تم فيه تنصيب لولا رئيسًا يوم 1-1- 2023، تم تسليم الشريط الرئاسي له بشكل رمزي من قبل ثمانية أشخاص من مختلف الفئات الضعيفة في المجتمع، مثل السكان الأصليين، وأحفاد العبيد، وجامعي العلب، والأشخاص ذوي الإعاقة وغيرهم.

وبعد مرور عام، قال أحد هؤلاء، وهو ممثل حركة السكان الأصليين بأن إنشاء وزارة للشعوب الأصلية بمثابة نجاح كبير، حيث تولت سونيا غواخارا من حركتهم منصب الوزيرة، وصار ممكناً أن تجرى حوارات مع الحكومة حول حقوقهم. ولكن غواخارا ما زالت قلقة من ألاعيب الكونغرس اليميني الذي يحاول تشريع قوانين تهدد أراضي السكان الأصليين، في تحد واضح للرئيس لولا.

خاتمة

ورغم سلسلة من الصعوبات، فإن العام الأول الذي قضاه لولا في السلطة حقق بعض النجاح. وقد أظهر الرئيس البالغ من العمر 78 عاماً براعته كمفاوض واستراتيجي، على الرغم من أن الطريق إلى الأمام لا يزال غير مؤكد. وعلى أية حال، تبقى تجربة لولا درساً للحكومات التي تملأ الدنيا ضجيجاً عن منجزاتها الوهمية، وتوظف عدداً لا يحصى من المطبلين لها والداعمين لضجيجها وأوهامها، دون أن يتذكر أحد منهم أن قرص الشمس لا يحجب بغربال.

*********************************************************************************

الصفحة الثانية عشر

هل يمكن إصلاح التدمير في غزة؟

بقلم: أود مارتان*

ترجمة: د. محسن القزويني

في الوقت الذي يتدهور فيه الوضع الإنساني في غزة بالمطلق، فأننا ما زلنا لا نعرف مدى الدمار الحقيقي، فالمستقبل الاقتصادي للقطاع معرض للتدمير بشكل خطير، خاصة إذا استمر الحصار واستمر النقص في المساعدات الدولية.

تتصاعد رغبة بنيامين نتنياهو في ممارسة الرعب إلى أبعد من ذاك. إن الحرب التي شنتها إسرائيل ردا على هجوم حركة حماس الاسلامية في 7 تشرين الأول الماضي والتي أودت بحياة 1200 شخص، خلفت حتى الآن، وفقا لآخر معطيات وزارة الصحة في القطاع، 28500 قتيلا، بضمنهم أكثر من 5 آلاف طفل.

وقد طلب رئيس الوزراء الإسرائيلي من جيشه أن يتهيأ للهجوم على مدينة رفح الواقعة جنوب القطاع، على الحدود المصرية، حيث جرى قصف هذه المدينة مما تسبب في مقتل حوالي 100 فلسطيني، وتحرير اثنين من الرهائن الإسرائيليين.

وتوعد أمس الوزير الإسرائيلي بيني غانتس، بدخول الجيش الإسرائيلي مدينة رفح، مع بداية شهر رمضان أي حوالي العاشر من آذار، إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن. وبهذا الخصوص، أعربت معظم الدول الغربية عن معارضتها لخطر وقوع كارثة انسانية واسعة النطاق. علما أن نصف سكان قطاع غزة أي أكثر من مليون مواطن يتركز في هذه المدينة، التي تشكل 20 في المائة فقط من مساحة القطاع. ومنذ وصول اللاجئين الهاربين من الشمال، نتيجة لبدء القصف، أصبحت المدينة مكتظة بخمسة أضعاف عدد سكانها قبل بداية الحرب.

دمار شبه كامل للمنشآت الاقتصادية

لقد دعت الولايات المتحدة إلى التخلي عن الهجوم إذا لم تتوفر “ خطة موثوق بها وقابلة للتنفيذ” من أجل “ ضمان أمن المدنيين”. ويبدو هذا مستحيلا تماما. وبغضب يتساءل رئيس الدبلوماسية في الاتحاد الاوربي جوزيب بوريل: “إلى أين سيتم اخلاؤهم؟”  و”إلى أين سينقل كل هؤلاء الناس؟” إلى القمر؟! وينتقد بشدة اللعبة المزدوجة التي تمارسها واشنطن والعواصم الاوربية، فهي تتحدث علنا ضد العمليات الجارية الآن أو ما يتم الإعداد له، بينما تستمر في توفير السلاح لإسرائيل.

وتتجه كل الأنظار في الوقت الحاضر إلى رفح، فمن لم يمت بالقصف، يواجه الجوع وعدم توفر الماء وانهيار المنظومة الصحية وانتشار العدوى التي تهدد بالموت. لقد أصبحت الظروف الانسانية كارثية بشكل غير مسبوق في كل مكان في غزة.

ولا تدخل المساعدات إلا بالقطارة عبر نقطة التفتيش في رفح، وهي المدخل الوحيد إلى القطاع الفلسطيني منذ بداية الحرب، حيث دخلت 173 شاحنة من المساعدات الإنسانية، كمعدل يومي إلى غزة خلال أسبوع وقف إطلاق النار في نهاية تشرين الثاني، في حين أن متوسط ما كان يدخل القطاع، قبل هجوم السابع من تشرين الأول 2023، كان 500 شاحنة يوميا.

يقول طاهر اللبدي، المختص في الاقتصاد الفلسطيني في معهد الشرق الأدنى الفرنسي “ منذ 2007 ونتيجة للحصار المفروض على قطاع غزة من قبل إسرائيل، أصبحت ظروف حياة الفلسطينيين بائسة للغاية”. وهذه المساعدات كانت أصلا غير كافية لتغطية احتياجات السكان الضرورية. ومن الواضح أن هذه الاحتياجات أخذت تتزايد منذ بداية تشرين الأول”. وأضاف طاهر اللبدي: “وكلنا نشاهد الخراب شبه الكامل للمنشآت الاقتصادية الذي شمل المصانع والمزارع وغيرها. فكل ما كان يسمح لغزة بالبقاء على قيد الحياة وتغطية احتياجاتها الحيوية لم يعد موجوداً وكل ما كان يُنتج في غزة لا يُنتج الآن”.

ووفقا لما يظهر من صور الاقمار الصناعية، فإن ٢٢ في المائة من الأراضي القابلة للزراعة بحلول منتصف كانون الأول قد تم تدميرها، بالإضافة إلى أن الارتفاع الحاد في أسعار المواد الغذائية المتبقية في المحلات التجارية والأسواق إلى جانب الانخفاض في دخل الفلسطينيين، سيؤدي بالضرورة إلى زيادة عديد الذين يعتمدون الآن على المساعدات من أجل البقاء. واستنادا إلى طاهر اللبدي فإن “ سعر كيلو الطحين ارتفع من 10 دولارات إلى 100 دولار وسعر البصل من 75 سنتا إلى 12 دولارا، أي أن الأسعار قد ارتفعت من 10 إلى 15 مرة “، هذا بالإضافة إلى أن الكثير من الفلسطينيين لم يعد لديهم موارد مالية بسبب فقدانهم لوظائفهم، وأصبح من الصعب عليهم، وبشكل متزايد، الوصول إلى أموالهم الموجودة في المصارف لعدم توفر السيولة الكافية.

ونتيجة لجفاف موارد السلطة الفلسطينية، فإن رواتب موظفي الخدمة العامة لا يتم تسليمها إلا جزئيا وبشكل متأخر. فعلى سبيل المثال، تم في بداية شباط تسليم رواتب كانون الأول وبنسبة تصل إلى 60 في المائة فقط.

ونتيجة لما تقدم، أصبحت الغالبية العظمى من سكان غزة في نهاية تشرين الثاني تعاني من أزمة ومن انعدام الأمن الغذائي الحاد، وأصبح 400 ألف مواطن يعيشون حالة مجاعة.

نقص الماء والوقود

إن عمليات تسليم الوقود هي أيضا غير كافية إلى حد كبير. فهناك حاجة يومية إلى 160 ألف لتر لتغطية الاحتياجات الإنسانية الأساسية وفقا لوكالة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين الفلسطينيين “الأنوروا”. لكن ما سلّم في شهر كانون الثاني بالكامل لم يصل إلى 400 ألف لتر فقط.

ونفس الحالة تشهدها خطوط الجهد العالي القادمة من الدولة العبرية التي كانت تزود الغزاويين قبل الحرب بالكهرباء لمدة تتجاوز قليلا 12 ساعة يوميا، والتي تم قطعها، بعد هجوم 7 تشرين الأول بوقت قصير.

هذا يعني أن المولدات - وبالتالي الوقود - هي الآن الطريقة الوحيدة للحصول على الطاقة وتشغيل البنية التحتية الأساسية مثل مرافق معالجة الصرف الصحي وتحلية مياه البحر وخدمات المستشفيات.

ونتيجة لذلك، أصبح الحصول على ماء الشرب نادرا في الجنوب ومستحيلا في الشمال حسب ما أشار إليه مكتب تنسيق الشؤون الانسانية التابع للأمم المتحدة.

وإسرائيل غير مهتمة بما يحدث، وتدعي أن هذه الإجراءات هي الوسيلة لإخراج مقاتلي حماس من الأنفاق، التي تغطي قطاع غزة بالكامل وتبرر تطرفها من خلال مقارنتها بتطرف حماس المسيطرة على السلطة في غزة منذ 2007، باستثناء أن لدى الحركة خزين من الديزل يكفيها لعدة شهور من الحصار كما أشار ايلي ريتج المختص بالطاقة في مركز بيغين-السادات الإسرائيلي للدراسات الاستراتيجية.

وهذه إشارة من إشارات كثيرة على أن “ إسرائيل تقوم بتدمير غزة دون تدمير حماس” على حد تعبير جان- بيير فيليو، المؤرخ المتخصص بشؤون الشرق الاوسط.

إن المستهلك الرئيسي للوقود هو القطاع الصحي الذي أصبح على حافة الهاوية.

فمن 36 مستشفى في غزة، توقفت 22 مستشفى عن العمل تماما. والمستشفيات التي ما زالت تعمل جزئيا باتت تعمل بظروف يرثى لها، على حد وصف الممرضة إيمان معارفي عند عودتها من مهمة في المستشفى الأوربي في جنوب قطاع غزة استمرت اسبوعين: “إنه عش من البكتيريا، يجب غلقه وتعقيمه ابتداء من الأرض حتى السقف وتغيير المعدات ورمي الأفرشة التي امتصت لأيام دماء العديد من ضحايا، دون تعقيم لعدم توفر المواد المعقمة”.

تراجع المساعدات الدولية

وعلى أساس هذا المثال، يمكننا تصور حجم مشروع إعادة الإعمار الذي ينتظر الأراضي الفلسطينية حيث تعرض 60 في المائة من البنايات السكنية إلى الدمار الكامل او الجزئي، بالإضافة إلى 392 مدرسة و184 جامعا و3 كنائس. ناهيك عن العواقب التي ما تزال غير مرئية.

“ إن 20 في المائة من الصواريخ التي تطلقها إسرائيل على غزة لم تنفجر وإزالتها تتطلب جهودا كبيرة جدا. وسيكون لذلك تأثيرات بعيدة المدى على النشاطات الاقتصادية وخصوصا في القطاع الزراعي وبالتالي على إمكانية تعافي غزة”، هذا ما أكده جان لويس أركاند أحد المشاركين في كتابة تقرير صادر مؤخرا عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية والمخصص لتقييم الدمار الاقتصادي في غزة.

ونظرا لحجم الدمار غير المسبوق، يشير التقرير إلى “ استحالة إنعاش وتنمية غزة دون بذل جهود جادة وسريعة من جانب المجتمع الدولي” ودون عكس اتجاه التباطؤ في المساعدات الدولية الذي أصبحنا نشاهده منذ 2008. لقد كانت تعادل 27 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي الفلسطيني آنذاك، أي 2 مليار دولار، إلا أنها وصلت في عام 2022 إلى أقل من 3 في المائة، أي ما يعادل 550 مليون دولار.

وفي هذا الوقت الحرج بالذات، قررت مجموعة من الدول الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة، تعليق تمويلها للأونروا بعد اتهامات إسرائيلية، مازالت قيد التحقيق، والتي تزعم أن بعض موظفي الوكالة قد شاركوا في هجوم 7 تشرين الأول.

وتشمل القائمة المانحين الرئيسيين الثلاثة (الولايات المتحدة والمانيا والاتحاد الأوربي)، فضلا عن المساهمين المهمين الآخرين (كندا واليابان والسويد وسويسرا وإيطاليا وفرنسا والمملكة المتحدة).

إن نفقات الأونروا التي تدير 58 معسكرا للاجئين و706 مدرسة و140 مركزا طبيا “ ارتفعت إلى 1,6 مليار دولار قبل هجوم السابع من تشرين الأول. وتسببت الأزمة بكلفة إضافية قدرها 400 مليون دولار، وفق الدائرة الاقتصادية في السفارة الفرنسية ببيروت.

وبالفعل، فقد تم لحد الآن تعليق ما يزيد قليلا عن 400 مليون دولار. وقد حذر مدير الأونروا فيليب لازاريني قائلا “ إذا بقيت هذه الحالة بدون تغيير فإننا على الأرجح سنضطر إلى إيقاف عملياتنا في نهاية شباط وذلك ليس في غزة فقط وإنما في جميع انحاء المنطقة “.

إعادة الإعمار تبدو بعيدة المنال

ومن الواضح أن هذه الصعوبات المالية تزيد من المخاطر وخصوصا عدم أمكانية استبدال الأونروا والحرب مستمرة وهذا ما يؤكده بإلحاح السكرتير العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.

وهذا ليس بالجديد. فالأونروا لا تشبه المنظمات الأخرى كونها لا تمول من ميزانية منظمة الامم المتحدة. “فهي تعتمد على تمويلات مالية تقدمها الدول المانحة وعلى أساس طوعي “، وفق دانيال فورتي، المتخصص في مجموعة الأزمات الدولية التابعة للأمم المتحدة. وبما أن الدول المانحة لا تقدم التزاما مسبقا بمساهماتها لعدة سنوات، تواجه الوكالة صعوبات في تحديد رؤيتها وتوقعاتها لما سيحدث في المستقبل.

ويؤكد تقرير المنظمة الصادر في أيلول 2023 على “ أن الأزمة المستمرة لا تطاق ولا يمكن القبول بها. وإنه من غير المعقول أن تدار دولة فيها ثلاثة ملايين نسمة وبدرجة معينة من الرفاهية بميزانية محاصرة”.  ويؤكد طاهر اللبدي: “ يجب أن يكون هناك وقف فوري لأطلاق النار”. ولكن هذا غير كاف، إذ من المستحيل تصور أي شيء صالح للحياة في غزة بعد ان تنتهي الحرب، إذا استمر الحصار المفروض منذ عام 2007. وأكد مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الاونكتاد)، في إشارة إلى كلفة الاحتلال الإسرائيلي إلى: أن “ على المجتمع الدولي أن يدرك بأن القيود المفروضة على الاقتصاد الفلسطيني بشكل عام وعلى غزة بشكل خاص، ليست مجرد نتيجة للمواجهة الأخيرة بل ترجع جذورها إلى احتلال دام 56 عاما”.

وقد حذر نائب الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، مارتن غريفيث من أن “ نصف سكان غزة أي أكثر من مليون شخص محشورون في رفح وعيونهم تحدق بالموت”. ومن جانب آخر وفي نهاية كانون الثاني اجتمعت محكمة العدل الدولية بطلب من جنوب أفريقيا، قدمته قبل بضعة أسابيع من ذلك، متهمة الدولة العبرية بالإبادة الجماعية. وتبعا لذلك ألزمت المحكمة إسرائيل بالابتعاد عن اي عمل محتمل من شأنه أن يكون بمثابة إبادة جماعية وأمرت المحكمة ايضا تل أبيب باتخاذ الإجراءات الفورية للسماح في تقديم المساعدات الإنسانية للسكان المدنيين. ولكن بدون جدوى لحد الآن.

ـــــــــــــــــــــــــــــ

* اقتصادية وصحفية فرنسية، والترجمة لمقالتها المنشورة في مجلة التيرناتيف إكونوميك.

بعض المعطيات التي وردت في المقال قد تغيرت بعد نشره في 19 شباط الماضي- المحرر

********************************************************************************

من أوراق انتفاضة آذار المجيدة عام 1991 .. ليلة تحرير الشامية

حازم الجعفري

 

أثار احتلال جيش صدام للكويت في 2/8/ 1990 غضب جميع العراقيين وكل الدول العربية والعالمية  كونه جاء بعد فترة قصيرة من وقف إطلاق النار مع إيران وبما ان  العراق مازال يئن من آثار تلك الحرب المدمرة التي دامت  ثمان سنوات  فقد جاءت  الهزيمة الكبرى التي لحقت  بالجيش العراقي الذي دخل الكويت على أيدي قوات التحالف الدولي بقيادة أمريكا بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، وقد حرّكت تلك الهزيمة غضب جماهير الشعب العراقي مما دعاها للانتفاض ضد حكم الطاغية صدام في انتفاضة عارمة عمت أنحاء العراق من شماله إلى جنوبه، وعلى هذا الأساس قررت مجموعة من شباب الشامية الالتحاق بالمدن الثائرة ووضع خطة لتحرير مدينة الشامية من حكم البعث، وكان أول عمل قاموا به وهو  الهجوم على رمز الظلم والطغيان ألا وهو  منظمة حزب البعث في المدينة وكان الاتفاق بين هؤلاء الشباب على ان يكون  الهجوم عليها ليلة 6-7 من شهر آذار عام  1991، وبعد ان  تبلّغ هؤلاء الشباب بالموعد المحدد حيث وضعت الأسلحة المعدة للهجوم على المنظمة في استوديو للتصوير يعود  للشهيد أزهر مقداد  ناجي،  واجتمع الثوار تلك الليلة  في دار الشهيد صالح مهدي سعيد في حي المعلمين وفي الساعة المحددة وهي العاشرة مساءا توجهوا نحو الاستوديو وفتحوا بابه واستلموا  أسلحتهم  وكان ذلك الاستوديو يبعد عن المنظمة بحوالي 200 متر وبدأوا الهجوم على أزلام  النظام  الذين كانوا متحصنين تلك الليلة  في المنظمة وكان عندهم أسلحة كثيرة ومتنوعة ومنها رشاشات ثقيلة (bkc ) وهاونات 60 ملم، وبدأ الثوار هجومهم  من محورين الأول من جهة مديرية الأمن والثاني من جهة البلدية  بأن القوا علي المنظمة قنبلة يدوية تبعه إطلاق نار كثيف،  وقد تفاجأ البعثيون بهذا الهجوم وأصابهم الارتباك ولكنهم قاموا بالرد على مصادر النيران واستمر الشباب بمهاجمة المنظمة من تلك الجهتين حتى يوحوا لأزلام النظام  بان الهجوم كان كبيرا وأن أعداد المهاجمين أيضا كبيرة وأن الغرض من تلك الخطة هو أن لا يخرج  البعثيون من المنظمة لسببين، الأول أن الثوار كان عددهم لا يتجاوز العشرين في حين أن البعثيين يتجاوز عددهم الـ 100 مدججين بالأسلحة، وفعلا انطلت عليهم تلك الخطة ولم يخرجوا من المنظمة وكانوا يدافعون عن أنفسهم من وراء جدرانها ومن سطحها خائفين مذعورين،  وفي تلك اللحظات تقدّم الشهيد حسنين عزيز السويله نحو باب المنظمة محاولا الدخول من بابها الرئيسي وسلاحه بيده عندها أطلق عليه البعثيون سيلا كبيرا من رشقات الرصاص سقط على أثرها ذلك مضرجا بدمه وقد وجد فيه أكثر من ثلاثين إصابة جميعها في صدره ومن بعده سقط الشهيد علي ممتاز أيضا، وبسبب نفاذ ذخيرتهم وقلة عددهم انسحب الثوار. ومن المشاركين في ذلك الهجوم كل من الشهيد حسنين عزيز السويله والشهيد علي ممتاز الشامي.

وقد شارك في ذلك الهجوم   صالح وولاء أولاد مهدي سعيد عباس، و فاضل فيصل و أزهر مقداد ناجي وعبد الأمير فاضل رفش وجاسم كامل دخان وعماد الحيال وفالح مهدي القصاب وصالح فضيل وسليم عبد الحسن الملقب (دماكة)،  وقد خسر البعثيون في تلك المعركة قتيلين وعددا من الجرحى، وفي صباح اليوم الثاني تجمّع الثوار عند مدخل مدينة الشامية من جهة ناحية الصلاحية ودخلوا المدينة  على شكل مظاهرة مسلحة اخترقت الشارع الرئيسي  لحي المعلمين وقد  التحقت بهم أعداد كبيرة من أهل المدينة وخاصة من  سكنة حي المعلمين وحتى النساء شاركن في تلك المظاهرة وكانت تقودهن زوجتي الرفيقة أم سلام وكنّ يحمسّن الشباب، ولا أنسى منظر تلك المرأة العجوز (أم مسلم) وهي تلوّح بعصابتها وكان ضوء الشمس عندما يسقط على شعرها الأبيض تشعر كانه نور يصعد إلى عنان السماء، وعندما وصلت المظاهرة إلى أمام مديرية الأمن أطلق عليها سيد خليل قذيفة (rbg) أصابت الطابق الثاني، ولكن المديرية كانت فارغة  على ما يبدو اذ غادرها جلاوزة الأمن عندما سمعوا صوت المظاهرة وهي تتجه نحوهم وعندما دخلنا إليها  وجدناها خالية وأثناء تفتيشنا للغرف سمعنا أصوات استغاثة من وراء أحد الأبواب فقمنا بكسره وكم كانت المفاجأة عندما وجدنا سبعة شباب أخذوا يصيحون عندما شاهدونا، إننا أسرى كويتيون وقد أخرجناهم من السجن وقد اخذهم الشهيد عمار العبيدي وهو أحد رفاق حزبنا إلى داره وقدّم لهم الطعام وابدل ملابسهم، وقام الثوار بعد ذلك بإيصالهم إلى السماوة وهناك استلمتهم قوات التحالف وأوصلتهم إلى أهلهم في الكويت، وعندما أجهضت الانتفاضة قامت الأجهزة الأمنية بإلقاء القبض على الرفيق عمار العبيدي وابنه ثامر وأعدمتهما  لكونهما أويا الأسرى الكويتيين، بعد ذلك تقدّم الثوار نحو منظمة حزب البعث ووجدوها أيضا فارغة حيث هرب البعثيون من الجهة الخلفية من البناية بعد ان تسوروا الحائط وأطلقوا سيقانهم للريح، وبذلك أصبحت الشامية محررة بالكامل وعندما دخلت  قوات الأمن الخاص والحرس الجمهوري  الشامية يوم 21/3/1991 القت القبض على المئات من الثوار وكنت من ضمنهم وتم سوقنا إلى سجن الرضوانية الرهيب وهناك مورست ضدنا أبشع انواع التعذيب وكان عدد من اعتقل من ثوار الشامية في ذلك اليوم حوالي 1200 ثائر أعدم منهم 500 شهيد ودفنوا في المقابر الجماعية التي اكتشفت فيما بعد  

المجد والخلود لشهداء انتفاضة آذار المجيدة المباركة.

******************************************************************************

الصفحة الثالثة عشر

دينامو زغرب يدعو مودريتش لترك ريال مدريد

مدريد ـ وكالات

تلقى الكرواتي لوكا مودريتش، لاعب وسط ريال مدريد، دعوة بشكل غير مسبوق لعدم تجديد عقده مع الميرنغي والعودة لناديه الأسبق. وينتهي عقد مودريتش مع ريال مدريد، الصيف المقبل. وأعلنت صحيفة «ماركا» الإسبانية، إن ميركو بيريسيتش، رئيس دينامو زغرب، حجز صفحة إعلانية كاملة لديها، اليوم، تحمل رقم 10 واسم مودريتش على قميص النادي الكرواتي. وأشارت إلى أن بيريسيتش يدعو مودريتش للعودة إلى دينامو زغرب عن طريق مبادرة غريبة. ووضع رئيس دينامو زغرب وسما على قميص مودريتش مكتوبا عليه «سيكون منطقيا.. كل التقدير الذي في العالم لك». يذكر أن مودريتش وصل إلى دينامو زغرب عندما كان عمره 16 عاما، وأصبح في عام 2004 جزءا من الفريق الأول، حيث أمضى 4 مواسم وفاز بـ 6 ألقاب هناك، قبل أن ينتقل إلى توتنهام هوتسبير لـ 4 مواسم أخرى.

*******************************************************************************

الشرطة يتمسك بالصدارة.. والقوة الجوية يهزم الطلبة

متابعة ـ طريق الشعب

فاز الشرطة بنتيجة (1-0) على نظيره نفط الوسط خلال المباراة التي استضافها الأخير على ملعب النجف مساء أمس الأول الجمعة ضمن منافسات الجولة 21 من عمر النسخة الجارية لدوري نجوم العراق.

وسجل هدف اللقاء الوحيد بعد مرور 55 دقيقة لاعب الشرطة مهند علي بعدما وصلته كرة عرضية حولها برأسه في الشباك.

الفوز رفع رصيد الشرطة إلى النقطة 48 ليحافظ على صدارة جدول ترتيب المسابقة، بينما توقف رصيد نفط الوسط عند النقطة 10 متذيلا جدول الترتيب.

من جانبه، تغلب القوة الجوية على مضيفه الطلبة بنتيجة 2-1 في ديربي بغداد.

وقص صاحب الأرض شريط التسجيل بعد مرور 29 دقيقة بهدف سجله لاعبه محمد سويعيد، قبل أن يتعادل أيمن حسين للقوة الجوية من ركلة جزاء بالدقيقة 45+2 لينتهي الشوط الأول بنتيجة (1-1).

وخطف أيمن حسين الهدف الثاني لفريق القوة الجوية بالدقيقة 83 ليحصد نقاط المباراة لفريقه.

الفوز رفع رصيد القوة إلى النقط 48 في المركز الثاني خلف الشرطة بفارق الأهداف، بينما توقف رصيد الطلبة عند النقطة 31 في المركز السابع بفارق نقطة عن دهوك صاحب المركز السادس.

وفاز فريق الكهرباء، على مضيفه فريق الحدود بنتيجة 2-0 ضمن منافسات الجولة 21 لدوري نجوم العراق لكرة القدم .

وانتهى الشوط الاول بتقدم فريق كربلاء بهدف دون مقابل، جاء الهدف الأول عن طريق اللاعب سجاد رعد في الدقيقة 37، وفي الشوط الثاني اضاف سجاد رعد هدفاً ثانٍ لكربلاء في الدقيقة 49 من زمن المباراة.

**************************************************************************

بيغولا تسقط أزارينكا في بطولة تشارلستون

كارولاينا الجنوبية ـ وكالات

أنقذت الأمركية المصنفة أولى جيسيكا بيغولا 4 كرات لحسم المباراة وتغلبت على البيلاروسية فيكتوريا أزارينكا، لتبلغ نصف نهائي بطولة تشارلستون المفتوحة للتنس.

أهدرت بيغولا 4 كرات كانت ستمنحها الفوز على الأرض الترابية، قبل أن تحرم أزارينكا بنفس السيناريو وتحسم النتيجة بصعوبة بالغة 6-4، 3-6، 7-6 (9-7) في ساعتين و36 دقيقة.

وقالت بيغولا التي لم تفز في مسيرتها بأي بطولة على ملاعب ترابية: «كانت أفعوانية عاطفية. المباراة بأكملها هكذا. كنت ألعب جيدا ثم أحبطت، لم أنجح بكسر الإرسال في المجموعة الثانية فيما هي رفعت من نسقها».

وتابعت: «كنت قادرة على العودة في الثالثة، لكن واجهت صعودا وهبوطا. في النهاية اشتدت الرياح فجاءت النقاط غريبة. عندما تكون الرياح قوية تلعب بأعصابك وأنا سعيدة للتأهل».

وتلاقي بيغولا في المربع الأخير الروسية داريا كاساتكينا والتي كافحت للتغلب على الرومانية جاكلين كريستيان 6-7 (4-7)، 6-2، 6-3 بعد ساعتين و42 دقيقة.

وتغلبت دانييل كولينز على البلجيكية إليز مرتنز 6-3، 6-4، رافعة رصيدها إلى 11 فوزا متتاليا، وستلاقي اليونانية ماريا ساكاري في الدور المقبل.

*************************************************************************

باريس ينتقم من مبابي ويقرر ضربه في عائلته!

باريس ـ وكالات

يبدو أن شقيق النجم الفرنسي كيليان مبابي لاعب باريس سان جيرمان، سيكون الضحية الأولى لرحيل اللاعب عن حديقة الأمراء في الصيف.

مبابي أبلغ إدارة باريس بأنه لن يُجدد عقده مع النادي وسيرحل في صفقة انتقال حر خلال فترة الانتقالات الصيفية القادمة، وسط أنباء عن اتفاق قريب مع ريال مدريد.

الصحفي الفرنسي «فابريس هوكينز» قال إن إدارة باريس قرر تجميد محادثات التجديد مع إيثان مبابي شقيق كيليان، وذلك بعد إعلان الأخير عن قراره بمغادرة النادي.

وأشار إلى أن هناك عدة أندية مهتمة بالتعاقد مع اللاعب الشاب البالغ من العمر 17 سنة، أبرزها في الدوريين الفرنسي والألماني، تمهيدًا لرحيله واللحاق بشقيقه.

وفي سياق متصل قال هوكينز إنه في حالة رغبة إيثان في الانتقال للدوري الإسباني، فإن انضمامه لريال مدريد مع شقيقه لا يبدو واردًا إلى حد كبير.

******************************************************************************

دهوك وزاخو يبرران قرارهما بخوض مبارياتهما دون جمهور الضيف

متابعة ـ طريق الشعب

كشفت ادارة نادي دهوك، أمس السبت، عن المقررات الجديدة غير المسبوقة التي خرجت بها إدارتا دهوك وزاخو والتي تخص جماهير الناديين في أي مباراة تجمع الفريقين في منافسات دوري نجوم العراق لكرة القدم للسنتين المقبلتين.

وقال أمين سر نادي دهوك جاسم محمد حاجي إن الادارتين قررتا أن يكون كل لقاء يجمع الفريقين بدون جمهور الضيف، موضحا أنه في مباراة اليوم التي تقام في زاخو ضمن الجولة الـ 21 لدوري نجوم العراق ستكون بحضور جمهور زاخو فقط، وفي حال التقى الفريقان في الموسم المقبل في دهوك ستكون المباراة بحضور جمهور دهوك فقط.

وأضاف أنه تمت المصادقة على القرار من قبل إدارة الناديين، مبينا أن القرار حُدد لمدة عامين متتاليين واعتباراً من مباراة اليوم ضمن منافسات الجولة الـ 21 لدوري نجوم العراق.

كما أشار حاجي إلى أن القرار جاء من قبل ادارة الناديين حصراً ولم يأتِ من تأثيرات سياسية او جهات حكومية بإقليم كوردستان، مردفا بالقول: إننا كإدارتين نسعى للحفاظ على المصالح المشتركة وروح الأخوة بين جماهير الناديين التي هي من محافظة واحدة.

وبين أن «سبب خروجنا بهذا الاتفاق الثنائي هو لتجنب المشاكل التي تكررت في كل مباراة تجمع الفريقين فضلا عن أن مباراة اليوم مضغوطة وقلقة بشأن جمهور دهوك ولاسيما بعد الأحداث التي شهدتها مباراة دهوك وضيفه القوة الجوية في الجولة السابقة، وخوفا أن تتكرر الحالة ولاسيما مع حساسية مباراة اليوم كون الفريقين ينافسان على مركز متقدم في الدوري».

واستطرد قائلاً؛ إن أسباباً عديدة جعلتنا كإدارتين أن نتخذ هذا القرار الذي سنبدأ العمل به بدءاً من مباراة اليوم التي ستكون نتيجتها الايجابية تضع الفائز بالمركز الثالث لان الفريقين متقاربان بالنقاط، مؤكدا أن مباراة اليوم ستكون حساسة جداً كونها ديربي المحافظة وستشهد صراعاً محتدماً على المركز الثالث.

***********************************************************************************

وقفة رياضية.. أين لجنة الشباب والرياضة في مجلس النواب؟

منعم جابر

هنالك لجان عاملة في مجلس النواب العراقي لأغلب الاختصاصات الحياتية وقد كانت لجنة الشباب والرياضة واحدة من اللجان النشطة والفاعلة، إلا أننا اليوم نجدها غائبة عن العمل والفعالية فهل أصبحت هذه اللجنة غير مهمة وغير فعالة أو أنها حُلت لعدم أهميتها وفعاليتها، سادتي إن واقع الشباب العراقي اليوم هو الجزء المهم والفاعل من المجتمع العراقي لأسباب عدة في مقدمتها أن المجتمع العراقي هو مجتمع شبابي حيث تقول احصائيات وزارة التخطيط إن نسبة الشباب اليوم تشكل (62 من المئة) من عموم الشعب العراقي وهذه النسبة تعكس مجتمعاً حركياً وشبابياً. والكل يعرف أن هذه النسبة تشكل مجتمعاً شبابياً ومنتجاً فهل نقبل أن تفشل هذه النسبة ولا تؤدي دورها العملي والاجتماعي في هذا المجتمع. أم أنها تركت لمغريات الحياة وبؤس العيش وللصدفة.

إن هذا الواقع الشبابي العراقي يتطلب منا اهتماماً استثنائياً ورعاية أكبر لهذا القطاع وهذه الفئة العمرية الشبابية لأنها تشكل عماد المستقبل وقادته بدلاً من تركهم للصدفة والعبث والانشغال بتوافه الحياة، بينما الواجب يتطلب منا رعايتهم وإنضاج دورهم وتدريبهم وان تخصص أكثر من جهة للعناية بهم والاهتمام بتعليمهم وتدريبهم، وهذا مالا نراه في الواقع العراقي اليوم. لان لجنة الشباب والرياضة نجدها مختفية وبعيدة عن دورها الأساسي وواجباتها في الاهتمام بالشباب وهوياتهم وتوجهاتهم وتوجيههم الوجهة المتطورة والناضجة والبعيدة عن مساوئ الحياة وعثراتها ووعورتها. إن لجنة الشباب والرياضة في مجلس النواب يجب ان يكون دورها واضحاً وعملياً ومؤثراً في توجهات الشباب ثقافياً وفنياً ورياضياً وعلمياً واجتماعياً، علماً ان لجنة الشباب والرياضة لها اليوم أدوار فعالة وحياتية مهمة وخاصة في العمل لإبعاد الشباب عن آفة المخدرات التي بدأت تنخر المجتمع العراقي، حيث أصبح العراق مستهلكاً للمخدرات بعد كان ممراً لها وصار متأثراً بوضعها مما جعل الشباب ضحية لهذه الآفة المدمرة. إن لجنة الشباب والرياضة البرلمانية مطالبة اليوم بأن تلعب دوراً مهماً واساسياً في عملية توجيه الشباب للرياضة وتفعيل دورهم وحياتهم نحو آفاق الدراسة والعلم والمعرفة والرياضة وفعالياتها والفنون وأثرها في اندفاع الشباب للمستقبل المشرق. المطلوب ان تحرك لجنة الشباب والرياضة البرلمانية وزارة الشباب والرياضة وأن تؤدي واجباتها في العمل في تنمية الدور الرياضي للأندية الشبابية وتعطي اهتماماً استثنائياً لهذه الأندية وتراقب أداءها ودورها الرياضي والاجتماعي لأن انديتنا عجزت عن أداء واجباتها ودورها ونشاطها الاجتماعي الذي كان في يوم من الأيام الميزة الرئيسية للأندية الرياضة ضرورة الاهتمام بالهيئات الإدارية من حيث النوعية وأثرها في المجتمع وفعالياتها المتنوعة، وكذلك يتوجب الاهتمام بمنتديات الشباب ودورها الرياضي والتعليمي والثقافي والمهني لان منتديات الشباب فقدت الكثير من حيويتها فقد كانت منتديات الشباب قد قدمت الكثير من المبدعين في مجالات الرياضة والفنون والعلوم والمهن وتحولت منتديات الشباب إلى قواعد مهمة لكل التوجهات الإنسانية. لقد كانت الفعاليات المتنوعة تمارس في منتديات الشباب مما ووجههم الوجهة الصحيحة من حيث التدريب والتطوير والمهارات، وبهذا نستطيع ان نصنع جيلاً من العاملين والنشطاء والمثقفين والمتعلمين ونحميهم من الانحراف والخطيئة وننشر الوعي المناسب الذي يخدم الوطن.

أحبتي في لجنة الشباب والرياضة البرلمانية أنتم مطالبون اليوم بإعطاء الاهتمام والرعاية القصوى للجنتكم والاهتمام بنوعية أعضائها فقد كانت اللجان السابقة للشباب والرياضة تقدم عملاً طيباً ومطلوباً، وتفاعلوا مع حركة الشباب والرياضة البرلمانية. لهذا نقول لكم بأن عملكم ليس تكميلياً ولا ترفياً بل أنه عمل مهم وأساسي ويتطلب سهراً لأن القطاع الشبابي والرياضي عملاً مهماً وله آثار كبيرة في المجتمع وليس عملاً ثانوياً فإنكم أمام مسؤوليات كبيرة وشاقة فالرياضة هدفها الشباب كفئة عمرية ناشطة وبأعمار منطلقة نحو المستقبل والرياضيين كأبطال ونجوم مبدعين. فأنتم أمام مسؤوليات جسام وواجبات عريضة فعليكم ان تنجحوا وتتحملوا المسؤوليات في رعاية الشباب وتوجهاتهم الرياضية والفنية والاجتماعية والعلمية والأدبية وهدفكم هو الاهتمام بالشباب وكل المؤسسات المعنية بهم.

********************************************************************************

كانسيلو والبقاء مع برشلونة: تعقيدات جديدة وبايرن يدخل بقوة

برشلونة ـ وكالات

كشف موقع «ريليفو» الإسباني، عن تفاصيل تخصُّ الظهير البرتغالي جواو كانسيلو، وإمكانية استمراره مع فريق برشلونة في الموسم القادم 2024-2025، خصوصاً أن نادي مانشستر سيتي الإنكليزي، أعلن أنه سيبيع كانسيلو مقابل مبلغ مالي كبير في ميركاتو الصيف القادم.

وأشار موقع «ريليفو» الإسباني، إلى أن فريق مانشستر سيتي الإنكليزي كان واضحاً بشأن كانسيلو وأنه لا يُمانع بيع عقده، وهو ينتظر عرضاً لا يقل عن 40 مليون يورو، وليس هناك أي نية من الفريق الإنكليزي لتكرار تجربة الإعارة مثلما فعل مع برشلونة قبل انطلاق موسم 2023-2024، وبالتالي يُفضل الاستغناء عنه في «ميركاتو» الصيف القادم.

ورغم أن نادي برشلونة أبدى اهتمامه على العلن بأنه يريد شراء جواو كانسيلو نهائياً في الصيف، إلا أن تعقيدات جديدة ظهرت حالياً على الساحة، وهي تتعلق بالمبلغ المالي الذي يجب أن يُدفع لإتمام الصفقة رسمياً، بالإضافة لدخول فريق بايرن ميونخ الألماني على الخط بقوة، في محاولة لإعادة جواو كانسيلو إلى صفوفه، بعد أن خاض تجربة سابقة مع النادي الألماني.

ووفقاً للمعلومات التي نشرها موقع «ريليفو» الإسبانية أيضاً، فإن نادي مانشستر سيتي الإنكليزي لا يتوقع أن يُدفع مبلغ 75 مليون يورو في صفقة شراء الظهير البرتغالي، ولكنه يتوقع دفع قيمة تتراوح بين 40 و50 مليون يورو، خصوصاً مع بروز أندية إنكليزية قوية في «البريمييرليغ» قادرة على دفع هذه القيمة المالية، بالإضافة لفريق بايرن ميونخ الألماني، الذي يبدو أنه مستعدٌ لدفع هذه القيمة المالية للتعاقد مع كانسيلو.

أما بالنسبة لفريق برشلونة الإسباني، فإن الصحف الإسبانية أشارت في وقتٍ سابق، وعلى رأسها «سبورت» و»موندو ديبورتيفو»، بأن النادي «الكتالوني» لن يدفع أكثر من 30 مليون يورو للتعاقد مع الظهير البرتغالي، وإنهاء عقد الإعارة وتحويله إلى عقد لسنوات، وذلك بسبب محاولة إدارة النادي تحسين الوضع الاقتصادي والتخفيف من الأعباء المالية الكبيرة.

*********************************************************************

الصفحة الرابعة عشر

“ولدت شيخاً وأموت طفلاً” .. معالم في سيرة الشهيد حسين مروة يلتقي ماركس في النجف

ربيع ديركي*

الطفولة والتهيئة “للهجرة إلى النجف”

ولد حسين مروَة في قرية حداثا قضاء بنت جبيل- جبل عامل جنوب لبنان في العام 1910 وذلك بحسب الهوية، ولكنه يقول إن والده علي مروّة “سجل بخطه انني ولدت عام 1326 هجرية ويوازيها 1908 ميلادية” (مروة حسين، ولدت شيخاً وأموت طفلاً، سيرة ذاتية في حديث أجراه معه عباس بيضون، ط 1، دار الفارابي، بيروت، 1990، ص 15). وإذا “علمنا أن أول محرم 1326 ه، يصادف فيه الثلاثاء الرابع من شباط 1908، وأول محرم 1327 ه، يصادف فيه السبت 23 كانون الثاني 1909، يتبين لنا أن ولادة حسين مروَة هي في شهر من شهور 1908م” ( مروَة أحمد، سيرة حسين مروَة كما أرادها أن تكتب. ولدت رجلاً وأموت طفلاً، ط1، دار الفارابي، بيروت، 2018، ص 31). وعن والده يقول إنه كان رجل دين تلقى دراسته الدينية في النجف “وكان رجال الدين وعامة الناس يقدرونه ويكرمونه لما عرف به من نزاهة وترفع وعزة نفس ولاجتنابه محاباة الزعماء والاقطاعيين، ولورعه الديني”. (مروة حسين، ولدت شيخاً وأموت طفلاً…، ص 15).

عاش حسين مروَة في طفولته تربية صارمة، كان لها انعكاسها على شخصيته، لأن والده الشيخ علي مروّة كما يقول حسين مروَة كان يريده أن يكون “خليفته في عمله الديني (…). الأمر الذي طبع حياتي كلها. ومن جملة ما أصابني من هذه التربية حرماني الكلي من طفولتي (…). أورثتني تربية الوالد حياء مقيماً لكنها تركت في خصالاً حميدة منها عزة النفس والترفع عن الدنيا والتورع الخلقي عن كل ما يدنس النفس ويشوب سيرة المرء وسلوكه وتهذيب النفس واللسان”. (ولدت شيخاً وأموت طفلاً، ص 16. وأيضاً، في مروة أحمد، سيرة حسين مروَّة كما أرادها أن تكتب…، ص 31-32). حتى والدته (سكنة) كانت، كما يذكر حسين مروَة، قاسية في تربيته وذلك من أجل ضبط سلوكه المرسوم له في إطار الحلم، حلم العائلة، يصف ذلك بقوله “تعلمت في طفولتي مكابدة الحرمان وتكلّفت مسالك الكبار، من هنا كان عنواني للسيرة التي كنت أزمع كتابتها (وُلِدت شيخاً وأموت طفلاً)”. (مروة أحمد، سيرة حسين مروة كما أرادها أن تكتب…، ص 33). وعن هذا الحلم يقول حسين مروَة إنه “لَبِسني قبل أن أجتاز سنَ الثامنة.. ولَبِستْني معه العمامة والجبَة قبل أوانهما ”الطبيعي“.. العمامة والجبَة، كرمز للحلم ذاته أولاً، وكأداة إلزام لي بموجبات الحلم ثانياً.. قلت: حلمي؟.. لا عفواً.. ذلك كان منذ البدء، حلم أبي، ثم أمي والأسرة، ثم سائر العائلة في سائر جبل عامل”. (مروة حسين، من النجف دخل حياتي ماركس، مجلة الطريق، بيروت، العددان الثاني والثالث، حزيران (يونيو)، 1984، ص 172).

إذن، كانت تنشئة حسين مروَة كلها تصب في تأهيله للذهاب إلى النجف ليعود إلى قريته رجل دين معمم، وبسبب ذلك انصب همَه على السفر إلى النجف وتلبية رغبة والده، ولكن وفاة والده وضعت عائلته في حال من الفقر أثرت على تحقيق تلك الرغبة، إلا أنه عمل على تحقيق حلم والده ووالدته، وبدأ يذهب إلى القرى التي تُعقد فيها حلقات الدرس، يقول “لقد شعرت بنوع من النهم نحو العلم وبدأت أجري نحو القرى مشياً على الأقدام لكي أتصل بأهل العلم وأدرس عليهم مما يؤهلني لتحقيق ذلك الحلم، وكانت أمي تنظر إلي باعتزاز وتشجعني، وكان هذا يزيدني عزماً وإصراراً على المضي نحو العلم”. (مروة أحمد، سيرة حسين مروة كما أرادها أن تكتب…، ص 45). وبقي يتنقل بين المدارس إلى أن أنهى دراسته في مدرسة النبطية (جنوب لبنان)، وبذلك تأهل للسفر إلى النجف، وبعد تأمين المستلزمات المادية سافر حسين مروّة، أو بحسب تعبيره هاجر، إلى النجف في العام 1924.

المرحلة النجفية

عند وصول حسين مروَة إلى النجف كانت فرحته كبيرة فقد أحس أنه في طريقه إلى تحقيق حلم والده ووالدته. يصف لحظة وصوله إلى النجف بأنها كانت لحظة فرح وانبهار، ولكن كان عليه، بحسب نظام التدريس المتبع في النجف اختيار الأستاذ الذي سوف يدرس عليه، وأيضاً كان عليه البدء في دراسة المنطق، فهو قد أنهى دراسة النحو التخصصية في مدارس جبل عامل. ويذكر في سيرته أنه في تلك المرحلة انتقل مع زملائه من طلبة جبل عامل إلى دراسة المنطق على أستاذ تركي الأصل، كان له أثره الكبير على مجرى حياة حسين مروة، هو “الشيخ محمد الكنجي ولهذا الأستاذ أثره في حياتي فإلى كونه متمكناً من المنطق، قديراً في تدريسه كان رجل دين مستنيراً بعيداً عن الجمود والتزمت. وقد يكون لهذا الاستاذ يد في التغيير الذي قلب فيما بعد مجرى حياتي”.( مروه حسين، ولدت شيخاً وأموت طفلاً…، ص. ص 31-32. وأيضا مروة أحمد، سيرة حسين مروة كما أرادها أن تكتب…، ص 67).

يقول حسين مروَة إن هذا الحلم لم يعش معه في النجف أكثر من عام، بدأ الحلم “ينتابه الضمور والذبول في ذاتي، أي أخذ يفقد – شيئاً فشيئاً- صفته كحلم لي، ليعود أخيراً الى ما كانه في البدء: حلم الأسرة والعائلة في جبل عامل، فحسب”.(مروة حسين، من النجف دخل حياتي ماركس، مجلة الطريق، مصدر سابق، ص 173.) فقرر العودة إلى لبنان، وترك الخط المرسوم له وإنْ كان إلى المجهول، “إلى المجهول؟.. لا.. سرعان ما تحول المجهول معلوماً.. ذلك بفضل الحلم المنطفئ ذاته (…) فهو الذي أشعل في داخلي (…) حافز المغامرة في طلب المعرفة حتى في أعمق غابات المجهول (…) المجهول صار معلوماً، هو العلم إذن.. هو العلم، نهجاً وهدفاً معاً”. ( المصدر نفسه، ص 174).

إنه الاختيار الأول الذي اتخذه حسين مروَة في العام الأول من دراسته في النجف أي تحديد وجهة مصير حياته، يقول: “كان عليَّ أن أختار: إما قرار العودة الى الارتباط النهائي بذلك الحلم الذي حملني هو الى دار الهجرة، النجف، أي أن أقرر – منذ لحظتي تلك- متابعة السير في مسار ”المهنة“ التي كانت كل مطمح الحلم.. وإما أن أقرر الانعطاف القاطع عن هذا المسار. لكن الى أين؟.. هذا الأمر لم يكن له حساب عندي في لحظات الاختيار، لأنه لم يرتفع الى مستوى كونه أحد طرفي الاختيار.. ما كان يعنيني – في لحظتي تلك- سوى أن أختار: إما متابعة الخط المرسوم لي من قبل، وإما الانعطاف عنه، وإن إلى المجهول!.. لم أتردد مطلقاً.. اخترت فوراً.. وانقطعت العلاقة المباشرة مع الحلم”. ( مروة حسين، من النجف دخل حياتي ماركس، مجلة الطريق…، مصدر سابق، ص.ص. 173- 174). ولكن حسين مروَّة يسأل نفسه “كيف الدخول في هذا المجهول/ المعلوم؟. كيف، وقد تحولت العلاقة مع الحلم الذاهب، أي مع طريقي الوحيد حينذاك الى العلم، تحولاً يعني انسداد هذا الطريق أمامي تلقائياً، كما هي طبائع الأمور في مثل وضعي ذاك. لا بد من الدخول.. هكذا قلت. سأبقى في النجف.. سأتابع الدراسة في النجف.. هكذا صممت. ذلك هو الاختيار الثاني الحاسم: سأبقى… سأتابع.. رغم كل الأسئلة المستنفرة في داخلي ضد هذا الاختيار. رغم كل الإثارات المحتملة في داخل ذاتي حيال هذا القرار (…). سأبقى.. سأتابع.. لكن الهدف واحد أحد، هو المعرفة، هو العلم، دون ”المهنة“.. سأبقى وأتابع الدراسة النجفية حتى استكمال مراحلها جميعاً”.( مروة حسين، من النجف دخل حياتي ماركس، مجلة الطريق…، مصدر سابق، ص 174)، وهو القرار الذي التزم به حسين مروَة بالرَّغم من بعض الانقطاعات القصيرة.

يصف حسين مروَّة قراره/ اختياره الأوَل والثاني بأنهما أحدثا تغيراً في حياته فقد أصبح يملك حريته وحرية اتخاذ قراره وكان ذلك بمثابة الباب أمامه للدخول إلى عالم قراءة أوسع مما هو في مقررات التدريس في النجف، فقد وسّع قراءاته ونوّعها مما عرضه لخلافات وصدامات مع زملائه ومقررات التدريس المفروضة. هنا يذكر حسين مروَة أن النجف كانت سوقاً للنتاج العربي كله، وانه كانت تصل إليهم المطبوعات والكتب الصادرة في البلدان العربية، مصر، وسوريا، ولبنان، وبالتالي كانت فرصة للاطلاع على نتاج مفكرين وأدباء وعلماء، والاطلاع أيضاً على أعمال مترجمة. يصف حسين مروَة هذه المرحلة من حياته بأنها كانت مرحلة الخصب المعرفي.. يقول “قرأت فيها أشتاتاً من المعارف، لا تنتظمها وحدة، بل يتخللها الاختلاف حتى التناقض.. كنت أقرأ الأدب الرومانسي، مع الفكر العلمي، مع الكتابات العلمية الخالصة، مع البحث الاجتماعي: نظرياً وميدانياً (…). ذلك النهج النفّاذ الذي علمني كثيراً ومهّد لي الطريق الى ماركس، ثم وصل بي الى ماركس”. ( مروة حسين، من النجف دخل حياتي ماركس، مجلة الطريق…، مصدر سابق، ص.176).

مرحلة التحول الفكري

أنهى حسين مروَة مراحل تعليمه الديني في النجف في العام 1938، وبدأت في أوائل الأربعينيات مرحلة التحول لديه نحو الخروج من حلم والده وأسرته والبدء في العمل الفعلي خارجه، لكسب العيش. في تلك الفترة تنقل حسين مروَة بين العراق وسوريا، ولبنان، بحثاً عن عمل، وكانت عودته النهائية إلى بيروت في العام 1949.

اطلع حسين مروّة على أفكار شبلي شميل وإسماعيل مظهر، وهما اللذان كان لهما التأثير على تحولاته الفكرية نحو المادية، وعلى أفكار سلامه موسى، وذلك بين عامي 1925- 1927، وهي السنوات الأولى لمرحلة تحولاته الفكرية. كانت كلمة “اشتراكية” تتردد كثيراً في قراءات حسين مروّة في هذه المرحلة، يقول إنه لم يلتق ماركس إلا مرات قليلة وخاطفة فالقراءات “الجاهدة والحائرة حول الاشتراكية، في سنوات العهد الأول لهذه المرحلة، كانت بعيدة عن ماركس، أي بعيدة عن اسم ماركس أولاً، وبعيدة عن اشتراكية ماركس (الماركسية) ثانياً. كثيراً ما كان مفهوم الاشتراكية يختلط في الكتابات العربية ”النهضوية“، اختلاطاً طريفاً، بمفاهيم متغايرة أو متناقضة، وكثيراً ما كان جوهر قضية الاشتراكية، أي المسألة الطبقية، يزوغ خلال هذه الكتابات الى خارج القضية، أو يختفي كلياً، وتبتعد الكتابة – بالطبع إذن- عن واقع الحركة الاجتماعية”. (مروة حسين، من النجف دخل حياتي ماركس، مجلة الطريق…، مصدر سابق، ص. ص. 177- 178). اللقاء الأول بين حسين مروَة واسم ماركس كان في العام 1926، يقول عن ذلك اللقاء”صحيح أن هذه أول مرة ألتقي فيها ماركس.. لكن ماركس هذا، الذي التقيته عند فرح أنطون، لم أستقبله بارتياح، ولم أشعر أنه هو الذي سيخرجني من بلبلة المفاهيم المختلطة للاشتراكية.. فماركس هذا هو -أولاً- ”فيلسوف منا“، أي من هؤلاء ”العمال“ الذين يبتسرون – اعتباطاً- حل المشكلة الاجتماعية – الطبقية الكبرى بحيث ينحصر هذا الحل في ”إشراك العمال في ربح العمل“.. وهو مع ذلك – ثانياً- ”من أشد انصار العمال غلواً“.. وهو – ثالثاً- مع ذلك أيضاً له رأي في الملكية يناقض رأي أرباب العمل.. كيف تجتمع هذه التناقضات في شخص هو – إلى ذلك كله- فيلسوف من الفلاسفة؟ رغم هذه الهواجس المقلقة، وقع في نفسي أن ماركس هذا لا بد له شأن عظيم في القضية التي يتحدثون عنها كثيراً باسم ”الاشتراكية“.. لكن، كيف سأصل الى صاحب هذا الشأن العظيم بصورته الحقيقية دون الصورة المضطربة هذه؟.. بدءاً من هذا السؤال، بدأت أدخل في العلاقة السليمة مع ماركس.. ومن هنا بدأ ماركس يدخل حياتي وما ازال في النجف”. (المصدر نفسه، ص. ص. 178-179)

الشبيبي أدخل ماركس الى حياته

للقاء حسين مروَة مع ماركس “الماركسي”، بحسب قوله، قصة تعكس نضالات الشعب العراقي الوطنية في تلك المرحلة التاريخية ودور الشيوعيين العراقيين فيها، يقول إن ماركس الحقيقي “الماركسي” الذي هو غير ماركس الذي قرأه عند فرح أنطون، وصلَ إليه من الشيخ حسين محمد الشبيبي، وهنا يذكر حسين مروَة، أن هذا الشيح هو نفسه الشهيد الشيوعي المعروف الذي أعدمه النظام الملكي مع الشهيد فهد في بغداد. كانت صلة حسين مروَة مع الشيخ الشبيبي من خلال مجلة “الهاتف” النجفية التي كان يكتب فيها مقالة أو قصة أسبوعية، وذلك خلال أواخر ثلاثينيات القرن العشرين وهي فترة حلقته الدراسية الأخيرة في النجف. يقول حسين مروّة إن مجلة “الهاتف” كانت في تلك المرحلة مجلة معظم المثقفين العراقيين، مما فتح الباب أمامه في توسيع علاقاته الفكرية والأدبية، ويحدد انه “في هذا الأفق انعقدت صلتي بـ ”الشيخ“ الشيوعي (حسين محمد الشبيبي)”. (مروة حسين، من النجف دخل حياتي ماركس، مجلة الطريق…، مصدر سابق، ص. 179).علاقته معه فتحت الباب أمامه للقاء ماركس الحقيقي من خلال أعماله، فالشيخ حسين الشبيبي أهداه نسخة من “البيان الشيوعي” مشترطاً عليه أن يقرأها أكثر من مرة.. يصف تلك التجربة بقوله “ولكي أستحق شرف هذا الإهداء عشت مع ”البيان“ في هذه النسخة العزيزة يومين كاملين متتاليين، ثم رجعت إليه منشرح الصدر، مفعماً بفرح المعرفة بأضوائها الجديدة الكاشفة”. (مروة حسين، من النجف دخل حياتي ماركس، مجلة الطريق…، مصدر سابق، ص. 179). دور الشيخ حسين الشبيبي في تعريف حسين مروّة على ماركس لم يتوقف عند هذا الحد، فقد كان له الدور في لقائه، كما يذكر في الموضع نفسه، مع أفكار لينين ومواقفه وذلك عند سؤاله للشيخ الشبيبي حول قضية وطنية في تلك المرحلة، فأجابه الشيخ الشبيبي بالاستشهاد بلينين، هنا يذكر حسين مروّة أنه اعترضه “متسائلاً: لماذا لا يستشهد بالماركسية؟، قال: اللينينية هي الماركسية مطبَقة على الواقع الملموس تطبيقاً إبداعياً تميز به لينين في عصر الثورة الاشتراكية العلمية المتحققة على الأرض بالفعل”. (المصدر نفسه، والصفحة نفسها) هذا التحديد لمفهوم تمييز كونية القوانين الماركسية العامة كان له الدور الرئيس في تمييز حسين مروَة للمنهج المادي التاريخي في دراسته للتراث العربي- الإسلامي. توسعت قراءات حسين مروَة لماركس وللينين في فترة الأربعينيات، فترة الحرب العالمية الثانية، وشعر بحاجة إلى قراءة لينين أكثر. فكانت مسيرة اللقاء الفكري بينه وبين النظرية الماركسية والمنهج المادي التاريخي الذي أتخذه منهجاً لدراسة الفلسفة العربية – الإسلامية.

النشاط السياسي وقرار الإبعاد من العراق

شاركَ حسين مروَّة في الوثبة/ الانتفاضة الوطنية العراقية التي حدثت في نهاية العام 1947 ضد معاهدة بورتسموث التي أبرمتها السلطات العراقية مع الاستعمار البريطاني، وما تحمله من قيود سياسية وعسكرية تنزع السيادة الوطنية العراقية، وهي معاهدة كانت مقدمة لأحلاف عسكرية في الشرق الأوسط مع البريطانيين، وشكلت التمهيد لحلف بغداد في ما بعد.

أسقطت معاهدة بورتسموث، وأخذ حسين مروَة على نفسه الانحياز إلى الانتفاضة، وأصبح على يقين أن الشيوعيين يحملون عبء صون الانتفاضة. كان يكتب مقالاً يومياً في جريدة “الرأي العام“، ويقول في تلك الفترة “لم أكن ”شيوعيا“ بعد، لكن كنت كاتباً وطنياً أكتب موقفي الوطني بصراحة وجراءة كل يوم في صحف بغداد، لا سيما في جريدة ”الرأي العام“ اليومية (صاحبها شاعرنا الأكبر الجواهري).. وقد اتفق أن أكتب مقالاً بعنوان ”نوري السعيد بين العقل والعاطفة“(مجلة ”الحضارة“) تعليقاً على تصريح له ”ينصح فيه شعب العراق أن يركن الى ”العقل“ بدل ”العاطفة“.. بعد أسبوع واحد على نشر المقال عاد نوري السعيد الى الحكم وبعد أسبوع واحد من عودته فوجئت بقرار الابعاد فوراً” من العراق. (مروة حسين، من النجف دخل حياتي ماركس، مجلة الطريق، مصدر سابق، ص. 182).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*سكرتير تحرير منصة “تقدم”

مقتطف ضاف من مقال - منصة “تقدم” – 17 شباط 2024

***************************************************************************

الصفحة الخامسة عشر

يا كوكباً

الكوكب حمزة/ محور خاص:

تكرس صفحة “ الطريق الثقافي “ خطابها اليوم بالفنان/ الملحن الكبير كوكب حمزة، انطلاقاً من جملة أمور:

انه كان فناناً عضوياً، يتفاعل في مسيرته الفنية مع فكره النير في خدمة شعبه عن طريق ما يشيعه من اغان تمتزج بهموم الناس وقضاياهم الملحة.

كما انه مناضل/ خاض غمار السياسة وانتمى الى الحزب الشيوعي، وظلّ في هذا المسار النير طوال حياته.

كذلك كان مقاتلاً صلباً في صفوف الأنصار الى جانب كونه فناناً يتعامل مع الجمال والخيال والآفاق السعيدة.

كل هذه المعطيات جعلتنا نخصه بهذه الصفحة الثقافية.

المحرر الثقافي

********************************************************************

كوكب حمزة والمرض الخاص جداً

محمد خضير

في يومٍ بعيد، ليلةٍ من نهاية العقد الستّيني، ارتقينا، مجموعة، السلّمَ، لغرفةٍ في فندق على حافة ساحة أمّ البروم بالعشّار، يسكنها كوكب حمزة، وكانت واحدة من محطّات سكنِهِ الكثيرة، صغيرة وفقيرة، لكنّ “نجمةً” بزغَت في استقبالنا من أوتار العُود بحضنهِ، رحلت بنا إلى أقصى السماء. كان كوكب آنذاك يجرّب بروفة الأغنية الشهيرة التي سيغنّيها حسين نعمة فيما بعد، ويُخرجِها من تلك السماء الضيّقة إلى رحاب الدنيا، دنيا الغربة التي ستسبق كوكب حمزة أيضا إلى أبعد البلدان.

كنا مجموعة، ثلاثة أو أربعة، لا أتذكر منهم غير عبد الرحمن طهمازي، ضمّتنا غرفة الفندق الصغيرة، حين دعانا الملحّن الشابّ لكي نشاركه تجربة الاختيار الدقيق لفضاء أوسع للأغنيّة. عزفَ اللحنَ مرّات، ثم ترقّب تأثير المطلع الغريب على أسماعنا. اللحنُ غريب، والكلمات_ كما كتبها كاظم الركابي_ تأخذ السمعَ والبصر إلى أرق المُناغيات النسويّة “دادة”. في ذلك الوقت كان الاستماع لصوت كوكب المتطوّح، دعوة للانغمار بحنين لشيء مفقود، لم يعلم أحد منا كيف يستدلّ عليه أو يتثبّت من حقيقته. إذ لم يكن النغم غير “قنطرة” ممتدّة على مرتفع مرصّع بالنجوم، كما بالمخاوف_ النظرة العالية التي ترى الواقعَ الأسفل وتدعو لاكتشافه، قلبياً وفجائياً، بإحساس فرديّ ولسان شعبيّ_ وربما هذا ما كنا نفتقده حقا: التوفيق بين الوعي الثقافيّ المتعالي والحسّ العام المرتجَل في أغنيّة قلبيّة!

  بالطبع، ولحرارة اللقاء، كان الحوار تثاقفياً، بعيداً عن الحسّ الفطريّ الصريح، هذا الذي سيجسّده أداءُ حسين نعمة، ويضبط  اقترانَ مُناغاته الحسّيّة ودرجاته النغميّة ضبطاً جمعيّاً. ستدلّ الأغنيّة_ تطويحات كوكب حمزة الصوتيّة_ على الحيرة والفقدان لقلوب هدّها انكسارُ الأفق التاريخيّ، وعذّبها ضياعُ الحبّ والمؤاخاة الوجدانيّة. وكان اللسان مجروحاً بالكلمات التي لا يمكن نطقها إلا بشقّ الانفس، بل بشقّ الأثواب_ دلالةً على صعوبة الحوار والتفاهم بين الأفراد والجماعات، واستعدادها لجولة أخرى من التناحر والشقاق_ أعني جولة نهاية الفترة الستينية بالعام ١٩٦٨ وابتداء عهدٍ ثانٍ من الحكم السياسي.

لم نفهم تماماً ما ستؤسّس له أغنيّةُ “يا نجمة” من تطويحات عميقة في حنجرة كوكب النغميّة_ هذه القريبة من عهدنا، بعد سلسلة من التطويحات لعقود تاريخيّة أبعدَت كوكب حمزة عن درجته الزمنيّة الاولى_ درجة الانتماء والالتزام الأيديولوجيّ الموثّق بهويّات جماعيّة مهاجرة كالطيور. لم يستطع قفصٌ ما استيعابَ الرفرفة الوجدانيّة، الممتلئة حنيناً لشيء مفقود، أو حبسها في مكان واحد، غرفة صغيرة في فندق_ فمَن يستطيع حبسَ طائر يتقدّم سربَه الجانح إلى وادٍ بعيد، غابةِ الاسرار والمغامرات اللحنيّة المرتفعة فوق النجوم!

ليلتَها، ليلةَ النجمة الساطعة، كان كوكب مريضاً، وتبعناه إلى صيدليّة خافرة في سوق الصيادلة، تقع في نهاية السوق المعروف أيضا بسوق الهنود، حيث سيبوح فنّانُنا المريض بسرّهِ للصيدلانيّ الخافر، وكان هذا الرجل يجهل شخصيّة هذا الكوكب الجرئ_ كان مرض كوكب من النوع الذي اشتُهِر به ضحايا الاحتلال الاستعماريّ الأول للعراق، ولم يخجل كوكب من مصارحة الرجل بمرضهِ الخاصّ. دُهِشنا قليلاً_ نحن مرافقيه_ لتلك المُجاهَرة المَرَضيّة، ثم استعدنا هدوءنا بعد استرجاع جوّ الغرابة الذي أحاط لقاءنا الأول في غرفة الفندق، وسماعنا لكلمات المُناغاة النسويّة وإفصاحها عن رغبات مفضوحة. لم يكن مرضه نادراً، بل كان طبيعياً حتى الدرجة التي يتّحد فيها الجموحُ مع الطموح الشبابيّ، وشقُّ الأثواب مع افتضاح العقل المتعالي على بؤس الواقع والحياة المتأرجّحة بين النجم والحضيض!

  بعد لقاءات قليلة، في أماكن متفرّقة، لم أعُد أنسب كوكب حمزة لغير تلك السَّحنة الممتقعة لوجه يكاد يتلظّى بإحساس المرض النادر والخاصّ جداً_ وقد يرتبط بكلمةٍ يجب مدُّها وتلوينها لتناسب نغماً مُطوِّحاً حتى الإعياء والانطفاء الجسديّ. كانت روحه تتبع فطرةً صوتية، آهةً تأبى أن تتلبّس اللحظةَ المغنّاة وتتشكّل بيسر وهدوء. كانت اللازمة المتكرّرة لأيّ مقطع غنائيّ، تنوح نَوح الحمام، حمام “القاسم” حيث “الدادات” اخترنَ له اسماً يناسب شخصيةَ أنثى، عزَّ نوالُ ولادتها، بدلَ الولد الذي سيجمع معاً النّغمةَ والنّغية، الرّقةَ والجموح، القلبَ والعقل، الإرادةَ مع الخذلان. تطلّعوا جيداً في سَحنة كوكب الرقيقة/ الواشية بشوق الحمام، واخرجوا منها بهويّة واحدة: هويّة الرجل الذي وُلِد في ظلّ مُناغياتٍ نسويّة كتيمة!

ثم افترضوا قاسماً مشتركاً لمُغنّي/ مُلحّني الأوقات الوطنيّة الغاربة، وابحثوا في الصوت المُطوِّح لواحدٍ منهم_ ليس كأيّ شخصٍ منهم_ عن عَرَض خاصّ بروح عليلة، من أخصّ أوصافها انتماؤها إلى هويّة “المريض العراقيّ” الذي قلّما يبوح بسرّه، لكنّه يشمل الناسَ_ كلّ الناس_ بدلالة شعورهِ الحسّيّ العميق بجرح وطنه السرّيّ!

إنّه الجرح الذي أفاضَ السَّماعيّون في وصفه لدى المغنّين، الصوتُ الملعلِع في ليل الطغاة_ الملكيّين والإقطاعيّين والمتعسكرين_ وقد نتتبّع أمثالَه عند المغنّين الراحلين مسعود العمارتلي وداخل حسن وحضيري أبي عزيز_ الجوقة التي تترقّب سطوعَ النجوم العالية/ أو إنّ النجوم تترقّب بعلوّها أفولَ المغنّين أسفل منها.

لن تتكرّر أسطورة الحناجر الآفلة تحت ضوء النجوم، لكنّنا قد نكتشف_ فترةً بعد فترة_ وجودَ مَن يشعر بمرض أصحابها الخاصّ، ذلك لأنّه من نوع المرض المستوطِن، العائد بأعراضٍ مختلفة، تتراوح بين امتقاع السَّحنات ولوعة “الدّادات” المختفيات بزيّ الرجال. إنّه مرضُنا جميعاً_ وأكاد أقول إنّه تطويحتُنا الطويلة_ نواحُنا في الليالي، ساطعة النجوم!

****************************************************************************

الموسيقى تتزيّن بنجوم الكوكب.. كوكب

يوسف المحمداوي

من أية سمفونية أبدأ ؟ وبأي لحن سومري الهوى أنتهي؟ والوطن الذي أدمن الوداع يزف كوكبا آحر من سماء الابداع الى سدنة المقابر، نعم نحن اليوم يرصفنا الذهول تحت لافتات الانكسار لنعزي أنفسنا ونقول “ للطيور الطايرة” البقاء في حياتك، وخاتمة الاحزان ننشدها بتراتيل السماء” للگنطرة بعيدة “ ونقرأ الفاتحة مع المظلوم ذياب كزار بسرادق عزاء “ يبنادم “ لعله يقول لنا ماقاله لكوكبنا” بچي الشموع الروح يبنادم...بس دمع ما مش صوت ...ربطة جنح مكسور يبنادم...گلبي يرف بسكوت.... لاهي سنه وسنتين يبنادم ...لاهي صحوة موت...حسبة عمر عطشان يبنادم.... والماي حدره يفوت” وعلى الرغم من الحزن علينا لزاما ان نبارك لكاظم الركابي ورائعته ( ينجمه) عودة كوكبها اليها بعد فراق بل غربة جهاد ومحن امتدت لعقود.

أسمع عاشق الوطن والناس مع صمت الموت منشدا مع زهير الدجيلي” بوسة مسافر باول وداع...ياهوى الناس....فرحة الشاطي بشوفة شراع...ياهوى الناس...ويطفى الفراگ ويه المحبين...وحتى الگمر يتوادع ويانه حبيبين...محد يعرفك ياهوى الناس...غير اليحب الوطن والناس” وانت أولهم ياكوكب( 87) عاما ولم تطرق ابواب الطغاة، ولم تتملق موسرحال على حساب فقير عشقته وعشقك، فكانت اغانيك اناشيد الوطن والمظلومين، هام بك الكبير والصغير لانك حري بالهيام، لأن جذوة حبك ومباديء حزبك بقيت لاهبة حمراء لم تطفئها ثلوج الغربة الطويلة أبدا ايها الشامخ بكبرياء الارض أنا على يقين تام حين يسجّى بالمغتسل، ما أن يمسه الماء ستنشد معنا كل قطعة من جسمك الطاهر” افيش بروج الحنيه” لتضحك ويضحك معك صاحبها كامل العامري بعد رحيل لا عودة منه.ألا يحق لنا أن نغبطك على هذا التاريخ الطويل الذي دونته اعوام نضالك بمقارعة الديكتاتورية والظلم،(49) عاما من الغربة والمنفى القسري وانت انت تحمل عنفوان الوطن وكبرياء العراقي الغيور غير آبه بعوز ولا مباليا بتعقيدات حياة غريبة في مدينة القاسم، بل حملت عودك الخشبي وهو كنزك في محطات المنفى، وكنت في كل محطة انشودة ثورة حقيقية وكأنك تقول للجميع ان ألم الغربة على الانسان أهون من مغازلة سلطان جائر على حساب حقوق شعب مستلبة ووطن اغتصبته سلاطين الظلم والطغيان، وفي كل منفى تحمل عودك كمنجل مقاوم يصرخ بصوتك الرخيم ولحنك العذب وبكلماتك رفيقك بالنضال والثورة ابا سرحان “ حاصودة وبيدي المنجل بالك لا تگرب يمي....يو هو....الحيل..الحيل ...يوهو...المهر كحيل..كحيل...متغاوي وعگالك مرعز...وحزامك فضه مرصع...وبالشوك احلام اطرز...ياغيم التسگي يريع” هكذا انت ايها الكوكب هنا في قلوب الناس وهناك في قلب غربتك صوت لحزب الفقراء وثورتهم.

حين نتكلم عنك لابد لنا ان نبحث عن كوكب آخر غير الارض لعلنا نجد فيه من يعدل ابداعك، انسانيتك، موسيقاك الملائكية المتجذرة في اعماق الارض والحضارة وعقول الناس، وحين نتذكر سيرتك وما أثراها من سيرة ومسيرة لابد ان يجتمع معنا من نهلو وتشربوا وتشرفوا بمجدك الموسيقي وما أكثرهم شعراء ومطربين وأصدقاء مهنة ورفاق محنة” ذياب كزار، مائدة نزهت، كامل العامري، سعدون جابر، زهير الدجيلي، حسين نعمة، كريم العراقي، قحطان العطار، رياض النعماني” كريم منصور” والكثير من الاسماء الكبيرة والشاخصة في عالمي الادب والفن وعذرا لمن خانتني الذاكرة وتجاهلت تدوينهم، وكذلك العديد من محطات المنفى التي كنت فيها الخطيب والحبيب في قلوب من شاركك ذلك الوجع، ولكنك في غربتك لم تعاني فراق مدينتك و ناسك فقط، بل نزل عليك خبر تهجير عائلتك بتهمة التبعية وعلى رأسهم والدك المرحوم حمزة الشاني وزوجتك وولدك اسامة وشقيقك عزيز وعائلته، لتجد نفسك تحت طائلة تهمتين اليسار والتبعية كما ذكر ابن مدينتك الشاعر والقاص عبد شاكر على صفحته الشخصية، ولكنك كالطود الشامخ والنخل الباذخ بالعطاء صرخت بصوت موسيقاك الهادر” صار العمر محطات عديتهن مامش عرف...صار العمر محطات خفت انشد بلايه عرف...عديتهن ماظل عرف” بعد فقدان الوطن محنته الاخرى فقدان الأهل، الأب والأخ والزوجة والابن فيزداد صوته غضبا ووجعا:” گالولي كل الليل يلتم ما يطفيك...گالولي كلك حيل والهم مايمض بيك...ويا فشلة الملهوف ويدور هله..محطات...ويافشلة الملهوف ومايندل هله...محطات...يا عيني يا ديرة هلي...يا روحي يا جنة هلي”... وها انت تعود للاهل، لترافق اطفال البصرة بل طيورها اللذين ذهبوا ضحية حادث سير بيوم وداعك وتشاركهم رحلة الخلود لتنسيهم وحشة السفر بموسيقاك وانت تغني لهم “ يا أطفال البصرة يا حلوين” وسوف يرافقاك ابو سرحان ومائدة نزهت وتغنون لهم سوية:” همه ثلاثة للمدارس يروحون....بيهم حبيب الروح شوفيهم يمرون...شوفي داده شحلاته ....شحلاته”.

من أي كوكب انت ياكوكب ؟

من أين نأتي بكوكب آخر يا كوكب؟

*************************************************************************

.. وبقيت ( بعيدة) قنطرتنا

كاظم غيلان

زاخر باحلامه التي ملأت الآفاق. ولد على أرض واحدة من مدن قداساته ( القاسم ) .

شموع ، طبول، ردات حزن لعريس يقاتل في صف الطالعين المتطلعين لنصرة الحق فيقتل برمح عدو على ضفة الفرات كما جاء في موروثات واقعة الطف.

تصاعدت تلك الايقاعات وأخذت تنمو ، تتسع في روح وعقل ذلك الصبي العراقي لتتشكل وتورق موهبة نادرة ، شحنها بوعي إنساني تقدمي، راحت تنبش عينيه المتقدتين في قصائد كتبها شعراء العامية العراقية الذين انتموا مبكرا لذات الفكر الذي يتبناه فاطلق ذات مساء عراقي ما كان يختبيء مما أجله وينشد اغنية :

ياطيور الطايره مري بهلي

ياشمسنه الدايره ضوي لهلي

أحدث كوكب حمزة ضجة جمالية في الغناء ، ضجة جميلة اربكت رفوفا تراكم عليها غبار التكرار والتقليدية، اوقد مشاعل التجديد بقوة حتى تحول الغناء إلى انشاد مطلبي يجسد معاناة وقهر الناس ، يتشبث بحلم الإنسان، بحريته التي تعرف على ابجديتها حتى تشرب بمضامينها ، منذرا بالغياب المفاجيء، الغياب الذي لا يريد :

حته لا

فد يوم الدنيا

اتراوينا افراك

كم اصطدمت احلامنا بخيبات، بمرارات، بفواجع رحيل من أحببنا، وكان كوكب يتقدمنا وكأنه يرفع ذلك الهودج المضيء بشموع النذور، صائحا بنا:

إلى العراق ...سر.

سرنا ، في الوطن ، المنافى، السجون ، الجبال ، البوادي ، بكل اتجاه وهو يعيننا بغذاء اسمه الاغنية، كان يأخذ دور من يوزع ارغفة لجياع فرضت الحكومات ضريبة جوع شهواتها عليهم.

اخذ كوكب حيزا لم يأخذه سواه في الأغنية العراقية ، له دور المكتشف، فقد التقط الشعر الجديد ليمنحه إلى أصوات جديدة: سعدون جابر، حسين نعمة، رياض احمد .....الخ من الأصوات النادرة في الغناء العراقي ، كما استعان بتجارب شعرية نادرة في نهضته تلك : زهير الدجيلي، ابو سرحان، عريان السيد خلف، رياض النعماني .

كان يرى الحلم البعيد ، ينادي بكل مايمتلك من قوة بداخله ، يمشي ، ويمشي ...والحلم يبعد ، ويبعد، حتى كاد يتوارى :

تعبني مشي الدرب

والكنطره ابعيده

الإنسان.. كقيمة عليا محور تلك الموهبة التي شغلت كوكب على مدى سنوات العمر وليس سواه ، ولذا فقد أعطاه ماوجده ضمن مستحقات قضاياه، فقد حمل آلة العود بيد  والبندقية بالاخرى ملتحقا بفصائل الانصار الشيوعيين في جبال كردستان عقب هجمة ضباع البعث على حزبه نهاية سبعينيات القرن الماضي :

روحي انحلت ...والشوگ ماذيها ..

اشمالك تعت بيها..

قبل سنوات ليست بعيدة ، وفي السليمانية حيث التقينا بفعالية ثقافية تكريمية للكبير ( مظفر النواب ) ، وفي سهرة بإحدى مطاعم ( سرجنار) كنا انا وهو والصديقين الشاعر طارق حسين وكريم الدهلكي وصديق آخر يؤسفني عدم تذكره، ابتدأت فرقة غنائية فعاليتها واذا بأغنية تتخللها أسماء بعض الأسلحة..

قلت له محاولا تهدئته وتلطيف الجو :

(طيورك الطايره صارت بي .كي .س) فلا تنزعج ...ضحك.. ضحكنا .. لكنه ضحك من تخيب اماله لما حصل للغناء،من تراجع مخيف .

من يقنعني ان كوكب حمزة قد غاب عنا واغنياته معنا؟

************************************************************************

كوكب حمزة  ودع طيوره

حسب الله يحيى

في تلك القرية الكردية النائية والمجهولة في كل الخرائط والتي تسمى (كويلان) وفي سبعينات القرن الماضي ، يوم لم اكن اعرف كلمة كردية واحدة ، ولا يعرف سكان (كويلان) الكرد ، كلمة عربية واحدة ؛ وفي مقهى شعبي هناك يتجمع اهل القرية لمشاهدة البرامج التلفزيونية بالابيض والأسود .

في ذلك المكان والزمان تعرفت لأول مرة على الفنان الراحل كوكب حمزة ، ذلك الملحن الكوكبي الذي ينتمي الى جذور كردية ويقرأ ويفكر ويكتب ويلحن بلغة عربية .

اذن .. في قرية (كويلان) تمكن كوكب حمزة ان يقربني الى الكرد .. قرب هذا المعلم العربي الذي كان يتحدث العربية لوحده.

اخذ سعدون جابر يغني (يا طيور الطايرة ) بلحن كوكب حمزة وكلمات زهير الدجيلي .

في هذه القرية بكيتُ طيورَ وآلام وغربةَ كوكب حمزة .. والبكاء صحبة الفن عافية ، كما يعني ان الفنان قد تمكن من المتلقي واثر فيه وترك بصماته عليه وهذا ما كان مع تلك الطيور التي كانت تحمل رسائل عذبة من روح هذا الكوكب المضئ .

وعندما جاء خبر رحيل هذا الكوكب في بلاد الغربة (الدنمارك) كانت طيور هذا الكوكب تملأ روح العراقيين عذوبة حزينة .

هنا حل الكوكب حمزة في الزمان والمكان فيما كان جسده يتجول في بلدان كثيرة بعد ان كانت السلطة تلاحقه بوصفه عراقيا مبدعا حاملا الحانه : يا نجمة ، ابنادم ، وين يلمحبوب ، تانيني ، يا صاحبي ، الگنطرة ... وسواها من الالحان .. ولأنه فنان اصيل لم يكتف بمنجزاته الفنية وانما التحق بالانصار الشيوعيين مقاتلا ضد السلطة الدكتاتورية عن طريق جبال كردستان .. كان مناضلا ملتصقا بفكره التقدمي وانتمائه الماركسي .

كان الكوكب حمزة على مدى عمره المديد (1944ـ 2024 ) متفردا في حياته والحانه ، كان راسخ المبادئ ، حاملا معه كل جذور الوطن اين ما حل.

******************************************************************************

الصفحة السادسة عشر

معهم ندين ونستنكر ..

أدان «صحفيون رواد» واستنكروا بشدة ما تعرض له الزميل أ. د. كاظم المقدادي الأربعاء الماضي «من اعتداء وتوقيف ومحاولة ترهيب» من قبل عناصر من الشرطة الاتحادية.

واعتبر الزملاء الصحفيون في بيان اصدروه ان الاعتداء على «أية قامة صحفية او أكاديمية يشكل سابقة خطيرة» مهما كانت أسباب الاعتداء، ودعوا الجهات المعنية الى التحقيق في ملابسات الحادث «وتقديم المسيئين الى القضاء لينالوا جزاءهم العادل».

كما دعوا النقابات المهنية الى ادانة هذا التصرف والى المطالبة برد الاعتبار علانية للدكتور المقدادي.

******************************************************************************

طلبة راوة يزينون مدينتهم القديمة بالأضواء والنباتات

متابعة – طريق الشعب

شرعت إدارة “متوسطة راوة” في قضاء راوة بمحافظة الأنبار، بتنفيذ حملة لإزالة الأنقاض عن المدينة القديمة وتزيين أزقتها بالأضواء وسنادين النباتات، وذلك على نفقتها الخاصة وبتنفيذ طلبتها وكوادر البلدية.

ووفقا لما نقلته وكالات أنباء عن إدارة المدرسة، فإن المبادرة، إضافة إلى كونها تعيد إحياء المدينة القديمة في القضاء، تهدف إلى حث الطلبة على أن يكونوا فاعلين في المجتمع، مضيفة أن المبادرة استهدفت الأحياء والأزقة المهملة.

وأوضحت أنه بفضل هذه المبادرة، جرى فتح 3 أزقة كانت مهجورة ومظلمة، وجعلها جميلة، مبينة أن أبرز التحديات التي تواجه مثل هذه النشاطات، هو شح الأموال. لذلك جرى التعاون مع منظمات داعمة على تنظيم ورش وندوات توعوية لحث الطلبة على المشاركة في النشاطات اللا صفية.

وتؤكد الإدارة انها تسعى إلى وضع خطط لتوسيع هذه المبادرة وتطويرها، لتشمل أماكن أكثر في مناطق مختلفة من القضاء.

******************************************************************************

افتتاح جزئي لمسرحي أور الجديدين بعد عيد الفطر

 متابعة – طريق الشعب

أعلن المهندس المشرف على مشروع مدينة أور السياحية صالح عواد، عن إنجاز 92 في المائة من المرحلة الثالثة من المشروع، موضحا في حديث صحفي أنه ضمن هذه المرحلة تم إنجاز 98 في المائة من المسرح السومري الذي يسع 1500 شخص، و95 في المائة من المسرح المغلق الذي يسع أكثر من 400 شخص، إضافة إلى إنجاز مطعم متكامل وساحات وحدائق ونافورات، والسياج الخارجي للمدينة السياحية.

ولفت عواد إلى انه من المؤمل ان يكون هناك افتتاح جزئي للمسرحين بعد عطلة عيد الفطر، مشيرا إلى ان هناك توجيهات مركزية بإنشاء متحف أور العالمي، الذي سيتم وضع حجر الأساس له قريبا.

ومن المقرر أن يتضمن المشروع إنشاء مدينة ثقافية ومشاريع استثمارية سكنية وفندقية وسياحية ومرافق ترفيهية للأطفال.

**********************************************************************************

في تكريت .. طباعة 600 كتاب خلال 11 عاما

متابعة – طريق الشعب

يروي عدد من مثقفي مدينة تكريت، قصة تأسيس أول دار لطباعة الكتب ونشرها في مدينتهم، والتي استطاعت منذ تأسيسها قبل 11 عاما، طباعة نحو 600 كتاب في مختلف المجالات الأدبية والفكرية والتاريخية.

وتحمل هذه الدار اسم “دار الإبداع”، وقد أسسها د. أسامة محمد بتشجيع من مثقفي المدينة، ممن كانت لديهم مؤلفات جاهزة للطباعة.

يقول محمد في حديث صحفي، أن “دار الإبداع” لعبت دورا مهما وأساسيا في تثقيف شباب تكريت وتطوير معارفهم، من خلال ما قدمته من مطبوعات بمختلف المجالات.

فيما يقول القاص جمال نوري، أن “كل المشاريع تبدأ كحلم، ودار الإبداع كانت حلم كتّاب وأدباء تكريت، وهم الذين اختاروا عنوانها”، مضيفا أن “هذه الدار شكلت علامة فارقة في المشهد الثقافي التكريتي، حتى استقطبت مؤلفات لكتّاب من جميع أرجاء المحافظة، إضافة إلى بقية المحافظات”.

ويلفت نوري في حديث صحفي إلى أن “الدار شاركت في معارض للكتاب عديدة، محلية ودولية”. فيما يذكر أن الدار طبعت له 5 كتب، وشكلت رحلته الثقافية. 

من جانبه، يتحدث الكاتب المسرحي عبد الرحمن القيسي، عن بدايات تأسيس الدار، مبينا أن د. أسامة محمد كان مترددا بعض الشيء بسبب الظروف المالية، لكن تشجيع مثقفي المدينة وأكاديمييها، حفزه على المضي في هذا المشروع الثقافي.

إلى ذلك، يقول عضو الهيئة الاستشارية للدار باسل مولود، ان “الدار شاركت في معارض عديدة، بداية من الجامعات. ثم انتقلت إلى معارض محلية ودولية، وحاليا هي من دور النشر المعتمدة”.

**********************************************************************************

في اتحاد الأدباء العراقيين.. احتفاء بتجربة الناقد د. رحمن غركان

متابعة – طريق الشعب

احتضنت قاعة الجواهري في مقر الاتحاد العام للأدباء والكتاب، الخميس الماضي، جلسة احتفاء بالمنجز النقدي للناقد د. رحمن غركان، نظمها اتحاد أدباء الديوانية تحت عنوان “التجربة في متونها المدروسة ومناهج نقدها التطبيقي”.

الجلسة التي شهدت حضورا أدبيا وثقافيا، أدارها الناقد د. سمير الخليل، وافتتحها بالقول: “نحتفي اليوم بقامة نقدية كبيرة. فالناقد د. رحمن غركان ليس أي ناقد، إنما له دراسته الخاصة التي تميزه عن غيره من النقاد، وله مشروع ثري وكبير. كما انه ليس نمطيا، ودائما ما يفاجئنا بالجديد. وقد اختار نقد الشعر لأنه شاعر عارف بمخاضات الشعر العراقي والعربي”.

بعد ذلك، تحدث المحتفى به عن مشروعه النقدي الذي بدأ العمل عليه منذ 3 سنوات، مشيرا إلى انه قرر أن ينجز كل شهر كتابا نقديا يتضمن قراءة في قصيدة أو مجموعة شعرية أو مختارات شعرية من ديوان واحد.  وتابع قوله أن سلسلته النقدية في الشعر بلغت حتى الآن 30 كتابا، مبينا أنه اعتاد أن يضع خطة لـ6 شهور يقرأ فيها 6 أعمال.

ولفت د. غركان إلى أنه يرصد التجارب الشعرية الجديدة، التي يجد فيها عطاء يستهويه ويستفزه بصفته قارئا وليس ناقدا، على اعتبار أن النص موجه أولا للقراء.

*************************************************************************

النجف.. طبيب يجري عملية «غير تقليدية»!

متابعة – طريق الشعب

أعلنت إدارة مدينة الصدر الطبية في النجف، أخيرا، عن نجاح أحد أطبائها في إجراء عملية جراحية “غير تقليدية” لم تُجرَ سابقا في مستشفيات العراق.

وأوضحت في بيان صحفي، أن اختصاصي جراحة العظام والكسور د. نوار نعمة الفتلاوي، أجرى عملية جراحية لمريضة من سكان النجف تبلغ من العمر 48 عاما، كانت تعاني وجود نتوء في عظم الكعب مع التهاب الوتر الأخيلي، مبينة أن المريضة عانت الألم فترات طويلة، ولم تنجح معها كل طرق العلاج التحفظي. 

واوضحت الإدارة ان الطبيب قام بإزالة النتوء العظمي والالتهاب المحيط به كليا عن طريق الناظور، ومن خلال فتحات جراحية صغيرة جدا، دون اللجوء إلى الجراحة التقليدية، مشيرة إلى ان العملية أنجزت في وقت قياسي دام ساعة ونصف الساعة.

ولفتت إلى ان هذه العملية تُجرى لأول مرة في العراق، وتعد إنجازا نوعيا، مؤكدة ان المريضة الآن بحالة جيدة وفي طور الشفاء.

*******************************************************************************

الموصل تحتضن مهرجانا للمأكولات الشعبية

 متابعة – طريق الشعب

احتضن “متنزه المثنى” في الجانب الأيسر من مدينة الموصل، الأسبوع الماضي، النسخة الثانية من مهرجان المأكولات الشعبية السنوي.

وتخللت المهرجان الذي شهد حضورا كبيرا من المواطنين وعائلاتهم، فعاليات مختلفة، أدبية وفنية، إضافة إلى عروض للأكلات الموصلية الشعبية الشهيرة.

************************************************************************

بفعل الإهمال انهيار أجزاء من سراي بعقوبة القديم

متابعة – طريق الشعب

في حدث متوقع منذ سنوات، تعرض مبنى السراي القديم في مدينة بعقوبة إلى انهيار جزئي في طابقه الثاني، دون أي إصابات بشرية، وذلك بسبب إهماله وعدم إدامته رغم التحذيرات.

ويعد هذا المبنى معلما مهما من معالم بعقوبة، باعتباره شاهدا على أحداث سياسية منذ 170 عاما تقريبا، لكن هذه الأهمية لم تسعفه ليكون ضمن اهتمامات حكومات ديالى المتعاقبة منذ 2003.

ووفقا للاختصاصي في الشؤون التاريخية محمد علي، الذي يتردد على المبنى منذ نحو 70 عاما، فإن “المبنى انشئ في منتصف القرن 18 كمقر للحكم العثماني آنذاك، اي انه كان بمثابة قصر للحكم”، مبينا أن “السراي شهد أحداثا كثيرة قبل ان يُستغل كثكنة عسكرية للاحتلال البريطاني لفترة وجيزة، وبعدها يتحول إلى مقر حكومي خلال الحقبة الملكية”. 

وتابع قوله في حديث صحفي أن “المبنى أصبح بعد 2003 مقرا لجمعيات ومنظمات واتحادات مختلفة، وانه يمثل أيقونة تاريخية، ولا يزال محتفظا بجزء كبير من طرازه المعماري”، لافتا إلى ان “المبنى، وبالرغم من تهالك بعض أجزائه، لم يشهد أي جهود لصيانته”.

وأعرب علي عن أسفه وهو يشاهد مبنى مهما مثل هذا ينهار شيئا فشيئا بما يحمله من ذاكرة