اخر الاخبار

قبل 38 عامًا، وفي 26 شباط 1986، أدت احتجاجات شعبية واسعة إلى طُرد الدكتاتور فرديناند ماركوس، والد الرئيس الفلبيني الحالي فرديناند ماركوس الابن، من البلاد. وقامت القوات الامريكية بنقل الدكتاتور المخلوع إلى منفاه في هواي بعد 21 عاما قضاها في السلطة. ومنذ صيف 2022، عاد ابنه «ماركوس الابن إلى السلطة عبر انتخابات عامة.

هاجم الرئيس الفلبيني السابق الدكتاتور رودريغو دوتيرتي، والد نائبة الرئيس الحالية سارة دوتيرتي، التي تولت منصبها أيضًا في صيف 2022، خلفه ماركوس الابن. وفي مسقط رأسه بمدينة دافاو، واثناء حضوره فعالية سياسية كبير في 28 كانون الثاني الفائت، أهان رئيس الدولة ووصفه بأنه «ضعيف» و»مخبول» وحذره من مصير مشابه لمصير والده في عام 1986. وجاء رد الرئيس الحالي سريعا، وقال ان بدوترتي، الذي كان أطلق حملة لحرب « وحشية ضد المخدرات»، هو نفسه «مدمن مخدرات».

وفي البلاد الواقعة في جنوب شرق اسيا، والتي تحكمها 300 عائلة او عشيرة سياسية مهيمنة على جميع انحاء البلاد، عبر الاستيلاء على الأرض تتغير مسارات التعاطي، عندما يحتدم الصراع مع بعضها البعض على السلطة والمال، وتبرز أهمية الحفاظ على طبيعة النظام السائد، فلا مكان للمعايير السياسية في التحالفات. وهذا ما حدث في الحملة الانتخابية الأخيرة، عندما تعاون ماركوس الابن مع ابنة سلفه بوصفه حامل لواء «الفريق الموحد».

أثارت سارة دوتيرتي ضجة لأول مرة في الخريف الماضي: عندما طالبت بكل جدية للسنة المالية 2024 بما مجموعه 650 مليون بيزو فلبيني (أي ما يعادل حوالي 10.7 مليون يورو) من الأموال السرية لمكتب نائب الرئيس ووزارة التعليم، التي ترأسها أيضًا، بما في ذلك الأموال المخصصة للإجراءات الأمنية. وبعد جدل طويل في البرلمان، اضطرت نائبة الرئيس إلى التراجع على مضض، ولكنها بقيت غاضبة.  وسادت البلاد موجة من عدم الرضا، عندما تم الكشف عن أن نائبة الرئيس أنفقت 125 مليون بيزو فلبيني في أموال سرية وصلت إلى مكتبها في كانون الأول 2022 في أحد عشر يومًا فقط. ووصفت السياسية المتهورة منتقديها بـ «أعداء السلام».

في هذه الأثناء، كان على الرئيس السابق دوتيرتي أن يخشى أن تتخذ المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي إجراءات ضده بسبب ممارساته اثناء «الحرب على المخدرات» وترسل محققيها إلى مانيلا. وكان دوتيرتي، وهو مؤيد صريح لماركوس الأب، ينأى بنفسه أكثر فأكثر عن ماركوس الابن، بسبب خلافهما على السياستين الداخلية والخارجية، وخاصة تحول الرئيس الحالي إلى مسار أكثر صداقة مع الولايات المتحدة، ما يفرض ليبرالية شكلية في السياسة الداخلية. ومنذ نهاية كانون الثاني الفائت، هدد الرئيس السابق بالقيام بتمرد من شأنه إما الإطاحة بالحكومة الحالية أو انفصال جزيرة مينداناو الرئيسية، التي يسيطر عليها في جنوب البلاد.

وتدخل في الصراع نجل دوتيرتي سيباستيان، عمدة مدينة دافاو، أكبر مدينة في مينداناو، ودعا إلى استقالة الرئيس الحالي. ولتهدئة الأمور والتوسط نيابة عن شقيقها ماركوس الابن، سافرت السيناتورة إيمي ماركوس إلى مدينة دافاو وادعت أن أصدقاءها هناك «اعتذروا». وعلق العمدة قائلاً إن على السيناتورة، وشقيقة الرئيس الحالي أن تتجنب «المظاهر السياسية المتغطرسة» و»ألا تتدخل في شؤون الآخرين».

وبعد أكثر من عام، ستُجرى انتخابات التجديد النصفي للسلطة التشريعية التي ستحدد المسار لتغيير دستوري محتمل. وإذا كان هذا سيقود إلى تغيير النظام السياسي   من النظام الرئاسي الحالي إلى نظام برلماني، فإن أقوى العشائر السياسية في البلاد، ستتاح لها فرص حقيقية لتأمين حكمها على المدى الطويل. ومدة الدورة الرئاسية حاليًا ست سنوات، مع إمكانية إعادة الانتخاب. وبالتالي فان الصراع الدائر حاليا يدور في جوهره على من سيحكم البلاد في السنوات المقبلة.