اخر الاخبار

في الجلسة الخاصة التي عقدها البرلمان الاتحادي الألماني في 27 شباط، لمناقشة الاجتياح الروسي لأوكرانيا كان الموقف الذي تبنته الحكومة الألمانية بدعم أكثرية برلمانية كبيرة، اعتبار ما أقدمت عليه روسيا سياسة ليست سلمية، بل حربية.

وفي عرضه للبيان الحكومي قال المستشار الالماني أولف شولز، بعد الهجوم الروسي، “لم يكن العالم كما كان قبله”. والسؤال الجوهري هو ما إذا كان ممكنا للسلطة خرق القانون وما إذا كان يمكن السماح لبوتين “بإعادة عقارب الساعة إلى الوراء إلى زمن القوى العظمى في القرن التاسع عشر أو ما إذا كان بإمكاننا حشد القوة لوضع قيود على دعاة الحرب من أمثال بوتين”.

وفي اليوم الذي سبق الجلسة، رفعت الحكومة الألمانية الجديدة القيود التي فرضتها، قبل أسابيع، على تصدير الأسلحة، ووافقت على تصدير الاسلحة الى أوكرانيا.

وأكد المستشار مرة أخرى تسليم ألف قطعة سلاح مضادة للدبابات و500 صاروخ ستينغر “لأصدقائنا في أوكرانيا”. بالإضافة إلى ذلك، تمت الموافقة على تصدير 14 مركبة مدرعة خاصة لأوكرانيا، وسيتم تسليم 10 الاف طن من الوقود، عبر بولندا، إلى أوكرانيا. وسُمح لإستونيا تسليم مدافع قديمة تعود لجيش المانيا الديمقراطية السابقة الى أوكرانيا.

وقال شولز انه بالنظر إلى نقطة التحول التي أحدثها الهجوم الروسي على أوكرانيا، يحتاج الجيش الألماني إلى “قدرات جديدة وقوية”. وأضاف: “هناك شيء واحد واضح: يجب أن نستثمر أكثر في أمن بلدنا، وبهذه الطريقة نحمي حريتنا وديمقراطيتنا “. والهدف هو “جيش اتحادي فعال وحديث للغاية وتقدمي”.

تسليح هائل للجيش الألماني

وأعلن شولتز أن الحكومة ستنشئ “صندوقًا خاصًا” لتحديث الجيش الألماني وتزويده بـ100 مليار يورو، لمرة واحدة.  ويجب أن يكون الصندوق الخاص “مضمونًا في الدستور الألماني”.

ان تخصيص 100 مليار يورو إضافية للتسلح هذا العام، هو أكبر من مجموع تخصيصات وزارات الصحة، والتعليم والبحث العلمي، الداخلية، والشؤون الاجتماعية، والتجارة والطاقة، والبيئة، والتعاون والتنمية، والتغذية الزراعية. وبهذه الإضافة تصبح الموازنة الحربية الألمانية 150,3 مليار، أي قرابة ثلاثة اضعاف موازنة التسلح الروسية 54,21 مليار حسب المعهد السويدي للسلام. وألمانيا ليست سوى دولة واحدة من 30 بلدا عضوا في الناتو.

بالإضافة إلى ذلك، سيتم سنويا استثمار أكثر من 2 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي في التسلح، ما يعادل 70 مليار يورو، بدلا من 50,3 مليار المخصصة في موازنة 2022. وكانت الحكومة الألمانية قد سلمت الناتو 53.03 مليار يورو تمثل 1.57 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي، مقابل 1.36 في المائة في عام 2020.

ووفق المستشار سيتم شراء طائرات هيرون المسلحة بدون طيار من إسرائيل، والتي اثارت مخاوف غالبية أعضاء حزب المستشار في عهد الحكومة السابقة، وسيتم بناء الجيل التالي من الطائرات المقاتلة والدبابات مع شركاء أوروبيين وسيتم تطوير الطائرة الأوربية “ايروفايتر”. وبالنسبة للمشاركة النووية، “سيتم شراء بديل حديث لطائرات تورنادو القديمة في الوقت المناسب. و” ستبدأ الولايات المتحدة قريبًا في استبدال الأسلحة النووية المتمركزة في بوشل الالمانية، واستبدالها بقنابل نووية قابلة للتوجيه تحمل رأسًا نوويًا بأربعة خيارات يمكن تحديدها عند الإطلاق اعتمادًا على الهدف المراد ضربه. ومن أجل نقل هذه القنابل النووية الى المانيا يحتاج الجيش الألماني طائرات مقاتلة جديدة”.

وأعلن وزير المالية الفيدرالي كريستيان ليندنر من الحزب الليبرالي الحر أنه مستعد لتحمل ديون جديدة من أجل تمويل إعادة تسليح الجيش الألماني. وقال ليندنر إن النقاش حول تعزيز القدرة العسكرية يجب ألا يجري، تحت طائلة “ تحذير من ديون جديدة”. وإن 100 مليار يورو المخصصة لدعم الجيش هي “في هذا الوضع العالمي استثمارات مبدئية في حريتنا”. ويجب من الآن، أن ينتهي إهمال الجيش الألماني.

وفيما يتعلق بالعقوبات المفروضة على روسيا قال إنها “مصممة لتستمر”. وألمانيا مستعدة لتحمل الآثار السلبية للعقوبات “لأنها ثمن الحرية”.

صحيح أن المستشار والعديد من المتحدثين أكدوا أن قنوات الاتصال مع روسيا يجب أن تظل مفتوحة أيضًا وأن يتم تعزيز المجتمع المدني هناك. لكن اتفق الجميع، وبضمنهم حزب اليمين المتطرف “البديل من اجل المانيا” على أن الوقت قد حان لسياسة تعزيز القوة العسكرية. وبشأن “العقوبات المالية والاقتصادية والفردية” ضد روسيا التي أعلنها عدد من أعضاء الحكومة لم يرفضها سوى حزب البديل اليميني المتطرف، بينما ركز حزب اليسار على رفض تسليم الأسلحة وإعادة التسلح.

وعارضت رئيسة الكتلة البرلمانية لحزب اليسار الألماني أميرة محمد وحدها زيادة الإنفاق الدفاعي وتسليم الأسلحة إلى أوكرانيا. وقالت “نحن اليساريين لا نستطيع ولن ندعم هذا التحديث وهذه العسكرة”. و”التاريخ يعلمنا أن سباقات التسلح لا تخلق الأمن”. ويشارك حزب اليسار موقف ادانة الاجتياح الروسي، دون اهمال دور الناتو في التصعيد الذي سبقه. ومعروف ان الحزب يؤكد دوما ان ضمان امن أوربا لا يتحقق الا باشراك روسيا.

عرض مقالات: