اخر الاخبار

صدر قرار التجديد للبعثة السياسية للأمم المتحدة بقيادة فولكر بريتس في اجتماع مجلس الامن، دون ان يواجه النقض (الفيتو) من روسيا والصين. وهذا ما يتناقض مع طلب قائد الجيش السوداني الذي طالب بإبعاد المبعوث الدولي بسبب موقفه المساند للاتفاق الاطاري الذي وقعته قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي نهاية العام الماضي مع المكون العسكري. وهذا الاتفاق يجد المساندة العلنية من دول الاتحاد الاوربي وامريكا والمملكة العربية السعودية.

وربما يعكس هذا التحول الجديد في موقف مجلس الامن تفاهمات بين امريكا وروسيا تخص مناطق نزاع أخرى من العالم أو تتعلق بتقاسم النفوذ في افريقيا، وفي جانب آخر، قد تكون السعودية استخدمت علاقاتها المتقدمة مع الصين والتي اثمرت التقارب الاخير مع إيران.

هذه الاحتمالات غير المستندة الى وقائع ملموسة، ومن المرجح ان الدولتين ليس لهما مصلحة حالياً في دعم الجيش السوداني عكس ما كان سائدا بعد انقلاب ٢٥ تشرين حيث كان المكون العسكري موحدا في مواجهة بعض القوى المدنية التي تساندها القوى الغربية، كما أن الموقف الأمريكي من طرفي النزاع يصب في مصلحة قوات الدعم السريع المرتبطة بروسيا.

ولا يميز الموقف الدولي (الامريكي خصوصاً) بين الجيش وبين قوات الدعم السريع، وذلك بعكس موقف الاتحاد الإفريقي الذي اعتبر قيادة الجيش هي الممثل الشرعي للبلاد، وإن كان لم يتورط في ادانة قوات الدعم السريع أو وصفها بأنها متمردة، وليس هناك من تعامل مع هذه القوات على انها قوات نظامية وإن قيادتها جزء لا يتجزأ من قيادة الدولة، وإن لا سبيل لحسم الصراع غير الحوار المفضي لمواصلة العملية السياسية القاضية بابعاد العسكر عن السياسة، وبالتالي فإن هذا الموقف يخدم المصالح الروسية والصينية كونه يبقي على قوات الدعم السريع في المعادلة التي تقود إليها نهاية الحرب.

واثرت العقوبات الأمريكية التي حظرت التعامل مع شركة الصناعات الدفاعية التابعة للجيش   وشركة الجنيد التابعة لقوات الدعم السريع سلبا على إنتاج السلاح والذخائر بالنسبة للجيش وقدرة الدعم السريع للحصول على المال الكافي لشراء السلاح وتوفير الاموال الكافية لرواتب افراده، بعد قطع ميزانية الدولة عنها.

في المقابل تجد قوات الدعم السريع، صعوبات في الحصول على دعم مباشر من أي دولة تساندها، وذلك ليس من زاوية الالتزام بالقانون الدولي، انما الخشية من العقوبات الامريكية ذات الطبيعة المركزية، والتي تنطبق على الدول والشركات التي تتعامل معها، وهذا ما يؤخذ بنظر الاعتبار بالنسبة للصين إذ فرضت الولايات المتحدة عقوبات على شركات تعاملت مع ايران وفرضت نفس العقوبات على بنك فرنسي قام بتمويل استثمارات ايرانية.

هذه المؤشرات تبين وجود موقف دولي موحد بدأ بالتبلور تجاه الحرب الدائرة في السودان، وهي تصب في مصلحة ايقافها واستئناف العملية السياسية، وهذا ما يرفضه الجيش وقوى التيار الاسلامي التي تسانده.

ويعارض ذلك قوى التغيير الجذري التي ينشط فيها الحزب الشيوعي السوداني، لكنها لا تعول على الحسم العسكري الذي لا تلوح بشائره، كما تحاول الدعاية الحربية أن تصوره بأن أصبح في متناول اليد خاصة من ناحية الجيش الذي استخدم حتى الاسلحة الاستراتيجية، ولم يستطع تأمين الخرطوم ومدينة الابيض.

مقابل ذلك فشلت قوات الدعم السريع في تحقيق أي نصر حاسم في مواقع القتال بل انها لم تستطع تأمين المواقع التي احتلتها من قبل مثل مطار مروي، وذلك يمكن ان يقود الى توزان قوة عسكري يمضي في اتفاق تسوية بعد الانهاك المتبادل قبل ان تفعل الضغوط الدولة فعلها، وذلك لأن النتيجة الحاصلة حتى الآن هي الافناء المتبادل للجيش والدعم السريع.

عرض مقالات: