اخر الاخبار

سبق للجيش السوداني ان اعلن ان لا صحة لما تردد من قرب الوصول الى هدنة طويلة الامد في البلاد، وانه لا زال متمسكا بموقفه من التفاوض عبر منبر جدة، في حال تذليل العقبات التي تتمثل حسب بيان لناطقه الرسمي، في اخلاء الدعم السريع لمنازل المواطنين والمرافق الحيوية، وفك الحصار عن القيادة العامة والقصر الجمهوري ومعسكرات الجيش.

ومن جانبها قالت قوات الدعم السريع ان احتمال الوصول الى حل تفاوضي في القريب العاجل امر غير وارد.

وفي الاثناء فسر المراقبون ما جاء في تسجيل صوتي لقائد الدعم السريع، تداولته وسائط التواصل الاجتماعي وطالب فيه بفك الارتباط بين قيادة الجيش وقيادات النظام السابق وباستقالة هيئة قيادة الجيش، بانه بمثابة اعلان موقف تفاوضي.

امام هذا التعنت من قبل الطرفين يبدو ان الحرب ستطول..

وفي هذا الوقت بالذات تتنقل قيادات قوى الحرية والتغيير بين العواصم الاقليمية والدولية لحشد التأييد لوقف الحرب، في وقت تبدو فيه القوى المدنية والسياسية السودانية غير موحدة. فالانقسام ما زال قائما بين الحرية والتغيير وتحالف قوى التغيير الجذري، وقد أدى بدوره الى انقسام قوى الثورة الاخرى ممثلة في لجان المقاومة، بين المعسكرين. لذلك فان تمثيل  القوى المدنية في اية مفاوضات قادمة، سيعتمد على من سيوجه الدعوة  وليس على تفويض شعبي.

فيما يرى متابعون ان وجود قيادات بعض القوى المدنية في الخارج يضعها تقع تحت ضغط المجتمع الدولي، الذي يتكفل بالصرف على اقامتها وحلها وترحالها. فلا عاصم لها في هذه الحالة من التكيف مع اجندته.

ويقوم تدخل المجتمع الدولي كما تشير التجارب على ادامة عناصر الازمة مع العمل على ايجاد وفاق بينها، حتى لو قاد ذلك الى الاعتراف بمناطق نفوذ معينة ومنفصلة عن بعضها كما حدث في ليبيا.

وفي السودان اتضح باكرا للوسطاء صعوبة ابعاد العساكر عن السلطة  كما تطالب الادارة الامريكية ومن خلفها الاتحاد الاوربي والاتحاد الافريقي .

لذلك تعتمد الادارة الامريكية استراتيجية “الصبر الخلاق” بعد “الفوضى الخلاقة”، ما يعني الانتظار حتى ينهك القتال الطرفين ثم عرض الحل الدولي عليهما. كما ان القوى السياسية المدنية تكون هي الاخرى قد استنفدت قوتها، بعد الحيلولة دون توحيدها نفسها في جبهة واحدة رافضة للحرب. ويكون المتاح هو الحل الدولي الساعي لإشراك الجميع في عملية الانتقال الديمقراطي، بمن فيهم من اجرموا في حق الشعب. وذلك ما كان طرحه السيد لي مان مستشار الرئيس الامريكي للسودان وجنوب السودان عام 2012، في ما عرف لاحقا في الادب السياسي بـ “الهبوط الناعم”.

وكانت قوى تحالف نداء السودان، المنضوية الآن تحت لواء الحرية والتغيير، على وشك الموافقة على ذلك، بل ان بعضها كان دعا صراحة الى خوض انتخابات 2020 التي كان سيترشح فيها الرئيس المخلوع عمر البشير .

والشرط الاساسي لنجاح هذا السيناريو هو وجود قيادات بعض القوى السياسية خارج السودان تحت رعاية المجتمع الدولي، وحصرها العمل السياسي في مجرد التواصل الدولي وحشد الدعم لصالح ايجاد حل تفاوضي، وفق خارطة طريق تتمثل في الاتفاق الاطاري، الذي رفضته قطاعات واسعة من قوى الثورة قبل ان ترفضه عناصر النظام السابق .

والسؤال الذي يحتاج اجابة من الفاعلين السياسيين، الذين يبحثون عن حلول للازمة بعيدا عن الاجندة الدولية، هو هل يمكن وقف الحرب وانجاز انتقال ديمقراطي دون مشاركة العساكر من الطرفين، من خلال تكوين جبهة مدنية سياسية مناوئة للحرب؟ وماهي ادوات الضغط المقترحة للقيام بذلك؟

واضح ان الخطوة الاولى تتمثل في وحدة القوى السياسية المدنية، وقلب المعادلة لتكون الجهود الدولية مساندة للارادة الوطنية وليس العكس .

لهذا تتوجب عودة بعض القيادات السياسية الى الداخل، واختيار مدينة آمنة لاقامتها مهما كان حجم المخاطر التي قد تتعرض لها. مع العمل على اطلاق راك مدني سياسي جبار من أجل ايقاف الحرب، ووضع المجتمع الدولي في الوقت نفسه امام مسؤليته الأخلاقية.

عرض مقالات: