اخر الاخبار

لقب نفسه بالبصري محبةً بمدينته. ولد شاكر محمود محمد البصري في محلة المشراق في مدينة البصرة القديمة عام 1939م. 

نشأ في عائلة تنبع منها الطيبة والاحترام والانفتاح على الآخرين، تهذب مسيرة ابنائها من خلال النصح والتعليم والمتابعة ومنعهم من مصادقة غير الأوفياء والمخلصين والمؤدبين.

لا يخلد إلى النوم إلاّ بعد قراءةٍ في كتاب او مجلة أو جريدة من أدبيات نضالات الشعوب، حيث كان محباً لتلك المنشورات كونها تخص الشعوب المضطهدة أو الطبقات الكادحة منها.

في شبابه بدا متحمساَ للفقراء والجياع والمقهورين ومناهضاً للحكام الذين هم سبب ذلك الفقر والبؤس والجوع والمرض. شارك في العديد من التظاهرات المطلبية والاضرابات الطلابية معبراً عن ما يحمل من حب لوطنه وأهله مناصراً لزملائه الطلبة واشباب.

كان البصري معجباً بالشاعر معروف عبد الغني الرصافي ويقرأ له كثيراً، كما كان محباً لقصائد الجواهري التي تمجد العراق وشعبه ويرددها بشكل مستمر أمام رفاقه وأصدقائه، كما كان يقرأ كثيراً أيضاً للكاتب السوفييتي الكسندر بوشكين من قصص وروايات، وكان زملاؤه في المدرسة يعتبرونه محباً للعلم والأدب والثقافة معاً.

كان شيوعي التصرف والايمان قبل ان ينتمي للحزب الشيوعي العراقي وقبله اتحاد الطلبة العام، واضاف له الحزب مزيدا من الخصال الحميدة وعزز في داخله السلوك القويم والنزعة الاشتراكية والمبادئ الانسانية النبيلة. كان بعيداً عن الملذات والتصرفات الصبيانية كالكثير من مجايليه، جل همومه تطوير ذاته وثقافته وتطوير عمله التنظيمي الطلابي والحزبي.

كان يمتلك قدرة تنظيمية عالية وله الامكانية الكبيرة على التخفي عن أعين السلطة وغلمانها، كما كان يمتاز بالهدوء والشجاعة والجرأة والتصرف الصحيح في أحلك الظروف. اعتقل قبل انقلاب شباط الأسود عام 1963 وهو الأمر الذي أبقاه حياً بعد الهجمة المغولية الشرسة لقطعان الحرس القومي على العناصر الوطنية وخصوصاً الشيوعيين حيث القرار 13 المشؤوم والذي يسمح بقتل الشيوعيين أينما كانوا. ومن محاسن الصدف أن الشهيد البصري كان موقوفاً في قضاء الزبير في تلك الفترة وضابط المركز متعاون معه وهذا الضابط ومن باب الحفاظ على حياة البصري استحصل على موافقة دائرة الأمن في البصرة بنقله إلى سجن نقرة السلمان، وتم ذلك فعلاً ومن هذا السجن الكائن في قلب الصحراء استطاع البصري التمارض ونُقِلَ الى مستشفى الديوانية ومن هناك استطاع الهرب والتحق بالحزب في بغداد.

بعد العمل في المنظمة الطلابية، نقل الى التنظيم العمالي وصولاً لقيادته في البصرة عام 1968 حيث فازت قائمة نضال العمال في ثلاث نقابات هي الخياطين والبناء وعمال المخابز والأفران بالرغم من الضغوط الكبيرة والكثيرة والتزوير وغيرها من الممارسات اللاديمقراطية في العمليات الانتخابية.

لجهوده الحثيثة واندفاعه الكبير في العمل النضالي انتخب عام 1970 في المؤتمر الثاني للحزب عضواً في اللجنة المركزية، وانتقل عمله السياسي الى بغداد، وفي بغداد تزوج من الرفيقة الهام كريمة المحامي أحمد سلمان الراوي في 6/11/1969 ورزق منها في 23/9/1970 بنتاً اسموها أماني وولداً اسموه محمود تخليداً لذكرى والده بتاريخ 24/10/1972. وفي مساء يوم 11/11/1972 داهمت البصري أمام مستشفى اليرموك حيث كان يتمشى مع ابنته أماني سيارة عائدة لدائرة الامن ودهسته و على أثرها غادر الحياة تاركاً وراءه إرثاً نضالياً قلَّ نظيره.

كان البصري شخصية بارزة متميزة ثابتة في العمل التنظيمي والسياسي وكان شجاعاً في اتخاذ المواقف وفي أصعب الظروف.

رحل شاكر بعد ان منح جهوده ووقته وآخرها حياته لهدف سامٍ وهو الوطن الحر والشعب السعيد.

لك المجد والخلود رفيقنا شاكر محمود محمد البصري في ذكرى استشهادك الخمسين.

عرض مقالات: