اخر الاخبار

الشمسُ خجلى حين تلمسُ جبينكَ الوضّاء والريحُ المتمردةُ ظلّت تزحف بوقار الفنانين والنخلة ايضاً همست والفرات الحلو مازال حلواً يهمس أيضاً بموجاته ِالتي طالما لمست عطرك وانت تقطعها تحت جسر الحلة وصباك يشهد ُ للجسرين القديم والجديد والسدرة لا تنساها هي ايضا تحتفظ بشيء من سنى بهائكَ وخضرةُ شبابك تُصلّي كلها لخطواتك الثابتة حين مشيت منذ الصغر الى تلك المدرسة ِالوالهة بذكائك المفرط وكلَّ خميس تعتلي تلك المنصّة الخشبية لتنادي يسقط الأحتلال الصهيوني كبرت َوكبرت معك الروح الطاغيةُ بشأن التضحية من أجل المبادئ.. كنتَ محطَّ عين الفتيات في مدينتك الجميلةِ عشقن خطواتك وصوتكَ الساحر وأنت تعتلي مِنصّةَ الشعرِ منذُ صغركَ وأُعجبن بفكرك التقدّمي الناضج لم تكن تعرفُ الخوف أبداً ابداً.أسترسل معك أحدهم ليُنبتَ الخوف  في روحك الجريئةِ..يا هذا أنتبه أنت مُراقب.. أجبتهُ ولماذا هل لأني شاعر أم لأنّي ملتزمُ أم لأني متفوّقٌ على زملائي..؟

لا قالها لك بصرامة نحن لسنا أغبياء فأنت مناوئ للسلطةِ.. للسلطةِ؟ ماذا..؟ أنا مازلتُ تلميذاً ماذا تؤثرُ فيكم قصيدتي  أسترسلتَ في قصائدك وفكرك كان الطوق الذي يُلمّعُ الكلمات.. داهم أولئك اللاهثون وراء السلطة الشانئة . داهموا بيتك الذي هو قبلةُ العاشقين لفكرك الراقي وسبقت أُمكَّ الأبيةُ المتماسكةُ سبقت الحدث وأشعلت تنّورها الطيني المنصوب على ذلك السطح الكبير لتُحرقّ ما جلبتهُ من كتبٍ رائعةٍ جلبتها تحت أبطك من هنا وهناك وحرصت على أحتوائها ووضعها كحرزٍ يؤطرُ مكتبتك الانيقةِ التي كانت عبارةً عن شبّاكٍ كبيرٍ وعميقٍ في أحد الغرف في ذلك البيت الذي بناهُ والدك بشقِّ الانفسِ.. هل كان ذلك الوالدُ محظوظاً عندما رزقه الله بهذا الابن المفرط في الذكاء والصلادةِ والجرأةِ القاتلة أم هو قليل الحظ لما عانيتهُ أنت من تعبٍ وتنقلِّ ومطاردةٍ من أولئك أصحاب الخاكي القذرين.. ويلهُم لًمّا هجموا على محلِّ والدك في السوق الكبير وساقوه الى تلك الدائرةِ المرعبةِ المظلمةِ حيث وجد هناك شقيقتك وقد سبقته بالوصول.. نريدُ سالم.. وأين سالم أجلبوه لنا حتى نُخلي سبيلكما.. بادرهم بالجواب.. هو لم يهرب حتى تبحثون عنهُ لقد أرسلتهُ الدولةُ ببعثةٍ وبقي هناك منذ سنين. لقد دفع البدل النقدي ماذا تريدون منهُ.. يضحكون منه.. هل نحنُ(قشمر)حتى تبادرنا. ويدخل في هذه الاثناء أحدُ المعارف  لا أحدٌ يدري دخولَهُ هل هو صدفةٌ أم دعاء والدتك التي شخصت عيناها نحو الطريق تنتظرُ عودةَ والدك وشقيقتك.. دائماً الالمُ يُحيطُ.. وعلى أعترافات فتاتك بحبها لك وصلك هذا الاعتراف.. هي سافرت للبلاد البعيدة لاكمال دراستها وأنت أيضاً في غربتك القاهرة.. وقتها أخبرتنا أنك ستسافر اليها حيث يفصلها المحيط الكبير عنك وعبرت المحيط وسبقت الريح لتجدها تلك العاشقةُ وقد وقعت بعُشقٍ آخر لقد فضلّت ذلك الغريبُ عنك هكذا هي البرجوازية المتذبذبةُ لا عهد لها أمّا أنت أبنُ الكادحين ففكرك سليمٌ أخضرَ لاشوكَ فيه وعدت الى حيث كنت خائباً متألماً ..لا أمل في الرمال لأنها متحركة لا يثبتُ فيها الجذرُ ..ومال الكيل لزميلةٍ لك نعم هي الاقربُ وأرسلت الينا البشارة هي البديل عن تلك الشاردةِ هي ستكون معي في كل الاماكن وأين ما أدور تدور.. كنتما معاً في تلك الغربةِ الداكنةِ وهي تعرفُ من أنت والى من تميل ..لا أمان في طريقي ..هكذا قلت لها هل تقبلين بي.. صمدت معك وأصرّت على المرافقةِ رغم الريح العاتيةِ التي أحاطت بك من كلِّ صوبٍ وحدب.. ولم تُلهك َالغربةُ عن ذلك البيت الذي خرجتَ منه صبياً رائعاً متمسّكاً بصورة واحدةٍ لبلدهِ.. سيكون في يومٍ ما بلداً سعيداً وارفاً.. دخلت َ أحدى المرات وبجرأة التضحيةِ الى أرضك التي أحتوتك بتلك الخطوات ووصلت محلّتك التي أنتظرتك طويلاً كالماء كنتَ لتلك البيوت العاشقةِ لطلَّتك المحبوبةِ الرائعة وأستقبلوك بالاهازيج كأنك العروس المقبلةِ على دارها الجديد.. يومان فقط أستمتعت بأهلك وأصدقائك الذين ملكتَ قلوبهم فصاروا يتهافتون لبيت أهلك صباحاً ومساء ..بعد يومين فقط من وصولك البيت دخلت وأنت تستكشفُ وتتذكرُ كلُّ أناس كانوا هنا بقربك وحيث المدرسة الرائعة وحيثُ عشقك وأنت صبيٌّ يستهويك الجمال.. كانت رغبتك أن تقودَ الدرّاجة الهوائية القديمة الملقاة في أحدى زوايا البيت وأن تذهب الى السوق المسقّف ذلك التراث الجميل لمدينتك العتيقةِ . وأهلكَ ينظرون اليك نظرة شوقٍ وحرمان بسبب سنين الفراق القاتمة يدخل والدك فجأة وهو بحالة أرتباك.. ستذهب غداً يا سالم ستفارق مدينتك عنوةً لقد رفعوا عنك تقريراً خطراً لدائرة الامن لقد أخبرني أحدُ المحبين لنا هيّا أجمع حاجياتك سنذهب الليلة الى بغداد ستبقى عند أعمامك هناك حتى يأتي موعدُ سفرك الى الخارج أنّهُ أمرٌ خطرٌ أن تبقى هنا سيضيعُ مستقبلك وقد يحكمون عليك بالموت. قم يا ولدي لنسافر بأقصى سرعةٍ ممكنةٍ.. خرجتَ وبعدها لم يرك أحد لا أحدٌ  يعرفُ ماهي الاحوال التي تُحيطُ بك سوى بعض الرسائل المقتضبة.. ومضى الزمن وفاجأت العائلةَ بعودةٍ سريّة بعد عشر سنوات فراق.. كيف دخلت.. لا تخافوا  لقد دخلتُ مع الوفد العلمي القادم بشكلٍ رسمي لم ينتبهوا لمفردات الاسماء فقط أكتفوا بأسم الشركة التي قدمتُ معها.. طافت الفرحةُ بقلوب محبيك هذا هو البطل لقد وصلَ.. وكما دخلت خلسةً خرجتَ خلسةً بعد أن كحّلتَ عيون المحبين برؤيتهم لك أيها المناضل العتيد كم عشقتَ بلدكَ وأنت تحملُ عمرك على كفٍّ من نار. تغيّرت الامور في بلدك بعد سنين وجلبك الشوق  مرةً أُخرى حاملاً معك رسالتك الخضراء. سيكون كلُّ شيء على ما يرام لكنّك لم تتفائل بصيب الاحتلال.. سيخربون الوطن هكذا تنبأتَ. هؤلاء يبحثون عن منافعهم سيُدخلون الموت بكلِّ أشكالهِ.. وكأنك تعرفُ ماذا سيكون. كنتَ مبتسماً متمسكاً بتلك المبادئ الجيّاشةِ وصرت مقصد المحبين عندما يعتريهم الهمُّ.. قبلتك بغداد التي تلقفتك  وأنتَ صغيرٌ ووهبتك عشقها حين كبرت فكنتَ وفيّاً لها دائمَ الوفاء.

لقد عرف الخبثاءُ خطواتك المتماسكةِ.. ضبطوا الوقت لمجيئك.. وأنت مستغرقٌ في تأمُلِّ دجلةَ الخير وكما تسميها جاءت الطلقةُ الطائشةُ بل هي القاصدةُ لرأسِك ألمتباهي بقوة ذكائك المطلق.. فكانت نهاية مناضل.

عرض مقالات: