اخر الاخبار

لابد للنص الشعري من التجديد المحدث في خلقه ومن خلال تطعيمه وحمله لاسباب الادهاش الجمالي للتلقي وفق غرائبية الصورة وانزياح دالة المفرد والجملة الشعرية المغايرة للمألوف والجاذبة للقاريء وتلذذ تلقيه، وهذا ما اتسمت به قصائد  مجموعة الشاعر – سيد حكيم الغالبي- المسمات « الشطرة ولايتي» ومن خلال العنونة التي فتحت فتحا مبينا للمحات القاريء بما يحمل الشاعر لمدينته الشطرة من محبة وفخر انتماء تاريخي لها.

وقد امتاز بعض الشعراء الشعبيين المبدعين، بقدرتهم العالية على نظم القصيدة الشعبية بعمق تعبيري عالي الدلالة وبانسيابية عميقة، ومن حس الشاعر المرهف، وبتناصه المدهش، وهو يمر بإبداعه لتوظيف بعض المفردات الفصحى ايضاً ومن استنبات وتماهي مرموزاتها الدلالية الفاعلة شعريا، كما في التقاط المفردات التراثية الشعبية الدارجة، ومن مهارات الشاعر في استطراد قوة دلالاتها الايحائية وتجلياتها المتدفقة في نصوصهم الإبداعية، حتى ترتقي لإنسجام عالي التنصت ونائل القبول الجمالي.

ولكون بنائية الشعر الشعبي تزخر بإستعمال المفردة الشعبية ومحكيها اليومي، بما في الحياة اليومية من واقعية وصدق هموم واحساس الانسان والتي تعبئه وتدفعه للإنصات وتلقي هذا الاسلوب الشعري الأقرب في التعبير عنه كما في اشعار «سيد حكيم الغالبي» ومجموعته البكر « الشطرة ولايتي».

وقد اتسمت بنائات القصيدة في المجموعة هذهِ بإلانزياحات البنائية، منها ذات اللفظ الشعبي واخرى الصورة مثلها مثل القصيدة الفصيحة النثرية، وكثير ما ذهب الشاعر ايضاً الى مشاكسة القيم المتداولة ذات المرجع المهتز الضعيف وتخلفها الحضاري وهو متوجه للبحث وصناعة جمال قصائده وفق مفهوم هذا الخلق المولد الدائم للولادة الأجمل، ومن التلاقح الثقافي الشعري مع تجارب الاخرين وعامل المخيال الذهني للشاعر المبدع.

كما نرى في تعبير الشاعر عن حالة الوالدة في زمن الحصار العراقي الكبير المعروف بالفقر والجوع ومن العازة المادية فيه لنرى سمو والتزام الأم في قيمها الاخلاقية العليا كما عبر عنها الشاعر بحبكة وسبك عالين الدقة والحس الشعريين بقوله...

(أمي حلفت بالشرف تذبح العوز/بوكت ينباع الشرف بالمادة) ص9 وهو تعبير متصاعد ليعلوا بالقيمة العليا للشرف الذي يركل كل محاولات المال في توسيخه وتدنيسه مهما كان العوز المالي للأم في اطعام اولادها، وهوالعوز الذي يحرم فلذة اكبادها من لقمة الخبز وهنا يعكس المديات القيمية لحس الشاعر والمتجسدة بحالة الام هذه.

هذه الام التي وصفها الشاعر (إمي مريم وآنه ذرة من المسيح/ وذرة يمكن واعتقد متواجدة/ساحكة الجنة برجلها منين افوت/إله تلبسني برجلهة الوالدة)ص9

ومن قيم الشاعر قوله

(لاتضوكني عسل مبيوك من شفت يتيم/ ولاتطشرني سوالف بين سينٍ وجيم)ص11، وكما في تعبير اعتزازة بمدينته الشطرة العراقية اللون والطعم والرائحة والوجدان الثوري ...

(الشطرة ولايتي ومن يعطش الدين/ تسكي بدم ولدهه بلا وسافة/ واذا سوه العراق لشعبة تعداد/ تطلع بالجفن مو بالقيافة).

ويوصف هنا قدر الانسان الاصيل الذي لا يترك صديقة واخية ورفيقه في زمن الضيق والمحنة كما في قوله...

(بسك ياكلب عوف المحطات/ طير الينكسر تمشي امهاته/ والطيب حليبه وبيه هدات/مو سكة حديد اتجيبه ذاته) «خرافات»ص35.

وهناك شعر الابوذية ضمتها المجموعة وتميزة بوقعها الشعري المؤثر وهي من طبيعة هذا النوع من الشعر المتميز بالومضة الموجزة ذات الإيحاء الدالي العالي الوقع والمعنى كما في قوله...(اخيط بالجرح منهن وشلباه/وباقي من الصبر يمكن وشلباه/الوكت جاب الحدر مني وشلباه/أعلى متني وكام يتفنكح عليه). كما قوله (الف موضوع انه وياك فاتح/والف باب الكلب للموت فاتح/بشفافك لون وردي وحيل فاتح/ اذا يوصل لشافي يعم عليه)ص64.

كما في المجموعة كتابات بشكل دارمياتمنها ( لليمر كلبي فراش للمايمر دار –ىوالدنيه ما تسواش كل احنه خطار) وكذلك قوله ( عمري الوصل خمسين ماجني عشته – و ركض ركض زعطوط لو ولفي شفته).

لقد كان مائز البنائات الشعرية للمجموعة وتجربة الشاعر عموما تميل لإسماع المتلقي السماع المريح المشروط بإلابتعاد عن التسطيح المعبر، لذا حرص الشاعر على تحريك الحس والذائقة للمتلقي من خلال استخداماته للحدث اليومي الودود والمعاش المرتبط بأحلام الناس وبالرابطة اللطيفة المتناقلة اوالمقبولة بجمال لخطاب الشعري بينهم.

عرض مقالات: