اخر الاخبار

تزداد نسب التلوث الجوي في العاصمة بغداد التي يتجاوز عدد سكانها 9 ملايين نسمة، وتتقدم مع مرور الزمن حيث باتت أجواؤها تخنق سكانها مع ازدياد الملوثات من دخان المصانع والمصافي إلى عوادم السيارات وانتشار المحارق غير المجازة للنفايات، ناهيك عن غياب شبه تام لمعالجات حكومية يفترض اتخاذها لتهيئة بيئة مناسبة صالحة للعيش.

 حسب المؤشرات العالمية الخاصة بقياس درجات نقاء الهواء، فإن العراق يحتل مراتب متقدمة في نسبة التلوث الجوي، كما تتصدر العاصمة بغداد العواصم العربية. واحتل العراق المرتبة الثانية بأكثر دول العالم تلوثًا.

 المرتبة 13 عربيا

وحلّت بغداد بالمرتبة 13 من بين المدن العالمية الأكثر تلوثًا خلال عام 2022، وذلك وفق مسح عالمي سنوي أجرته شركة سويسرية لتصنيع أجهزة تنقية الهواء.

ويقيس IQAir مستويات جودة الهواء بناءً على تركيز الجسيمات المحمولة جوًا التي تضر بالرئة والمعروفة باسم PM2.5. ويتم الاستشهاد بمسحها السنوي على نطاق واسع من قبل الباحثين والمنظمات الحكومية.

وذكر التقرير الذي نشرته شركة IQAir وفق جداول أن «العراق الذي يبلغ عدد نفوسه 43,533,592 نسمة جاء بالمرتبة الثانية كأكثر دول العالم تلوثًا حيث تدهورت جودة الهواء في العراق إلى 80.1 ميكرو غرامًا من جزيئات PM2.5 لكل متر مكعب من 49.7 في عام 2021».

 اسباب تلوث الهواء في بغداد

وكشف الباحث في الشأن البيئي علي عبد اللطيف عداي، أسباب التلوث ونسبه في العاصمة بغداد، مؤكداً ضرورة العمل على مكافحته.

وقال عداي إنه «يوجد مؤشر عالمي لقياس ومراقبة جودة الهواء وهو ما يرمز له بـ”IQI”، وهذا المؤشر له قراءات متعددة تحذر من زيادة نسب التلوث في الجو عبر قياس الأوكسجين والنيتروجين والمكونات الأخرى والملوثات والشوائب، حيث يقرأ هذا المؤشر من (0 إلى 50)، لكن عندما يتعدى الـ50 إلى 100 فهذا يعني أن الهواء ملوث ويسبب مخاطر صحية للأشخاص الذين يعانون من الحساسية تجاه العواصف الترابية مما يسبب تهيج العين أو الأنف والفم ومشاكل في التنفس والسعال، بالإضافة إلى أعراض أخرى مثل الصداع والتعب».

وأضاف «أما إذا كانت قراءة المؤشر من 201 إلى 300 فإنها تسبب معاناة لجميع الأشخاص، حتى الأصحاء، من مشاكل في التنفس، في حين إذا كانت قراءة المؤشر من 301 إلى 400 فهذا يعني أن جميع الأشخاص سوف يعانون من مشاكل في التنفس وهكذا. ومن المحتمل أن يصل إلى 500».

وتابع «على سبيل المثال، في العاصمة بغداد، مؤشر قراءة جودة الهواء خمسة وثمانون، ويعتبر سيئًا لكون مستويات التلوث في الهواء قد ارتفعت، وأصبح المصابون بالحساسية، خصوصًا، ينبغي عليهم تقليل الوقت الذي يقضونه في الخارج في حال الشعور بأعراض مثل صعوبة في التنفس أو تهيج الفم».

وأشار إلى أن «نسب التلوث المرتفعة في أجواء بغداد سببها الرئيس هو زيادة حرق الوقود الأحفوري ومخلفات حرق النفط ومشتقاته في مولدات تجهيز الطاقة الكهربائية وازدياد عددها في العاصمة، فضلاً عن حرق النفايات غير الصحية بشكل مكشوف للهواء وكذلك مخلفات حرق الوقود في محطات توليد الطاقة الحرارية في جنوب بغداد في منطقة الدورة وكذلك في شمال بغداد والمتمثلة بمحطات الديزل»، لافتًا إلى أنه «كان في بغداد ٨ مواقع لمراقبة ورصد جودة الهواء موزعة بين جانبي الكرخ والرصافة، منها ٣ الآن مغلقة وخرجت عن العمل بسبب عدم إجراء صيانة دورية لها منذ عام ٢٠٠٠».

 عمل حكومي غير مجد

وأردف ان «تعتمد الأنواء الجوية على ٦ مواقع، وهذه المواقع أيضًا ليست جميعها بنفس الكفاءة بسبب عدم وجود الصيانة اللازمة وعدم وجود التخصيصات المالية الحقيقية لهذه الأجهزة»، معربًا عن أسفه كون أن الحكومات المتعاقبة لم تعمل بجدية نحو تحسين جودة الهواء على في العاصمة بغداد وبقية المحافظات.

واشار الباحث الى ان الفرد العراقي أصبح معرضًا وبشكل يومي وعلى مدار الساعة للإصابة بمختلف الأمراض الخطيرة والحساسية التنفسية، والتي قد تؤدي إلى الوفاة. لذلك، كما يجب على الجهات الحكومية زيادة المساحات الخضراء في قلب العاصمة بغداد، مؤكدًا أن القضاء على هذه الملوثات يتمثل في توسعة الحزام الأخضر للعاصمة بغداد لحمايتها من التلوث والتصحر في آن واحد.

 ارتفاع انبعاثات الغازات الملوثة

فيما يقول الخبير البيئي، عضو الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة أيمن هيثم قدوري، إن «تلوث الهواء واحد من أبرز التحديات التي تواجه المواطن العراقي بصورة عامة والبغدادي على وجه التحديد نظرا لاحتلال بغداد مراكز متقدمة في قائمة المدن والعواصم الأكثر اكتظاظًا بالنسبة للكثافة السكانية بالنسبة بالمساحة».

ويضيف قدوري، أن «‏عدد سكان بغداد سيصل إلى ما يقارب 10 ملايين مواطن خلال الخمس سنوات القادمة بحسب إحصائيات رسمية، وهذا ‏الاكتظاظ السكاني في مدينة مصممة كل بناها التحتية لاحتواء ما يقارب مليوني مواطن فقط بالتأكيد سيؤدي إلى ارتفاع عدد وسائل النقل وارتفاع الطلب على تجهيز الطاقة الكهربائية فبالتالي ترتفع نسب وتراكيز انبعاثات الغازات الملوثة لهواء العاصمة».

وعن أكثر الملوثات في هواء بغداد، يقول قدوري إن «أبرز المواد هي مادة pm2.5 وهي عبارة عن مجموعة من الغازات والمواد التي لا يتعدى حجمها 2.5 مايكروميتر، أي سهلة الاستنشاق».

ويخلص الخبير الى ان «تلك المادة تعتبر وحدة قياس جودة الهواء بالنسبة لمعيار جودة الهواء air quality index»، مشيرا الى «تعرّض الإنسان لهذه المادة لفترات زمنية طويلة وتراكمها يؤدي إلى الاصابة بالأمراض الرئوية والسرطانات وسرطان الدم، وهناك حالات مسجلة في العاصمة بغداد بالإصابة بسرطان الرئة عن طريق التعرض لهذه المادة لمدى طويل».