اخر الاخبار

يشتكي مرضى السرطان في البلاد من نقص في مستلزمات العلاج وغلاء أسعار الدواء بشكل مبالغ فيه، برغم الشكاوى والمطالب المستمرة الا ان واقع الحال لم يتغير، انما نحو الاسوأ.

ويعاني أكثر من 35 ألف مصاب بالسرطان في العراق 57% منهم من النساء، من نقص كبير في الأجهزة والأدوية والخدمات الطبية والمراكز التخصصية لعلاجهم ويشكون الإهمال الحكومي.

ويقول عدد من مرضى السرطان، إن نوعية العلاج التي يحتاجونها ليست متوفرة ضمن الخطة العلاجية لوزارة الصحة، لأنها تلتزم بخطة علاجية قديمة، ولا تواكب التطورات والحداثة في العلاجات استجابة للمرضى، مشيرين إلى أن لجنة أمراض السرطان بالوزارة أخبرتهم بأنها على علم بنقص الأجهزة، لكن تكاليفها كبيرة وميزانية وزارة الصحة لا تسمح بتوفيرها.

مدير منظمة صحيح لمحاربة السرطان محمد الذهبي، يقول إن مرضى السرطان في محافظة ديالى يعانون الظلم والنسيان والإهمال، فهناك حالات لا تعد ولا تحصى يتلقون علاجهم عبر جهاز واحد يسمى المعجل الخطي، مشيرا إلى أن المحافظة تفتقر لأي جهاز لعلاج أو تحليل مرض السرطان، وهناك مركز للأمراض السرطانية يحوي عشرة أسرّة فقط ولا يوجد فيه تحليل (بي سي آر) أو جهاز إشعاع.

وينظم ناشطون عراقيون وقفات احتجاجية من أجل الإسراع بإنهاء معاناة مرضى السرطان على خلفية ارتفاع أعداد الإصابات، وعرقلة نصب جهاز المعجل الخطي الذي وعد به العديد من المسؤولين منذ أعوام.

حيدر الشبلي مدير مركز الفرات الأوسط للأورام في محافظة النجف، يقول إن «عدد المرضى المراجعين يومياً يتراوح بين 10 إلى 15 حالة، لكننا نمتلك جهاز إشعاع واحد فقط في مستشفى الوطني للأورام، وجهازين في مستشفى النجف التعليمي أحدهما لا يعمل». يشار إلى أن جلسة العلاج بالإشعاع في المستشفيات العراقية خلال الدوام الصباحي مجانية، في حين تكلف الجلسة الواحدة 40 ألف دينار في الدوام المسائي. أما عدد الجلسات فيقدرها الأطباء بحسب كل حالة مرضية.

بشائر عمر تحدثت لمراسل «طريق الشعب»، عن مرض والدتها، إذ تقول إنها «اكتشفت اصابتها بنوعين من السرطان بعد سنتين، حيث لم تشعر بأي اعراض قبل ذلك»، مضيفة انه بعد اكتشاف المرض بدأت رحلة معاناة العلاج في العراق.

وبسبب غلاء اسعار الدواء وطوابير الانتظار في المستشفيات الصحية والتي تستمر لأشهر عدة، اجبرت بشائر على العمل صباحا ومساء لسد تكاليف العلاج.

وتقول، انها «دفعت 620 ألف دينار عراقي، خلال جلسة واحدة في القطاع الخاص، لعدم قدرة والدتي على الانتظار 5 أشهر لإجراء الفحص».

وتبدي بشائر استياءً من الوضع في مستشفى مدينة الطب: «المواعيد تتأخر كثيرا».

مبادرات فردية

وترتفع اسعار جلسات العلاج لتصل الى مبالغ كبيرة يصعب على الفقراء تحمل تكلفتها.

وفي ظل سوء الواقع الصحي في البلاد تظهر محاولات انسانية فردية تسعى الى مساعدة الفئات المتعففة؛ إذ تعمل مينة تحرير ـ ناشطة في مجال مكافحة مرض السرطان ـ منذ سنوات على مساعدة مرضى السرطان.

وبدأت مينة مشاورها باستثمار مواقع التواصل الاجتماعي لجمع تبرعات لمن يحتاج العلاج. تقول لـ «طريق الشعب» انها «عزفت عن تلك الطريقة واتجهت صوب المؤسسات الاهلية»، مبينة ان «كل مؤسسة من المفترض ان تملك قسما خاصا بالمبادرات المجتمعية، ومن خلاله يتم دفع مبالغ لعلاج الحالات الانسانية، في مقابل تقليل الضرائب عنها».

وتضيف: «تعاملت مع بعض الشركات الاهلية الموثوقة لأجل معالجة الكثير من الحالات المرضية التي ارصدها، إذ تكفلت تلك الجهات بمبالغ العلاج».

وتشير الى انها تصب اهتمامها على نوع نادر (العظم الزجاجي) وهو وراثي وليس ولاديا، فيما تؤكد ان «مبالغ العلاج باهظة جدا وتتراوح بين 500 - 1000 دولار للفحص بجهاز PET SCAN فقط».

سبب الغلاء؟

يقول مسؤول اعلام دائرة صحة الكرخ، احمد عبد الصاحب، إنّ سبب غلاء العلاج يعود الى ان «اغلب شركات صناعة الادوية تأخذ وقتا طويلا بإعداد البحوث والتجارب، كما ان استخدام التكنلوجيا يتسبب في ارتفاع الاسعار خاصة ان الشركات هذه عالمية، واعدادها محدودة».

ويضيف خلال حديثه مع «طريق الشعب»، إن «المؤسسات الصحية توفر جميع العلاجات، حيث يتم تسجيل جميع المرضى المصابين بأمراض السرطان، ويتم تزويدهم بالعلاج بشكل منتظم وفق القوائم المعدة».

وبرّر حالة التأخر في المعالجة بأن الشركات المنتجة تأخذ وقتا طويلا في آلية تسليم الدواء.

ويؤكد عبد الصاحب ان «أجهزة الفحص والتشخيص متوفرة في جميع المستشفيات. كما توجد اقسام ومراكز خاصة لعلاج امراض السرطان والاورام».

ويوضح، ان «السرطان هو مرض ناجم عن حدوث تشوهات في الخلايا في مكان ما من الجسم، مع وجود نمو غير طبيعي لبعض الأنسجة، مما يؤدي إلى تكوّن أورام خبيثة. وقد تنتشر تلك الخلايا إلى أجزاء أخرى من الجسم من خلال العقد اللمفاوية، إذا ما تم تحجيم المرض ومكافحته».

ويردف كلامه بالحديث عن العوامل المسببة للسرطان: «عامل السن، التدخين، التعرّض للأشعة فوق البنفسجية وللإشعاع الطبيعي وبعض المواد الكيميائية، كما ان الإصابة ببعض أنواع الفيروسات والبكتيريا او تلقي هرمون الأستروجين، يزيد من احتمالية الاصابة».

وتحدث مسؤول في وزارة الصحة عن «انجازات» الوزارة خلال العام المنقضي في ما يخص مرضى السرطان، مؤكدا «الشروع في إنشاء أربعة مراكز تخصصية لعلاج الاورام في محافظة ديالى، كركوك، الديوانية، المثنى، وافتتاح عدد من المراكز في مستشفيات بعض المحافظات، وتحديث العلاج الاشعاعي في محافظات كربلاء وبابل والبصرة. وتجهيز مستشفى الامل الوطني بجهاز بت سكان، ونصب جهاز رنين مغناطيسي في مستشفى الواسطي، وهو الاول من نوعه على مستوى البلاد». لكن برغم ذلك، تبقى هذه «الإنجازات» مجرد محاولات بسيطة في آفة تتغذى على سوء الوضع الاقتصادي للمواطنين.

عرض مقالات: