اخر الاخبار

يقضي أطفال هذا الجيل غالبية ساعات يومهم بالتصفح واللعب عن طريق الأجهزة الذكية، ويميلون لتكوين صداقات افتراضية عوضاً من تلك الواقعية، فيما يعزفون عن مشاهدة أفلام الرسوم المتحركة، التي كان يحبها الأطفال.

ويحذر مختصون في علم النفس من إصابة الأطفال بالتوحد جراء الاستخدام المبالغ به للإلكترونيات.

بين الأمس والحاضر

تقول افراح عبد الحميد (ام لخمسة أطفال)، أن «طفولتي ارتبطت بمشاهدة أفلام الكارتون التي علقت بذاكرتي حتى اللحظة، ولا أزال اشعر بالحنين عندما اسمع أغاني الكارتون التي كنت أحبها، كهامتروا، سنديرلا، والسنافر، وبالرغم من أني لم أكن أفّضل كرة القدم، لكني كنت استمتع بمشاهدة كابتن ماجد رفقة اخواني».

وبالإضافة الى مشاهدة افلام الكارتون، كانت افراح تقضي بقية الوقت من اليوم باللعب مع «أصدقاء الحي، تحديدا عند غروب الشمس، كلعب «التوكي» و»الغميضان»، «حرامي شرطي»، وغيرها العديد من الألعاب التي كانت تجمعنا».

وتضيف أفراح خلال حديثها مع «طريق الشعب»، أن «اطفالها اليوم، خاصة الصغار منهم لا يعرفون هذه الألعاب ولا يفضلون مشاهدة افلام الرسوم المتحركة التي كنا نشاهدها، او حتى الجديدة منها. وأصبح ما يسعدهم السماح لهم بأخذ الهاتف، والغوص لساعات بمشاهدة مقاطع فديو او الإنهماك في الألعاب الإلكترونية».

وتؤكد المتحدثة أنها تحاول رفقة زوجها تعليم أطفالهما «كيفية الاستمتاع بالإستماع للقصص او مشاهدة أفلام الكارتون او حتى ممارسة بعض الفعاليات كالتلوين او لعب بعض الالعاب اليدوية، إلا ان محاولاتها تنجح لبعض الوقت فقط، وسرعان ما يعودوا للهاتف».

وتبين أنها «تحرص على متابعة ما يشاهد اطفالها في مواقع التواصل الاجتماعي، والتأكد من الألعاب التي يتم تنزيلها، كون مواقع التواصل منصات مفتوحة، وكل شيء فيها مباح».

واعترفت افراح بأنها أخطأت بتعويد اطفالها على استخدام الهاتف منذ صغرهم، ما يجعلها تجد صعوبة اليوم في أثناء محاولة تقنين الاستخدام الان.

تأثيرها النفسي

من جانبه، يقول مؤمل مجيد (اختصاص علم النفس)، أن «الأطفال الذين يقضون ساعات طويلة على اجهزة الهاتف، يكونون عرضة للإصابة بأمراض التوحد وبعض الامراض النفسية الأخرى، كما يكونون أكثر عصبية وتذمراً من غيرهم»، مشيرا الى ان ذاكرتهم ستمتلئ بالخيال اكثر من الواقع.

ويوضح مجيد لمراسل «طريق الشعب»، أن «العاب الهاتف والفيديوهات التي تنشر على منصات التواصل الاجتماعي، تستخدم أسلوب التلاعب النفسي والجذب، عن طريق الألوان والصوت والمؤثرات الأخرى، ما يجعل الأطفال يتعلقون بها، وحتى الكبار في بعض الأحيان يجدون أنفسهم مدمنين على تصفح مقاطع الريلز».

ولضمان سلامة الأطفال نفسياً، يقترح مجيد أن «يقلل الاهل استخدام الهاتف امام أطفالهم، وان يمنعوهم من اقتنائها خاصة للأعمار الصغيرة، ودفعهم لممارسة الالعاب المشتركة مع إخوانهم او اصدقائهم، لضمان عدم حرمانهم من متعة اللعب والمشاركة والغوص في النقاش والجدال، لأن كل هذه الأنشطة تساهم في تعليمهم العديد من الصفات والمهارات، التي لن يكسبوها وهم منعزلون في زاوية البيت برفقة الأجهزة الذكية».

تحذير

ويهتم اغلب اطفال العراق ببرامج هي الاقرب لواقعهم، حسب حديث الباحث الاجتماعي حميد صالح، إذ يوضح ان اغلب الاطفال قد أدمنوا متابعة البرامج الواقعية، عراقية كانت ام دولية، عازيا سبب ذلك الى انتشار اجهزة الهواتف الذكية التي تتيح للطفل خيارات المتابعة بدون قيد او شرط.

وتحذر الباحثة الاجتماعية، بلقيس الزاملي (رئيس منظمة شمس بغداد الطبية)، من نتائج وخيمة لاستخدام الهواتف الذكية من قبل الصغار، فيما تحمل اللوم على ذوي الأطفال الذين يتيحون لصغارهم قضاء ساعات طويلة بالتصفح، مقابل أن يتخلصوا من الضوضاء قليلاً.

وتبين الزاملي خلال حديثها لـ «طريق الشعب»، أن «منصات التواصل والبحث في الهواتف، عالم مفتوح، وتبيح محتوياته للطفل الوصول الى امور لا تصلح مشاهدتها؛ فبعضها قد يكون غير أخلاقي والآخر قد يشكل خطراً على السلامة»، مضيفة أن «الأطفال دائما ما يسعون لتطبيق ما يشاهدونه، وقد تعرض العديد من الأطفال للخطر بسبب الفيديوهات التي يشاهدونها».

وتردف الزاملي قائلة: إن «الأجهزة الذكية تسبب اختلافا في سلوك الطفل وتربيته وتعاملاته، وحتى في ردود فعله، خاصة ان الأطفال سريعون في اختزال المشاهد والألفاظ».

وتشير الزاملي إلى أهمية تشجيع الأطفال على المشاركة في الأنشطة الحركية مثل السباحة وكرة القدم، كوسيلة لتنمية قدراتهم وتعزيز نموهم الشامل. فيما تؤكد ضرورة تفادي بعض الألعاب التي تشجع على العنف والانطواء، والتي يمكن أن تسبب مشكلات صحية مثل السمنة.

ودعت الزاملي إلى تحديد فترات زمنية محددة لاستخدام الأجهزة الذكية وتركيز الجهود على ضرورة عدم السماح باستخدامها طوال ساعات اليوم، حفاظًا على صحة وتطور الأطفال.

ذكرى لم يعر لها أحد بالاً

أطلق مؤلف سلسلة الرسوم المتحركة اليابانية لكرة القدم «الكابتن تسوباسا»، المعروفة في البلدان العربية باسم «الكابتن ماجد»، صافرة النهاية، اليوم الجمعة، بعد 43 عاما من إطلاق هذا العمل، الذي حقق نجاحاً كبيراً في جميع أنحاء العالم.

وما يلفت الانتباه، عدم اكتراث الجيل الجديد لهذا الخبر، اذ ان اغلبهم لم يعرفوا من هو الكابتن ماجد وكرته التي كنا ننتظر دخولها المرمى، فيما اثار الخبر فرح الفئات العمرية التي يطلق عليهم اليوم بـ «جيل الطيبين».

عرض مقالات: