اخر الاخبار

يعكس نمط تناول العراقيين للطعام، تقاليد وعادات موروثة ومفاهيم متجذرة، ونتيجة لذلك لوحظت خلال السنوات الاخيرة زيادة في كميات الطعام المهدور، الامر الذي يعكس جوانب سلبية عديدة.

خلق تكافل اجتماعي

يقول الباحث في الشأن الاقتصادي، د. صفوان القصي، أن “العراقيين يعتبرون تناول الطعام من وسائل الترفيه الأساسية، حيث يجتمع الأهل والأصدقاء لتناول وجبات شهية والاستمتاع بالأطعمة المحلية الشهيرة. كما يعرف العراقيون بميلهم إلى تهيئة وجبات الطعام بمقادير تفوق الحاجة الفعلية، مما يعكس ثقافة السخاء والترحيب التي تميز المجتمع العراقي”.

ويضيف في حديث مع “طريق الشعب”، أن هناك اهمية لترشيد الاستهلاك في كافة الجوانب، سواء على مستوى المواد الغذائية او بقية الخدمات من قبل الافراد والمؤسسات الحكومية”، مؤكدا أن ذلك الترشيد يؤدي “الى رفع مستوى التنمية في البلاد”.

ويشير الى وجود حاجة للاستثمار في انشاء طرق التنمية لغرض تسهيل مرور المواد الغذائية بسلاسة وامان، وهذا يرتبط ايضا بترشيد الاستهلاك. ودعا الى النظر في ملف الرعاية الاجتماعية ومفردات البطاقة التموينية، وتسهيل اجراءات تدبيرها من داخل البلد.

وشدد على ضرورة نشر ثقافة منع الاستهلاك، وادخال نظام التكافل الاجتماعي بين الفئات ذات المستويات الاقتصادية المختلفة، لكي يشعر المواطن بحالة من التماسك.

وتشير البيانات إلى أن هدر الطعام يمثل تحديًا كبيرًا يتطلب توعية وجهودا مشتركة للحد منه، حيث تنعكس الآثار السلبية على الاقتصاد والبيئة، ويعتبر تعزيز ثقافة الاستهلاك العقلاني والتفكير بالآخرين خطوات أساسية نحو تغيير إيجابي في هذا السياق.

الأكثر استهلاكا

وشغل العراق المركز الأول عربياً والسادس عالمياً من إجمالي 196 دولة، بأكثر الدول التي تهدر أكبر قدر من الغذاء لعام 2023، بحسب مجلة ceoworld الأمريكية.

وذكرت المجلة، في تقرير لها، أن “هدر الطعام يعد مشكلة عالمية لها آثار سلبية على البيئة والمجتمعات واقتصاديات البلدان”.

ووفقًا لتقرير مؤشر هدر الغذاء الصادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة، يتم هدر ما يقرب من 931 مليون طن من الطعام كل عام، وهو ما يمثل 8 إلى 10 بالمائة من انبعاثات الكربون العالمية المرتبطة بالأغذية غير المستهلكة.

وأضاف التقرير، أن “مؤشر هدر الطعام كشف أيضا أن حوالي 17 بالمائة من إنتاج الغذاء العالمي يتم إهداره، حيث تكون الأسر مسؤولة عن 61 بالمائة من هذا الهدر الغذائي، تليها الخدمات الغذائية بنسبة 26 بالمائة، وصناعة البيع بالتجزئة بنسبة 13 بالمائة”.

وبحسب التقرير، فإن نصيب الفرد من هدر الطعام المنزلي هو نفسه في الدول ذات الدخل المتوسط الأدنى، والدول ذات الدخل المتوسط الأعلى، والدول ذات الدخل المرتفع، وبلغ نصيب الفرد العراقي من بقايا الطعام 120 كغم. بينما بلغت من بقايا الطعام السنوية 4.7 ملايين طن.

ويعكس سلوك العراقيين تجاه الطعام التباهي والشراء بكميات إضافية تفوق الاحتياجات الأساسية، ما يعتبر عنصرًا من عناصر الاحتفال والاجتماعات الاجتماعية.

تلوث البيئة

تقول الناشطة البيئية، نجوان علي أن “العوائل العراقية تعرف بكرمها من خلال كمية الطعام الذي تعده لضيوفها، اذ يتوزع على مائدة الطعام مختلف الاطباق العراقية، وبعد ان كانت تلك الظاهرة تنتشر في المنازل اصبحت تنتقل الى المطاعم، اذ باتت بعض الاسر تفضل اجراء العزائم في الخارج، لتجنب المجهود”.

وتبين لـ “طريق الشعب”، أن “تلك العادات سببت هدرا كبيرا للمال والطعام، حيث ترمي اغلب المطاعم مخلفات الطعام في النفايات عوضا عن ترتيبه ومنحه للعمال في نهاية اليوم او توزيعه في حال كان صالحا للاستعمال”، مضيفة ان “مشكلة هدر الطعام وتلوث البيئة تتزامن مع مشكلة ارتفاع نسب الفقر في البلاد، ما يفرز طبقتين متضادتين في المستوى المعيشي”.

وتشير الى ان “نفايات الطعام تعد سببا اساسيا في تلوث البيئة، حيث يساهم في انبعاث غازات مسببة للتغير المناخي”.

يعاني العراق من مشكلة هدر الطعام والإسراف فيه حتى بات يصنّف ضمن البلدان الأكثر هدراً للطعام، في وقت يعيش الملايين من مواطنيه تحت خط الفقر. 

إسراف في المطاعم

 يقول موظف استقبال في أحد المطاعم البغدادية، أن “الكثير من المواطنين يفضلون إضافة كميات زائدة من الطعام في المناسبات الاجتماعية، ما يؤدي إلى تلف الطعام ويساهم في إسرافه”، مضيفا ان “الاشخاص يميلون الى ملء صحونهم بشكل مبالغ به عندما يكون بوفي الطعام مفتوحا”.

واقترح في حديثه مع “طريق الشعب”، على المطاعم الفاخرة ان تستخدم الطعام الصالح للأكل وتقديمه للفئات المحتاجة بشكل لائق او حتى منحه للحيوانات السائبة”.

وكانت وزارة التخطيط، دعت في 2023، إلى تشريع قانون لتنظيم ومُكافحة هدر الطعام وتشجيع إعادة توزيعه وتدويره والتبرع به، مطالبة بتعزيز الزراعة والصناعة المُستدامتين وزيادة الإنتاج الزراعي وتحسين التغذية، وتحقيق الأمن الغذائي.

عرض مقالات: