اخر الاخبار

يعصف الفقر المدقع بحياة أكثر من 11 مليون عراقي، الى جانب وجود قرابة 6 ملايين يتيم ومليوني أرملة، تركتهم الحروب والصراعات العديدة، يسكنون العشوائيات ويقاسون البطالة وانعدام الخدمات وغيرها، لم تنفع معها “البرامج والاستراتيجيات” التي دشنتها الحكومات المتعاقبة. يقول مراقبون أن غالبية تلك الخطط والبرامج لم تصل للمستفيدين المستحقين، انما عادة ما يجري تجييرها لصالح جماهير الاحزاب المتنفذة، وحملاتها الانتخابية. وطبقا لآخر إحصائية صادرة عن وزارة التخطيط، خلال النصف الأول من العام الماضي، فان نسبة الفقر في البلاد تبلغ 22 بالمئة، (أي ما يعادل نحو 10 ملايين نسمة) في بلد يربو عدد سكانه على 43 مليونا.

وطبقا للمراقبين، فان المطلوب هو وضع سياسات تنموية واستثمارية شاملة تعمل على التوظيف الأمثل للموارد الطبيعية والبشرية العراقية، وبما يسهم في تقليص معدلات الفقر المرتفعة بشكل كبير، في بلد يغص بالنفط والغاز والمعادن ومختلف الثروات الطبيعية.

واحتيالا على آفة الفقر والقانون، أخذ الكثير من العاطلين عن العمل وذوي الدخل المحدود وغيرهم باللجوء الى “الطلاق الوهمي” طمعا بالإعانة الاجتماعية الحكومية.

تأثير اقتصادي

تؤشر القانونية نورس مجيد، موظفة في إحدى محاكم بغداد، تزايدا ملحوظا في حالات الطلاق الصوري (الوهمي) في العراق في الآونة الأخيرة، محذرة من أن ذلك يشكل تهديداً خطراً على استقرار المجتمع العراقي.

وتعلل مجيد أسباب هذه الظاهرة بـ”سوء الظروف الاقتصادية الصعبة والضغوطات اليومية التي يواجهها الأزواج، ما يجعلهم يتجهون نحو الطلاق الصوري للاستفادة من الإعانات الاجتماعية”.

وتبين نورس لـ “طريق الشعب”، أن هذه الظاهرة لم تكن موجودة من قبل، منبهة الى ان استمرار تفاقمها قد يحولها الى ظاهرة مجتمعية. ويسرد نورس قصة واقعية عن فتاة قامت بمقابلتها، وأخبرتها بأنها تعاني من ظروف اقتصادية صعبة، فقامت بادعاء الطلاق للحصول على إعانات المطلقات، ونجحت في ذلك. الامر ذي يشير وجود حاجة ملحة جعلت هؤلاء الزوجين يلجآن لمواجهة الفقر والعوز بـ”الطلاق الصوري”. وتشير نورس الى ان المطلقين الوهميين يتفقان على تغيير المستمسكات او عن طريق الطلاق الشرعي ثم القانوني وبعد ضمان الحصول على الراتب يعودون للزواج الشرعي فقط، مؤكدة أنه “بعض الحالات تم اكتشافها بعد مرور سنتين او اكثر”.

وتنبه المتحدثة الى خطورة هذه الفعلة بالقول: ان استمرار هذا الاحتيال يلحق ضررا بالأطفال، اذ لم يعد بإمكان الأزواج مصادقة علاقتهم قانونياً، مشددة على  أهمية “التوعية والتثقيف بأضرار هذا السلوك غير المسؤول والتداعيات السلبية التي قد تنجم عنه، بالإضافة إلى ضرورة تشديد الرقابة والتدخل الفعال لمنع استغلال القوانين وحماية حقوق الأفراد والأسرة في المجتمع العراقي”. وفي ختام حديثها، تحمّل نورس الحكومة المسؤولية عن ظهور مثل هكذا حالات.

تلاعب

يقول الخبير القانوني علي التميمي، إنّ “الطلاق الوهمي أو الصوري يمثل تحايلا على القانون؛ حيث يقوم بعض الأشخاص بالطلاق خارج إطار المحكمة دون تصديقه من قبلها، ما يجعل الزواج ساري المفعول. ويلجأ البعض إلى تزوير وثائق الطلاق للاستفادة من الرعاية الاجتماعية، وهذا يعتبر نوعا من التلاعب والتزوير”.

وفقًا للتميمي، فان عقوبة هذا التلاعب بين السجن لمدة تصل إلى خمسة عشر عامًا، وفقًا للمادة 209 من القانون، أو ثلاث سنوات حبسا وغرامة، وفقًا للمادة 456 من القانون. وأضاف التميمي في حديث مع “طريق الشعب”، أن الجهات المعنية مثل وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، تقوم بمراجعة المستندات للتأكد من صحتها، وتحقق في الحالات المشبوهة، مؤكدًا أنه “حتى لو تم استلام رواتب بناءً على وثائق مزورة، فإنه يمكن استردادها بأثر رجعي”.

رأي ديني

حسام علي، رجل دين، يعلق على هذا السلوك بالقول: إن “أي أموال تأخذ بطريقة الاحتيال والتلاعب، تعتبر حراماً وخطأ، فلا يجوز الإضرار بالمال العام”.

وقال علي لـ “طريق الشعب”، انه لا يجوز مخالفة القوانين والتعليمات الحكومية. كذلك غير مسموح الاضرار بالمصلحة العامة”، محذرا من أن “استمرار هذه الحالات بالتمادي يمكن ان يخلق مشاكلَ اجتماعية يكون ضحيتها الأطفال”.

عرض مقالات: