اخر الاخبار

يشكو عمال المشاريع الصغيرة والمتوسطة، من انخفاض الأجور وعدم شمول أغلبهم بالضمان الاجتماعي فضلا عن غياب متطلبات السلامة. أما اصحاب المشاريع فيحمّلون الحكومة أسباب معاناة العمال، منبهين إلى أنهم «أجبروا على الاستغناء عن أعداد كبيرة من الأيدي العاملة جراء تهميش الصناعة الوطنية وقلة الدعم فضلا عن هيمنة المنتجات المستوردة على الرغم من سوء نوعيتها».

غياب الضمان

يقول أحد عمال صناعة الأواني المنزلية، والذي فضّل عدم ذكر اسمه، في حديث مع «طريق الشعب» بأن عمله يفتقد إلى جميع متطلبات السلامة، وإنه وعلى الرغم من سنوات العمل الطويلة لم يُشمل بالضمان الاجتماعي للعمال، كما هو حال جميع زملائه العاملين في المعمل. واكتفى العامل بهذا القدر من الحديث مع الجريدة، وطلب منا التواصل مع صاحب المعمل خوفا من أن يطرده من العمل أو يعاقبه.

من جانب آخر أفاد وسام حكيم، وهو عامل سابق في أحد معامل صناعة مواد التنظيف، التي تم غلقها وعرضها للبيع، أن «صاحب المعمل سرح جميع العمال الذين كان عددهم 60 عاملا بسبب الخسائر المالية».

وأضاف وسام الذي عمل لثماني سنوات في معمل مواد التنظيف دون أن يشمله قانون الضمان، في حديث مع «طريق الشعب» أن «صاحب المعمل برر أسباب الغلق بالخسارة المادية، الناجمة عن تدني المبيعات، جراء المنافسة الشديدة مع المستورد، على الرغم من النوعية الجيدة للمحلي قياساً بالمستورد، الأمر الذي تسبب بتكدس الانتاج في المخازن وبالتالي انتهاء الصلاحية واضطرارهم لإتلافه».

معمل للبيع

وبهذا الصدد يقول محمد محمود، صاحب معمل ألبان في كركوك، قام مؤخراً بتسريح جميع العمال، وعرض المعمل للبيع، في حديث مع «طريق الشعب» إن «المعمل يحتوي على أغلب الخطوط الانتاجية لصناعة جميع أنواع الأجبان والألبان إضافة إلى البرادات التي تم استحداثها قبل عامين وخزان للحليب بسعة 400 كيلوغرام وسخان بسعة 2 طن وغيرها من المعدات الحديثة». ويضيف أن معمله «وكحال باقي الشركات المتوسطة بات يعاني الخسارة بسبب سيطرة المستورد الذي تسبب بتحطيم الصناعة المحلية مما أجبرني على تسريح العمال وعرض المعمل للبيع».

عشرات المعامل توقفت

وزارت «طريق الشعب» منطقة المعامل في سبع قصور التي تفتقر إلى الخدمات. والتقت مع إبراهيم وهو صاحب معمل الجمال لصناعة الأواني المنزلية فأكد لها بأن «منطقة المعامل تتضمن 150 معملا، ولا يتجاوز عدد العاملة منها الآن 30 معملا».

من جانبه، اكد مسؤول العمال في معمل الجمال أمجد محمود لـ»طريق الشعب» أن «المعامل المتوسطة تعاني من غياب الدعم بالمواد الأولية التي تدخل في صناعة المنتجات، فضلا عن عدم توفير الوقود بأسعار مدعومة». وبخصوص واقع حال العمال أفاد أنهم أجبروا على «تقليص عددهم من 60 عاملا إلى 30 بسبب ضعف الانتاج».

تهديدات بالغلق

وفي معمل صناعة الألمنيوم في ذات المنطقة، التقينا بصاحب المعمل، الذي فضل عدم ذكر اسمه، لكنه أكد لـ»طريق الشعب» أنه «وبرغم التزامه بدفع جميع المستحقات المالية إلى الحكومة شهريا من ضرائب وغيرها، فان الحكومة لا تعمل على توفير أي شكل من أشكال الدعم حتى تلك المتعلقة بمتطلبات السلامة».

وقال إن «الصناعي اليوم يلجأ إلى الانفاق من هامش ربحه لضمان ديمومة الانتاج، بل أن هناك الكثير من المعامل المتوسطة تتعرض إلى تهديدات بالغلق وتقليص مساحة مواقع العمل من قبل الحكومة».

خسائر مالية كبيرة

وشكا صاحب المعمل من غياب الدعم، على الرغم من إمكانية توفير منتجات تسد حاجة السوق المحلية، فالوقود يكلف اصحاب المعامل 2- 3 مليون دينار أسبوعيا، مما يؤدي إلى خسارة لهامش الربح.

وقد حاولت مراسلة «طريق الشعب» التواصل مع وزارة الصناعة لطرح الأسئلة التي تتعلق باجراءات دعم منتجات المعامل المتوسطة، إلا أن الأخيرة فضلت عدم الرد عليها!

متنفذون وراء تعطيل القوانين

بدوره، حّمل اتحاد الصناعات العراقي أسباب خسارة الصناعة المحلية لمتنفذين يتعاونون مع دول الجوار على جعل العراق سوقاً لبيع منتجاتهم. ويقول عضو مجلس الادارة في اتحاد الصناعات العراقي محمد عبد محمد إن «الاتحاد يمارس اليوم دوراً نقابياً في الدفاع عن حقوق الصناعات المتوسطة والصغيرة وذلك حسب القانون الذي يعمل بموجبه».

ويذكر لـ»طريق الشعب» أن «التراجع في واقع حال الصناعة المحلية بصورة عامة تتحمله السياسات الحكومية الفاشلة»، منبها إلى أن الصناعة «تفتقر إلى قوانين الدعم والحماية».

ويوضح أن «القائمين على السلطة وعلى الرغم من صدور أربعة قوانين، العام 2010، لدعم الصناعة المحلية، إلا أن جميعها عُطلت ولم يجر تطبيقها، كما هو الحال مع قانون حماية صناعة المنتج المحلي والآخر المتعلق بحماية المستهلك».

وينوه إلى أن هناك بعض التقدم في حماية المنتوج الوطني، في ظل الحكومة الحالية برئاسة محمد السوداني، خاصة عند المقارنة مع الحكومات السابقة، موضحاً بأنه «تم اتخاذ قرارات بتوفير الحماية إلى ما يقارب 60 منتجاً محلياً مقارنة بتوفير الحماية إلى عدد لا يتجاوز 20 منتجاً محلياً في السابق».

ويقول إن «هناك الكثير من الفاسدين الذين لا يحملون أي شعور وطني او حرص، حيث ليس بمصلحتهم إعادة الحياة للصناعة المحلية وتفعيل القوانين الكفيلة بحماية المنتجات».

ويشدد على أن «القطاعات الصناعية كفيلة باستيعاب جميع الطاقات الشابة العاطلة عن العمل، وسد الحاجة المحلية من المنتجات، إلا أنها بحاجة إلى قرار سيادي يشدد على حماية المنتجات وتفعيل القوانين».