اخر الاخبار

ويمتد بهم الليل احياناً لسماع اغنية أم كلثوم في حفلتها الشهرية من حدائق الأزبكية. يتسابقون في حفظ كلمات الاغنية واللحن.

تتشكل الرغبات الأولى للقراءة وتصفح الكتب عند الولد، فينمو وعيه مبكراً، يراقب الاحداث، ويتابع الأخبار مثل الكبار، لقد أيقظت فيه تلك الأشياء أسئلة لا حدود لها، يحاول أن يسلك ذات الطريق الذي سلكه الأب، عسى أن يتعرف على الروح الغامضة التي تخلق هذه الحيوية والاقبال على الحياة. أن يكتشف كنهها بنفسه. يستجيب الأب لبعض منها، موضحاً وموجهاً، لكنه لم يسجّله في معهد ليعلمه الأفكار. في لحظة الهيام بها سأله الأبن: ماذا يعني الحزب لديك يا أبتي؟ فأجاب الأب:

الحزب ليس سؤالاً نجيب عليه ونمضي، انه حياتك وقضيتك، هو حيث يكون الانسان في خير وسلام، يطعمهم من جوع ويأمنهم من خوف، الحزب يغيث ظمأً في عروقي، ويشدّ على خفقات في الضلوع، يأخذ، بيدي في يقظتي والمنام، أحدّق فيه كي أرى عالمي والغد المشتهى لأبنائي وأحفادي. أرى فيه مدناً تستفيق وتنهض شامخة بالعلم والحرية والعدالة الاجتماعية، لا مدن غليان دم، وقرقعة سلاح، ولا تكايا للسراق والغزاة.

-  هل عرفت المعنى الآن؟ أم أنك بحاجة الى مزيد من الإيضاح؟

-  نعم! عرفت المعنى، شكراً أبي!

كان الأب غارقاً بالحلم، يذهب نحو الأقاصي في عدالة قضيته وانتصارها، ليس مشروعه وحده الذي أراد له ألا ينطفئ، يحمله بين جانحيه لآخر لحظة في حياته.

 

عرض مقالات: