تعاني منطقة الدولاب في بابل من تلوث إشعاعي أدى إلى إخلاء السكان وظهور أمراض يُعتقد ارتباطها بالإشعاع، مثل السرطان وضعف المناعة. وأكدت الجهات الحكومية اتخاذ إجراءات عاجلة لإزالة المخلفات الملوثة وإجلاء المتضررين بالتعاون مع الجهات المعنية.
ودعا مختصون إلى إجراء مسوحات شاملة وتكثيف حملات التوعية لتجنب المخاطر.
وأرجع ناشطون التلوث إلى الحروب السابقة والاستخدام العشوائي للمواد المشعة، مؤكدين ضرورة اتخاذ تدابير عاجلة للحد من آثاره وحماية السكان.
الناس تستهين بالمخاطر
ويذكر الطبيب عباس زياد، من محافظة بابل، وجود حالات مرضية متعددة يُعتقد أن أسبابها تعود إلى التعرض للإشعاع، مردفا أنه لم يتم إثبات ذلك عبر دراسة أو بحث علمي حتى الآن. وقال زياد لـ “طريق الشعب” أن التعرض لمستويات مرتفعة من الإشعاع يؤدي إلى زيادة احتمالية الإصابة بأمراض السرطان المختلفة، والتشوهات الخلقية، وضعف الجهاز المناعي.
وأكد الطبيب أن “العديد من مدن محافظة بابل بحاجة ماسة إلى إجراء مسح شامل للبحث عن الملوثات واتخاذ إجراءات عاجلة لإزالتها”.
وشدد على أهمية تنظيم حملات توعية مجتمعية تهدف إلى التعريف بمخاطر التلوث وكيفية اتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة، موضحًا أن هناك استهانة مجتمعية بخطورة الوضع الحالي.
وطالب الحكومة بضرورة أن تتولى بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني مسؤولية تنظيم هذه الحملات، مع التركيز على تدريب كوادر متخصصة لتنفيذها بشكل فعال، إلى جانب وضع تدابير وقائية للتعامل مع التحديات البيئية والإشعاعية في المنطقة.
إجراءات حكومية!
وتحدث المتحدث باسم حكومة محافظة بابل ومستشار المحافظة للشؤون الفنية علي مرعب، عن حالة تلوث إشعاعي وقعت في قرية الدولاب على الطريق السياحي، جنوب المحافظة، مؤكدا أن هذه الحالة حظيت بمتابعة فورية من وفد وزاري مختص من بغداد. وشملت الإجراءات نقل العوائل المتضررة من المنطقة إلى مناطق آمنة لضمان سلامتهم.
وقال المتحدث لـ “طريق الشعب”، أن “الجهات المعنية تعمل حاليًا على إزالة المخلفات الملوثة بالإشعاع ونقلها إلى مناطق آمنة تتوافق مع الشروط البيئية والموافقات الصادرة عن وزارة البيئة والطاقة الذرية التابعة لرئاسة الوزراء”.
وأكد مرعب، أهمية التعاون والتنسيق بين جميع الجهات ذات العلاقة”.
وأوضح مرعب لـ “طريق الشعب”، أن “العمل يجري بالتنسيق مع كافة الدوائر الأمنية والجهات الخدمية المعنية، ومنها بلدية الحلة، بلدية بابل، مديرية مجاري بابل، ومديرية ماء بابل”.
وأشار إلى، أن “المحافظة شهدت خطوات جادة نحو معالجة التلوث في الأنهر والمجاري من خلال الجهود المشتركة بين مديرية مجاري بابل والجهات المعنية. ومن بين الإجراءات المتخذة، تم غلق كافة مناطق التصريف غير القانونية على مدار الساعة، بهدف الحد من انتشار التلوث”.
واختتم علي مرعب حديثه بالتأكيد على أن المحافظة تسعى بكل إمكانياتها إلى معالجة حالات التلوث، والحد من آثارها بما يخدم سلامة ورفاهية مواطني بابل.
اضرار التلوث الاشعاعي
عباس السعبري ناشط بيئي في محافظة بابل، تحدث عن اضرار التلوث البيئي والإشعاعي، قائلا انها تعد احد أكبر المشاكل وأشدها خطورة على حياة الناس.
وقال السعبري لـ “طريق الشعب”، ان الاشعاع، بصورة عامة، جاء نتيجة للحروب السابقة، بالإضافة الى دخول مواد غذائية غير خاضعة للفحص والمراقبة.
وذكر أن “مصادر التلوث الاشعاعي خلال الفترات الأخيرة، بعضها يعود للاختبارات النووية من قبل الدول العظمى”، مشددا على ضرورة ان يتحذ العراق إجراءات جدية في هذا الشأن، ويقوم بإجراء الدراسات والمسوحات الإشعاعية للهواء والتربة والصخور والمياه والغذاء وغيرها، لقياس مستوى الجرعات الإشعاعية المتواجدة وأماكن وجودها ومدى خطورتها”.
وبالحديث عن الاشعاع المتواجد في منطقة الدولاب، يعتقد السعبري ان “التلوث قد يكون ناتجا عن التربة، او نتيجة لاستخدام أجهزة ملوثة”. واكد ان النشاط الاشعاعي في بابل لا يزال مستمرا بالرغم من مرور عدة سنوات على الحرب.
وتابع الحديث عن الإجراءات اللازمة في حال اكتشاف وجود منطقة ملوثة اشعاعياً:” ابعاد السكان عن المنطقة الملوثة بشكل عاجل، والقيام بمسوحات ودراسة فورية للمنطقة، حيث التعرض للإشعاع يسبب امراضا تنتقل بالساعات ومن الممكن ان تسبب الوفاة بحلول شهرين”.
ويعد العراق من بين أكثر الدول تلوثا بالإشعاعات النووية والكيماوية وغيرها جراء الحروب التي خاضها طوال العقود الأربعة الماضية والتي استخدمت فيها أسلحة وذخائر مشعة ومحظورة دوليا، ما أدى إلى تلوث العديد من المواقع في مختلف المحافظات داخل المدن وخارجها، وتعد البصرة من أكثر المحافظات تلوثا تليها محافظات جنوبية أخرى والعاصمة بغداد.
وفي نيسان الماضي، اكتشفت رقعة تلوث نووية في قرية الدولاب بمحافظة بابل في أحد المنازل، تبين انها في تربة أساس المنزل، وناجمة عن تحطم كبسولات نووية كانت مخلوطة مع سكراب يعتقد انه مسروق من منشآت عسكرية من النظام السابق.