اخر الاخبار

تواجه الأحياء الجديدة والمناطق النائية في محافظة كربلاء، تدهورًا كبيرًا في الخدمات الأساسية مثل الطرق، والمياه، والكهرباء، والصرف الصحي. ويعزو المواطنون هذا التدهور إلى الفساد المستشري، وتوزيع الخدمات بشكل غير عادل، حيث تركز الحكومة المحلية على تلميع مركز المدينة وترك الأحياء البعيدة مهمشة.

تلميع المركز

ويقول المواطن سعد جاسب، من سكان قضاء الهندية، إن أهالي مناطقهم يعانون من تدهور كبير في الخدمات الأساسية مثل إكساء الطرق وتأهيل شبكات المياه والكهرباء والصرف الصحي.

ويضيف أن الوضع الذي يعيشونه منذ سنوات أصبح لا يُحتمل، مطالباً الحكومة المحلية بإنجاز المشاريع الخدمية الضرورية لهذه المناطق.

ويوضح، أن "الحكومة المحلية لا تقدم خدمات حقيقية، بل تقتصر جهودها على تلميع مركز المدينة، بينما الأقضية والنواحي تبقى مهمشة وتُغفل عن أنظار المسؤولين".

ويشير جاسب في حديث لـ "طريق الشعب"، إلى أن "تردي الواقع الخدمي للأحياء الفقيرة يزداد سوءاً مع دخول فصل الشتاء، حيث تتسبب الأمطار الخفيفة في تجمع برك الطين التي تعرقل حركة السيارات والمارة، وخاصة الأطفال أثناء ذهابهم إلى المدارس".

ويتساءل جاسب عن سبب الاهتمام بمركز المدينة دون بقية الأحياء؟ مجيبا أن "السبب الرئيس مرتبط بالفساد المستشري في مكاتب المحافظين. كما ان التمييز بين الأحياء، بناءً على التأييد السياسي والانتخابي".

 ويؤكد أن في بعض الأحيان تُخصص الأموال لتنفيذ المشاريع، لكن بسبب الفساد والرشاوى، تُنفذ المشاريع بطريقة غير صحيحة وبأقل التكاليف، ما يجعلها تتدهور بعد أشهر قليلة من افتتاحها، معتبرا أن هذه الظاهرة "أصبحت سمة بارزة لمعظم المشاريع التي لا تحظى بالصيانة اللازمة، ما يؤدي إلى حدوث تقصير في عمرها".

ويتابع، أن "أحياء مثل القدس والانتفاضة الأولى والثانية تعاني من غياب الخدمات الأساسية مثل شبكات المياه والكهرباء والصرف الصحي، ولم تحظَ هذه الأحياء بأي اهتمام من الحكومة المحلية لتنفيذ المشاريع الخدمية فيها طوال السنوات الماضية".

مسؤول محلي يبرر

يقول قائمقام قضاء الهندية، ياسر الشمري، بأن توفير الخدمات في محافظة كربلاء يواجه تحديات كبيرة، خاصة في المناطق الزراعية وأطراف المدينة.

ويضيف الشمري لـ "طريق الشعب"، أن "الطابع الزراعي يهيمن على معظم مساحة المحافظة، مما يجعل عملية إيصال الخدمات لهذه المناطق معقدة وتحتاج إلى وقت وجهد كبيرين"، مستعرضا "ظاهرة تفتيت الأراضي الزراعية وبيعها كقطع سكنية من قبل مالكيها، حيث يتم تحويلها إلى مناطق سكنية بعد تجريفها".

ويشير الى أن هذه العملية تجعل من الصعب تخطيط المناطق بشكل صحيح أو إيصال شبكات المياه والكهرباء والخدمات الأخرى بسهولة، مبينا أن المناطق السكنية المخططة، مثل الأراضي المسجلة رسميًا (طابو صرف)، تتميز بسهولة تجهيزها بالخدمات بسبب وجود خطط مسبقة للبنية التحتية، على عكس المناطق الزراعية التي تُحوَّل إلى سكنية بشكل عشوائي.

ويردف الشمري كلامه بأن مجهودا كبيرا يبذل لتحسين البنية التحتية في المناطق الزراعية، مشيرًا إلى أن بعض المناطق مثل قبائل الحسينية شمال كربلاء، قد شهدت تحسينات ملحوظة، مثل تعبيد الشوارع وإيصال الخدمات الأساسية.

ويشدد الشمري على أهمية دور الوحدات الإدارية مثل النواحي والقائمقاميات في إيصال مطالبات السكان بالحصول على الخدمات، موضحا أن الأهالي يلعبون دورًا كبيرًا في الضغط على الجهات المسؤولة لتوفير البنى التحتية والخدمات الأساسية.

ويختتم الشمري بالتأكيد على أن تحسين الخدمات في المناطق الزراعية يتطلب جهدًا مشتركًا بين الجهات الحكومية والمواطنين، إضافة إلى ضرورة وضع خطط واضحة لتجنب العشوائية في تحويل الأراضي الزراعية إلى مناطق سكنية، داعيا إلى استثمار المزيد من الموارد لتحسين البنية التحتية وتوفير الخدمات بشكل عادل لجميع مناطق المحافظة.

غياب العدالة

هذا وأثار مراقب محلي من محافظة كربلاء علي الشمري تساؤلات حول أولويات توزيع الخدمات داخل المحافظة، مشيرًا إلى تركيز الجهود على مناطق معينة وإهمال مناطق أخرى، خصوصًا الأحياء الزراعية والعشوائية.

ويقول الشمري في حديث لـ "طريق الشعب"، أن "هذا التفاوت يُبرز تحديات الإدارة المحلية في مواجهة النمو السكاني المؤقت والدائم، بالإضافة إلى تأثير الزخم السكاني الناتج عن استقبال الزوار".

ويضيف الشمري، أن "محافظة كربلاء تركز اهتمامها بالخدمات على مناطق تقع داخل المركز، مثل حي الحسين، الموظفين، المحافظة، البلدية، والنقيب، إلى جانب المداخل الرئيسية للمدينة مثل مداخل بغداد، النجف، والحلة".

ويشير الشمري، أن "هذا التوجه أدى إلى إهمال مناطق أخرى تعاني من نقص واضح في الخدمات، مثل أحياء الحر الصغير، الطاقة، والعسكري، حيث تفتقر بعض هذه المناطق إلى تعبيد الشوارع وتوفير البنى التحتية الأساسية".

ويوضح أن "بعض الأحياء المهملة تُصنف كأحياء زراعية أو عشوائية، مما يُعقّد مهمة توفير الخدمات فيها"، مطالبا الجهات المعنية بتحمل مسؤوليتها تجاه هذه المناطق.

وتعقيبا على حديث القائممقام، يرى الشمري أن الأحياء الزراعية ليست عذرًا لإهمال احتياجات السكان الذين يواجهون تحديات يومية نتيجة غياب الخدمات، منبها الى ان المحافظة تواجه زخما سكانيا بسبب استقطابها للزوار على مدار العام، ما يخلف ضغطا على البنية التحتية والخدمات.

عرض مقالات: