اخر الاخبار

في ظل سعي العراق لتطوير بنيته التحتية وتعزيز موقعه كمركز إقليمي للنقل والتجارة، يتفاعل الجدل حول مشروع الربط السككي مع دول الجوار، خصوصًا مع إيران، وتأثيره المحتمل على المشاريع الاستراتيجية الكبرى مثل ميناء الفاو وطريق التنمية. بينما يرى بعض الخبراء أن ربط السكك الحديدية لنقل البضائع قد يهدد فرص العراق الاقتصادية، ويجعل موانئ الدول المجاورة منافسة للموانئ العراقية. في حين تدافع وزارة النقل عن المشروع، مؤكدةً أهميته الاقتصادية والسياحية، خاصة في تسهيل حركة المسافرين وتقليل حوادث الطرق.

تطوير خدمات الترانزيت

يقول الخبير في مجال النقل، باسل الخفاجي، أن مشروع الربط السككي مع دول الجوار، إذا كان يهدف إلى نقل البضائع، فسيؤثر سلبًا على مشروعي ميناء الفاو الكبير وطريق التنمية، اللذين يعدان من المشاريع الاستراتيجية الكبرى للعراق.

وواصل الخفاجي حديثه لـ "طريق الشعب"، انه "ليس هناك مشكلة ان كان الربط السككي مخصصًا لنقل المسافرين فقط، بل قد يكون مفيدًا في تسهيل حركة الأفراد بين العراق والدول المجاورة، ومنها إيران والكويت وتركيا، ومن ثم إلى أوروبا. لكن إذا كان الهدف منه نقل البضائع، فإن ذلك سيؤدي إلى إضعاف مشروع طريق التنمية وميناء الفاو، ما يعني تفويت فرصة اقتصادية كبيرة على العراق".

وأضاف، أن "العراق يعمل حاليًا على تطوير خدمات الترانزيت البريدي، وهو ما يتطلب الحفاظ على الأولوية لميناء الفاو وطريق التنمية في حركة نقل البضائع، بدلًا من جعل الموانئ الإيرانية والكويتية والتركية منافسة للميناء العراقي".

وشدد على أن الربط السككي مع دول الجوار يجب أن يكون مخصصًا فقط لنقل الركاب، دون المساس بمشاريع العراق الاستراتيجية في مجال النقل والتجارة.

النقل ترد..

ورد؟َ المتحدث باسم وزارة النقل، ميثم الصافي، على الانتقادات الموجهة إلى مشروع الربط السككي بين العراق وإيران، داعيًا المنتقدين إلى تقديم ملاحظاتهم البناءة بدلاً من إطلاق تصريحات عائمة.

وأكد الصافي في حديث خصّ به "طريق الشعب"، أن "المشروع يُعد استراتيجيًا وسيسهم في تنويع الاقتصاد العراقي وزيادة إيراداته"، مشيرًا إلى "أنه سيؤدي إلى نقل أكثر من 5 ملايين زائر ومسافر وطالب سنويًا بين البلدين، ما يعزز حجم التبادل الثقافي والتعليمي".

وأوضح، أن "المشروع سيسهم في تقليل حوادث الطرق الناتجة عن استخدام الحافلات في الطرق الوعرة، كما سيوفر وسيلة نقل آمنة وسريعة وصديقة للبيئة".

وشدد على أن "الجدوى الاقتصادية للمشروع تكمن في تغيير نمطية التنقل، خاصة خلال الزيارات الدينية والتبادل الطلابي، بالإضافة إلى تعزيز السياحة في المناطق الجنوبية من العراق".

وأكد الصافي، أن "الحكومة العراقية تسعى إلى استخدام وسائل نقل حديثة تعزز قطاع السياحة، وتساعد في تنويع موارد الدولة. كما أقرّ بوجود بعض التحديات والسلبيات المحتملة، نظرًا لكون المشروع جديدًا، ويتطلب التعاون مع دول أخرى لإحياء خطوط السكك الحديدية المشتركة".

وأشار إلى أن المشروع الذي يمتد على مسافة 36 كيلومترًا، سيكون "عاملًا رئيسيًا في زيادة إيرادات الدولة، وتشجيع السياحة الدينية والأثرية في العراق"، مؤكدًا أن القطارات تمثل وسيلة نقل آمنة وسريعة وصديقة للبيئة.

العراق امام فرصة استراتيجية

ويرى الخبير الاقتصادي زياد الهاشمي أن مشروع ربط طريق التنمية مع الموانئ السورية يعتبر "فرصة استراتيجية للعراق"، مردفا ان تنفيذها يعتمد على تطورات سياسية محتملة في المنطقة.

ويقول الهاشمي لـ"طريق الشعب"، أن "الجانب الإيراني كان يراهن على طريق الشمال - الجنوب الذي يربط إيران بالهند عبر شبكتها الداخلية وصولًا إلى روسيا، إلا أن التغيير السياسي في سوريا قد يجعل من هذا المشروع غير قابل للتنفيذ بالنسبة لإيران".

وأضاف، أن العراق في حال حدوث تطبيع سياسي مع سوريا، قد يبرم اتفاق تعاون استراتيجي لربط طريق التنمية بالموانئ السورية عبر وصلات برية تمر عبر مدن سوريا مثل حمص، منبها الى أن هذا الربط سيكون له أثر إيجابي كبير على زيادة تدفق البضائع عبر طريق التنمية، وبالتالي تعزيز الطلب على خدمات ميناء الفاو. فالبضائع القادمة من آسيا عبر سوريا قد تستخدم ميناء الفاو لاستيراد البضائع، ما يزيد من الحركة التجارية في الميناء ويعزز دوره في النقل الإقليمي.

وتابع، أن هذه المشاريع قد تسهم في تحسين التصدير السوري إلى الخليج وجنوب شرق آسيا، وتوفر للعراق فرصة الوصول المباشر إلى موانئ سوريا مثل اللاذقية وطرطوس، ما يعزز من صادراته إلى أسواق البحر الأبيض المتوسط وشمال إفريقيا.

ولفت إلى أن النظام السوري السابق بقيادة بشار الأسد كان قد وقع عام 2021 اتفاقية مع الرئيس الإيراني حسن روحاني لإنشاء خط سكك حديد بين إيران وسوريا، دون الرجوع إلى العراق أو التنسيق معه.

ووفقًا للهاشمي، فإن إيران اليوم تجد نفسها أمام واقع جديد قد يدفعها إلى إعادة النظر في إستراتيجيتها، خاصة مع تراجع أهمية ربط شبكتها السككية بالموانئ السورية. في المقابل، كان العراق سيحقق مكاسب اقتصادية من المشروع، ليس فقط كونه ممرًا للبضائع الإيرانية والسورية المتجهة إلى أوروبا، ولكن أيضًا من خلال إمكانية إنشاء مصانع قريبة من خطوط السكك الحديد، وهذا ما قد يساعده في تصدير منتجاته عبر الموانئ السورية.

وبرغم أن هذه المشاريع تعد خططًا مستقبلية، إلا أن الهاشمي أكد أن التفكير والتخطيط لها يجب أن يبدأ في حال تطبيع العلاقات السياسية بين العراق وسوريا، ما قد يفتح آفاقًا جديدة للتعاون الاقتصادي في المنطقة.

وتعلل الحكومة الغرض الأساس من المشروع بنقل المسافرين، إلا أن الإعلام الإيراني والخبراء الاقتصاديين في طهران يؤكدون أن الهدف الرئيس هو تعزيز التبادل التجاري، حيث ستتمكن إيران من نقل بضائعها إلى العراق بكلفة أقل وسرعة أكبر، ما يعزز تنافسية المنتجات الإيرانية داخل السوق العراقية مقارنة بالسلع الأخرى.

عرض مقالات: