اخر الاخبار

أصدر مجلس محافظة ذي قار وثيقة رسمية يطالب فيها الحكومة المركزية بالإسراع في إطلاق التخصيصات المالية لمشاريع المستشفيات المتلكئة بالمحافظة، في ظل تدهور واضح في واقع القطاع الصحي؛ إذ تعاني المستشفيات من نقص حاد في التجهيزات وتأخر في تنفيذ مشاريع التأهيل، ما أجبر كثيراً من المواطنين على اللجوء الى القطاع الخاص أو السفر خارج المحافظة للعلاج.

 وفي ظل هذه الظروف، يؤكد العاملون في المستشفيات أن ضعف الدعم المالي والتقني يعيق تقديم خدمات صحية ملائمة، ما يعكس أزمة صحية متفاقمة تهدد حياة السكان وتستلزم تحركاً عاجلاً.

وطالب المجلس في وثيقته بالإسراع في إطلاق التخصيصات، نظرًا لما تمثله هذه المشاريع من أهمية بالغة لتوفير الخدمات الصحية لسكان مختلف الوحدات الإدارية.

وجاء في الوثيقة، التي حصلت "طريق الشعب" على نسخة منها: "نرجو التفضل بالموافقة على تمويل مشاريع المستشفيات المتلكئة، نظرًا للحاجة الماسة إلى افتتاح هذه المؤسسات الصحية، لما لها من دور في خدمة أبناء المحافظة ورفع العبء عن المستشفيات العاملة حاليًا".

عقود بلا تخطيط

بدوره، قال عضو مجلس محافظة ذي قار عن لجنة الصحة، أحمد الخفاجي، أن مشاريع المستشفيات المتلكئة في المحافظة تعاني من مشكلات مركبة، أبرزها تجزئة مراحل التنفيذ وعدم إدراج بعض المتطلبات الأساسية ضمن العقود الأصلية.

وقال الخفاجي لـ"طريق الشعب"، إن "مشكلة تنفيذ بعض المستشفيات ليست فقط في التمويل، بل في طريقة التجزئة بالمراحل. فعلى سبيل المثال، مستشفى الغراف لم تُدرج فيه من البداية بعض المستلزمات الضرورية ضمن مخطط التنفيذ، ما تسبب بتعطيل العمل لاحقا".

وأعرب الخفاجي عن أمله في أن تستجيب الحكومة الاتحادية لمطالب مجلس المحافظة، بالإضافة إلى مساهمة أموال الصندوق، مردفا ان التعاطي الحكومي الحالي لا يساعد على تدشين "خطوات عملية كافية"، مؤكداً أن المجلس لا يزال يتلقى شكاوى متعددة من المواطنين بشأن المستشفيات العاملة حاليا.

وأوضح الخفاجي، أن أغلب المشكلات في المستشفيات التي دخلت الخدمة تتعلق بسوء تجهيز الكهرباء وعدم استقرار منظومات التبريد، مشيراً إلى أن "مستشفى الناصرية يعاني من مشاكل متراكمة في أنظمة التبريد والكهرباء، نتيجة ربطه بشبكة الكهرباء الوطنية الموحدة، ما تسبب بمعاناة كبيرة للمرضى".

وأضاف أن المواطنين كانوا يعتمدون بشكل كبير على قسم الطوارئ في مستشفى الحسين التعليمي، الذي لعب دوراً مهماً في تلبية الحاجة، وساهم بحل العديد من المشكلات، قبل محاولة اعماره.

وتضمنت الوثيقة تحذيرا من أن "استمرار تعثر هذه المشاريع من دون تمويل كاف يعطل جهود تحسين البنية التحتية الصحية في المحافظة، ويؤثر سلبا على حياة المواطنين وسلامتهم".

مستشفيات متهالكة

من جانبه، ذكر دكتور الاختصاص أحمد كشيش من محافظة ذي قار، لـ"طريق الشعب"، أن "المستشفيات المتلكئة في ذي قار هي الفهود، والغراف، والحوراء، ومستشفى الأورام، والدواية. وهذه المشاريع ما تزال غير مكتملة رغم مرور سنوات على بدء العمل بها، وهو ما فاقم من معاناة المواطنين، وحرم مناطق واسعة من خدمات صحية أساسية".

وأضاف كشيش أنه "بسبب عدم اكتمال هذه المستشفيات، يضطر المواطنون إلى اللجوء إلى المستشفيات القديمة المتهالكة أو الاتجاه إلى القطاع الصحي الخاص، والذي يفرض تكاليف مرتفعة لا يقوى عليها كثيرون، خاصة مع تدني الدخل وانتشار الفقر في بعض مناطق المحافظة".

وأوضح أن بعض الحالات الحرجة "تضطر للسفر إلى بغداد أو النجف للحصول على تشخيص أو علاج مناسب، ما يشكل عبئا ماليا ونفسيا على العوائل"، مبينا أن "القطاع الصحي في ذي قار لم يعد يفتقر فقط إلى البنية التحتية، بل يعاني أيضا من تراجع نوعي وكمي في الخدمات".

وتابع قائلاً ان "الكوادر الطبية تعمل في ظروف صعبة للغاية، في مستشفيات تفتقر إلى أبسط المستلزمات، من أدوية وأجهزة تشخيص، وحتى أدوات التعقيم، ناهيك عن ضعف التكييف والتجهيز الكهربائي في أجنحة الطوارئ والردهات الحرجة".

الأطباء ينفرون من العمل الحكومي

وأشار إلى أن سوء الإدارة وقلة التمويل والإهمال الحكومي المتراكم، كلها عوامل أسهمت في نفور الأطباء أنفسهم من العمل في المؤسسات الحكومية، قائلاً: ان "عددا من الأطباء صاروا يفضلون الهجرة أو التوجه للعيادات الخاصة نتيجة انعدام البيئة المناسبة للعمل في المستشفيات العامة، التي أصبحت مرهقة ومحبطة وغير آمنة".

وأضاف أن "أغلب المراكز الصحية تفتقر إلى أدوية الأمراض المزمنة، كأدوية السكري وضغط الدم وأمراض القلب، ما يُجبر المرضى على شرائها من الصيدليات الأهلية بأسعار مرتفعة، أو التوقف عن العلاج تماما".

واختتم كشيش بالقول ان "ذي قار تحتاج إلى خطة طوارئ صحية حقيقية، لا تعتمد فقط على الوعود السياسية أو الموازنات المتأخرة. ما نشهده هو انهيار تدريجي للمنظومة الصحية، وإذا لم يتم إنقاذها سريعا، فسنواجه أزمات أكبر في المستقبل القريب، خصوصا مع تزايد أعداد السكان وارتفاع معدلات الأمراض المزمنة والموسمية".

وكانت وزارة الصحة أكدت في شهر اذار الماضي، أن مشروع المدينة الطبية في محافظة ذي قار سينجز خلال 3 سنوات، ويشار الى ان مشروع المدينة الطبية يضم (13) مرفقاً طبياً مستقلاً، من ضمنها 7 مستشفيات تبلغ سعتها الكلية (700) سرير، وهي: المستشفى الرئيسي 200 سرير، ومستشفى تخصصي للأطفال 100 سرير، ومستشفى النسائية التخصصي 100 سرير، ومركز لأمراض الدم وعلاج الأورام 100 سرير، ومستشفى الباطنية والجهاز الهضمي التخصصي 100 سرير، ومستشفى للطوارئ 50 سريراً، ومجمع العيادات الاستشارية، ومراكز تخصصية، وبنايات للطبابة العدلية والبحوث والدراسات، ومصرفاً للدم، وداراً للأطباء".

بيانات تجانب الحقائق

فيما ينبه مصطفى الربيعي، موظف في مستشفى الإمام الحسين التعليمي في المحافظة، الى ان "الوضع في المستشفى لا يعكس الصورة الرسمية التي تُطرح في البيانات، إذ يعاني المستشفى من تأخير واضح وتلكؤ في تنفيذ مشاريع التأهيل المطلوبة، إلى جانب نقص حاد في التجهيزات والأجهزة الطبية الحديثة، ما يؤثر سلبًا على جودة الخدمات الصحية المقدمة للمرضى".

وأضاف الربيعي في حديث لـ"طريق الشعب"، ان "الأمور تسير ببطء، ونواجه ضعفا في التنسيق بين الجهات المعنية، الأمر الذي يحول دون تنفيذ الخطط بشكل فعال، ويجعل كثيرا من المشاريع تبقى مجرد حبر على ورق، على الرغم من الحاجة الماسة إلى تطوير وتحسين المستشفى".

وأشار إلى أن "قسم الطوارئ، رغم أهميته الكبيرة وحساسيته، ما يزال يعاني من مشاكل مستمرة في منظومات الكهرباء والتبريد، وهو ما يعرقل أداء الطواقم الطبية ويؤثر على قدرتها في تقديم الرعاية الفورية للمصابين والمرضى".

وأكد أن "الكوادر الطبية والإدارية تبذل جهودا كبيرة ضمن هذه الظروف الصعبة، لكن دون دعم مالي وتقني حقيقي ومستدام، ما يجعل الخدمات الصحية دون المستوى المطلوب، وهو الأمر الذي يشعر به المرضى بشكل يومي ويؤثر على ثقتهم بالمستشفى".

وخلص إلى التأكيد على ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة لتعزيز الدعم المالي والتقني، وتسريع تنفيذ مشاريع التأهيل، وتحسين البنية التحتية للمستشفى، لضمان تقديم خدمات صحية ملائمة تلبي احتياجات أبناء المحافظة.

عرض مقالات: