اخر الاخبار

تكبح معرقلات كثيرة واقع الصناعة الدوائية في العراق، إكراما وادامة لنهج الاستيراد من الخارج، والذي جعل البلاد أسيرة لما يستورد من مختلف المناشئ، وبنسبة تتجاوز 90 في المائة، سدا للحاجة المحلية.

ويعد مصنع سامراء للأدوية أحد الأسماء اللامعة بصناعة المنتجات الطبية سابقا، الا انه يواجه تحديات عديدة، أبرزها تفشي الواسطة والمحسوبية داخل جدرانه، ووجود مساع متعمدة لعرقلة عمل خطوطه الانتاجية ومنعه من انتاج العديد من المواد الطبية، القادر على صناعتها محليا.

وبحسب تصريحات رسمية، فان شركة ادوية سامراء تنتج حالياً أكثر من 350 مستحضرا دوائيا وهناك خطط لزيادة الخطوط الإنتاجية في مصانع الشركة.

وفي نهاية العام الماضي 2022، ذكرت انباء عن تكبّد الشركة العامة لصناعة الأدوية والمستلزمات الطبية في سامراء خسائر جمّة وصلت الى 31 مليار دينار، خلال 10 أشهر فقط، فيما أكد وزير الصناعة، خالد بتال خلال لقاء  في السابع من نيسان العام الجاري، ان “وضع معمل ادوية سامراء ليس على ما يرام”.

مصنع سامراء يزيد إنتاجه

اجتمع مدير شركة أدوية سامراء عبد الرحمن عباس مع رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، واكد الأخير خلال الاجتماع دعمه المباشر لإحداث نقلة نوعية في عمل الشركة، لتمكينها من إنتاج أدوية تخصصية ونوعية.

وأوضح عباس في تصريح له ان “الشركة تنتج ما يقارب 352 مستحضرا دوائيا وتطمح إلى إنتاج الأدوية التخصصية والنوعية من خلال الدعم الكامل الذي ستتلقاه من رئيس الوزراء ووزيري الصحة والصناعة”.

وأردف، أن “الشركة لديها خطة عمل للنهوض بواقع الصناعة الدوائية تتمثل بتطوير الخطوط الإنتاجية”، مبينا، أنه “سيتم خلال الأيام المقبلة دراسة الجدوى لتوطين الصناعة الدوائية وما يتعلق بالأمن الدوائي”.

وأشار إلى، أن “الاجتماع ناقش تقديم الدعم المالي لشركة أدوية سامراء والتي كانت تعاني من عدم وجوده”، مبينا أن “الأيام المقبلة تبشر بخير وستشهد نقلة نوعية في ما يتعلق بالتصنيفات الدوائية وتصنيف المصانع وتأهيل المباني”.

من يعرقل عمله؟

ويذكر موظف سابق في مصنع سامراء للأدوية، رفض كشف اسمه، ان “المعمل يملك القدرة على انتاج مواد طبية وبجودة عالية واسعار اقل بكثير مما هو متواجد في السوق الحاضن للسلع المستوردة، الا ان المساعي من قبل بعض الجهات المتنفذة تحول بين اتخاذ هذه الخطوات، وتسعى لعدم توفيرها لأجل ابقاء منتجات شركاتهم الخاصة في السوق”.

وعن سبب اخر يعرقل عمل المصنع، يقول المصدر لـ “طريق الشعب”، انه “بين فترة واخرى يتم تغيير الكوادر الادارية والموظفين، بسبب تبدل هيمنة المتنفذة على المعمل”، مشيرا الى ان المصنع مسيطر عليه من قبل حزب ذي نفوذ كبير، وغالبية موظفيه الان من ذلك الحزب (لم يسمه)”.

ويضيف، ان التغيير المستمر في الكوادر الادارية وبقية التصنيفات، يخلق مشاكل كبيرة داخل المعمل، ويصل الامر الى وجود تدخل عشائري للحزب المهيمن حتى في مسألة التعيين، على حد قوله. ويشير الى وجود شركات لديها اعتماد من المصنع، تتولى عملية تسويق منتجات المعمل، مردفا بأنه “بالرغم من انتهاء مدة العقد مع هذه الشركات، الا انها لا تزال تبيع منتجات مصنع سامراء”.ويؤكد أن ذلك الخرق يمنع التعاقد مع وكيل حصري جديد.

عملها نمطي

وبحسب نقيب الصيادلة، مصطفى الهيتي، فان المصانع المتواجدة تنتج نحو 1100 نوع من الدواء، مشيرا الى غياب الكثير من الادوية المهمة والضرورية، الخاصة بأمراض السرطان ومعوضات الدم والأنسولين والأمبولات والتحاميل وغيرها من العلاجات التي يتم استيرادها من الخارج، باسعار باهظة لصالح الحكومة والقطاع الخاص.

ويصف الهيتي في حديث لـ”طريق الشعب”، طريقة عمل هذه المصانع بأنها “نمطية جدا”، مشيرا الى ان تكلفة شراء الأدوية المصنعة محليا، تقدر بنحو 200 مليون دولار.

تراجع صناعة الادوية محليا

ويعزو مختصون أسباب تراجع صناعة الأدوية الوطنية في البلاد الى التقصير الحكومي، وسيطرة المافيات على بعض المنافذ الحدودية، ما يعطيها الصلاحية بتوزيع وتهريب الأدوية والتحكم بأسعارها؛ حيث كشفت الجهات الحكومية خلال عام 2022 عن ضبط حوالي 100 طن من الأدوية المهربة واغلبها داخل العاصمة بغداد.

الصيدلاني ليث احمد يؤكد ما قيل سابقا، ان “صناعة الادوية المحلية وحتى استيراد الأجنبي منها تتم بالعادة تحت معامل تابعة لجهات سياسية وأحزاب مهيمنة”، مشيرا الى ان ذلك أدى لانعدام الرقابة الحكومية والسيطرة النوعية على الأدوية المستوردة والمصنعة محليا.

ويلوح في حديثه مع “طريق الشعب”، بان “بعض الشركات التابعة لجهات سياسية متنفذه، تسعى الى عرقلة عمل بقية المصانع المحلية، ومن بينها مصانع سامراء للأدوية”.

النهوض بواقعها

وبالحديث عن كيفية النهوض بواقع الصناعة الدوائية وتسويقها بشكل أفضل، يقترح المتحدث الغاء الرسوم الجمركية على المواد الأولية التي تستوردها مصانع الأدوية الوطنية، وتقديم وزارة الصناعة الدعم للمصانع المحلية، إضافة الى إلزام وزارة الصحة بشراء الادوية المحلية، معتقدا ان هذه الخطوات ستعزز من مكانة المنتج المحلي.

ويقترح صاحب مذخر ادوية، تحسين الشمري، ان “يتم انشاء مصانع للشركات العالمية المتخصصة بصناعة الادوية محليا، مع منح حق الامتياز للكوادر الطبية المتخصصة في تصنيع وإنتاج بعض الادوية”.

ويشيد الشمري خلال الحديث مع “طريق الشعب” بخطوة الحكومة تعزيز الإنتاج المحلي من الادوية، مؤكدا ان مصانع سامراء للأدوية تنتج اجود أنواع الدواء وأفضلها وبأسعار مناسبة، لذا يطالب بدعمها ماديا لتتمكن من التقدم على منافسها الاجنبي.

ويبين ان صناعة الادوية محليا تساهم في توفير فرص عمل جديدة، ما يجعلها محركا اقتصاديا من المهم تطويره في ظل وجود توجه حكومي نحو الإصلاح.

وكشف رئيس الوزراء محمد شياع السوداني في وقت سابق عن إنفاق العراق 3 مليارات دولار لاستيراد الأدوية سنويا، وتعهد بالنهوض بقطاع صناعة الأدوية من خلال إجراءات عديدة ستعمل عليها حكومته بما يضمن تطوير هذه الصناعة وتوطينها.

وخلال ترؤسه اجتماعًا ضم رابطة منتجي الأدوية بحضور وزيري الصحة والصناعة، أكد السوداني حاجة القطاع الدوائي لمزيد من إعادة التنظيم في مجال استيراد الأدوية لتحقيق أمن دوائي متكامل.

عرض مقالات: