اخر الاخبار

لم يقدر لمريم أن ترى مولدها الأول بعد أن توفيت وهي في طريقها الى المستشفى، التي تبعد عشرات الكيلومترات عن قرية «عنكور» في محافظة الانبار، والتي تخلو حتى من مركز صحي.

هذه المأساة يسردها احمد عمر بوجع عن إحدى نساء عائلته، إذ يقول لمراسل «طريق الشعب»، إن «القرية تخلو من المراكز وما متوفر هو عبارة عن كرفانات تخلو بلا معدات خاصة بالولادة او تشخيص الحالات المرضية، ما نضطر الى الذهاب الى مستشفيات بعيدة. وفي هذه الحالة يكون المريض أمام اختبار طاقته التحملية!».

ويضيف عمر، ان «أزمة الجفاف في القرية وصلت لحد انقطاع مياه الشرب تماما عن المنطقة، فضلا عن فقدان بحيرة الحبانية للثروة السمكية التي تعتبر مصدر رزق عوائل العنكور».

تقع العنگور جنوبي الرمادي، ويسكنها حوالي 10 الاف نسمة. وتعد بحيرة الحبانية المغذي الأساسي والوحيد لهذه المنطقة.

سكانها يطالبون بحل

يشكو أيمن احمد، أحد سكان القرية، انتشارَ الامراض الجلدية بين سكان المنطقة، بسبب ندرة مياه الاسالة، نتيجة لجفاف مياه بحيرة الحبانية بنسبة 75 في المائة، والتي كانت قرية «العنكور» والقرى المجاورة، الذي قرر الكثير منهم النزوح عن منازلهم.

يقول أحمد لمراسل «طريق الشعب»، إن سكان العنكور يشترون مياه الشرب، إذ يبلغ سعر عبوة المياه بحجم (20 لتراً)، 2000 دينار، بينما غالبية سكان القرية هم من الطبقة الفقيرة.

أما مستنقعات بحيرة الحبانية، فيستعملها السكان للاستخدام المنزلي، برغم رائحتها الكريهة وطعمها المالح، بحسب وصف أيمن.

وكحل مؤقت للأزمة، يطالب أيمن الحكومتين الاتحادية والمحلية بتخصيص «صهاريج» لنقل المياه النقية من مدينة الرمادي الى العنكور، قبل الشروع في مد أنبوب من مدينة الحبانية عبر منطقتي المجر والعنكور، لحل الازمة بشكل جذري.

انتشار الامراض الجلدية

يؤكد صميم سلام، وهو ناشط بيئي، انتشار الامراض الجلدية الخطرة والمزمنة بين سكان القرية، وتردي واقع المياه فيها، إذ يعتمد السكان في الوقت الراهن على «الجزء الميت من بحيرة الحبانية، الذي يحمل ملوثات كثيرة جدا» بحسب قوله.

يقول سلام لمراسل «طريق الشعب»، ان عشرات العوائل نزحت من مناطق سكناها، بسبب تفاقم مشكلة المياه في منطقتي العنكور والمجر جنوبي الرمادي، مضيفاً أن «بحيرة الحبانية خرجت عن الخدمة منذ 9 أشهر».

ويضيف أن الوضع «سيئ جدا منذ شهر ونصف الشهر».

وبالحديث عن الامراض الجلدية المنتشرة، يذكر أن المياه المتوفرة هي مياه آسنة، وعلى أثرها اصيب العشرات من الأطفال بأمراض مزمنة وخطرة، لافتاً الى وجود ما يقارب 1500 طفل مصاب.

ومنذ 18 يوماً تم سحب جميع التناكر من قرية العنكور، والتي كانت تتناوب على تزويد الأهالي بالمياه ما زاد الوضع سوءا.

ويشدد سلام على ضرورة التدخل العاجل والفوري لإدارة الازمة التي يعاني منها سكان المنطقة، كون الامر وصل الى انتهاك حقوقهم الاساسية، واصفا الحلول المطروحة من الحكومتين المحلية والمركزية بأنها «ترقيعية ولا جدوى منها».

ويستطرد سلام في الحديث عن الواقع الصحي، الذي يعد شبه معدوم، إذ يشير الى غياب المستوصفات او المراكز الصحية، ولا يوجد سوى «كرفانات» بعدد اثنين، وهما خاليان تماما من المستلزمات الطبية!

ويشير الى ان «كبار السن والأطفال هم المتضرر الأكبر من سوء الخدمات الصحية؛ حيث تعرض الكثير من النساء بسبب بُعد المستشفيات التخصصية عن تلك القرى».

تجفيف بحيرة الحبانية

قائمقام قضاء الانبار، إبراهيم عوسج، نفى وجود أية مشكلات صحية لدى الاهالي، مبررا ذلك بأن وزارة الصحة أصدرت تعليمات تنص على تشييد مستوصف صحي في المناطق ذات 5 نسمة فما فوق، اما المناطق ذات نسمة اقل فينشأ لها ما اسماه «البيت الصحي».

ويردف عوسج حديثه لـ»طريق الشعب»، بأن العنكور تعدادها السكاني الحقيقي «قليل»، وهناك بيوت صحية تقدم خدمات طبية للمواطنين.

ويقر القائمقام بأن «المشكلة الوحيدة التي يعاني منها سكان العنكور هي عدم توفر مياه الشرب»، مضيفا ان المنطقة كان يتم إمدادها بالمياه من بحيرة الحبانية التي جرى تجفيفها بموجب تعليمات صدرت عن وزارة الموارد المائية، وبالاتفاق مع الجهات المعنية.

ويستدرك عوسج بالقول: ان «قرار التجفيف غير متعمد، لكن واقع العراق المائي وما يتعرض له من جفاف، اجبر الجهات المعنية على اتخاذ هذه الخطوة».

ويعتبر المتحدث «موضوع جفاف البحيرات وتفاقم مشكلة مياه الشرب، امرا متوقعا وطبيعياً. ونتوقع ان تكون هناك مناطق تالية ستتعرض للجفاف بعد العنكور». ويخلص عوسج الى ان الجهات المعنية في محافظة الانبار تعمل على ايجاد «حلول جذرية وليست انية لمشكلة المياه. ستنتهي خلال ثلاثة اشهر»، موضحا أن المحافظة تعمل على إنشاء مشروع خاص بناحية الرحالية، سيحل ازمة مياه الشرب لأكثر من منطقة، ومن بينها قريتا العنكور والمجر.

عرض مقالات: