اخر الاخبار

أثارت أرقام حوادث الانتحار التي سجلتها محافظة ذي قار، جنوبي العراق، قلقا لدى معنيين بحقوق الانسان، مرجعين تصاعدها الى «مشاكل اقتصادية واجتماعية».

وتجاوزت حالات الانتحار خلال العام 2022، المائة حالة، بينما هناك حالة واحدة في اول أيام العام الحالي.

وبحسب الإحصائيات الرسمية فان غالبية حالات الانتحار، تحدث بين النساء والشباب الذين لا تزيد اعمارهم على العشرين عاما.

وسجلت محافظة ذي قار، في أول أيام العام الجديد، حالة انتحار لفتاة في عامها الثامن عشر، شنقا داخل أحد منازل اقاربها، في قضاء الغراف شمال الناصرية، مركز محافظة ذي قار.

وفي اليوم الثاني، حدثت حالة انتحار أخرى لكنها لم تنجح، لفتاة في عامها التاسع عشر، حاولت الانتحار عبر تناولها كميات كبيرة من العقاقير الطبية.

وكانت محافظة ذي قار شكلت في العام 2016 خلية أزمة لدراسة أسباب الانتحار وكيفية التعامل مع هذه الظاهرة والحد منها. لكنها لم تعلن أية نتائج يمكن الاستناد اليها في معالجة الظاهرة.

للنساء.. الحصة الأكبر

وعن هذه الظاهرة، يقول النشاط في مجال حقوق الانسان، فاضل الغراوي، انها «من الظواهر السلبية التي بدأت تظهر وتتفاقم في المجتمع العراقي خلال السنوات الخيرة».

وعن أسباب تفاقم هذه الظاهرة، يبين في حديثه مع «طريق الشعب»، انها «تعود الى مشاكل اقتصادية واجتماعية مختلفة، كانتشار البطالة بين فئات الشباب وارتفاع نسب الفقر، ومشاكل نفسية واسرية اضافة الى ادمان المخدرات التي بدأت تتداول بين الشباب، والاستخدام السيئ لمواقع التواصل الاجتماعي، الذي يعد سببا في تفاقم هذه الظاهرة».

ويضيف ان «اعداد حالات الانتحار للنساء تفوق اعداد الرجال».

مطالبات بخطوات جدية

ويضيف الغراوي، ان «أدوات ووسائل الانتحار تختلف من حالة الى أخرى، منهم من يلجأ الى الغرق او الحرق او الشنق وبعضهم يتجه الى استخدام الطلق الناري».

ويرى الغراوي، ان «معالجة هذه الظاهرة تتطلب تدشين خطوات تتضمن مجموعة من الإجراءات الحكومية تحديدا في جانب تحسين الوضع الاقتصادي للمواطن ومعالجة المشاكل الخدمية التي يحتاجها بشكل يومي، إضافة الى تحسين واقع حقوق الانسان في البلد وضمان كفالتها»، منوها الى ضرورة وضع تشريعات قانونية تكفل حماية افراد الاسرة من أي عنف، باعتبار أن المشاكل الأسرية وما تولده من أزمات نفسية سبب في لجوء الافراد الى الانتحار.

ويشدد على ضرورة اتباع الية خاصة بالأشخاص الذين لديهم محاولات انتحار لم تنجح، من ناحية توفير التأهيل النفسي والمجتمعي.

خوف من الإفصاح

بدورها، تعلق الناشطة في مجال حقوق الانسان، من محافظة ذي قار، ايمان الأمين، ان «حالات الانتحار بدأت تزداد تدريجيا كل عام»، لافتة الى ان «عدد الحوادث تجاوز الاثنين وأربعين حالة خلال العام السابق، وهذه الاحصائيات تعتبر غير دقيقة كون بعض الأهالي يرفضون الإفصاح عنها».

غياب العدالة الاجتماعية

وتشير في حديثها مع «طريق الشعب»، الى الاسباب التي تغذي ظاهرة الانتحار، قائلة ان «المحافظة تعاني من ارتفاع في نسبة الفقر الذي يشمل نصف المجتمع، يقابله غنى فاحش، وهذا يعود لغياب العدالة الاجتماعية التي تجعل الفئة المقابلة تتعرض للتمييز والتنمر»، بحسب قولها.

وتؤشر الأمين وجود حالات استغلال وابتزاز للنساء من قبل أصحاب العمل.

وتردف ان «اغلب الفتيات يلجأن الى الانتحار بسبب تعرضهم الى العنف بأشكاله المختلفة أو الاحتقار والإهانة او إجبارهن على الزواج، كما يعتبر التحرش والابتزاز من مسببات الانتحار، وتحديدا عبر وسائل التواصل الاجتماعي».

وتلفت الأمين الى سبب اخر، قائلة ان «هناك استخداما للعنف داخل المدارس ووجود حالات تنمر تتعرض لها الفتيات، حيث الإحصائيات الرسمية تشير الى ان اغلب المنتحرات هن من الفئات المراهقة».

وتخلص المتحدثة الى القول ان «الشباب هم طاقات بشرية وثروة مجتمعية وان إرهاقهم يعتبر خسارة فادحة للبلد»، مطالبة بان يكون هناك «توزيع عادل للثروات ولفرص العمل وأيضا تشريع قوانين تحمي الأسرة وتطبيق القوانين على من يمارس الاستغلال والابتزاز والتحرش مع ضرورة وجود دار إيواء آمن للفتيات المشردات تحت إشراف الدولة».

عرض مقالات: