اخر الاخبار

لا تزال كثير من الجرائم تجد لها مسوغات تساعدها على الاستمرار، في ظل وجود مواد قانونية تبيح قتل النساء تحت مسمى “غسل العار”.

وتوجه عدد من الحقوقيين والنشطاء نحو الطعن بالمادة 409 من القانون العراقي، لكنهم يقولون ان السلطات القضائية لم تستجب لهم، بينما هناك كثير من الجرائم، يفلت مرتكبوها من العقاب، استنادا الى هذه المادة.

والى جانب ذلك، تجري طمطمة الكثير من جرائم القتل اما بعدم الإخبار عنها من قبل الاهل، أو بفبركة الشهادات والأقوال قضائيا مع اخفاء الأدلة أو تزييفها بغية تضليل القضاء، سيما وأن الشهود الوحيدين هم الاهل أو الأقارب الذين يتكتمون على الحقيقة، كما أن الأعراف الاجتماعية تمنع من غير الأقارب الإخبار عن واقعة القتل، خشية الملاحقات العشائرية.

القانون يبيح قتل النساء!

وتنص المادة (409) من قانون العقوبات العراقي والتي تتحدث عن القتل تحت مسمى جرائم الشرف “يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن الثلاث سنوات من فاجأ زوجته او أحد محارمه في حالة تلبسها بالزنا او وجودها في فراش واحد مع شريكها فقتلها في الحال او قتل أحدهما او اعتدى عليهما او على أحدهما اعتداء افضى الى الموت او الى عاهة جسيمة ولا يجوز استعمال حق الدفاع الشرعي ضد من يستفيد من هذا العذر، ولا تطبق ضده احكام الظرف المشددة”.

تقول الحقوقية اسراء سلمان في حديث مع “طريق الشعب”، ان “هذه المادة تخالف المعاهدات الدولية التي وقع وصادق عليها العراق. كذلك تخالف الدستور العراقي، الامر الذي جعل هناك توجه لتقديم الطعن بتلك المادة، والتوجه الى المحاكم الشرعية لحماية حق النساء في الحياة”.

تشرح سلمان نص المادة (409)، قائلة اننا “ نلاحظ من نص المادة انها تتكلم عن عنصر المفاجأة الذي بدونه لا تكتمل المادة، ودائما ما يتم تجاهل هذه الفقرة في القضايا. بعد ذلك نرى ايضا انه لم يفصل نوع المحارم هل هي محارم دائمة التي هي الام والاخت والابنة وابنة الاخ والاخت...، او محارم مؤقتة والتي هي المطلقة الى ان تنتهي العدة وأم الزوجة وأخت الزوجة.

 وتضيف، ان “من تحاول الدفاع عن نفسها في اثناء تعرضها لمحاولة القتل وسببت إصابة للرجل المعتدي افضت الى الموت، فأنها تحاكم بأحكام مشددة”، مشيرة الى ان “العقوبة التي تقع على عاتق الجاني هي ثلاث سنوات قابلة للتخفيف تحت بند المادة (128) من قانون العقوبات والذي على اساسه يتم تخفيف العقوبة او إعفائه تحت بند ( الجريمة لبواعث الشرفية)، وهذا البند يرجع تفسيره الى اجتهاد القضاة”.

لا تحظى حتى بقبر!

وتبين سلمان ان “المستشفيات تتعامل ببرود تام مع جثث النساء وتعتبرها ارقاما فقط في الطب العدلي، فتجد تلك الجثث طريقها الى المقابر بهدوء تام بدون اي حزن او اي اجراء فعلي حقيقي”.

 وتتابع انه “في العديد من المناطق لا تصل تلك الجثث الى المستشفيات، فيتم دفنها بقبور مجهولة في التلال الاثرية تحت علم السلطات وتسمى تلك التلال (بتلال المخطئات)”.

تناقض قانوني

ويستغرب الحقوقي جاسم الربيعي من وجود بعض المواد القانونية التي تخالف المادة 14 من الدستور العراقي التي تنص على انه: “العراقيون متساوون امام القانون بغض النظر عن الجنس ....”، وتعتبر الزنا جريمة تحتاج الى عقوبة فقط للنساء حيث ان امرأة اذا فاجأت زوجها في فراش الزوجية مع امرأة اخرى وقامت بقتله او قتلها فأنها تحكم بعقوبات مشددة وذلك تحت بند المادة 406 من قانون العقوبات، كما ان القانون العراقي يتعامل مع زنا الزوج كزنا فقط إذا كان في بيت الزوجية، اما إذا كان خارج البيت فلا يعتبر زنا وهو ما نصت عليه المادة (377) من قانون العقوبات: “يعاقب بالحبس الزوج إذا زنا في منزل الزوجية”، الامر الذي جعل هنالك تمييزا جندريا واضحا للعقوبات”.

ويقول  في حديثه عن المادة (409)،  ان “هناك غيابا لعنصر المفاجأة التي جاء بها القانون، والمقصود فيها، الدقيقة الأولى بعد ان يرى احدى محارمه في فراش الزوجية، لكن إذا جرى ارتكاب الجرائم بعد مرور أسبوع واكثر فإنها تعتبر جريمة قتل”، موضحا ان هذا ليس تبريرا انما توضيح لنص القانون الذي هو مخالف أيضا في تطبيقه”.

ويشير الى ان المادة (409)، تخالف معايير حقوق الانسان، وتدل على العنف في الوقت الذي نحتاج فيه الى مواد قانونية تستطيع ان تجعل من المجتمع مستقرا.

وسعت العديد من المنظمات الحقوقية وعدد من النشطاء والقانونيين، الى تقديم طعن بالمادة 409 من قانون العقوبات العراقي، لكنها لم تحظ باستجابة من جانب الجهات المعنية.

وتؤكد سارة جاسم، وهي مدافعة عن حقوق المرأة والطفل بشأن ما تم تقديمه من طعن، بالقول انه “لم تكن هناك استجابة من أي جهة حكومية، وهذا ما جعل المطالب تستمر حتى اللحظة”، مشيرة الى ان التطور الوحيد في القضية حصل بعد مقتل الفتاة طيبة، اذ اصبح هناك التفاتة دولية بعد ان طالبت الأمم المتحدة بإعادة النظر في النصوص القانونية التي تبيح القتل”.

وتعرف سارة جاسم مصطلح الشرف بانه “مجموعة من القيم الأخلاقية تتمثل في الصدق والاخلاص والأمانة والشجاعة والمروءة وغيرها من الصفات الحسنة والحميدة التي تتجمع مع بعضها لتسمو بالإنسان وترفعه لمرتبة التقدير والاحترام بغض النظر عن جنسه”، متسائلة هل هو هذا تعريفه بالنسبة لمجتمعنا؟

لتجيب على ذلك متأسفة ان المجتمع حدد لكل من الذكر والانثى شرفا معينا، فالأنثى شرفها يرتبط بجسدها فقط، فاذا مس أحدهم جسدها غير الزوج حتى ولو كان دون ارادتها اصبحت منبوذة وفقدت مستقبلها وحياتها. اما الشرف بالنسبة للرجل فهو مرتبط بأخته وامه وزوجته وبنته، ولو كان كاذبا وسارقا وزانيا او حتى مجرما فجميع هفواته يمكن ان تغتفر، ولكن لا يمكن أن يغفر له المجتمع اخطاء احد محارمه”.

مساع مدنية

وتتحدث جاسم عن وجود مساع من قبل منظمات المجتمع المدني من اجل تغيير نظرة المجتمع تجاه قتل النساء بحجة “غسل العار”، وذلك باستخدام وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، وأيضا مطالبة السلطات المعنية بإلغاء المواد التي تبرر القتل بهذه الحجج.

وترى ان جرائم ما يسمى بغسل العار، تخالف الدستور العراقي الذي يكفل وجود المساواة بين الجنسين، مجددة مطالبتها بتعديل والغاء المادة 409 من قانون العقوبات العراقي التي تبيح القتل تحت مسمى غسل العار او جرائم الشرف دون وجه حق.

عرض مقالات: