اخر الاخبار

بسبب ما يمر به البلاد من سيطرة للجهات المتنفذة وسوء الادارة والمحاصصة والمحسوبية، بات من الطبيعي أن تطال شبهات الفساد غالبية مشاريع البنى التحتية في مناطق البلاد؛ ففي محافظة بابل رصدت هيئة النزاهة هدرا كبيرا في أموال الدولة.

وأشرت النزاهة فساداً بمبالغ كبيرة في معمل الاسمنت في المحافظة. وبين مدير مكتب الاعلام والاتصال الحكومي في هيئة النزاهة، علي محمد، إن “المعمل متوقف منذ 8 سنوات، وبالرغم من ذلك تم صرف 8 مليارات دينار، اضافة الى حالات تلاعب وتزوير وهدر للمال العام.

النزاهة ترصد

ويوضح محمد في حديث خصّ به “طريق الشعب”، أن “فريق عمل مكتب تحقيق بابل عمل بجد على التحري وجمع وتدقيق المعلومات الواردة عن معمل السمنت في المحافظة. وكشفت النتائج وجود مغالاة في إجراءات صرف وطلبات شراء وتصليح وتأجير آليات وشراء موجودات ثابتة بمبلغ (8,000,000,000) مليار دينار في معمل سمنت بابل”.

واشار الى مخالفة اخرى تتمثل بتغليف قسم من البنايات الخاصة بالمعمل بمادة “الكابون” خلافاً للتعليمات.

وبحسب محمد، فإن الهيئة أقرت بعدم جدية الوقف الشيعي بمتابعة استحصال الديون المترتبة بذمة الغير، والتي لم يتم تسديدها، وتبلغ كمية الديون (4,122,647,490) دينار.

وعن حجج عدم تسديد الديون، ذكر محمد انها تبرر بعدم توفر وسائط نقلٍ لغرض المسح الميداني، مما سبب هدراً للمال العام.

وعن حالات ضبط اخرى، ذكر محمد أن الهيئة تمكنت من ضبط عقد ايجار شبه وهمي، يعود لمطعمٍ عائمٍ في شط الحلة أبرمته بلدية الحلة في العام 2007، ولم تتَّخذ أَّي إجراءٍ بشأنه، على الرغم من انتهاء مدة العقد، لافتةً إلى أنَّ العوامة مستغلة حتى الآن وتتعارض مع مشروع تبطين شط الحلة.

وذكر محمد حالة ضبط اخرى طالت مستشفى الحلة التعليمي وتتعلق بإيرادات المُستشفى، فضلاً عن ضبط وصولات شراء موادّ منسوب صدورها إلى محلاتٍ غذائيَّةٍ مُدرجٍ فيها أسعار شراء فيها مغالاة، إضافة إلى كونها مكتوبةً بخط يد أحد أعضاء لجنة المُشتريات في المستشفى، ممَّا يُشيرُ إلى وجود تلاعبٍ.

وبعد اجراء بحث من قبل “طريق الشعب”، بشأن الية عمل مصنع الاسمنت في بابل، تبين وجود أحاديث سابقة تعود الى خمس سنوات عن إعادة تأهيل وترميم المصنع.

ففي العام 2019، أكد مدير عام الشركة العامة للسمنت العراقية، علي زيدان ان “أعمال الصيانة والتأهيل في معمل سمنت بابل مُستمرة حيث تمَّ إجراء صيانة شاملة مع التبديل والإضافة شَمِلت الأفران والطواحين والكسارات وجميع الأجزاء والمُلحقات الأخرى ولكافة الأقسام الإنتاجية وقسم التعبئـة”، وتحدث ايضا عن اجراءات لتحديث وتطوير الادوات المتواجدة في المصنع.

بقيمة 600 مليار!

وهناك ملفات كثيرة تلتف حولها شبهات الفساد في محافظة بابل، منها ما يتعلق بالعقارات والمقاولات والمنشآت والبنى التحتية، والبعض الاخر يتعلق بالمناصب وسوء الإدارة، بحسب النائب عن محافظة بابل أمير المعموري.

يقول المعوري في حديث خص به “طريق الشعب”، إن “هناك ملفات فساد تتعلق بالزراعة، اذ تم الاستيلاء على أكثر من 325 دونما، أعيدت بفضل القضاء”، مشيرا أيضا الى وجود فساد في قطع سكنية (تجارية) عائدة لبلدية الحلة، قيمة القطعة الواحدة تقدر بـ 500 مليون وبعضها اقل او أكثر، وقد أعطيت لأشخاص غير مستحقيها. ويقدر مجموع سعر القطع 600 مليار”.

ويشير الى وجود قطع أراض زراعية حولت الى سكنية للاستفادة من مبالغ بيعها، إضافة الى وجود تلكؤ وسوء إدارة في المشاريع الخدمية بسبب الفساد وبيع المقاولات، حيث بقيت تلك المشاريع معلقة.

 ويضيف أنه “يوجد مصرف في بابل تم بناؤه قبل سبع سنوات، الا انه اليوم آيل للسقوط!”.

مأوى للفاسدين

الناشط السياسي أحمد راجح يقول إن “سوء الإدارة والمحسوبية في دوائر المحافظة ليست وليدة اللحظة، انما ظهرت بسبب المحاصصة السياسية التي نخرت قوى الدولة ومؤسساتها منذ العام 2003”.

ويضيف لـ”طريق الشعب”، ان “ملفات الفساد في محافظة بابل إذا ما أردنا التحدث بها، فسنحتاج الى عشرين عاماً أخرى”، مشيرا الى وجود تُهِم فساد مالي وجهت الى محافظ بابل الأسبق حسن منديل، قبل فترة وجيزة. ولعل أبرز ملف فساد هو “معمل لبيع المثلجات”.

ويأسف راجح لما تشهده المحافظة من استشراء للفساد المالي والإداري، مشيرا الى أن النسبة الأكبر من الفساد هو من حصة دائرة البلدية.

ويواصل حديثه بأنه “تم تخصيص قطع أراضي لشريحة معينة للمواطنين، حيث يستلم المواطن قصاصة برقم القطعة، وعندما يذهب إليها يجدها قد خصصت لشخص اخر، او متجاوز عليها، وعند مرجعة دائرة البلدية مرة أخرى، يكتفون بإخباره بالانتظار”.

وهنا، يبدأ بعض السماسرة استغلال حالة اليأس والإحباط لدى المواطن، ما يجعلهم يعرضون عليه بيع القصاصة التي يمتلكها بمبلغ زهيد، فيما يعاودون بيعها بمبالغ كبيرة.

ويلفت الى ان “بعض مدراء الدوائر في بابل بين محكومين ومتهمين وقيد التحقيق معهم في قضايا فساد مختلفة، وبسبب ذلك الفساد تعرضت نسبة كبيرة من المشاريع في محافظة بابل للفشل”.

ويعوّل راجح على دور القضاء في “إحقاق الحق في القضايا التي رفعناها للقضاء، وان يحاسب كل مقصر وفاسد”.

ويوم امس، أعلنت الدائرة القانونيَّة في هيئة النزاهة الاتحاديَّة، صدور (7) أحكامٍ غيابيَّةٍ بالحبس الشديد على مُحافظ بابل الأسبق بلغ مجموع أحكامها (15 سنة و6 أشهر)؛ لارتكابه عمداً ما يخالف واجبات وظيفته؛ بقصد الإضرار بمصلحة أحد الأفراد أو بقصد منفعةٍ شخصيَّةٍ على حساب آخر أو على حساب الدولة.

عرض مقالات: