اخر الاخبار

نظراً لاستمرار أزمة المياه في العراق، وتفاقم تداعياتها في نهري دجلة والفرات، وحدوث هجرة عكسية، إضافة الى زيادة نسبة البطالة، نتيجة توقف كثير من الأعمال المرتبطة بالمياه، تسلط “طريق الشعب” ضوءا على المفاوضات العراقية مع دول المتشاطئة.

مفاوضات المياه إلى أين؟

المتحدث باسم وزارة الموارد المائية، خالد شمال، قال إن “مفاوضات العراق بشأن ملف المياه مستمرة مع الدول المتشاطئة، حيث هناك تبادل لزيارات الوفود بين العراق والجارة تركيا لأجل التفاوض وتبادل المعلومات والاتفاق على تفاصيل مشتركة تخص نهري دجلة والفرات”، مبيناً أن “الوزارة معنية بإدارة الجانب الفني من هذه المفاوضات”.

وأضاف شمال في تصريحات خصّ بها “طريق الشعب”، أنّ “ملف المياه لا يزال معقداً ويتطلب جهوداً استثنائية”.

وأردف كلامه بأن “رئيس الوزراء حوّل ملف المياه من دبلوماسي الى اتحادي، حيث يديره ويشرف عليه السوداني بشكل مباشر”.

وبالحديث عن إمكانيات المفاوض العراقي، يرى شمال أنه “يمتلك نقاط قوة كثيرة، أهمها الدعم الحكومي والضغط الإعلامي الذي حوّل أنظار الجميع لقضية المياه”.

وبيّن، أن “اخر زيارة تمثلت بقدوم وفد فني تركي الى بغداد في منتصف شهر أيار، على هامش مشاركة تركيا في مؤتمر المياه الذي أقيم في العاصمة بغداد”.

وأردف شمال قائلا، إنّ “الوفد التركي اطلع على واقع العراق المائي الحرج، وما سببه من مشاكل بيئية، فضلا عن انخفاض منسوب نهري دجلة والفرات”.

وزاد بالقول: إن تلك الزيارة لحقتها في تموز زيارة من قبل الوفد العراقي الى تركيا، حيث اطلع هناك على السدود والمشاريع الإروائية.

وأشار الى أن “هناك اكثر من اجتماع عقد، واتفقنا بموجبها على مخرجات تعزز اطلاقات نهري دجلة والفرات”، لكنه أردف كلامه بأن الجانب التركي لم يلتزم بمخرجات تلك الاجتماعات.

ولفت شمال الى، أن “نهر الفرات لا يزال بحاجة الى تعزيز الاطلاقات المائية”، موضحا ان النهر “يخدم محافظات الفرات الاوسط ومناطق الاهوار”.

واكد في نهاية حديثه بأن وزارته “تعمل حالياً على تعزيز اطلاقات نهر الفرات”.

لا توجد مفاوضات

من جهته، أبدى الخبير المائي والمستشار السابق لوزارة الزراعة، عادل المختار، استياء كبيرا من مفاوضات المياه بين العراق ودول المنبع، قائلاً إنه “لا توجد مفاوضات بل ما يجري مجرد مباحثات بين وزارة الموارد المائية العراقية ونظيرتها في تركيا، وهي متعلقة بأمور فنية”.

وقال المختار في حديثه مع “طريق الشعب”، انه “في حال وجود مفاوضات فعلية، ينبغي التركيز على نهر الفرات الذي يعاني من وضع حرج ومأساوي، برغم الوعود الكثيرة بتحسين الوضع”.

وأضاف المختار، أنّ هناك مطالب مضى عليها سنوات، تتمثل بتشكيل المجلس الوطني للمياه، برئاسة رئيس الوزراء والذي يقود المفاوضات من أجل التوصل لاتفاقيات مع دول المتشاطئة.

وتابع المختار، أن زيارة رئيس الوزراء لتركيا، خلال الربع الأول من العام الجاري، كانت بتوقيت خاطئ. كان يفترض في وقتها أن يطلب السوداني تفعيل مذكرة تفاهم وإلغاء بناء سد تركيا، الذي أثر سلباً على المنطقة.

وأكد، أنّ “المباحثات الحالية ضعيفة جداً، ولا ترتقي للمستوى المطلوب، وحتى الزيادة التي حصلت بمنسوب نهر دجلة، دخلت الى الخزين، ولم تؤثر على منسوب المياه في النهر بشكل كبير، أي أن المواطن لم يشعر بها”.

تحويل مجرى التفاوض

الخبير المائي علاء البدران، يقول إنّ “المفاوضات تجرى منذ سنوات لكن التغيرات المتكررة تلعب دوراً اساسياً في توجيه أهداف جلسات التفاوض”.

ويضيف البدران في حديثه مع “طريق الشعب”، أن “المشاكل السابقة تختلف عن الحالية بسبب التغيرات المناخية الحاصلة وقلة هطول الأمطار، إضافة الى ان العراق يستخدم وسائل ري قديمة تستهلك كميات كبيرة من المياه”.

ويزيد بالقول: ان “نقص المياه الناجم عن قلة التساقط في تركيا أثر ايضا على إمداد العراق بالمياه عبر نهري دجلة والفرات”.

ويؤكد، أن “المشكلة الحالية تكمن في كيفية التحكم بتصاريف المياه في ظل غياب وسائل الري الحديثة”، مشيرا الى ان “المفاوضات الحالية هي مجرد تفاهمات تمكنت من زيادة اطلاقات نهر دجلة فقط، في الوقت الذي يعاني نهر الفرات الواصل الى العراق وسوريا من جفاف حاد”.

ويشير البدران الى ان “العراق يواجه تغيرات مناخية خطيرة، وهو بحاجة للمياه لتقليل انبعاثات الكربون وتحسين جودة الهواء عبر زيادة المساحات الخضراء والتكيف مع ارتفاع درجات الحرارة، لكن الى الان الاستعدادات الحالية لمواجهة هذه الأزمة لا تكفي”، لذا من الضروري جعل المفاوضات على أساس البيئة والمناخ وليس المياه فقط، كون التغيرات المناخية تؤثر على الجميع، ومحاولة معالجتها تفيد جميع الأطراف.

ويضيف، أن “لجان التفاوض تتهم بأنها غير مؤهلة، وهذا قد يكون صحيحا بنسبة 50 في المائة، لكن المسألة بشكلها الأكبر ترتبط فيما إذا كانت الدول المتشاطئة تملك الأحقية بتقليل نسبة الواردات المائية”.

عرض مقالات: