اخر الاخبار

عقد زعماء 20 دولة قمة استثنائية في مدينة شرم الشيخ المصرية، أمس الاثنين، لبحث مستقبل وقف إطلاق النار في غزة وترتيبات إنهاء حرب الإبادة التي عاشها القطاع المحاصر على مدار عامين ومارست فيها إسرائيل أشكالاً شتى من جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.

أسابيع من الجهود

وتأتي القمة بحضور الرئيس الامريكي دونالد ترامب، بعد أيام من إعلان التوصل إلى اتفاق على المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار في غزة تمهيداً لوقف الحرب بشكل تام بضمانة من أربع دول، هي: الولايات المتحدة ومصر وقطر وتركيا، وفق ما أكدت مصادر لـ "العربي الجديد".

وتأتي القمة كذلك في لحظة مفصلية، بعد أسابيع من الجهود الدبلوماسية المكثفة التي تُسهم فيها القاهرة وواشنطن، وعدد من العواصم الإقليمية، بهدف تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، وتهيئة الأرضية لمرحلة سياسية جديدة تمهّد لإعادة الإعمار وبناء الثقة بين الأطراف.

وقال ترامب، ليلة الأحد-الاثنين، إنّ "الحرب في غزة انتهت"، وذلك قبيل توجهه إلى إسرائيل ومصر لتوقيع اتفاق وقف إطلاق النار في القطاع والإفراج عن المحتجزين. وشدد ترامب أمام الصحافيين في رد على سؤال عما إذا كان واثقاً من انتهاء الحرب، على أن "الحرب انتهت. حسناً؟ هل فهمتم ذلك"، وأشار إلى أن "غزة تبدو مثل موقع هدم"، مؤكداً أن "الأمور ستصبح جيدة هناك"، وأنه "سيجري تشكيل مجلس سلام على نحو سريع من أجل غزة (..) والجميع يريدون أن يكونوا طرفاً فيه".

اهتمام بالغ

ويتابع المجتمع الدولي القمة باهتمام بالغ، نظراً لكونها أول اختبار فعلي للتفاهمات الجديدة بين واشنطن والعواصم العربية منذ اندلاع الحرب في غزة.

ومع توقيع اتفاق شرم الشيخ، تدخل المنطقة مرحلة جديدة من التحركات الدبلوماسية متعددة الأطراف. وتشمل قائمة المشاركين في القمة، إلى جانب ترامب، أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والعاهل الأردني عبد الله الثاني، وملك البحرين حمد بن عيسى، ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، ورئيس إندونيسيا برابوو سوبيانتو، ورئيس وزراء باكستان شهباز شريف.

ومن بين ضيوف القمة أيضاً الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والمستشار الألماني فريدريش ميرز، ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر. كما تشمل قائمة الحاضرين الذين تأكدت مشاركتهم كلا من رئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني، ورئيس وزراء إسبانيا بيدرو سانشيز، ورئيس وزراء كندا مارك كارني.

ومن بين المشاركين أيضاً رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، ونائب رئيس دولة الإمارات منصور بن زايد، ووزير خارجية سلطنة عمان بدر البوسعيدي، والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، وأمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط. ويحضر قمة شرم الشيخ أيضاً رئيسا أذربيجان وقبرص، ورؤساء وزراء كل من اليونان وأرمينيا والمجر والنرويج، ورئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا، وسفير اليابان بالقاهرة، ووزير الدولة للشؤون الخارجية الهندي.

حماس لن تشارك

من جهته، أكد عضو المكتب السياسي لحركة حماس حسام بدران لوكالة فرانس برس أن "حماس لن تكون مشاركة" في عملية توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في شرم الشيخ بمصر، بل سيقتصر الأمر على "الوسطاء والمسؤولين الأميركيين والإسرائيليين". وأفادت مصادر مطلعة بأن الرئيس الفلسطيني محمود عباس تلقى، مساء أمس الأحد، موافقة رسمية من مصر للمشاركة في القمة. وأوضحت المصادر أن هذا القرار جاء بعد ممارسة ضغوط فلسطينية مكثفة على جميع الأطراف العربية المعنية، بهدف ضمان حضور القيادة الفلسطينية في القمة والمساهمة في مناقشة القضايا الإقليمية المتعلقة بالأوضاع في غزة.

كما أعلن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، فجر اليوم الاثنين، أنه هو والرئيس مسعود بزشكيان لن يحضرا قمة شرم الشيخ لتوقيع اتفاق وقف إطلاق النار في غزة. وقال في تدوينة على منصة إكس: "لا يمكننا الدخول في أيّ تعامل مع من هاجموا الشعب الإيراني ويواصلون تهديدنا وفرض العقوبات علينا". وأضاف، في منشوره، أن إيران تعرب عن امتنانها لدعوة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لحضور مؤتمر شرم الشيخ، و "مع وجود رغبة حقيقية في تعزيز التعاملات الدبلوماسية، إلا أنّه لا الرئيس مسعود بزشكيان ولا أنا نستطيع أن نتعامل مع أطراف هاجمت الشعب الإيراني وما زالت تهددنا وتحاصرنا بالعقوبات". 

اتفاق التبادل

وصل أسرى فلسطينيون، أفرجت عنهم سلطات الاحتلال الإسرائيلي ضمن اتفاق تبادل الأسرى والمحتجزين، إلى رام الله وسط الضفة الغربية، وإلى قطاع غزة. ووصل 96 أسيراً محرراً من ذوي المؤبدات والأحكام العالية، أفرجت عنهم سلطات الاحتلال الإسرائيلي، من سجن عوفر غرب مدينة رام الله، إلى قصر رام الله الثقافي في بيتونيا، في حين تحرّك آخرون من سجن النقب باتجاه قطاع غزة، وذلك بالتنسيق مع الصليب الأحمر الدولي، في إطار المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.

وأفرجت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، صباحاً، عن المحتجزين الـ 20 الأحياء في غزة على دفعتَين، في وقت يفرج الاحتلال عن 1968 أسيراً، بينهم 1718 أسيراً من غزة، و250 من المحكوم عليهم بالمؤبد وأصحاب الأحكام العالية، وفق مكتب إعلام الأسرى، بينما سيجري إبعاد 143 أسيراً فلسطينياً من قائمة المحكوم عليهم بالمؤبد الذين سيُفرج عنهم إلى خارج الضفة الغربية، بما فيها القدس.

أوضاع صحية صعبة

وأفادت مصادر محلية لوكالة الأنباء الفلسطينية "وفا"، بأنّ حافلتَين ومركبة إسعاف تابعة للصليب الأحمر الدولي، أقلت الأسرى المحرّرين من سجن "عوفر" إلى قصر رام الله الثقافي، حيث كان مئات من ذويهم في انتظارهم. وأبلغ الصليب الأحمر وزارة الصحة الفلسطينية بأنّ عدداً كبيراً من الأسرى المفرج عنهم من كبار السن ويعانون أوضاعاً صحية صعبة، إضافة إلى إصابة عدد منهم بأمراض جلدية بفعل الإهمال الطبي المتعمد بحقهم.

وقبل انطلاق حافلات الأسرى، اعتدت قوات الاحتلال الإسرائيلي، على تجمع لأهالي الأسرى في محيط السجن، وأطلقت الرصاص الحي، ما أدى لإصابة أحد الشبان بجروح بالفخذ. وقبل ذلك استدعت مخابرات الاحتلال الإسرائيلي، عائلات عدد من المقدسيين بينهم. وأفادت مصادر محلية بأنّ مخابرات الاحتلال استدعت عائلات الأسرى المقدسيين إلى مركز شرطة "غرف 4" في الجهة الغربية من القدس، وأبلغتهم بقرارات تحظر إقامة أي مظاهر احتفال خارج المنازل، بما في ذلك رفع الأعلام أو الرايات، كما أوضحت أن مركبات المخابرات ستتولى مرافقة الأسرى وإيصالهم مباشرة إلى منازلهم بعد الإفراج عنهم.

وحذّر جيش الاحتلال الإسرائيلي الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، من الاحتفال بإطلاق سراح الأسرى، في وقت تحتفل فيه إسرائيل باستعادة محتجزيها. وأكد بيان الجيش "في رسالة واضحة"، إلى سكان الضفة، "لن نتسامح مع أي احتفالات تحريضية أو مظاهر مسلّحة وسنتعامل بحزم مع أي محاولة لإثارة الشغب والعنف والتحريض. خلال الأسابيع الماضية، ألقت قواتنا القبض على عدد من المحرّضين الذين عبّروا عن تأييدهم للإرهاب"، كما وجّه جيش الاحتلال رسالة تهديد للأسرى المحررين، قائلاً "ستظلون تحت المراقبة الدائمة، ومن يختار العودة إلى درب الإرهاب سيُواجه المصير ذاته الذي واجهه من كانوا قبله".