عزل البرلمان في بيرو، في ساعة متأخرة من مساء الجمعة الفائت (بالتوقيت المحلي)، بأغلبية ساحقة بلغت 122 عضوًا من أصل 130، الرئيسة الحالية دينا بولوارتي من منصبها بتهمة "التقصير الأخلاقي"، و"الفشل في مكافحة انعدام الأمن العام ومعالجة الأزمة الاجتماعية".
رئيس جديد
وفي يوم الجمعة أيضا، أدى خوسيه جيري أوري، رئيس البرلمان السابق وعضو حزب "سوموس بيرو" اليميني المحافظ، اليمين الدستورية رئيسًا للبلاد. وهو سابع رئيس جمهورية خلال تسع سنوات، وقد عكس الحدث، وفقًا لوسائل الإعلام، الأزمة السياسية التي تشهدها بيرو. كان خوسيه جيري سابقًا حليفًا للرئيسة المعزولة لبولوارتي. وذكرت الصحافة أن "فترة ولايته اتسمت بتقارب سياسي مع القوى المهيمنة في البرلمان". وخلال إجراءات عزل الرئيس اليساري بيدرو كاستيلو وسجنه لاحقًا في نهاية عام 2022، صوّت لصالح العزل. وفي وقت لاحق، "أظهر دعمًا قويًا للحكومة الحالية، وعين أحد أعضاء الكونغرس الذين أيدوا إغلاق التحقيقات الضريبية ضد الرئيسة دينا بولوارتي. وفي أول خطاب له كرئيس للبلاد، أعلن جيري "الحرب على الجريمة" وخاطب الشبيبة المحتجة بالقولً: إنهم "سيشهدون تغييرات في البلاد".
تراكم الفعل الاحتجاجي
ترافق عزل الرئيسة مع استمرار الاحتجاجات. ففي الأشهر الأخيرة، تكررت احتجاجات عمادها الشبيبة، ضد انعدام فرص العمل في البلاد، كما أضرب عمال النقل. بالإضافة إلى تصاعد السخط، نتيجة لانتشار العنف. ووفقًا للمعطيات الرسمية، قُتل، حتى آب الفائت، أكثر من 6 آلاف، من بينهم 180 سائق حافلة وشاحنة. كانوا يعملون في شركات تبتزها منظمات المافيا بشكل منهجي للحصول على أموال مقابل "الحماية". بالإضافة إلى قيام جماعات مسلحة بهجمات متكررة، كان آخرها الأربعاء الفائت على ملهى ليلي في العاصمة ليما، وقتل أحد رواده.
وترى مواقع يسارية، بان هناك تغطية على الخلفية الحقيقية للوضع في بيرو باستمرار، حيث تركز قناة (سي سي أن) الأمريكية ووسائل اعلام أخرى على ما يسمى بـ "جيل زد"، الذي بدأ تداوله عام 2025، لتجنب الحديث عن حقيقة أن الاحتجاجات قائمة بالفعل منذ كانون الأول 2022. وبهذه الطريقة، يتم تجنب الأسئلة المزعجة حول السخط الاجتماعي، وأسباب عمليات القتل، والحكومة غير الشرعية.
لقد ركزت رئيسة الانقلاب بولوارتي، حتى اللحظة الأخيرة، على نقد "المهاجرين غير الشرعيين"، الذين يُزعم أنهم يُزعزعون استقرار البلاد. ولم يُشار إلى إرثها السياسي الكارثي، بما في ذلك قانون إنشاء مناطق اقتصادية خاصة للشركات، والذي جفف إيرادات الدولة وقيّد السيادة. ونظرًا للوضع الاقتصادي الكارثي، وغياب دولة الرفاه، وتفاقم انعدام الأمن، انخفضت شعبيتها في استطلاعات، الرأي، وفقًا لمعهد إبسوس، في حزيران الفائت إلى 2 في المائة فقط.
خلفية الازمة
تولّت بولوارتي السلطة في كانون الأول 2022 بعد عزل الرئيس اليساري المنتخب ديمقراطيا بيدرو كاستيلو من قِبَل البرلمان. لقد افتقرت رئيسة الانقلاب إلى الشرعية الديمقراطية، وقمعت، بين كانون الأول 2022 وشباط 2023، احتجاجات المعارضة بوحشية. وفقا لمنظمة العفو الدولية سقط 50 ضحية على الأقل، نتيجة لعنف الشرطة والجيش. وفي آب الفائت، أصدرت بولوارتي عفواً عن المسؤولين عن قمع المحتجين.
لقد عزل البرلمان سلفها اليساري، بيدرو كاستيلو، أول رئيس جمهورية من السكان الأصليين (الهنود الحمر)، بداعي "عدم الكفاءة ". بعد سعى كاستيلو إلى إصلاح هذا البند المبهم من الدستور، القابل للتأويل التعسفي، من خلال عقد جمعية تأسيسية. إلا أن ثغرة قانونية سمحت لمعارضيه اليمينيين باتهامه بـ "محاولة انقلاب". وما يزال كاستيلو مسجونًا نتيجة لذلك، لكنه يُصرّ على التمسك بشرعية رئاسته للبلاد. كتب الخميس الفائت في موقع "اكس" أنه يأمل في إلغاء قرار العزل: تم "عزلي من منصبي بشكل غير دستوري، ويجب استعادة ولايتي". لكن هذا الاحتمال ضعيف جدا.
واكد كاستيلو بأن قرار غالبية المجموعات السياسية بدعم عزل بولوارتي يُظهر "نفاقهم" بعد أن أوصلوها إلى السلطة. وأضاف: "إنهم يعلمون بأنهم سيواجهون النهاية والعدالة في نهاية المطاف، لذا فهم يريدون محو آثار الديكتاتورية". وخاطب جميع سكان البلاد مؤكدًا لهم أنه "سيواصل النضال". واختتم بيانه قائلًا: "لطالما كانت التعبئة الشعبية مصدر النصر لاستعادة حكومة الشعب الموكولة إليّ"
بالمقابل ستُجرى الانتخابات الرئاسية المقبلة في نيسان 2026.