نودُّ، ابتداء، أن نعربَ عن امتناننا العميق لمشاركتِكم إيانا الاحتفالَ بالذكرى التسعين لتأسيس حزبِنا الشيوعي العراقي، وهي مشاركةٌ ننظر إليها بروح الاعتزاز لما تعنيه من تقديرٍ لتاريخ وسياسة ومواقف حزبنا ودورهِ في الحركة الوطنية، وفي عموم نضالاتِ شعبنا ضد الاستعمار والاحتلال والمعاهدات الجائرة من أجل الحريةِ والاستقلال والسيادة، وضد أنظمة الاستبداد والدكتاتورية من اجل التحرر والديمقراطية والتقدم والحياة الكريمة.
ونحن نحيي الذكرى التسعين نتوجه باحر التهاني لنساء العراق والعالم بمناسبة اليوم العالمي للمرأة في الثامن من آذار، كما نوجه تحية تضامن وتقدير الى الشعب الفلسطينى ونمجد صموده وتضحياته وشهداءه وهو يواجه حرب ابادة وحشية من قوات الاحتلال الصهيوني..
لا ريبَ في أن من بين دلالات الاحتفال بهذه الذكرى المجيدة أن هذا الحزبَ انبثق من تربة العراق ومجتمعهِ ووجدان كادحيه ومثقفيه، لتمتدَ جذورُه عميقا في بلاد الرافدين، وتظلُّ ينابيعُه، التي نعود إليها كلَّ حين، تروي شجرة هذا الحزب الخضراء دوما.
لقد كان وجودُ الحزب الشيوعي، الذي يجمع في سياساته ومواقفه بين الوطني والطبقي، ويناضل من أجل مصالح شغيلة اليد والفكر، ويدافع عن حقوق المرأة والعدالة والمساواة في مكانتها ودورها في المجتمع، وعن حقوق الإنسان وتطلعات الشباب وآمال المثقفين التنويريين، ويحترم الحريات الدينية ويدعو الى التسامح والتعايش السلمي والتنوع الثقافي، ويتمسك بحق الأمم في تقرير مصيرها، ويسعى الى إقامة الدولة المدنية الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، كان هذا الوجود ضرورةً موضوعية زكّاها التاريخُ ومنحها حياة متجددة.
ولعل من بين المآثر التي لا تُحصى في مسيرة هذا الحزب ما قاله مؤسس حزبِنا الشهيد الخالد فهد: «كنت وطنيا قبل أن أكون شيوعيا، وعندما صرت شيوعيا صرت أشعر بمسؤولية أكبر تجاه وطني».
ومن الدلالات العميقة في الذاكرة العراقية أن الناس يرون في الشيوعي مُثُل وأخلاق النزاهة والاستقامة والتواضع والعمل من أجل الناس ووسطٍهم والتضحية في سبيل القيم السامية.
لقد بقي الحزبُ الشيوعي، رغم أهوال الاستبداد، والتضحيات الجسام، حيّا، متجددا، ومتحديا، ومضيئا الدروب من أجل الوطن الحر والشعب السعيد. ولعل من ساطع الدلالة أن نتذكرَ هنا ما قاله ناجي شوكت، وزير الداخلية في العهد الملكي، حين وجد عام 1935 منشورا للحزب الشيوعي في بداية تأسيسه على طاولته: «هذا المنشور أخطر من ثورة سوق الشيوخ».
وفي تاريخ حزبنا أمثلةٌ ملهمة، وفي مسيرته تسطع نجوم الآلاف من الشهداء: يوسف سلمان يوسف (فهد)، زكي بسيم (حازم)، حسين محمد الشبيبي (صارم)، سلام عادل، جمال الحيدري، محمد صالح العبلي، محمد حسين أبو العيس، عبد الرحيم شريف، حسن عوينة، عدنان البراك، عبد الجبار وهبي، جلال الأوقاتي، كاظم الجاسم، ستار خضير، عايدة ياسين، ثائرة بطرس، موناليزا أمين، نزار ناجي يوسف، عميدة عذيبي، وضاح عبد الأمير (سعدون)، هادي صالح، كامل شياع، وحيدر القبطان...
لقد توهّم المستبدون، على الدوام، أنهم قادرون على اقتلاع جذور شجرة الشيوعية في العراق، والقضاء على حزب فهد – سلام عادل. وما كان بمقدورهم أن يروا حقيقة أن حزبا انبثق من روح الشعب، ولهيب المعارك الكفاحية، ومعاناة الملايين المريرة من الظلم والاستغلال، وعبّر عن المصالح الوطنية للبلاد، واجترح المآثر الثورية، أن حزبا كهذا هو الذي وضع التأريخُ بيده رايةَ الكفاح من أجل التغيير الاجتماعي وبناء الحياة الجديدة التي يكون فيها الإنسان ُقيمة عليا.
الحضورُ الكريم
إن بلادَنا اليوم تمرُّ بمخاضاتٍ عسيرة وتواجه تحديات جمة، لعل في مقدمتها أهميةَ وضرورة التخلي عن نهج المحاصصة وإعادة بناء الدولة العراقية على أسس المواطنة، وبما يوفرُّ الفرص المتكافئة للعراقيين جميعا،
وانتهاج سياسةٍ اقتصادية – اجتماعية ومالية ونقدية جديدة أساسُها التوظيف السليم لموارد البلد وتحقيق تنمية مستدامة تفتح فضاءاتٍ أرحب لخطوات جادة، للحد من نسب البطالة والفقر وتوفير الخِدْمات الأساسية وتحقيق التقدم والرفاه.
ونحن نرى أن لا تنميةَ حقيقية ولا استقرارَ ولا امانَ للمواطنين من دون استعادة هيبة الدولة وقدرة مؤسساتها على انفاذ القانون على الجميع، ومن دون حصر السلاح بيد الدولة ومؤسساتها الدستورية، واتخاذ إجراءات فعلية للحد من الفساد المستشري. وهذا يتطلب أيضا، من بين أمور أخرى، العملَ الجاد على مكافحة البيروقراطية وتخليصِ مؤسسات الدولة من الفاسدين والفاشلين، واسنادِ الوظيفة العامة الى ذوي القدرة والكفاءة والنزاهة، بعيدا عن التخادم المحاصصاتي والتوظيف الزبائني.
إنّ تجربة السنوات السابقة لم تزكِ المنهج المتبع حاليا في إدارة الدولة وبنائها، وظهر جليا عجزُ المتنفذين عن تقديمِ حلولٍ للأزمة البنيوية التي تعصف تداعياتُها ببلدِنا وشعبنا، لذا وضعتْ موضوعة التغيير الشامل على جدول العمل، وتحقيقه يتطلب إقامة تحالف واسع، سياسي وشعبي، من التيار الديمقراطي، والقوى المدنية والديمقراطية، ومن الوطنيين، ومختلف الفاعليات السياسية والاجتماعية، لفرض إرادة الشعب في التغيير والسير على طريق بناء الدولة المدنية والديمقراطية الحقة والعدالة الاجتماعية.
وهذا ما يعمل حزبُنا على تحقيقه، مع الآخرين، عبر مختلفِ اشكال النضال والعمل، وتفعيلِ الضغط الشعبي والجماهيري المعوّل عليه أساسا في تحقيق التغيير المنشود.
وفي هذه المناسبة، وكما كنا، نجددُّ موقفَنا الثابت في دعم نضال الشعب الفلسطيني، ونطالبُ بوقف العدوان الصهيوني ومجازره الوحشية وحرب الإبادة الحماعية القذرة فورا، وتمكين شعبِ الجبارين من إقامة دولته الوطنية ذات السيادة الكاملة وعاصمتها القدس. ونطالبُ الحكومةَ العراقية، ومختلفَ فئات شعبِنا وقواه السياسية بالمزيد من الدعم والاسناد، المتعدد الأشكال، لصمود الشعب الفلسطيني ونضاله المفعم بالتضحيات الجسام.
الأخوات والأخوة، الأصدقاء والرفاق الأعزاء
يشهدُ عالمُنا اليومَ أزمات وتوترات وحروبا محلية متعددة، وهي تتواصل مسببةً دمارا وخرابا وخسائرَ بشرية متعاظمة، وتهديدا متزايدَ الخطورة للسلم والأمن العالميين، من دون أفقٍ واضح لحلولٍ سياسية، بل تجري تغذيتُها وإمدادُ أطرافِها بالمال والسلاح خدمة لمصالح القوى العظمى ومشاريعِها في الهيمنة على مقدراتِ الشعوب، كما كشفت الأزمة المالية
والاقتصادية لعام 2008 غير المسبوقة منذ ثلاثينات القرن الماضي، والتي هزت أركانَ النظام الرأسمالي العالمي، عن فشل السياسات الليبرالية الجديدة وتناقضاتِها وما ينتجُ عنها من تعميقٍ للهوّة في الدخل والثروة على صعيد كل بلد، وما يصاحبُ ذلك من فقر وصعوباتٍ في الأحوال المعيشية لأقسام واسعة من المجتمع، وكذلك الفجوة المتزايدة ما بين بلدان المركز والأطراف في النظام الاقتصادي العالمي الذي تسيّره مبادئ وقواعد نهج الليبرالية الجديدة التي تتولى اعتمادَها وتطبيقَها المنظمات الاقتصادية والمالية الدولية؛ صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية وغيرها.
وفي هذه الظروفِ العالمية المضطربة والمحمّلة بالمخاطر والمعاناة للشعوب، نجددُ دعمَنا وتضامننا وانحيازنا الى نضال شعوب المنطقة والعالم من اجل الحرية والديمقراطية والعيش الرغيد والسلم الوطيد.
أيها الحضورُ الأعزاء
تسعون عاما، مفعمة بالتجارب والمحن والتحديات والآمال، مرّت ودربُ النضال المجيد مايزال ممتدا أمامَنا، وفيه نغذّ المسير صوب غاياتنا الساميات.إن هذا الاحتفال مناسبةٌ أخرى لتجديد العهد، بعزيمة الشيوعيين المعهودة وتصميمهم، على أن نمضي الى أمام، نحو آفاق أرحب، ونشق الطريقَ نحو غدِ بلادِنا الوضاء، ونعيد النظر بأفكارِنا وخطانا بالروح
الانتقادية التي رسّخها معلمونا الأوائل، مستندين إلى خبرة التاريخ، ومنهجنا الفكري والنظري العلمي لتحليل وفهم الواقع المتغير، ومتمثلين الدروس البليغة من تجاربنا.
وكما نجح حزبنا على مر تاريخه المجيد، بفضل نضال الشيوعيين والشيوعيات وأصدقائهم ومناصريهم، وثباتهم واصرارهم في تجاوز العقبات والصعوبات، فإن تحديات الحاضر الفكرية والسياسية والتنظيمية تشكل محفزا للحزب ومناضليه لاستنهاض قواه ومضاعفة الجهود لتوثيق الصلات بالجماهير بما يعزز مكانته ودوره في الحياة السياسية في التأثير على مسارات تطور البلاد اللاحقة.
شكرا لكم، وعهدا لشعبنا على أن تبقى رايتُنا خفاقةً في سماء العراق من أجل مستقبله المضيء.
والسلام عليكم
* القاها الرفيق رائد فهمي سكرتير اللجنة المركزية للحزب
يسعدني بأسم قيادة حزبنا الشيوعي العراقي ، أن أحييكم أجمل تحية وأن أشكر حضوركم التضامني هذا معنا، ونحن نحيّي الذكرى الحادية والستين لإستشهاد الرفيق الإسطورة حسين أحمد الموسوي (سلام عادل) ومجموعة من رفاقه، على يد الطغاة الفاشست، في عام 1963.
يقول العراقيون الذين عايشوا الشهيد سلام عادل بأنه كان يحب أن يردد دوماً إنشودة:
يالرايح للحزب خذني وبنـــار المـــــــعركة ذبـني
برگبتي دين أريد أوفي على اعوام المضت مني
ويبدو أن هذا الإعجاب بالإنشودة كان تجسيداً لتلك الحياة الثرة التي عاشها الشهيد، فلم يترك اية فرصة، سواءً كانت سانحة أم وفرها هو بطاقاته الفريدة، الاّ وإستثمرها في خدمة الحزب وقضيته الوطنية والطبقية، في إعادة الوحدة لصفوفه، على أساس من الإنضباط الواعي والتضامن والوفاء الرفاقي، في توسيع جماهيريته عبر العمل بين صفوف الناس وخدمتهم وتبصيرهم بحقوقهم وتبوء مواقع طليعية في مواكب نضالهم لتحقيقها، في قراءة الواقع ورسم استراتيجية الحزب وتكتيكاته، بشكل يحقق التقدم على طريق اهدافه في وطن حر وشعب سعيد.
كما كان تحدي نيران المعركة تجسيداً لإدراك تام بالمخاطر والعذابات التي يسببها هذا الإختيار العذب، واستعداداً متميزاً لتحمل كل المحن، وهو ما سجله له تاريخ العراق المعاصر، من مواجهة بطولية للسجن والتعذيب والنفي ومصاعب العمل السري وللابتعاد عن الأهل والصحب ، والفقر وأخيراً في الملحمة البطولية ومأثرة الصمود المدهشة، بعد اعتقاله في شباط الأسود، حين عجز الجلادون عن قهر فتى، نحيل كحمامة وصلد كالنسور.
وأوفى سلام عادل في كل دقيقة من دقائق حياته بدَيْن الحزب، الذي هو عهد يقطعه الشيوعي مع الوطن والشعب والكادحين يوم يُمنح شرف العضوية، بأن يصون لقب الشيوعي، وأن يحب شعبه ووطنه ويكون في مقدمة المناضلين من اجل حريتهما وعزهما، وأن يحافظ على تقاليد شعبنا الثورية وعلى امجاده ومفاخره. وبقيت مأثرته في الوفاء المثالي لهذا الدَين درساً يتعلم منه كل الشيوعيين والوطنيين، ليس في النضال على مدار الدقائق من حياته فحسب، بل وفي جوهر هذا النضال المفعم بالشعور بالمسؤولية تجاه مصلحة الحزب والحركة الوطنية والحركة الثورية العالمية، وما حققه من نجاحات في توطيد بنيان الحزب وتحويله لطليعة يركن اليها الشعب وهو يكافح ضد الإستبداد والعنصرية والشوفينية واضطهاد المرأة والتمييز الطبقي والطائفي والأثني، ومن اجل حرية الوطن واستقلاله.
الحضور الكريم
الرفيقات والرفاق الأعزاء
تمر الذكرى الحادية والستون لإستشهاد الخالد سلام عادل ورفاقه الأماجد، وبلادنا تمّر في أوضاع معقدة جراء تداعيات الازمة البنيوية التي تعصف بها على مختلف الصعد، والمتجسدة في حكومات منظومة المحاصصة، المعبّرة عن مصالح البرجوازية البيروقراطية والطفيلية والمتحالفة مع الكومبرادور التجاري والمصرفي، والمتخادمة مع منظومة المحاصصة المهيمنة على مؤسسات الدولة ، ومع مصالح قوى خارجية وجماعات مسلحة، وما تنفذه من توجهات اقتصاد السوق المنفلت، التي شددت من التباين الطبقي في المجتمع ووسعت من الشرائح الاجتماعية التي تعاني الفقر والعوز والحرمان.
وإضافة الى تفشي الفساد كنتيجة للأزمة وعامل من عوامل استمرارها، أفُتضح عجز البرلمان عن إداء مهامه في التشريع والرقابة، وغاب مبدا تكافؤ الفرص بين المواطنين لصالح الفاشلين وغير المؤهلين، ورغم الخطوات التي أقدمت عليها الحكومة الا انها حتى الان لم تنفذ العديد من فقرات برنامجها الوزاري الذي وعدت به، وخاصة في انتهاج سياسة اقتصادية ومالية بديلة لصالح دعم وتحفيز القطاعات الإنتاجية وتوفير الخدمات الأساسية وتحسين المستوى المعيشي للمواطنين، ومكافحة الفساد وضبط الوضع الأمني وامتلاك القرار السيادي للعنف وحصر السلاح بيد مؤسسات الدولة الدستورية.
كما تتزايد مساعي القوى المتنفذة لقضم الحقوق والحريات وفرض القيود على حرية الراي والتعبير، وتنميط حياة المواطنين وإشاعة أجواء من الخوف والتوجس، ومصادرة التنوع الفكري والسياسي والقومي والديني في المجتمع، وتشجيع النعرات الطائفية والشوفينية، واستهداف المرأة وحقوقها الأساسية.
وشهدت بلادنا مؤخراً خروقات متتالية لسيادتها وأمنها وتهديداً لحياة وسلامة مواطنيها. وإذ يدين حزبنا هذه الاعتداءات بقوة، يشدد على المسؤولية الدستورية للحكومة عن حفظ سيادة الوطن وأمنه وسلامته واتخاذ كل الاجراءات السياسية والدبلوماسية، داخلياً ودولياً لإنجاز ذلك.
كما يعتبر حزبنا انهاء وجود كل القوات الأجنبية على الأراضي العراقية مهمة وطنية ومن مقومات تعزيز السيادة الوطنية، ومن الواجب العمل على توفير المتطلبات السياسية والقدرات العسكرية والأمنية الضرورية لتمكين العراق من إنجازها بأسرع وقت. ويرى فيها مهمة ينبغي أن تنهض بها الحكومة العراقية حصرا وأن تقترن بالعمل من أجل تحقيق أوسع توافق سياسي وشعبي داعم لمثل هذا الموقف.
الحضور الكريم
الرفيقات والرفاق الأعزاء
ويرى حزبنا ان فرض إرادة الشعب مرهون بتحرك جاد ودؤوب من قوى شعبنا الخيّرة كافة، التي يهمها انقاذ الوطن مما هو فيه، والعمل على تعزيز العمل الوطني والديمقراطي، وبلورة معارضة مدنية - ديمقراطية وشعبية واسعة لمنهج الحكم الحالي، ولمنظومة المحاصصة والفساد، ولفتح الآفاق للسير على طريق التغيير الشامل وبناء دولة المواطنة والديمقراطية الحقة والعدالة الاجتماعية، عبر النضال المتعدد الاشكال وتفعيل الحراك الاحتجاجي والجماهيري والمطلبي، ومواصلة الضغط الشعبي لتهيئة ظروف ومستلزمات التغيير، وفي مقدمتها تعديل موازين القوى لصالح الشعب، والضغط على الحكومة للإيفاء بوعودها التي أطلقتها في البرنامج الحكومي، وحل أزمة صرف الدولار والإرتفاع الجنوني في الإسعار، وتوجيه الموارد المالية نحو إيجاد ركائز دائمة للتنمية المستدامة، والتقليل التدريجي من الاعتماد على الريع النفطي، وتنمية القطاعات الإنتاجية لاسيما الزراعية والصناعية، إضافة الى دعم كل الجهود لمنع عودة الإرهاب ومحاولات تأجيج النعرات الطائفية، وتوظيفها في الصراع والمنافسة السياسيين.
المجد كل المجد للشهيد سلام عادل ورفاقه
والخزي والعار لقتلتهم من الفاشيين
لنرفع أصواتنا ثانية من اجل إنصاف هؤلاء الشهداء الخالدين وعوائلهم.
لنطلق أسماء الشهداء على الشوارع والساحات العامة والحدائق لندخل نصوصاً في المناهج المدرسية وفي برامج الاعلام، تتعلق بالانقلاب وتوضح حقيقته وطبيعته، لتعرف الأجيال الشابة تاريخ بلدها، وتستلهم ممن قاوموا الفاشية دروس الوطنية، وتتشرب بقيم الديمقراطية والعدالة والسلام.
نتقدم اليكن بخالص الشكر والتقدير على دعوتكن لحضور حفل افتتاح المؤتمر الحادي عشر لرابطة المرأة العراقية العريقة.
ويسعدنا ان نتقدم اليكن بخالص التهاني في بدء اعمال مؤتمركن العتيد ، والذي هو تتويج لمسيرة الرابطة الحافلة بالمآثر والبطولات والتضحيات .
وفي هذه المناسبة نقف بتقدير عال لنحيي الرائدات في الحركة النسائية العراقية، والسائرات على طريقهن من اجل نيل المرأة العراقية حقوقها كاملة، وحصولها على فرص متكافئة ، وتحررها من كل اشكال الاضطهاد والعسف والتمييز والعنف بمختلف اشكاله، ومنه الاسري والمجتمعي .
وبعد أيام، وبالتزامن مع الثامن من اذار ، عيد المرأة العالمي المجيد ، تطل علينا مناسبة عزيزة على جميع الوطنيين والتقدميين، الا وهي ذكرى ولادة رابطة المرأة العراقية في ١٠ آذار ١٩٥٢، الشابة بنت الـ ٧٢ عاما ، المنظمة المكافحة التي دافعت منذ تأسيسها بثبات وشجاعة عن حقوق المرأة العراقية ومساواتها وتحررها. وربطت على نحو سليم وخلاق بين خصوصية الحركة النسوية ومتطلبات النضال الوطني العراقي العام لشعبنا، فكانت بحق واحدة من المنظمات النسوية الرائدة ومدرسة تخرج منها الآلاف من المناضلات .
إن المراة العراقية يحق لها أن تعتز وتفتخر بمسيرتها وبما قدمته لشعبها وكفاحه، ولقواه الوطنية والديمقراطية، ومنها حزبنا الشيوعي العراقي، وبالسفر النضالي الثرّ لحركتها على امتداد تاريخ الدولة العراقية الحديثة ، فهي من قادت وساهمت في التظاهرات والمسيرات، وعانت القمع والاضطهاد والمنافي، ودخلت السجون، وامتشقت السلاح في جبال كردستان ضمن حركة الانصار المجيدة، وقدمت كوكبة خالدة من الشهيدات البطلات، ستظل ذكراهن في وجدان ابناء شعبنا .
كما سيذكر التاريخ باعتزاز وفخر مساهمة المرأة العراقية المتميزة والنوعية في انتفاضة شعبنا في تشرين ٢٠١٩ ، وأسماء الشهيدات الخالدات .
اننا في الحزب الشيوعى العراقي نجدد انحيازنا للمرأة وتحررها ، وعملنا ومشاركتنا نضالها من اجل انعتاقها الاقتصادي والسياسي الكاملين، وضمان المساواة لها وتكافؤ الفرص، الى جانب الدعوة والعمل على توفير امكانات اسهام المرأة بفاعلية في بناء العراق الذي نريده ديمقراطيا حقا، لا مكان فيه للتمييز والاضطهاد والفساد والسلاح المنفلت، وتسود فيه مبادئ المواطنة والعدالة الاجتماعية، وتأمين تمتع المرأة بحقوقها واتاحة فرص الرقي والازدهار لها .
وفي هذه المناسبة نعّبر عن اعتزازنا الكبير بمشاركة المرأة في ميادين الحراك الجماهيري والمطلبي والشعبي والدفاع عن حقوق النساء والشعب كله ، في الحرية والكرامة والتقدم والعيش الرغيد والأمان والاستقرار . ونجدد افتخارنا ببنات شعبنا الكثيرات المبدعات في شتى ميادين الحياة ومجالات العمل في المجتمع.
الى المزيد من العمل والتعاضد والتكاتف وتوحيد الجهود ، والمشاركة الفاعلة في نضال شعبنا ، ودعم ومساندة قوى التغيير لفرض إرادة الشعب والخلاص من منظومة المحاصصة والفساد، وبناء الدولة المدنية الديمقراطية التي تؤمّن مستلزمات تمتع المراة بحقوقها كاملة .
المجد للمرأة العراقية .
كل الفخر والاعتزاز برابطة المرأة العراقية وسجلها الحافل بالعطاء .
تعرض الرفيق فخري كريم (أبو نبيل)، الشخصية الوطنية والديمقراطية والثقافية البارزة، ورئيس مؤسسة المدى للإعلام والثقافة والفنون، ورئيس المجلس العراقي للسلم والتضامن، مساء أمس الخميس، إلى محاولة اغتيال جبانة فاشلة، نجا منها بأعجوبة.
وإذ نهنئ العزيز أبو نبيل على نجاته وسلامته، متمنين له الصحة والعافية ومواصلة العطاء، ندين بأقسى العبارات هذه العملية الحاقدة، ومقترفيها من جماعات ظلامية مغتاظة من النجاحات التي يحققها أبو نبيل والمؤسسة التي يرأسها، وآخرها إقامة معرض العراق الدولي للكتاب، الذي حظي باهتمام كبير على صعيد الوطن وخارجه، ومن الدور الذي ينهض به للدفاع عن الحريات وقيم الديمقراطية الحقة، وبما يساهم في تخليص بلدنا من الفساد والمرتشين والفاسدين والسلاح المنفلت.
إن اليقين راسخ بأن هذا الاستهداف الجبان لن يدفع الرفيق فخري كريم وغيره من الناشطين والفاعلين في الحياة السياسية والثقافية والتنويرية، إلى الانكفاء والانزواء تنفيذا لإرادة الظلاميين والفاشلين والمفلسين سياسيا وفكريا، بل سيزيدهم إصرارا ان لا تكون بغداد قندهار ثانية.
واذ ندين محاولة الاغتيال الغادرة، نطالب الحكومة والقضاء بالتحقيق العاجل فيها، ومن يقف وراءها وإعلان ذلك بكل شفافية واطلاع المواطنين على حقيقة ودوافعهم الخبيثة والمريضة، والعمل على ان ينال المعتدون الجبناء جزاءهم العادل.
وقطعا مثل هذه الأفعال المشينة لا تريد خيرا للعراق وشعبه وتقدمهما وازدهارهما.
كل الدعم والتضامن مع الرفيق أبو نبيل ومؤسسة المدى ودورهما في التوعية والتنوير ونشر القيم النبيلة والتصدي لمساعي فرض أسباب التخلف ومصادرة العقل وتنميط حياة المواطنين.
عقدت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي يومي( ١ و٢ شباط ٢٠٢٤ ) في بغداد اجتماعها الاعتيادي الكامل، والذي سبقه انعقاد المجلس الاستشاري الموسع للحزب، وموسعات في المحليات واجتماع لسكرتاريي منظمات الحزب خارج الوطن.
بدأ الاجتماع أعماله بالوقوف دقيقة صمت تكريما للرفاق والأصدقاء الذين رحلوا عنا خلال الفترة الماضية، مشيدا بما اجترحوا من مآثر وقدموا من تضحيات جسام.
ناقش المجتمعون التطورات السياسية الحاصلة في العراق والمنطقة ومآلاتها، وتوصلوا إلى أن استمرار العدوان الغاشم لدولة الاحتلال الصهيوني على غزة والضفة الغربية، وحرب الإبادة ضد الفلسطينيين، من شأنه أن يفجر نزاعاً شاملاً في عموم المنطقة، بل وفي العالم كله، غير محسوب التداعيات. وجدد الاجتماع تضامن الحزب الثابت مع الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة والتأكيد على المساهمة بفعالية في الارتقاء بمستوى الدعم والتضامن الشعبي والرسمي مع نضال الشعب الفلسطيني والصمود البطولي لأهالي غزة.
ادانة جرائم الكيان الصهيوني
وحيا الموقف الشجاع لجنوب افريقيا والدعوى التي قدمتها الى محكمة العدل الدولية، مؤكدا على تنفيذ قرارات المحكمة لوقف الابادة الجماعية في غزة.
ودعا الاجتماع، الأحزاب الشيوعية واليسارية وقوى السلام في العالم، إلى المزيد من العمل من اجل الضغط على حكومات بلدانهم لاتخاذ موقف دولي حازم من جرائم الكيان الصهيوني، ووقف العدوان على الشعب الفلسطيني، كخطوة أولى، على طريق إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس.
وبحث الاجتماع في أوضاع البلاد الداخلية وتطوراتها المستجدة والتي اتسمت بتصاعد المخاطر المحدقة ببلدنا والمنطقة، ارتباطا باستمرار الحرب على غزة وتداعياتها على عموم المنطقة والعراق ، المخاطر الجدية الناجمة عن اشتداد التوترات التي تزيد من حالة عدم الاستقرار ومن احتمالات اتساع رقعة الحرب. وتوقف الاجتماع عند الخروقات المتتالية لسيادة العراق وأمنه من قبل قوى دولية وإقليمية وما تمثله من تهديد لحياة وسلامة مواطنيه ، من مدنيين وعسكريين.
رفض الاعتداءات المتكررة
واذ جدد الاجتماع إدانة الحزب التامة لهذه الاعتداءات الأجنبية المتكررة على أراضينا من أي دولة كانت، فإنه شدد على مسؤولية الحكومة وجميع القوى السياسية الساندة لها والمشاركة في السلطة في اتخاذ جميع الإجراءات الضرورية لوقف مسلسل الاعتداءات الخطير. ونظرا لدقة الأوضاع وخطورة المآلات المحتملة، لا بد أن يكون التحرك سريعا من قبل سلطات الدولة والحكومة العراقية المسؤولة دستوريا عن حفظ سيادة البلاد وأمنها وسلامتها، كذلك على الصعيد الدولي من خلال الاجراءات السياسية والدبلوماسية ، وداخليا لضبط ايقاع أية خطوات من شانها صب الزيت على النار.
وجدد الاجتماع رفض الحزب المطلق لتحويل بلدنا الى ساحة صراع لتصفية حسابات خاصة بالأطراف المتنازعة، وحروب بالوكالة، مثلما يرفض بأي حال من الأحوال ان يكون بلدنا منطلقا للعدوان على أية دولة أخرى.
كما أكد الاجتماع موقف الحزب الذي يعتبر انهاء وجود كل القوات الأجنبية على الأراضي العراقية مهمة وطنية ومن مقومات تعزيز السيادة الوطنية، ومن الواجب العمل على توفير المتطلبات السياسية والقدرات العسكرية والأمنية الضرورية لتمكين العراق من إنجازها بأسرع وقت. وهي مهمة ينبغي أن تنهض بها الحكومة العراقية حصرا وأن تقترن بالعمل من أجل تحقيق أوسع توافق سياسي وشعبي داعم لمثل هذا الموقف.
وعلى صعيد الأوضاع الداخلية في البلاد، ناقش الاجتماع الأداء الحكومي والبرلماني وانعكاساته وتأثيراته على الواقع الاجتماعي والاقتصادي والخدمي والمعيشي للشعب، ولفئاته وشرائحه الفقيرة والمسحوقة بشكل خاص.
وتوقف الاجتماع امام المتغيرات التي طرأت على طبيعة السلطة السياسية التي تعبرعن مصالح البرجوازية البيروقراطية والطفيلية المتحالفة مع الكومبرادور التجاري والمصرفي الذي يستند على التوجهات الاقتصادية الليبرالية وآلية السوق المنفلت، والتي تشابكت مصالحها وتخادمها مع منظومة المحاصصة المهيمنة على مؤسسات الدولة ومصالح قوى خارجية وجماعات مسلحة متنفذة، في مقابل اتساع الشرائح الاجتماعية التي تعاني من الفقر والعوز والحرمان، ما عمق من شدة التمايز الطبقي.
وخلص الاجتماع إلى أن أداء منظومة الحكم التنفيذية والتشريعية والقضائية، على مختلف الصعد، محكوم إلى حد بعيد بكوابح واشتراطات المحاصصة المقيتة والصراعات المقترنة بها، حيث اشر المجتمعون الضعف البين في العمل البرلماني على مستوى الرقابة والتشريع، الذي أساسه الصراعات على المواقع والنفوذ والمال، وعدم الاهلية والكفاءة واملاءات المتنفذين. ويأتي فشل مجلس النواب حتى الآن في انتخاب رئيس جديد له، ليقدم دليلا آخر على تمترس قوى المحاصصة الطائفية في مواقفها، على حساب اداء المؤسسة التشريعية لمهامها والمصالح العليا للبلد.
وان هذا التراجع ينعكس بصورة مباشرة على حياة العراقيين. حيث تعطل تشريع او تنفيذ العديد من القوانين ذات الصلة بمعيشة الناس، او المتعلقة بالوضع الاقتصادي والخدمي، من بينها قانون النفط والغاز وقانون المجلس الاتحادي.
تحديات جسيمة
وفي ما يتعلق بالأداء الحكومي، فان الحكومة الحالية تواجه العديد من التحديات الجسيمة لتنفيذ برنامجها الحكومي وما تضمن من التزامات ووعود، ابرزها انتهاج سياسة اقتصادية ومالية بديلة لصالح دعم وتحفيز القطاعات الإنتاجية وتوفير الخدمات وتحسين المستوى المعيشي للمواطنين، ومكافحة الفساد وضبط الوضع الأمني وامتلاك القرار السيادي للعنف وحصر السلاح بيد مؤسسات الدولة الدستورية.
إلاّ أن مساعي الحكومة، وإن حققت بعض الانجازات في الجانب الخدمي والعمراني، فشلت حتى الآن، في تنفيذ العديد من فقرات البرنامج الحكومي، ناهيك عن عدم احراز تقدم ملموس في الأوضاع على مستوى بناء الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي والذي يتطلب اكثر من مجرد انفاق حكومي على مشاريع ومبادرات اقتصادية، وإجراءات اشمل واكثر جدية بما يتعلق بالسلاح خارج سيطرة الدولة، وبناء مقومات استقرار سياسي وامني متين.
وفي مجال ما أعلن من شن حملة شاملة لمكافحة الفساد، أظهر سير التنفيذ بان سقف الاجراءات الحكومية منخفض. فلم يتم التحقيق مع كبار الفاسدين والمسؤولين، ولم يتم الاقتراب من ملفات فساد كبرى تعرف عناوينها غالبية العراقيين.
وأولى الاجتماع الاهتمام بالأوضاع على صعيد الحقوق والحريات، فقد تزايدت مساعي القوى المتنفذة لقضمها وفرض القيود على حرية الراي والتعبير، وتنميط حياة المواطنين وإشاعة أجواء من الخوف والتوجس، ومصادرة التنوع الفكري والسياسي والقومي والديني في المجتمع، وتشجيع النعرات الطائفية والشوفينية، واستهداف المرأة وحقوقها الأساسية، فيما استمر التنصل من وعود متكررة بملاحقة قتلة المنتفضين والناشطين وتقديم المجرمين ومن يقف وراءهم إلى العدالة.
وما يدلل على القيود الكابحة لعمل رئيس الوزراء وحكومته، عدم تمكنه من إجراء تعديل وزاري كما وعد، كذلك تلكأت عملية تقييم أداء الوزراء وكبار المسؤولين. وعندما تقرر تغيير بعض الوكلاء والمدراء العامين استنادا إلى نتائج عملية التقييم، جرت عملية الاستبدال والتغيير وتوزيع المناصب وفق نهج التحاصص عينه، وليس وفق معايير الكفاءة والنزاهة والمواطنة.
أما الإجراءات المتخذة لتخفيف الفقر في أوساط الفئات الاجتماعية الهشة، ومنها زيادة عديد المواطنين المسجلين في دائرة الرعاية الاجتماعية واستغلال ذلك انتخابياً، فإنها لم ترتق إلى معالجة أسباب ظهور الفقر وانتشاره إذ بلغت نسبته 21 في المائة في عام 2023، وإيجاد الحلول لمشكلة البطالة، التي بلغت نسبتها العامة 16.5 في المائة ولترتفع بين الشباب الذين أعمارهم بين 15 و24 سنة إلى 35.8 في المائة ، كذلك توفير الخدمات الصحية والتعليمية الأساسية وتأمين الضمان الاجتماعي، لاسيما للفئات الهشة، إذ تشير تقديرات منظمة العمل الدولية الى أن 42 في المائة من السكان يعانون من حرمان متعدد الابعاد من التعليم والصحة والظروف المعيشية، وانتهاج سياسات اقتصادية ومالية سليمة وذات طابع تنموي، وتحقيق اكبر قدر من العدالة الاجتماعية.
وقد فشلت الإجراءات الحكومية في تحسين الواقع المعيشي لأغلب فئات شعبنا الذي شهد تفاقم صعوبات العيش، حتى لبعض الشرائح الوسطى من الموظفين والكسبة، بسبب الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية والمفردات الأساسية في سلة استهلاك الشرائح ضعيفة الدخل، وانخفاض القدرة الشرائية للرواتب والأجور بنسبة تزيد على العشرين في المائة نتيجة ارتفاع سعر صرف الدولار، ولكن بالمقابل تضاعفت أرباح المضاربين ومهربي العملة والمهيمنين على مزاد العملة في البنك المركزي العراقي وغيرهم من الفئات الطفيلية وسراق المال العام.
العلاقة بين الحكومة الاتحادية والاقليم
ولاتزال العلاقة بين الحكومة الاتحادية والإقليم تحكمها الاتفاقات السياسية، بعيداً عن الأطر الدستورية والقانونية. ويظهر ان القوى السياسية لم تتفق حتى الان على المضي في تشريع قانون النفط والغاز وهو القانون الأكثر خلافا بعد 2003، في الوقت الذي يعاني المواطنون في الإقليم من صعوبات اقتصادية جدية، حيث أن غالبية الموظفين لم يستلموا رواتبهم لاشهر عدة، فيما شهدت مدن عدة داخل الإقليم تصعيداً احتجاجياً ضد قطع الرواتب مع استمرار تبادل الاتهامات بين الإقليم والحكومة الاتحادية بشأن الأموال المرسلة الى أربيل.
مستلزمات الاستقرار
وقد بينت تجربة الحكومات السابقة ان هناك فرقا كبيرا بين السعي إلى التهدئة وإطفاء بؤر التوتر ومظاهر الاحتقان السياسي والاجتماعي، وبين العمل بإرادة قوية واضحة لتحقيق الاستقرار الفعلي، ذي الركائز والدعامات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية والأمنية، ولمعالجة طائفة من الملفات.
ونرى أن الاستقرار الفعلي يتطلب توفير شروطه المتمثلة بالدرجة الأساس في نبذ نهج التحاصص الطائفي والاثني في تشكيل الحكومات واعتماد مبدأ المواطنة ومعايير الكفاءة والنزاهة الكفيل بتحقيق أوسع مشاركة مجتمعية وسياسية ممكنة في عملية صناعة القرار، بالتلازم مع تحقيق أكبر قدر ممكن من العدالة الاجتماعية، وفي توزيع الدخل والثروة، وفي ضمان هيبة الدولة وقدرة مؤسساتها، وخاصة العسكرية على العمل، ومحاربة الفساد، وإمكانية انفاذ القانون على الجميع، وتامين السيادة الوطنية وامتلاك القرار الوطني المستقل.
انتخابات مجالس المحافظات
ومن جانب أخر، أولى الاجتماع اهتماما خاصا لتقييم نتائج انتخابات مجالس المحافظات الأخيرة والتي شارك الحزب فيها ضمن تحالف قيم المدني وتحالفات أخرى. ورأت اللجنة المركزية أن تلك الانتخابات المحلية، أعادت أنتاج هيمنة ذات القوى على المشهد السياسي، وهو ما لم يغب عن حساباتنا، جراء استخدامها للمال السياسي وشراء الذمم وتوظيف أجهزة الدولة ومؤسساتها لصالح قوائم القوى المتنفذة، وعدم تطبيق قانون الأحزاب، ودور الجماعات المسلحة والخطاب الطائفي في الدعاية الانتخابية، وافتعال تشكيل واجهات مدنية، فضلا عن البيئة الانتخابية وغيرها من العوامل الموضوعية التي مكنتها من السيطرة على مجالس المحافظات.
ولاقت الانتخابات المحلية عزوفا ومقاطعة كبيرين من أبناء شعبنا، الامر الذي يعكس المزاج الشعبي الرافض لمواصلة النهج الحالي، نهج المحاصصة والفساد وهيمنة قوى سياسية على الدولة وانتقائية تطبيق مواد الدستور والقوانين النافذة.
ويرتبط حجم العزوف والمقاطعة كذلك، بالصورة النمطية عن تجربة مجالس المحافظات السابقة، التي شابها الفساد والهدر المالي والعجز عن تقديم الخدمات اللازمة والضرورية.
ونبه الاجتماع إلى أن النسبة المتدنية للمشاركة في الانتخابات لا تمثل فقط ضيق القاعدة الاجتماعية لأعضاء مجالس المحافظات، ومن قبلهم أعضاء مجلس النواب، ومن ثم لمشروعيتهم التمثيلية والسياسية، بل وان استمرار المستوى الضعيف للمشاركة في الانتخابات بات يعكس اغترابا وفقدان ثقة متزايداً من غالبية المجتمع إزاء العملية الانتخابية والمؤسسات التمثيلية.
ومن هذا المنطلق، فان الإصرار على عدم إصلاح العملية الانتخابية والإبقاء على العوامل المخلة بعدالتها وسلامتها والعودة إلى ذات النهج – نهج المحاصصة الطائفية والاثنية – سيساهم في اتساع دائرة السخط والرفض الشعبيين للحالة الراهنة في بلادنا ولمجمل العملية الديمقراطية المشوهة.
وتأسيساً على ذلك، يؤكد حزبنا رفضه مساعي تشكيل الحكومات المحلية، لا على أساس الكفاءة والنزاهة والاختصاص، انما على أساس الحصص لهذا الحزب وذاك، في تقسيم سياسي محاصصاتي ضيق، يدعي تمثيل المكونات، في حين انه لا يعبر الا عن مصالح الأقلية الحاكمة.ما يعني افراغ المؤسسات المحلية من القدرة على اداء مهماتها الخدمية لابناء المحافظات، وجعلها مرة أخرى أحد أبواب الفساد، الامر الذي كان أحد أسباب خروج انتفاضة تشرين 2019 المجيدة.
إن حزبنا يعتبر المشاركة في الانتخابات، أحد ميادين الصراع السياسي والطبقي مع قوى المحاصصة والفساد وفضح سياساتها الفاشلة، وأحد أساليب العمل السلمي من أجل التغيير، الذي يستدعي الجمع بين كل أشكال الكفاح الجماهيري والسياسي والفكري والاقتصادي. كما انها توفر فرصة مهمة من اجل الترويج لسياسة وبرنامج الحزب بين اوساط الجماهير. ومن ناحية أخرى، ينظر لها كونها فرصة لتوحيد جهود القوى المدنية والديمقراطية وقوى الاحتجاج، وبما ينسجم مع الخط السياسي العام الذي اقره المؤتمر الوطني الحادي عشر للحزب.
وفي الوقت نفسه، ومن اجل ان تكون المشاركة في الانتخابات فعلا احدى رافعات وآليات التغيير المنشود، يؤكد حزبنا على النضال من اجل توفير بيئة انتخابية آمنة، عبر قانون انتخابات عادل ومفوضية انتخابات مستقلة حقا، واجراءات تمنع استخدام المال السياسي، وتوقف انفلات السلاح، وتحاسب رؤوس الفساد. فمن دون تأمين هذه الشروط، الضرورية لتأمين انتخابات حرة وعادلة، لن تكون سوى عملية اعادة انتاج للمنظومة السياسية ذاتها، منظومة المحاصصة والفساد.
معارضة الحزب لمنظومة المحاصصة والفساد
واكد اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي معارضة الحزب لمنظومة المحاصصة والفساد وللسلاح المنفلت ولنهج الليبرالية الجديدة الذي تقوم عليه سياساتها في المجال الاقتصادي والتي أثبتت عجزها عن معالجة اسباب الفقر وتدهور الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية والمعاشية والحياتية والخدمية للمواطنين، حيث الاغلبية الواسعة من ابناء شعبنا تعاني من اوضاع في غاية الصعوبة والتعقيد.
كما أكد الاجتماع وجهة الحزب بشأن مشروع التغيير الشامل الذي اقره المؤتمر الوطني الحادي عشر، باعتباره مشروعا لخلاص أبناء الشعب من منظومة الأقلية الحاكمة وسياساتها ونهجها الفاشلين وشخوصها، ومن التدخلات الخارجية في شؤون بلادنا.
كما توقف الاجتماع عند تحالفات الحزب السياسية والانتخابية مؤكدا ضرورتها مع اجراء مراجعة تقييمية لها بغية استخلاص الدروس من أجل ترصينها وتعزيز مقومات استمرارها وتطورها.
ان تحقيق هذا المشروع الكبير يتطلب من الشيوعيين، ومن التيار الديمقراطي، ومن القوى المدنية والديمقراطية كافة والحراك الشعبي وسائر القوى العاملة من أجل التغيير، الارتقاء إلى مستوى التحديات والعمل المثابر لإقامة أوسع اصطفاف للقوى الوطنية التي تنشد انقاذ العراق من ازماته المستفحلة، ودحر منظومة الأقلية الحاكمة الفاسدة، والسير على طريق التغيير الشامل وبناء دولة المواطنة والمؤسسات والحريات والديمقراطية الحقة والعدالة الاجتماعية.
نحو تطوير عمل الحزب على مختلف الصعد
وتداول المجتمعون تقارير ضافية عن عمل الحزب وأداء هيئاته القيادية ولجان الاختصاص ومحليات الحزب ونشاط منظماته في داخل الوطن وخارجه. وتوقف مليا - بروح نقدية ومسؤولة - عند عملية التقييم الشامل التي شرع بها الحزب لتحديد ومعالجة الأسباب الذاتية لعدم تمكن الحزب من الحصول على مقاعد في مجالس المحافظات والانخفاض في الأصوات التي حصل عليها مقارنة بانتخابات سابقة، وبحرص كبير توقفوا عند أوجه القصور والثغرات في عمل عموم الحزب – في منظماته وفي هيئاته القيادية.
وناقش الاجتماع ما تحقق خلال الفترة الماضية، وأولى اهتماما كبيرا لتحسين العمل القيادي والارتقاء به على مختلف المستويات، والتوجه المبرمج والمخطط لمعالجة الثغرات والنواقص، وتكثيف العمل لبناء منظمات حزبية فاعلة ومتماسكة، ولصيقة بالجماهير وهمومها، ومؤهلة للدفاع عن مصالحها وحقوقها.
واتخذ الاجتماع جملة من القرارات التي من شأنها الارتقاء بعمل الحزب ودوره في الحياة السياسية، وتقوية التنظيم الحزبي ونشاطه ومبادراته على الصعيد الجماهيري، وتبني مطالب المواطنين وتعبئتهم للدفاع عنها، والاستفادة القصوى من دروس وعبر التقييم الشامل لمشاركة الحزب في انتخابات مجالس المحافظات، في تطوير عمل ونشاط الحزب ومنظماته على مختلف الصعد.
ودرست اللجنة المركزية تقريرا مفصلا عن الوضع الإداري والمالي للحزب، وأكدت ضرورة بذل الجهود واطلاق مختلف المبادرات والفعاليات لدعم مالية الحزب. وفي هذا الشأن جرى تثمين المساهمات والتبرعات السخية للرفاق والأصدقاء والمواطنين دعما لحملة الحزب الوطنية الرامية إلى بناء مقره المركزي في بغداد. وإذ جرى التنويه بأهمية ما تحقق، أشار الاجتماع، إلى ضرورة مواصلة الحملة وتعزيزها، وصولا، إلى اكتمال بناء بيت الشيوعيين.. بيت العراقيين.
وتابع الاجتماع ايضاً التحضيرات لأحياء الذكرى الـ 90 لميلاد الحزب ودعا منظماته الى إقامة الأنشطة الواسعة التي تليق بهذه المناسبة العزيزة على قلوب الشيوعيين واصدقائهم وغيرهم من الوطنيين والديمقراطيين في عموم العراق.
وفي ختام الاجتماع وبروح شيوعية معهودة جرى تجديد انتخاب سكرتير اللجنة المركزية ونائبه وانتخاب المكتب السياسي.