اخر الاخبار

إرم نيوز / متابعة

أصيب مناصرو الحياة المدنية في العراق بخيبة أمل بعد تشظي الكتل السياسية الممثلة لهم في السباق الانتخابي المقرر في تشرين الثاني/ نوفبمر المقبل.

وأفرزت انتخابات عام 2021، أكثر من 25 نائبًا تمكنوا من دخول مجلس النواب قادمين من الحراك الاحتجاجي الذي بدأ عام 2019، غير أن معظمهم لم يتمكن من المحافظة على هويته المستقلة، ليتحول سريعًا إلى جزء من المشهد التقليدي.

وقال أستاذ الإعلام غالب الدعمي إن "خصوم تشرين عملوا بجد من أجل تشويه صورة الحراك عبر استمالة بعض النواب بالمال السياسي"، مضيفًا أن "هذا انعكس سلبًا على صورة تشرين، لأن الجمهور حين يرى نائبًا محسوبًا على ساحات التظاهر ينقلب إلى الطرف المتهم بقتل المتظاهرين، فإنه يفقد الثقة برموز الحراك ويمتنع لاحقًا عن منحهم صوته" وفق تعبيره.

وأضاف الدعمي لـ"إرم نيوز" أن "ما جرى أتاح لخصوم تشرين الفرصة لإضعافها وتشويهها من الداخل، فالنائب الذي يترك ساحته ويذهب إلى من كان يخاصمه، لا يمثل إلا نفسه، لكنه بالمقابل يسيء إلى العنوان الأكبر الذي دخل تحته".

 

"روح تشرين" باقية

في المقابل، يذهب نواب وممثلون عن الحراك الاحتجاجي إلى أنهم ما زالوا يعكسون روح تشرين داخل البرلمان، معتبرين أن الانضمام إلى كتل سياسية كبرى لا يعني التخلي عن مبادئهم، بل هو محاولة للاستفادة من العمل التشريعي وتوظيف التحالفات من أجل تمرير القوانين والإصلاحات التي تخدم جمهورهم.

وانتقل أغلب النواب الذين خرجوا من رحم التظاهرات إلى قوى سياسية مناوئة لحراك تشرين، مثل ائتلاف "دولة القانون" بزعامة نوري المالكي، وائتلاف "الإعمار والتنمية" برئاسة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، فيما اتجه آخرون إلى كتل أصغر داخل الإطار التنسيقي، ما أثار جدلاً واسعًا بشأن حقيقة تمثيلهم لجمهورهم الأول.

وبرغم أن الظاهرة ليست جديدة على الحياة السياسية العراقية، إلا أن انبثاق نواب من حراك احتجاجي ارتبط بالدماء والتضحيات جعل الأمر أكثر صدمة، باعتبار أن الجمهور كان يرى فيهم نداً للأحزاب التقليدية.

 

غياب القيادة

من جانبه، أكد المحلل السياسي المستقل نجم القصاب أن "أحد أبرز أسباب تلاشي حراك تشرين السياسي هو غياب القيادة الواضحة، بينما الذين وصلوا إلى البرلمان لم ينتخبهم الحراك بشكل مباشر، بل صعدوا ضمن موجة الرفض الشعبي".

وأضاف القصاب لـ"إرم نيوز" أن "انتقال النواب إلى الكتل السياسية التي كانت في الأصل ضد تشرين سيجعلهم أمام انتحار سياسي، فهم خسروا جمهور التظاهرات، وخسروا المجتمع الذي لم يعد يثق بهم، وحتى القوى السياسية التي استقطبتهم لم تكسب سوى وجوه ضعيفة لا تمتلك رصيدًا انتخابيًا مؤثرًا".

ويؤكد أنصار هذا الاتجاه أن الحكم على تجربة نواب تشرين ما زال مبكرًا، مشيرين إلى أن بعضهم تقدم بمبادرات تخص مكافحة الفساد وحماية حق التظاهر، فضلاً عن تعقب ملفات الفساد وإيجاد خطاب مناهض للأحزاب التقليدية.

ولم تتمكن القوى المستقلة في العراق من تشكيل سوى تحالف وحيد، هو تحالف "البديل" بزعامة عدنان الزرفي، وهو مرشح التحالف لرئاسة الوزراء، في حال تحقيق نتائج إيجابية في السباق الانتخابي.

وتاريخيًا، لم تنجح القوى التي انبثقت من التظاهرات في العراق في التحول إلى حركات سياسية راسخة، إذ غالباً ما ينتهي بها المطاف إلى الانقسام أو الاندماج في كتل أكبر.

 ويرى مختصون أن "تشرين" لم تشذ عن هذه القاعدة، بل واجهت تعقيدات أشد، بسبب ضغوط العنف الذي رافق التظاهرات، والانقسام حول آليات العمل السياسي بعد دخول البرلمان.

ويرى مختصون أن تجربة نواب تشرين كشفت ضعف الخبرة السياسية لدى معظمهم، إذ لم يتمكنوا من الحفاظ على كتلة موحدة داخل مجلس النواب، كما تباينت الآراء في الاتفاق على برنامج مشترك، ما سهّل عملية استقطابهم من قبل القوى المنافسة.

عرض مقالات: