في 15 شباط الحالي، وفي إطار حملته الانتخابية، نظم الحزب الشيوعي الفرنسي مهرجانا انتخابيا على قاعة الحفلات التابعة لبلدية ضاحية “مونتروي” الباريسية. وتحدث فيه سكرتير الحزب العام، ومرشحه لخوض السباق الانتخابي فابيان روسيل. فيما حضر المهرجان جمع غفير من أنصار الحزب وقوى اليسار الفرنسي.

ويطالب الزعيم الشيوعي بفرض ضرائب جديدة على أرباب العمل الأغنياء وتقليص ساعات العمل الأسبوعية من 35 ساعة إلى 32، إضافة إلى دعم الطبقات الشعبية البسيطة.

وفي مستهل كلمته قال روسيل: “عددنا مساء اليوم تجاوز 1500 مشارك. أنا سعيد جدا بتواجدي بينكم وفي أحضان هذه البلدية التي رفضت أن يمسح مرشح اليمين المتطرف إيريك زمور أحذيته على أرضها. أنا فخور بالدعم الذي تقدمونه لي. فهو يمنحني قوة أكبر لأدافع عن الطبقات البسيطة وعن العمال وكل الذين ينهضون قبل شروق الشمس للذهاب إلى العمل رغم رواتبهم المتدنية”.

ويمثل المهرجان عودة الى الفعاليات الجماهيرية التي عرفت عن الحزب في عقود صعوده الشعبي والانتخابي. ويأتي ذلك في سياق حرص أوساط واسعة للتعرف عن قرب الى المرشح الشيوعي، الذي أصبح يستقطب اهتمام الاعلام والفرنسيين.

وقال الناشط الشيوعي يوسف رزوق لوسائل إعلام فرنسية: ان “روسيل استطاع أن يكسب ثقة الشيوعيين الفرنسيين وحتى بعض مناضلي اليسار”. وان “روسيل استطاع أن يكسب ثقة الشيوعيين الفرنسيين وحتى بعض مناضلي اليسار، لأنه يستخدم كلمات بسيطة يفهمها المواطن العادي ويعيش حياة عادية مثل غالبية الفرنسيين، فضلا عن أنه يبتعد عن النظريات والمفاهيم الشيوعية القديمة التي أصبحت لا تعني شيئا للأجيال الجديدة”.

وأضاف: “ندرك جيدا أنه لا يملك أي حظ في الفوز بالانتخابات أو حتى التأهل إلى الدورة الثانية. لكنه يراهن على الانتخابات التشريعية المقبلة. فهو اليوم يزرع بذور الوحدة في صفوف الحزب الشيوعي وقوى اليسار الجذري بشكل عام، ويشرح أفكاره وبرنامجه على أمل أن يحصد اليسار مقاعد كثيرة في الجمعية الوطنية المقبلة، قد تمكنه من تغيير مسار السياسة الاقتصادية التي ستتبعها الحكومة المقبلة ومواجهة مشاريع ماكرون وحلفائه”.

ديناميكية انتخابية يسارية جديدة

والى جانب أنصار الحزب الشيوعي، الذي لم يشارك بمرشح شيوعي مباشر في الانتخابات الرئاسية في عامي 2012 و2017، واكتفى بدعم مرشح اليسار حينها جان لوك ميلنتشون، كان هناك حضور واسع للشبيبة، ويعود ذلك وفق احدى المشاركات الى ان الشباب “يشعر بأن هناك ديناميكية انتخابية جديدة مع ترشح روسيل للانتخابات الرئاسية، والذي يطرح أفكارا جديدة على الساحة السياسية”.

وأضافت “كناشطة سياسية في الميدان، يمكنني القول بأن الناس أصبحوا يهتمون بفابيان روسيل وينادونه في الشارع. ربما لا يعرفون جميعهم الأفكار والقضايا التي يدافع عنها في برنامجه الانتخابي، لكنه يواصل شق طريقه ويزحف إلى الأمام بغية منه في إحياء شعلة الشيوعية من جديد في المشهد السياسي الفرنسي”. وان ما يعجبها في شخصية روسيل “الطريقة التي يدافع بها عن قيمنا (قيم الحزب الشيوعي) وتبسيطه للأفكار والمفاهيم المعقدة لكي يستوعبها الجميع. فعندما يشارك مثلا في نقاشات سياسية على التلفزيون أو الإذاعة، فلا يهتم كثيرا بأفكار المرشحين الآخرين ولا يدخل في صراعات سياسية عقيمة معهم. ويركز فقط على الأفكار التي يريد الدفاع عنها، الأمر الذي أقنع العديد من المناضلين الذين لم يصوتوا في الانتخابات الرئاسية الماضية بالمشاركة من أجل التصويت هذه المرة”.

على خطى جورج مارشيه

ويرى مشاركون آخرون ان فابيان روسيل هو أفضل مرشح قدمه الحزب الشيوعي منذ المرشح المتوفى جورج مرشيه، لأن أفكاره واضحة ويشرحها بنوع من المرونة والبساطة وبأمل. وانه دفعة جديدة للحزب الشيوعي خلال هذه الحملة الانتخابية، وخطابه يلقى آذانا صاغية من قبل الشيوعيين وغيرهم.

من جهتها، عبّرت ممثلة جمعية “نجمة نانو” التي تنشط في الأحياء الفقيرة ببلدة مونتروي عن سعادتها بترشح روسيل لأنه “كان دائما يستجيب لمطالب الجمعية ويقدم مساعدات شتى لها. ولهذا السبب ستسانده إلى ما لا نهاية. فهو وجه الشيوعية الجديد والشمس التي تشرق على الضعفاء”. فهل سينجح في تعزيز رصيد الشيوعية في فرنسا من جديد؟