لا تزال القرارات الاستثنائية للرئيس التونسي قيس سعيّد تثير جدلاً كبيراً حيث تواصل جمعية القضاة التونسية فعالياتها الاحتجاجية ضد قرار سعيّد بحل المجلس الأعلى للقضاء. فيما حذّرت 3 أحزاب من استمرار تدخلات الرئيس في تسيير مؤسستي الإذاعة والتلفزيون الحكوميتين. 

يأتي ذلك في وقت يعاني فيه المواطنون تأخيرا في دفع الرواتب ونقصا في عدة أدوية ومواد غذائية أساسية. 

حراك القضاة 

ودعت جمعية القضاة التونسيين، أمس الاول، إلى تأخير الجلسات لمدة ساعة، وحمل الشارة الحمراء (تربط على معصم) بشكل دائم إلى حين استعادة السلطة القضائية مكانتها الطبيعية بوصفها سلطة من سلطات الدولة، واستعادة ضمانات استقلالها الهيكلية والوظيفية.

وتريد الجمعية بحسب بيانها “تنفيذ تحرك احتجاجي (اليوم الخميس) أمام محكمة التعقيب (النقض) بالعاصمة تونس بالزي القضائي تصديا لاستهداف السلطة القضائية وإخضاعها إلى السلطة التنفيذية”.

وحثت الجمعية “عموم القضاة العدليين والإداريين والماليين على التعبئة والانخراط في إنجاح هذه التحركات، دفاعا عن استقلال السلطة القضائية وتصديا لما تتعرض له من استهداف من السلطة التنفيذية”.

وهذا هو التحرك الاحتجاجي الثاني لجمعية القضاة بعد دعوتها إلى تعليق العمل في المحاكم ليومين، وتنفيذها في اليوم الثاني لوقفة احتجاجية أمام محكمة تونس العاصمة، في وقت سابق من الشهر الجاري.

وكان الرئيس قيس سعيّد أصدر مرسوما في الجريدة الرسمية يوم 13 شباط الجاري، يقضي بحل المجلس الأعلى للقضاء، وهو هيئة دستورية مستقلة مكلفة بإدارة القطاع القضائي، ومراجعة القانون المؤسس له ووضع هيئة وقتية بدلا عنه.

تدخلات سافرة 

وعلى جانب آخر، حذرت 3 أحزاب تونسية من “التدخل السافر للرئيس في تسيير مؤسستي الإذاعة والتلفزيون الحكوميتين”، معربة عن رفضها ذلك.

وقالت أحزاب التيار الديمقراطي والتكتل والجمهوري، في بيان مشترك: إنها تقدمت برسالة إلى الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري ـ هيئة دستورية مستقلة ـ  عبّرت فيها عن رفضها كل محاولات وضع اليد على الإعلام.

وحذّرت الأحزاب في بيانها الذي تابعته “طريق الشعب”، من “التدخل السافر لرئيس الجمهورية في تسيير مؤسستي الإذاعة والتلفزة التونسيتين قصد توظيفهما في مشروعه الانقلابي التسلطي”. وطالبت الهيئة بـ”اتخاذ مواقف واضحة وحازمة للوقوف في وجه التجاوزات الحاصلة والنهوض بالمهام الموكلة إليها كهيئة تعديلية ورقابية من أجل ضمان تنوع وانفتاح المشهد الإعلامي”. ودعا البيان الهيئة لـ”توجيه تنبيه مباشر لإدارة التلفزة التونسية لتحميلها مسؤوليتها في الحفاظ على استقلالية الخط التحريري للمؤسسة العمومية وعدم الانخراط في الدعاية لمشاريع محل جدل في الساحة السياسية”.

ولفتت الأحزاب الانتباه إلى أن “التدخل السافر لسعيّد في تسيير مؤسسة الإذاعة التونسية، ليس فقط من خلال إعلانه في 14 شباط الجاري، عن إنهاء مهام المكلف بتسيير هذه المؤسسة العمومية، بل وعن إلغاء كافة القرارات التي اتخذها هذا المدير المسؤول”.

جاء ذلك على خلفية إعلان الرئيس التونسي أن رئيس الجمهورية قرر إنهاء تكليف شكري الشنيتي من مهامه كمكلف بتسيير مؤسسة الإذاعة التونسية بصفة وقتية وإلغاء كل قرارات التسمية والتعيين التي تم اتخاذها من قبله ولم يحدد بيان الرئاسة أسباب هذا الإعفاء.

نقص الادوية والاغذية 

إلى ذلك، يعاني التونسيون من تأخير في دفع الرواتب ونقص في عدة أدوية ومواد غذائية أساسية مثل الحبوب والسكر والزيت، وهو ما يؤكد أزمة مالية تلوح في الأفق.

ومن المعتقد أن أي ضربة كبيرة لمستوى معيشة التونسيين،  حيث تستورد الحكومة وتدعم العديد من السلع الأساسية، سيكون من شأنها أن تفجر أزمة اجتماعية حادة وقد تفاقم أيضا الأزمة السياسية بعد أن عزز الرئيس قيس سعيد قبضته على أغلب السلطات. 

وألقى سعيد ومسؤولون حكوميون باللوم في التأخيرات في صرف الرواتب والنقص في مواد غذائية على الإضرابات النقابية أو المضاربين في السوق أو حتى مؤامرة من قبل خصومه.

وتوقفت المحادثات بشأن حزمة إنقاذ مالي مع صندوق النقد الدولي مرارا بسبب الاضطرابات السياسية في تونس.

ويُنظر إلى الاتفاق مع صندوق النقد الدولي على أنه ضروري لإطلاق المزيد من المساعدة الثنائية من الحلفاء الغربيين ودول الخليج، بينما تحاول تونس تمويل عجزها المالي المتنامي وسداد ديونها.