اخر الاخبار

الحرب في أوكرانيا سلطت الضوء على العديد من القضايا، وأثارت النقاش مجددا بشأن قضايا الصراع السياسي والاجتماعي الخلافية والساخنة في أوربا والعالم. ويكشف التمييز بين طالبي اللجوء من ضحايا الحروب في مناطق العالم المختلفة على أساس اللون والعرق نفاق معايير الديمقراطية الغربية. وبلغ عدد اللاجئين الفارين من أوكرانيا بسبب الحرب قرابة 2 مليون، والعدد في تصاعد، توجهوا الى بلدان مختلفة، منهم قرابة المليون وصلوا الى بولندا. وعلى عكس اللاجئين القادمين من أفغانستان أو العراق أو سوريا، المحاصرين في الغابات في المنطقة المحايدة بين بيلاروسيا وبولندا، يتم الترحيب بالأوكرانيين في بولندا بشكل ودي. لكن ليس كل الفارين من الحرب في أوكرانيا، اذ كان بينهم روس وبيلا روسيون أيضا، وحملة جنسيات أخرى. ويُعامل اللاجئون السود القادمون من أوكرانيا في بولندا وألمانيا بشكل مختلف عن البيض.

سلوك منافق

وتشير تقارير المنظمات الإنسانية العاملة في منطقة الحدود البولندية مع كل من أوكرانيا وبيلاروسيا الى تناقض صارخ في تعامل الحكومة البولونية مع مجموعات اللاجئين المختلفة. من ناحية تم فتح جميع المعابر الحدودية للاجئين القادمين من أوكرانيا، ومن ناحية أخرى هناك فصل ومعاملة غير متكافئة مع غيرهم من اللاجئين الذين يأتون إلى بولندا عبر الحدود الأوكرانية البولندية، على سبيل المثال أعيد قرابة 15 لاجئا الى بيلاروسيا، بعد ان عبروا تضاريس صعبة ومستنقعات، وألقي بآخرين في الأنهار في درجات حرارة دون درجة الانجماد. وهناك قرابة 50 لاجئا وضعتهم السلطات البيلاروسية في خيام في مكان ما بالقرب من المنطقة الحدودية، تحدثوا عن معاملة شبيهة بالتعذيب دون الحصول على الطعام.

وفي الماضي كانوا يحصلون على كمية معينة من الطعام والماء، والآن ساءت هذه الظروف بشكل كبير.

وهنا يمكن الإشارة الى مجموعات من الرجال الأوكرانيين وصلوا دون وثائق ثبوتية، وأصبحوا مجهولي الهوية، وهذه الحالة قابلة للتصاعد، لرجال اوكرانيين، يتركون وثائقهم الثبوتية خوفا من اجبارهم على الالتحاق بالخدمة العسكرية.

وتؤكد المنظمات الإنسانية، ان الناس على الحدود البيلاروسية في المنطقة الحمراء المزعومة منسيون. ولا يزال العاملون في المجال الإنساني والطبي والقانوني غير قادرين على الوصول إلى هذه المنطقة.

وعلى الحدود الأوكرانية، يتم تحديد الاختيار، حتى وزارة الداخلية البولندية تقول، ان للمواطنين الأوكرانيين الأولوية عند عبور الحدود، ويتم فحص أولئك الذين لا يستطيعون إثبات الجنسية الأوكرانية أو نوع إقامتهم بدقة. وإذا لزم الأمر، يتم نقلهم إلى أماكن إقامة مغلقة، أقرب الى المعتقلات.

من الواضح تماما أن الحكومة البولندية تستغل الوضع لترسيخ سياساتها العنصرية والتفريق العنصري على الحدود. ووقعت عدة حالات من العنف العنصري في البلدات القريبة من الحدود. والمعلومات المتوفرة تشير الى تمييز عنصري في جميع أنحاء بولندا.

والأمر أكثر صعوبة بالنسبة لمجموعات من اللاجئين فرض عليهم النزوح عدة مرات وهم الآن يفرون للمرة الثالثة أو الرابعة. على سبيل المثال، هناك مجموعة من الفلسطينيين الذين ولدوا كلاجئين في سوريا، وجرى ترحيلهم بشكل قسري الى لبنان، وفروا من هناك إلى أوكرانيا وانقطعت بهم السبل على الحدود البولندية، ويواجهون الترحيل مرة رابعة.

من الضروري تسليط الضوء على مدى العنصرية التي تمارسها الحكومات البولندية بشكل منهجي، خاصة بعد انتخابات عام 2015. تم استخدام ما يسمى بـ “أزمة اللاجئين” في ذلك الوقت كأداة سياسية. إن التقبل الاجتماعي للعنف والاستعداد لاستخدامه مرتفع جدا لدرجة أن الناس غالبا ما يتعرضون للهجوم لمجرد أنهم يبدون مختلفين. قبل فترة تعرض عدد من ركاب قطار محلي يتحدثون اللغة الألمانية، لقد أصبح هذا واقعا يوميا في بولندا. وتعرض طلاب من إسبانيا للضرب، ويشمل ذلك حتى البولنديين الذين يبدون مختلفين. منذ وصول الحكومة اليمينية المتطرفة إلى السلطة في عام 2015، قامت بنشر القومية في وسائل الإعلام العامة ورعت الدولة الحركات الداعية لها وسمحت لها بالنمو. وهناك قلق استثنائي بشأن مواطنين من افريقيا والشرق الأوسط، كانوا مقيمين في أوكرانيا، ووصلوا الى منطقة برزيميل الحدودية.

خطوات مطلوبة

تتجلى العنصرية في بولندا بعدم المساواة في الحصول على الخدمات. ولهذا تهتم المنظمات الإنسانية بالوافدين من الدول الثالثة، مثل الأفغان والعراقيين والسوريين، وكذلك السود والملونين.

وتطالب هذه المنظمات بالالتزام بسياسة هجرة شاملة ومتكاملة في بولندا. والتركيز بوعي على طابع الازمة الانساني، وبالضد من حديث الحكومة عن “أزمة هجرة” أو “حرب مختلطة”. وهناك الآن فرصة كبيرة للتعبئة الشعبية لتحقيق التغييرات المطلوبة بشدة في سياسات الهجرة واحترام حقوق الإنسان.

عرض مقالات: