اخر الاخبار

تأهل كل من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ومنافسته اليمنية المتطرفة مارين لوبان إلى خوض الدورة الثانية والحاسمة للانتخابات الرئاسية الفرنسية التي ستجري في 24 نيسان الجاري. وحصل إيمانويل ماكرون على 27.6 بالمائة، ومارين لوبان على 23.41 بالمائة. 

وحل زعيم حركة “فرنسا الابية” اليسارية جان لوك ميلنشون ثالثا بحصوله على21,95، بالمائة من الأصوات. أما اليميني المتطرف الآخر إيريك زمور فحصل على 7 بالمائة من الأصوات.

وكان أكبر الخاسرين في هذه الانتخابات مرشحة اليمين التقليدي فاليري بيكريس، والتي حصلت على ـ4.7 بالمائة فقط، في تراجع كبير لحزب يتصدر الساحة السياسية في البلاد، والشيء نفسه ينطبق على الحزب الاشتراكي الذي يعيش منذ سنوات حالة من التشرذم والتراجع، جعلته يحصل على 1,74 بالمائة فقط.

لقد جاءت نتائج الانتخابات في اطارها العام مطابقة الى استطلاعات الرأي التي رافقتها، باستثناء النجاح الملفت الذي حققه اليساري جان لوك مييلنشون.

قوى اليسار

على الرغم من حالة التراجع التي تعيشها قوى اليسار في أوربا، والارتباك الذي يرافق تعاملها مع ملفات أساسية كصعود اليمين المتطرف، والهجرة واللجوء، وأخيرا التباين الواضح في موقف هذه القوى من الحرب في أوكرانيا، الا ان نتائج الانتخابات الرئاسية في فرنسا، وبالاستناد الى المعطيات الرقمية، والتي لم توصل مرشح يساري الى الجولة الثانية، نتيجة لتعدد مرشحي اليسار وتبعثر اصواته، كشفت عن رصيد مجتمعي لهذا اليسار، لو أنه نجح في تجميع قواه وتوسيع دوائر عمله مع القوى التقدمية الأخرى والحركات الاجتماعية الناشطة في فرنسا.

فالى جانب 21,95 في المائة التي حصل عليها ميلنشون، حصل مرشح حزب الخضر على 4,58 في المائة ومرشح الحزب الشيوعي الفرنسي وزعيمه فابيان رسل على 2,31 في المائة، ومرشحة الحزب الاشتراكي على 1,74 في المائة، وأخيرا مرشح “الحزب المناهض للرأسمالية الجديد”، وهو حزب ماركسي يحسب على التروتسكيين على 0,8 في المائة. ان جمعا حسابيا بسيطا للنسب المذكورة يؤكد ضياع فرصة خوض مرشح يساري مشترك لجولة الانتخابات الثانية بدلا من ماري لوبان التي تقدمت على اليساري ميلنشون بـ 1,46 فقط، في حين ان مجموع ما حصل عليه مرشحو اليسار المتنافسون بلغ اكثر من 28 في المائة، أي اكثر مما حققه ماكرون نفسه.

وعليه، فان مناقشة هذه الحقائق البسيطة كمنطلق لمشروع يساري بديل أصبحت اليوم أكثر ضرورة، بدلا من الاضطرار ثانية للتصويت لماكرون، لدفع شر الفاشية القادمة بقوة الى الإليزيه. وهذا ما عبرت عنه الدعوات الصريحة لمرشحي اليسار بضرورة هزيمة ماري لوبان. لقد دعا الزعيم الشيوعي فابيان روسيل والاشتراكية آن هيدالغو ويانيك جادو عن الخُضر الى قطع الطريق على مارين لوبان. أما مرشحة اليمين التقليدي فاليري بيكريس، فقالت إنها ستصوت “عن وعي” لإيمانويل ماكرون، في حين أكد مرشح اليمين المتطرف الاخر إيريك زمور، انه سيصوت لصالح لوبان إيريك زمور. 

مخاطر فوز لوبان

في حال تمكنت لوبان من الفوز في الجولة الثانية، رغم ان ذلك ليس سهلا، فستترتب على ذلك تغييرات جذرية في السياسة الداخلية والخارجية لفرنسا، وستصبح سلطتها جسرا لنشر العنصرية والكراهية، فضلا عن انها اول رمز فاش جديد يصل للسلطة في أحد اهم بلدان الاتحاد الأوربي، منذ نهاية النازية الألمانية في عام 1945. وستتبنى معاداة فكرة التكامل الأوربي، وتسحب فرنسا من قيادة الناتو، ليس على أساس بديل ديمقراطي كما تطالب قوى اليسار السلام والتقدم في اوربا، بل لبناء بديل سيكون أكثر عنصرية وعدوانية من الأطر الغربية القائمة حاليا. وسيؤدي فوزها أيضا الى تغيير في المعادلات المرتبطة بالحرب الدائرة في أوكرانيا، لعلاقة لوبان الودية بالرئيس الروسي بوتين. 

وأخيرا فان ما يسمى بـ”الجبهة الجمهورية” التي أدخلت ماكرون الى قصر الإليزيه، وابعدت لوبان عنه في عام 2017 ،  لم تتكرر بالسلاسة نفسها، فهناك من ناخبي اليسار من يرفض هذه المعادلة، وبالتالي لا يصوت لصالح ماكرون، كما ان مجريات الحرب في أوكرانيا، قد تدفع ناخبين يساريين للتصويت لصالح لوبان.

عرض مقالات: