اخر الاخبار

قدمت الفنانة اللبنانية جوليا بطرس صوتها دعماً لقضايا عربية عدة. فهي غنت الصمود والثورة والوطن، بأغنيات لا تنسى.

ومؤخراً، أصدرت أغنية من الفولكلور الفلسطيني العريق بعنوان «يما مويل الهوا»، فأعادت تسجيلها وتوزيعها، وأهدتها إلى أهالي غزة، لتأثرها بأوجاعهم. فهي تشعر، كما تقول شقيقتها صوفي بطرس، كأن الزمن توقف منذ اندلاع الحرب، ولا بد من تقديم رسالة داعمة. اختارت هذه الأغنية من التراث الفني الفلسطيني لتترجم مشاعرها في تبني القضية.

ولادة الأغنية لها قصتها المؤثرة، لا سيما أن جوليا تعيش حرب غزة بالتفاصيل منذ اليوم الأول لاندلاعها.

فتخبر صوفي «الشرق الأوسط» كيفية تسجيلها وتصويرها في وقت لا يتعدى الأسبوعين، وأن جوليا رغبت في أن تصور ضمن مشهدية بسيطة احتراماً لأهالي غزة وانحناءً لصمودهم. تقول: «بدأت القصة عندما أرسلت جوليا إليّ وإلى شقيقنا زياد رسالة وطلبت منا تقديم هذه الأغنية بتوزيع جديد. فيها وجدت كل ما يمكن أن يعبر عن الظلم والأسى اللذين يواجههما أهالي غزة. من منطلق ضرورة دعمهم، ولدت الفكرة».

تضيف صوفي بطرس أن زياد وزع الأغنية مع الموسيقي جورج قسيس. وهي توجهت إلى لبنان لتصويرها ببساطة بعيداً عن البهرجة: «حتى إننا لم نشأ عدّ ما صورناه فيديو كليباً. هو مادة توثيقية لما يحصل في القطاع».

وضعت جوليا النقاط الأساسية على مجريات التصوير، وطلبت تضمينه شاشة عملاقة تشكل خلفية له، عليها تمر صور من واقع غزة، تحفر في وجدان كل من يتابعها. اختيرت مجموعة صور ولقطات تسجيلية تبرز أبرز اللحظات القاسية في حياة الأهالي.

«تواصلنا مع المصوّر الصحافي الفلسطيني معتز عزايزة، فزودنا بلقطات ومشاهد صورها بنفسه. وهو واجه صعوبة في ذلك لغياب خدمات الإنترنت في القطاع». تتابع صوفي بطرس: «هذه الصور واللقطات شكلت المادة الأساسية، فكانت سيدة المشهد، والوسيلة الفضلى لإبراز ما يجري في غزة ضمن الحرب الشرسة عليها».

أرادت جوليا تكريم كل صحافي فلسطيني ينقل الواقع: «شدّدنا على تمرير أسمائهم وصورهم أثناء قيامهم بواجبهم المهني. هؤلاء أيضاً يقاومون، وبيوتهم تتعرض للقصف بقذائف مباشرة، وتُقتل عائلاتهم بدم بارد».

تقول الأغنية: «يما مويل الهوا يما مويليا ضرب الخناجر ولا حكم النذل فيّ... ومشيت تحت الشتا والشتا رواني والصيف لما أتى ولع من نيراني... بيضل عمري انفدى ندر للحرية...». وبالفعل، يلاحظ المتابع حضور الإعلاميين الفلسطينيين، من بينهم وائل دحدوح، ومعتز عزايزة، وأنس الشريف، إضافة إلى الصحافية بيسان، وزملائها صالح الجعفراوي، وإسماعيل جود، ومحمد حجازي، وغيرهم. لاقت «يما مويل الهوا» نجاحاً كبيراً منذ طرحها، وجرى تداولها بكثافة في وسائل التواصل. وهي أظهرت براعة المخرجة صوفي بطرس، بكاميرتها الدافئة والبسيطة، بنقل رسالة دعم مؤثّة من جوليا. فتمكنت بحرفيتها من ترجمة مشاعر شقيقتها، ومن يدعمون أهالي غزة في محنتهم. كما استطاعت إحياء الأمل في النفوس برسالة فنية معبرة تطيّب بعض جروحهم.

وتشير بطرس إلى أن جوليا، وعند انتهائها من التصوير، وجهت رسالة دعم لعزايزة: «هي كلمة من القلب وجهتها إليه لتعاونه في الأغنية. أرادت شكره والقول إنها تعتز به وبكل إعلامي ينقل ما يحصل للعالم».

ومما جاء في رسالتها التي تشاركها عزايزة عبر حسابه في «إنستغرام»: «أتابعك يومياً، وبتّ أعدّك فرداً من عائلتي، وأصدقائي، وأحد أولادي. أستيقظ يومياً وأدخل إلى صفحتك، وأتابع منشوراتك لأبقى مطلعة على ما يحصل في غزة. أصبحت أعرف أحياء غزة وشوارعها. قلبي وروحي معكم».

والمعروف أن «يما مويل الهوى»، سبق وغناها فنانون كثر، من بينهم الشيخ إمام، ومصطفى الكرد، ويحيى صويص، ومحمد رافع، وليان بزلميط، وديالا عودة، وليليا بن شيخة.

في هذا السياق، يؤكد الباحث والناقد الصحافي الفلسطيني إلياس سحاب، أن هذه الأغنية تعود إلى الفولكلور الفلسطيني القديم. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «أحسنت جوليا الاختيار والتوقيت، وقدمت واحدة من أجمل أغنيات النضال الفلسطيني. كما عرفت كيف تقدمها بقالب بسيط ومؤثر. وبعيداً عن زحمة آلات موسيقية، اتبعت توزيعاً مبدعاً، أبرز أهمية صوتها والرسالة الإنسانية الراغبة في إيصالها. فلامست قلوب سامعيها، وأثارت حنينهم إلى الفن الأصيل».

ويرى سحاب أنه لا حدود تقيّد الفولكلور أو تحدّ من انتشاره. ولهذه الأغنية شهرة واسعة، توازي تلك المعروفة في لبنان، مثل مواويل «أبو الزلف».

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

“الشرق الأوسط” – 9 كانون الأول 2023

عرض مقالات: