اخر الاخبار

نحن الشيوعيين العراقيين، بل وكل الوطنيين البعيدين عن نهج المحاصصات والتبعيات الطائفية، نتحمل مسؤوليات ضخمة. ونحن في الحزب الشيوعي العراقي، ولكوننا نحمل فكرا علميا، ومنهجا جدليا، في قراءة الواقع والتطورات وتشخيص مستلزماتها، تقع علينا مسؤولية اكبر في تحديد مواقف جادة وموضوعية، بعيدا عن العواطف أو الانجرار والتأثر بأحاديث الشارع اليومية، وهذا لا يعني عدم دراستها وتشخيص مسبباتها للنهوض بها في اطار دعوتنا وعملنا اليومي من اجل اعادة الروح والوعي لمجتمعنا بعد ما يقارب الأربعين عاما من الإفراغ والتسطيح في الرؤى والمواقف. وعلى هذا الأساس أرى وأقيم قضية الانتخابات المحلية الأخيرة، وأهمية المشاركة أو عدم المشاركة فيها.

الانتخابات بإستثناء أنها حق انساني اقرّته الشرائع والقوانين الدولية، وحق سياسي دستوري، فهي احدى وسائل وأساليب النضال اليومي، وهي ليست هدفا بحد ذاته، وبشكل متجرد. وارتباطا بتغير الظروف والموازين يجري تقرير خوضها أو الامتناع عنها وعلى قاعدة الخط السياسي العام والظروف التي يمر بها البلد وموقع الحزب والقوى الوطنية الديمقراطية أو المدنية.

اذن، المشاركة في الانتخابات تأتي على أساس دراسة جدلية عميقة لكل مكونات الواقع وقدرات القوى. وكما اختار الحزب في ظروف أخرى الامتناع بل ومقاطعة الانتخابات السابقة، ارتأى المشاركة في الأخيرة، اعتمادا على موقف تحليلي للأهداف القريبة وعلاقتها بالهدف الأبعد وهو تحقيق التغيير الشامل نحو بناء الدولة المدنية الديمقراطية. المشاركة، إذن كانت في احد أوجهها للتعبئة الجماهيرية، والتحشيد لأهداف وشعارات مرحلية، لخلق موازين قوى سياسية جديدة على الأرض. وهي اختبار لمدى قدرة القوى المدنية الصاعدة نحو الآفاق الأرحب. قد اتفق مع الرأي القائل، انه لم تكن كل عوامل اللجوء للمشاركة متوفرة، أو لم نصل لمثل هذا القرار، مع عمل مكثف لتنضيج وتراكم الأسس والعوامل، الى مستوى نضمن فيه تحقيق نتائج مرغوبة، أو أفضل. 

أقول أن ما شكّل أهميةً في قرار المشاركة، هو اعتبارها حلقة نضالية في سلسلة حلقات متواصلة ومترابطة، والنتائج ستعتمد على القدرة في توظيفها في مسارات الكفاح اللاحقة. حقق تحالف “قيم” ستة مقاعد، وهذا طبعاً بخس بحق القوى الديمقراطية المدنية. ولكن علينا أن لا ننسى ما تمّ بناؤه في سنوات ما بعد 2003 في عمليات ترسيخ المرجعيات والولاءات على أسس المصالح الضيقة وفي اطار نظام سياسي رسخته قوى المحاصصة وبنت مؤسساته بدعم إقليمي ودولي. وكل ذلك جاء على أرضية ما تركه النظام المقبور من إفراغ حقيقي لجوهر ومستوى الوعي الذي كان يسود مجتمعنا سنوات ما قبل وبعد ثورة تموز الخالدة.

 نظام المحاصصة بني على أساس هذا الواقع. لذا ليس سهلا وبضربة واحدة إنهاء التأثيرات الطائفية والولاءات الأثنية والحزبية الضيقة. شخصيا لم أتوقع الكثير غير ما قلته سابقا. ومع جل احترامي وتقديري لجهود بعض مرشحينا والمنظمات ولكن يبدو أنها لم تكن كافية أو مستوعبة للواقع الاجتماعي والثقافي، خاصة في بعض المحافظات والمناطق . اخيراً أعيد القول أنها سبيل كفاح طويل، معقد وصعب ولكنه لا يدعو لليأس والتشنج. واذا استفدنا من درسها وفي ضوء الواقع واستشراف التطورات المحلية والإقليمية، والدولية وأوجدنا الى جانب مشاركاتنا هذه وسائل وأساليب كفاحية أخرى بين الجماهير، وخاصة غير الواعية وهي الغالبة في مجتمعنا سنستطيع توسيع قوانا وإحداث ثغرات حقة في موازين القوى السياسية وأمامنا هدف التغيير الشامل.

عرض مقالات: