اخر الاخبار

 سيبقى موضوع الاستشهاد باعتباره الموت الأسمى، يشغل حيزا كبيرا في وجدان الناس وتفكيرهم، فليس أنبل من أن يضحي المرء بحياته من أجل هدف نبيل، ولا أعذب من ان يحمل الانسان همَّ بلده في قلبه حتى النفس الاخير، فالشهيد الذي عاش وسط الرصاص ولهيب القمع ورفع صوته ضد الاستبداد والقهر والسلطوية، هو في غربال التاريخ انسان عظيم، قدّم للأجيال درسا مفتوحا في الحق والعدل والكرامة الانسانية، كما وقدّم ادانة صريحة للأنظمة الحاكمة التي اقتاتت على الدماء والاشلاء وسرقة قوت الجياع.

تعرض حزبنا على مدى تاريخه الطويل، إلى حروب شتّى، وإلى حملات إبادة شنيعة ومحاولات تجريف سياسي بسبل قاسية ومختلفة، لكنه بقي في الخندق الامامي، شامخا وصامدا في وجه الطغاة الذين تساقطوا واحدا بعد آخر، متجذرا في تراب الوطن رغم كلّ الأعاصير متعددة المهبّات، وذلك بفضل تضحيات رفاقه الجسام وبطولات شهدائه الاحرار الذين واجهوا الخرافة ووحشية الاستنطاق والاقبية السرية بقلوب قوية ولسان حيّ، فسجلوا في صفحات التاريخ العراقي الحديث مجدا عظيما لا يمكن تجاهله ولا نسيانه.

في هذا اليوم، الرابع عشر من شباط من كل عام، يتذكر الشيوعيون رفاقهم الشهداء الذين لو احصيناهم لهالنا العدد، نتذكر اعمالهم الكبيرة، ومغامرات رحلتهم الطويلة، وشجاعتهم الجسورة وهم يقتحمون اسوار الكراهية والحقد والموت، نراهم امامنا كنجوم مضيئة في فضاءات التجربة النضالية، وكمشاعل متوهجة نهتدي بنورها إلى الطريق الذي سلكوه من أجل بلاد آمنة ومزدهرة وخالية من الذين يتاجرون بمآسيها. وفي هذا اليوم ايضا، تنبري اعداد غير قليلة من الاقلام لتخط على الورق مشاعرا مختلفة تبلغ من الوجد والانفعال اقصاهما، فتتجلى في مقالة سياسية او سيرة ذاتية او قصة قصيرة او مرثية شعرية او اغنية تحتفي بحضور الغائب الجميل بيننا وتمجد تضحيته العظيمة التي من دونها لتهنا في العاصفة.

الكثير منا في مثل هذا اليوم، يستدعي الزمن والذكريات في محاولة لاستحضار الوجوه والملامح التي غادرتنا في لحظة استثنائية من سنوات العمر، كلّ ذلك يجري من أجل ان نستنهض القيمة الواقعية للتضحية بالروح التي قدمها الآلاف من ابناء الوطن الذين تسابقوا على الموت لا على تقاسم الكعكة كما فعل ويفعل اليوم اولئك الذين اختصروا الشعب بطوائف ومذاهب ومكونات، وحولوا الكلام عن دولة العدل والمواطنة إلى مجرد مزحة مؤلمة!

عرض مقالات: