اخر الاخبار

”عيـونج الحلـوة، دنيا، دنيا

وابشـواطيهـن اشــوف البيت

والشـّميســة وســط البيت

تنطـر جيّـت غيابـــج

لـو رّديــت، ابوســن يا درب وابجـي على يا باب ؟

انا لو لو لو رديّت ،لو لو لو لو رديـّت

انا لو ردّيـت، ابوسـن يا درب واصـرخ على يا باب ؟

يا ماي الفرات، طعمك بكلبي حنين وعشــرة احباب

يا عشــرة عمر يا مـاي ،،” *

نعــم انا لـو رديّـت أبوســـن يا درب وأصـرخ على يا باب !

كعادتي، وكلما سـمح لي الوقت، أقلب هذا العالم بحثا عن خبر يفرح القلب أو يروي ظمأي. وكم انا ممتن لهذه الماكنة اللعينة (الكومبيوتر) والتي تطير بك اســرع ألف مرة وابعد آلاف المرات من بساط الريح حول العالم، وبين العالم وفي العالم،. تطير بك إلى مساحات القلب التي يلفها غبار من أيام خلت، إلى بغداد.

تصفحت بعض المواقع العراقية، بحثا عن بعض الأخبار وتوقفت مليا عند أســـم لم اســتطع للمرة الاولى ان أفهم ســـّر وجوده هنــا.

“انتصار جميل عاكف الآلوسي مواليد1958”

احفظوا اسم الشهيدة جيداً، في ربيع العمر22 عاماً، ذبيحة أو خريجة قسم الفيزياء/ كلية العلوم/ جامعة بغداد 1980. من أي شريان ينبع الحزن عند تذكر الأحبة الموتى يا انتصار، وهل يصبر الحزن الحبيس ولا يمزق شرنقته الواهية إذا كان الأحبة الموتى، قتلى وصرعى ظلم أسود مقيت.

هذه هـي انتصار، لا غيرها

هذه انتصـار ((الصـّغيرة))

هذه هي الغــزالة

لا، لا، وألف لا، هذا غير معقول. لم يظهر اســمها في قوائم الشهيدات، وحين اسـتفسـرت من الحزب لم أحصل على جواب (وكل مانع خير) وحين ســألت انتصار الكبيرة قالت، ربما تكون انتصار بخير. اذن ما الذي جرى حتى يطبق باب العمر على هذه الحلوة.

انا أحدثكم عنها!

هي واحدة من ألطف زميلاتي في العلوم، أرق من ورق الورد وأجمل منه، لا تفارق الابتســامة وجهها الطفولي البرئ. فيها كل الحب لشــعبها وحزبها، حتى كنت احســدها على وســع قلبها. لا اظن ان هناك من كان يكرهها في الجامعة، ولا حتى الانذال البعثيون ورجال المخابرات الا من حقدهم الكبير عليها وهي تتأبط صحيفتها المحببة (طريق الشعب) والتي كانت مثل مسـامير تدق في قلوبهم وعقولهم السـوداء. كانت من النعومة ان لقبناها بانتصار (الصّغيرة) للتفريق بينها وبين الزميلة انتصار يونس، وكانت من الســرعة في تأدية مهماتها ان لقبناها بانتصار (الغزالة).

حين ســقطت الدكتاتورية يوم 9 نيسان 2003 ، أول ما أعددت كانت قائمة بالأحباب الذين فارقتهم وصرت اكتب وأعدد الأســماء، وكلّي أمل من انهم موجودون في مكان ما!

نعــم مكان ما، صرت أؤمل النفس بأن قســما منهم قد أطلق الدكتاتور ســـراحه في تشرين الأول 2002، اما القسم الآخر فربما وجدوهم في الســجون السـرية، وهكذا أحلام تراودني، وأقول ســـنلتقي يوما.

هذا ســأزوره في البيت، وتلك أزورها في عملها، وهذه التقيها في مقر الحزب وهكذا لم يدم هذا الحلم الذي بدأت ألوانه بالخفوت وجوانبه بالتكســر مع ظهور أول قائمة لشهداء الحزب الشيوعي، صارت قائمتي تصــغر وتصغر، وكل مرة تصغر حتى انتابني شـــعور بأن لا أذكر أيّا من أصدقائي خشــية ان يكون ممن أجرمت الدكتاتورية بحقهم.

كم ســـتكون صعبة ان تمشــي بين مواقع القبور الجماعية وانت لا تعرف ان كانت انتصار أم فريال ام نادية ام عبد هناك؟ لا تدري لأنها أرض قاحلة.

لا تدري لأنه لا يوجد اي دليل أو حائط او حتى شــجرة تروي لك ما جرى، الا القـمر وانا ســئمت منه ومن شــهاداته، فعمن ســيحدثني هذا القمر؟

هل سـيحكي لي عن معاناتها ورفاقها، عن العطش ام التعذيب، عن أيام السجن الطويلة أم لحظات الاعدام القاســـية؟

هل ســيحدثني عن بطولاتهم والهتافات بسقوط الدكتاتورية وبحياة الشعب والحزب، عن الغناء السياسي في الزنزانات الانفرادية او الشعار العتيد ((الشيوعية اقوى من الموت وأعلى من أعواد المشانق)).

تعالـــوا أيها الأحبة، تعالــوا نرفع نجما آخرا في ســماء الوطن الجميل

وهذه المرة ســـنصوغه لفقيدتنا الغالية ((الغـزالة))

وســنـجعل اشـعاعه بعدد حروف اســـمها ((انتصـار جميل عاكــف الآلوســي))

وسيكون النجم بلون عيونها الوضاءة، وبكبر قلبها وبطيبة مشأعرها الودودة

عزائــي لعائلة الشهيدة وأهلها واحبتها

عزائي لكل من عمل معها أو عرفها

عزائي للعراق لأنه فقد أبطالا وبطلات ليس من السهل تعويضهم

وأملي لحزب الشهداء بوطن حر وشــعب ســعيد

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

* مقطع من اغنية “بساتين البنفسج” للفنان كوكب حمزة

عرض مقالات: