سرّ
ـ ماذا أقول لفاطمة حين تتسلّل خلسة في الفجر كي تعطيك قبلتها؟
ـ وما ادراك أنّها تفعل ذلك يا أبي؟
ـ قلب الأب يا ولدي يعلمه، حتى بتلك الأسرار الصغيرة، ألا تصدّق؟
ـ حسنًا. قل لها لا تبتئس فالمسافة بين عريشة النخل وأبواب السماء اقصر من المسافة بين شفتها السفلى وذلك الوشم على حنكها.
ـ وماذا أقول لأمّك؟
ـ قل لها أنّني صرتُ طيفًا سيحضر كلّما فاحت رائحة الخبز في الصباح، وكلّما خطفت فاطمة خلف سياج القصب.
ريح
ـ ها أنا أفتح لك صدري وريحي وعطري. أيُّها المُعلق في سماوات الوطن.
تعال لأضمك.. تعال لتدخل في جنّتي حيث عبّاد العراق.
ـ هل اقفز منزلقًا على حافّة العلم؟
ـ لا يامجنون! ستموت! أنا العراق الذي سيحتويك كلّما اعتليتَ جبلًا.
ـ وعطركِ؟
ـ سيكتنفك.. لا تقلق.. ألم تتنفسه بعد؟ أنّه عطر العراق.
بياض
ـ أين تمضي؟ فالأفق مدلهمٌ والنّار متقدة!
ـ إلى حيث العراق
ـ انت العراق. ولونه القاني على كتفيك ينسدل. ألا تراه؟
ـ سأكتنف الظلام إذًا. لابدّ من صبح وراء هذه الظلمة والدّخان!
ـ وأسلحتك؟
ـ علم العراق. ألا ترى كم عصي بياضه على الهباب؟
أُمّ
ما زلت نائمًا؟ استيقظ فقد أشرق العراق على الصباح
ـ تعبتُ والجرح يؤذيني وأمّي لم تزرني في المنام، هي لم ترني منذ سبع ليال.
ـ أستيقض يا صديقي، هي الآن في نصب الحريَّة. ألم ترها؟
ـ أين؟
ـ هناك. تلك التي تحمل طبق الخير على رأسها!
ـ تقصد تلك التي تتجه نحو الجندي الداحي أبواب السجن؟
ـ نعم بالضبط!
ـ يا إلهي! كيف تكذب عليّ أذن وتقول أنّها لن تأتي إلى ساحة التحرير؟
غد
ـ هل تراه؟
ـ غدنا؟ نعم. أنّه هناك يملأ الأفق عطرًا وأمان
ـ ما لكفك ساخنة يا حبيبي؟
ـ أنّني اتغير، فبعد حين ستنبت هذه الأرض اطفالًا يحملون ملامحنا
ـ هل نفعلها إذن؟
ـ الآن؟ نعم. فقد أصبح الجو نقيًا والقلوب تخفق من حولنا بالحبّ
ـ ومن ذاك السيِّد الجليل يلوح في الأفق يا حبيبي؟
ـ أنّه العراق يدعونا للمحبّة فالثورة محبّة والمحبة وطن والوطن عراق.
دفء
ـ بم تحلمين؟
ـ بطائر حطّ على حافّة الروح.
آه لو تعلم كم كان قلقًا وجميلًا.
ـ الا تؤلم تلك الحقيبة رأسك الجميل؟
ـ الحقيبة؟ أبدًا. كما لو كانت من ريش نعام،
فأنا أنام في حضرة الثوار وحميتهم كاعمق ما يكون النوم.
ـ والبرد؟
ـ ألا ترى؟
فأنا ملتحفة بعلم العراق! هل هناك دفء ارحم من دفء العراق؟