اخر الاخبار

يعتبر “عيد اكيتو” من اهم الأعياد في العراق القديم، وأول الاعياد في التاريخ وأصلا لكل اعياد رأس السنة في العالم، وهو يشير إلى بداية السنة الجديدة.

 وكانت حياة الانسان القديم مرتبطة ارتباطا وثيقا بدورة الفصول المناخية، وبملاحظة مظاهر الخصب والحيوية والنماء خلال فصل الربيع. وهذا ما دفعه لاكتشاف الزراعة والاستقرار والتحضر، وجعله يبدأ سنته مع الاعتدال الربيعي، في الأول من نيسان.

  ويعني “اكيتو” تقريب الماء من الأرض، اي استنزال المطر، وهذه تسمية سومرية الاصل وتشير الى بداية فصل الربيع وتصاعد مياه دجلة والفرات وانتشار الزراعة والنماء والخضرة والتجدد في الحياة. ويعود الاحتفال بعيد أكيتو الى الالف الثالث قبل الميلاد، في المدن العراقية القديمة مثل اور واريدو ولكش وكيش واوروك. وقد أصبح هذا العيد شائعا في نهاية العصر البابلي القديم، واستمر حتى القرن الثاني قبل الميلاد. وكانت الاحتفالات تقام في بابل وآشور، وتعتبر من أكبر المهرجانات الدينية والاجتماعية الشعبية، وكان يشارك فيها الآلهة والملك والجماهير.  

  وفتن عيد اكيتو الخيال الديني لشعوب بلاد الرافدين أكثر من ٢٥٠٠ سنة، لأنه كان غنيا بالطقوس والرموز الدينية والاسطورية والاجتماعية والسياسية. وكان ضمن فعاليات العيد، الموكب الرائع للملك والآلهة، الذي يتجول عبر مدينة بابل ليكتمل مع مشاركة عامة الناس بالعبادة وتقديم الأضاحي.

وكان الملك، من خلال هذا الاحتفال المهيب، يحاول عرض قوته وهيبته وسيطرته، مع إثارة المشاعر الدينية وتذكير الناس بانه ممثل الاله الاعظم (مردوخ) على الارض.

احتفالات اكيتو كانت فرصة للمرح والفرح واقامة العلاقات الاجتماعية. وكانت طقوس العيد تتبنى التكافل من خلال إقامة الولائم وتقديم الطعام والشراب. إذ كانت المعابد توزع اللحوم والمواد الغذائية على أعضاء الجماعة، فيستمتع المواطن المتوسط الحال والفقير باللحم ووسائل الترف الاخرى.

واقتبست فكرة هذا العيد من حضارات مختلفة متأخرة عن حضارة بلاد الرافدين بأكثر من الف سنة، ومنها الحضارات الفارسية والفرثية والميدية.

  وتؤكد الروايات ان هذا التقليد انتقل من بابل الى الاغريق بعد حملة الاسكندر المقدوني، وانتقل منهم الى الرومان ثم الى بقية بلدان اوربا، واصبح الاساس لكل اعياد رأس السنة في العالم اليوم.

وبهذا نجد ان الاحتفالات بيوم الربيع كبداية للسنة الجديدة، تراث عراقي أصيل. ولا يزال العراقيون بمختلف مكوناتهم يحتفلون بهذا العيد تحت مسميات مختلفة. فهو “البرونايا” لدى الصابئة المندائيين، و”سري صال” لدى الايزيديين، و”نه وروز” لدى الكرد، و”دورة السنة” أو “الدخول” لدى العرب، و”اكيتو” لدى الكلدواشوريين السريان، الذين يحتفلون به في الاول من نيسان في العراق وسوريا واستراليا وأمريكا.

عرض مقالات: