اخر الاخبار

التغيرات التي حدثت في العراق خلال قرن كامل كانت على الدوام تغييرات مفاجئة وعنيفة قادت البلد لمنزلقات خطيرة، ابتداء من تنصيب ملك حجازي على العراق مروراً بثورة ١٤ تموز وانقلاب ٨ شباط وما سمي بـ (الثورة البيضاء) في ٦٨ ولغاية الاحتلال الذي نصب مجلس الحكم الذي بدوره انتج الحكومات المتعاقبة.

 لا يمكن الاستقرار سياسيا واقتصاديا وامنيا  ونحن على فوهة بركان من الخلافات المُرَحْلة من حقبة لاخرى، لن يستقر العراق طالما السلاح أهم وأسهل وأفضل ادوات ( التغيير).

كلما استقر البلد سياسيا واقتصاديا واجتماعيا هدأت المعارضة أذ سينحصر الصراع على نزاعات محدودة لا تهدد بنية المجتمع، وبشكل أدق تكون معارضتها سعيا لمكاسب اقتصادية أضافية او المحافظة عليها على أقل تقدير، هذا ما يحدث في الدول ذات البنى التحتية الرصينة والتي يتمتع المواطن بكامل حقوقه.

ان من يطالب بتوفير فرص العمل او توفير الخدمات يبتعد كثيرا عن جوهر المشكلة، المشكلة تكمن في نهج المحاصصة المذهبية الفاشل، لذلك علينا المطالبة بتغيير هذا النهج الذي اثبت فشله طيلة عقد ونصف وليس المطالبة بمحاربة الفساد.

السؤال الكبير: هل لدينا معارضة حقيقية ومتماسكة ؟ الجواب لا يوجد، بل لدينا احتجاجات مطلبية سرعان ما تتبدد لكونها غير منسجمة اولا وثانيا كونها غير منظمة، سمة هذه الاحتجاجات رد فعل لفعل احزاب السلطة ولم تكن ضمن منهاج وبرنامج ثابت يشكل رأي معارض.

لا يمكن قيام ثورة اجتماعية بدون حزب سياسي ولكن يمكن قيام ثورة سياسية بدون ثورة اجتماعية، بل بواسطة الفعل العسكري(الحراب)، تحولت السلطة من سلطة القاسميين الى سلطة القوميين العرب الى سلطة بعث صدام الى سلطة امراء الطوائف، هذه المتغيرات السياسية المتمترسة بالسلاح والعتاد سرعان ما تعيد نفسها لخدمة ذات السلطة القديمة المرتكزة على تجاهل معاناة المواطن وزيادة فقره، لذلك  على القوى الوطنية الديمقراطية ان تسعى لثورة اجتماعية عبر تنظيم جبهة  سياسية عريضة  وفق منهجية واضحة.

الافكار السائدة اليوم متعددة:

اولها : افكار الطوائف المتمثلة بالفئة الحاكمة وهي السائدة اليوم لانها تملك (السلطة، المال، السلاح و الاعلام) والتي بدورها تروّج لفكرة (ان الفوضى التي يخلقها النضال ضد الظلم هي أسوأ من الظلم ذاته) او (الشين الذي تعرفه احسن من الزين الذي لا تعرفه) كلها سفسطات تروّج لها احزاب السلطة في كل الازمنة، هذه الافكار تبدو وكأنها بمتاهة وغير قادرة على ادارة الدولة وتبحث عن منقذ.

ثانيها : افكار هزمت وازيحت عن السلطة وهي افكار البعث الصدامي الذي يحاول البعض تجميل صورته ويتحسر عليه، هذه بدورها قد استهلكت واستنفذت كل ما لديها وباتت من الماضي لكن هنالك من يروّج لها تشفياً.

ثالثها : افكار ثورية متصاعدة بعضها مازال تحت هيمنة بعض من احزاب السلطة الحاكمة لكنها تلتقي مع تطلعات المواطن المتضرر وهي بحاجة لترتيب نفسها، والبعض الاخر غالبيته من الشباب المتحفز لاحتلال الصدارة في المواجهات مع السلطة نتيجة للإهمال المتعمد والمتكرر لكنه لا يملك البديل الواضح لأنه يرفض التحزب وممتعض من احزاب (اساءت) للعمل السياسي وحوّلته لإقطاعيات الطوائف والعوائل ويبدو انها ماضية لإقطاعيات المحافظات، أساءتها هذه اضرت بالمجتمع أيما ضرر.

ما يهمنا هنا الافكار الثورية المتصاعدة، كيف السبيل لانضاجها وتحويلها لقوة مؤثرة قادرة على ادارة دفة المعارضة وتوجيهها توجيهاً صحيحاً، لا يمكن تأمين احتياجات المجتمع الا بعمل جماعي يسعى من خلاله تحقيق الهدف المنشود، العمل الجماعي لا يمكن ان ينضج بدون اطر تنظيمية ذات نهج سياسي واضح، قادة هذه الجماهير يجب ان تمتلك خطاب سياسي واضح ومباشر ولا تنتهج نهج الخطاب الانتهازي الوصولي، لا بأس من محاورة ومناقشة من يمسك بزمام السلطة طالما الهدف هو انقاذ الشعب العراقي من براثن الدمار والخراب والتخلف بشرط المحافظة على هويتها الوطنية الديمقراطية وتدافع عن الجماهير الفقيرة والمتضررة التي هي مصدر قوتها وديموميتها وتحقيق الحياة الحرة الكريمة للعراقيين.

مهمة القوى الوطنية الديمقراطية تتجلى بتكثيف اللقاءات فيما بينها والعمل على ايجاد صيغة تنسيقية وليس بالضرورة البدء مباشرة بالتحالف، التحالف يأتي في المرحلة الاخيرة بعد المكاشفة بطبيعة واسس كل طرف سياسي ومعرفة جذوره التأريخية وبالتالي يمكن تشكيل قوى معارضة حقيقية لا تهادن ولا تنساق ولا تستدرج خلف نزوات احزاب السلطة  بل تسعى الى التغيير الجذري وفق آليات جديدة تستوعب كل القوى المدنية الديمقراطية في جبهة واحدة وقائمة انتخابية واحدة.

عرض مقالات: