اخر الاخبار

لم يبخل الاحتلال الامريكي للعراق عام 2003 بجهد إلا وترك اثاره واضحة على كل شيء، بدأ من موت مئات الآلاف من البشر مرورا بالدمار الشامل للكثير من البنى التحتية وصولا إلى ترك البلاد تحت امرة زعامات متنفذة همها مصالحها. ولو أراد أي محاسب قانوني ( دولي ) تقييم الاضرار الناتجة عن عملياته العسكرية التي شنتها جيوش المارينز المجوقلة ومقاتلاته المطورة وسفنه المدمرة على الانسان العراقي  وعلى ماله وبناه التحتية لخلص إلى تقدير يضاهي ما ذهبت إليه دراسة نشرتها مجلة لانسيت الطبية عام 2006 من أن عدد العراقيين الذين قضوا جراء الحرب الأمريكية على العراق وصل إلى 654965 فردا، وان مسألة تعويض من قضوا جراء تلك الحرب باتت قانونية في ضوء ما كشف مؤخرا من أن توني بلير وبوش الابن يعلمون جيدا  وقبل عامين من تاريخ شن الحرب، أن العراق لا يمتلك أسلحة دمار شامل، ورغم ذلك تم شن الحرب حتى دون موافقة الأمم المتحدة أو قرارا من مجلس الأمن، كما تجلت تلك الحرب غير المبررة بخسارة أكثر من تريليون دولار جراء تدمير العدوان لأهم البنى التحتية لبلد كان يتقدم دول الشرق الأوسط في الكثير من المجالات. حيث تجاوز المحتلون قواعد الحرب التي أقرها القانون الدولي من حيث استعمال الأسلحة المحرمة دوليا ومنها القنابل العنقودية والأعتدة ذات اليورانيوم المخضب، ومما يعد تجاوزا للفقرة الرابعة من الاتفاقية الدولية لتنظيم شروط الحرب عندما جعل الأمريكيون المدنيين العراقيين ومرافقهم أهدافا عسكرية ومنها مدارس ورياض الأطفال، أو دور الرعاية الاجتماعية. وقد تجلت نوايا المحتل المربكة أيضا عند تعيين بول بريمر رئيسا لسلطة الائتلاف، والذي أتى بدوره ليكمل الصفحة العسكرية بتخريب مدني لما تبقى من وجود لدولة العراق، فقد أصدر قراره بحل الجيش العراقي وقوى الأمن الداخلي مما أتاح فرصا سانحة وأبوابا مشرعة لسرقة ممتلكات الدولة وأموالها بالتعاون مع من جاء خلف دبابته، مضيفا خسارة مالية كبيرة لا زال يئن منها العراقيون،  كما وان الحاكم المدني بدأ بتنفيذ خارطة طريق سياسية رسمت بموجب قرار مجلس الأمن رقم 1546 لعام 2004، الذي اقترحت تفاصيله المملكة المتحدة ووافقت عليه الولايات المتحدة واقرها مجلس الامن وهي نسخة عن النظام البرلماني الإنكليزي، غير أن الحاكم المدني بالتعاون مع الزعامات «المتطيفة « آنذاك قاموا بلبننة هذا النظام على وفق مبدأ المحاصصة القائم على تقسيم الرئاسات تقسيما طائفيا وعرقيا لا تقييما سياسيا وفقا لمبدأ الأغلبية الانتخابية . ولما كانت المحاصصة هي أعلى مراحل الفساد، فإن هذا الفساد كان تحصيل حاصل القسمة على ثلاثة، وهكذا أطاح النظام البرلماني بآمال المواطن العراقي تمخضت عنه حكومات غير مؤهلة تولى فيها الجاهل وظيفة وزير والأمي درجة مدير، والچايچي رتبة جنرال ( والقول لأحد الوزراء)،  وصار كل منهم يتنمر على الناس وصارت الدرجات الوظيفية تقاس وفقا للطائفية السياسية، وتوسع الفساد في كل أروقة البلاد، كل شيء صار معروضا في سوق النخاسة، وظلت البنى التحتية تعاني التخلف والتعاسة، وظل المطلب عندهم مطلب السلطة بلا خجل أو كياسة، وقد خسر العراق كما يصرحون هم ما لا يقل عن تريليون دولار جراء المشاريع الوهمية والرواتب والمخصصات المجزية والأبنية الحكومية الفندقية، مقابل 30 في المائة أمية  و40 في المائة فقر وفاقة، مقابل آفات أخرى متنوعة وعملاقة..