اخر الاخبار

لقد قيل مرة (عندما يرحل العظماء تنقص الأرض من أطرافها، وتنطفئ منارة كبرى كانت ترسل إشعاعات خيرها ونورها في ربوع العاشقين..)..

ـ واللحظة ندعوالموتى أن يخرجوا رؤوسهم من القبور ليروا ما فعلنا بعدهم، وما كنا على وشك كتابته ولم نكتبه لأنّنا نخاف الاقتراب من الوجع ومن الغياب..

ـ رحل ابراهيم الخياط وغاب عن مشهد الحياة بصمت، لكن فكره المبثوث في اروقة محطاته الثقافية ما زال متأججا يافعا يحمل الراية ويقود المسير إلى حيث المجد فالبقاء الاخلد للقلوب الاليفة صاحبة الانجاز والابداع ومدينة البرتقال شاهدنا القريب... الذي نرى فيها عملية الخلق الشعري التي هي نتاج محصلة قواه الفكرية ومكتسباته الحياتية ورؤاه الخاصة عبر العام والإنساني.. وتجربته عبر الالتقاط الواعي والحضور التام للأشياء في الواقع، إذ إن الوعي الواقعي لا يكون مفهوماً إلا إذا كان منطوياً على وعي فني.. لأن الوعي يعني المعرفة والتخيل في آن واحد كما يقول برونوفسكي، وهذا يتطلب عدم الفصل بين الشكل والمضمون بل النظر إليهما كوحدة واحدة وهنا يكون حضور القصيدة عند الخياط  ...

ـ جمهوريته التي تكشف عن رؤية تتصل بطبيعة الذات وتكوينها الفكري مع استيعابها لحركة الواقع بتناقضاته بتوظيف لغة تعبيرية تعتمد الالفاظ الموحية..المكتظة بدلالة تاتيها من الخارج..كون (الكلمة التي ورثناها لا تعبر عن كثافة انفعالية أو رؤيوية، بل عن علاقة خارجية..)على حد تعبير الشاعر ادونيس..                                                          

ـ لقد امتازت نصوص الخياط  بحركتها واعتمادها الجمع بين الشيء ونقيضه أساساً في نظمها فهي منطلقة من بساطة تجربته وعمقها، ووضوحها وغموضها بصدق شعري وجمال فني.. إذ إن بناء الصور الشعرية على المتناقضات يعني أن الشاعر يريد تصوير الصراع النفسي والمجتمعي الحاد مما يبلور عنده الوعي في ضرورة رفض الحرب وضبابية الأجواء والإحساس بضرورة التغيير نتيجة القهر المفروض الذي يعيشه والمجتمع بحكم السلطوية والكبت المستمر لأن السيوف مشرعة على الأعناق..              

ذاتَ حربٍ)

غفوت تحت شُرفة الحدود

ومن غفلتك

او إغفاءتك

غادرتك الأحلام المســعدة

 فأحلامك الأنيقة لم تعد على رفِّ الذاكرة

والفراشات – كقصائدك – تبكي)/ جمهورية البرتقال ص81 -82

ـالخياط  الطبيعة في مستهل نصوصه ديكورٌ هادئ وخلفية شفيفة ناعمة وظفها الشاعر توظيفاً نفسياً واجتماعياً وفنياً تتسم بالصدق الفني....

إنه يختار (البستان) من بين مظاهر الطبيعة بعد أن خبره وعاش حياته وعرف أسراره وعلاقاته فنضج معه في تجربته الفكرية والاجتماعية فاختاره كمظهر من مظاهر الحياة:

اكتب قصيدة تتمنى لك القفول إلى البساتين...

فالبساتين... فندقٌ مشاعٌ للشعراء والسكارى

البساتين... ليمونٌ وأنين

البساتين... ملاذ الساسة والعشاق والكلاب

البساتين... بلا سقوف تنوء بكل الأسرار

البساتين... لا تنام ولا تموت...

فصور الشاعر المقترنة بالتكرار الدال على التوكيد والمضفي على جسد النص موسقة مضافة تتحرك بدينامية فاعلة ..حاملة في طياتها الواقع.. والحلم.. مضيفة حساً إنسانياً على الحياة بفعله المتحرك عبر صور الواقع، فهو يريد أن يوصل الإنسان المقهور إلى تاريخه حتى يتمكن من رؤية الواقع، فالرؤية في نظر الشاعر غائمة.. مضببة الأجواء...

ـ اخيرا ما لنا الا ان نستذكر قول الشاعر احمد شوقي:

انا من مات ومن مات انا

لقي الموت كلانا مرتين

نحن كنا مهجة في بدن

ثم صرنا مهجة في بدنين صوتنا الاحتجاجي وكاتب هتافاتنا في ساحة التحرير ..منذ ٢٥ شباط ٢٠١١ الى ايام رحيله المفجع والمؤلم لنا جميعا

في 25 شباط نستذكر صوتاً شعرياً عراقياً تواصل مع نبض الشارع العراقي.

في هذه الايام استذكر احداث تظاهرات 25 شباط .... للامانة لابد ان استذكر الصوت العراقي للشاعر ابراهيم الخياط .... الذي لم يكن شاعر منابر او متحدث منصات كغيره من عشاق المنصات لكنه كان صوت الشعب ، لم يكن كالمثقفين القاعدين في بروجهم العاجية بل كانت روحه مشدودة مع نبض الشارع.. هذا الصوت الذي تواصل مع الحركة الاحتجاجية .... الجميع لايدري من كتب لهم اهزوجاتهم في 25 شباط ... الصدفة وحدها جعلتني اعلم انه الشاعر الجميل  ابراهيم الخياط...هذا الشاعر العراقي  ، الخياط لم يتمسك بمقولات فنية جاهزة او اطروحات نقدية او فذلكات نقدية لهذا وذاك ممن نعرفهم باسمائهم من عشاق المنصة اللذين يتحدثون عن شعر عراقي بعيد عن نبض الشارع .. ابراهيم الخياط كان من طراز اخر، خارج المعايير النقدية ولكنه كان على تماس بنبض قلب الشارع ... كان اقرب ما يكون من نبض المجتمع وآماله وتطلعاته  ابراهيم الخياط كان مثقفا عضويا غرامشيا لم تقيده المعايير النقدية للمنظرين او مقولات المثقفين المتعالين عن الواقع والقافزين عليه ، بل تجاوز كل هذا ليكون شاعر الشعب وشاعر الحركة الاحتجاجية.

براهيم الخياط لم تقيده المعايير النقدية للمنظرين او مقولات المثقفين المتعالين عن الواقع والقافزين عليه ، بل تجاوز كل هذا ليكون شاعر الشعب وشاعر الحركة الاحتجاجية.

تحية تقدير واحترام للصوت الاحتجاجي الشعري للخياط.

عرض مقالات: